[ تحقيق الأخوة في الله ]
الحمد الله القائل في محكم كتابه " وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم "[ الأنفال :63] والصلاة والسلام على الهادي البشير القائل " المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء "[ الترمذي/ ح 2390] وبعد: اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب العمل الذي يقربنا إلى حبك .. آمين
إلى من تطلعت نفسه لحب الله وحب رسوله المعصوم صلى الله عليه وسلم .
إلى من أحب في الله وأبغض لله ومنع لله وأعطى لله ..
إلى من علت نفسه وزكت روحه بالنقاء و الطهر والصفاء ..
إلى كل مؤمن حسنت صلته بالله وبعباد الله وإخوانه المسلمين ..
إليكم جميعا ..
أخي الحبيب .. وفقك الله في دنياك وآخرتك .
من أعظم نعم الله تعالى على العبد المسلم أن يجعل صدره سليما من الشحناء والبغضاء نقيا من الغل والحسد صافيا من الغدر والخيانة معافى من الضغينة والحقد ، لا يطوي في قلبه إلا المحبة والإشفاق على المسلمين ، مستمدا سعادته في هذه الدنيا من أساسين مهمين وينبوعين خالصين :
أولا : حسن الصلة بالله تعالى .
وثانيا: حسن الصلة بعباد الله المؤمنين ، الذين عقد الله بينهم رباط الأخوة الإيمانية.
وهذه الرابطة هي من أوثق الروابط ومن أهم الركائز والأسس بعد الإيمان بالله [ أقصد الأخوة في الله ] ولا شك أن الإيمان بالله من الأسس المهمة التي يرتبط بها المسلم في حياته ولقد حثنا ربنا سبحانه بالتمسك بالإسلام فقال جل وعلا " يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون " [ آل عمران آية102 ] ثم امتن بعد ذلك بهذه النعمة الجليلة .. نعمة حسن الصلة بعباد الله فقال [ واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا "[ آل عمران آية 103]
ولعظيم أثر هذه الرابطة فقد عمل الإسلام على توثيق عرى الأخوة ببيان فضلها ومقاصدها وثمراتها ووسائل تعميقها ووعد عليها أحسن الجزاء ، بل اعتبرها وسيلة لكثير من المقاصد والغايات الشرعية العامة وها أنا أمعن النظر في هذا الجانب سائلا المولى جلت قدرته أن يمن علي وعليك بالإخلاص والتوفيق والسداد ..
أخي على طريق الحق ..
من المعلوم لدى المسلم أنه لا أخوة بلا إيمان " إنما المؤمنون إخوة " [ الحجرات آية 10 ] ولا صداقة بلا تقوى " الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " [ الزخرف آية 67 ] وإذا انعدمت الصلة الروحية الإيمانية التقت الأجساد على المصالح الذاتية والمنافع الشخصية. ورابطة الأخوة هي قوام المجتمع ، وهي إحدى الدعامات في تأسيس دولة الإسلام في المدينة النبوية بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومما لا يخفى عليك أخي الحبيب أن قصة المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار واقع حقيقي ، لكنها في طبيعتها أقرب إلى الأحلام ، ومع ذلك فإن وقوعها كانت على هذه البسيطة بقيادة سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ، وصدق الله إذ يقول " لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم " [ الأنفال آية 63 ]
وإذا انفكت هذه الرابطة وانعدمت بين المجتمع تحقق الفشل والضياع للأمة " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم " [ الأنفال آية 46] لذا فإن أعظم وأروع نظام اجتماعي في العالم هو ما أسسه رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم بين الرعيل الأول من المهاجرين والأنصار الذي لولا هذه الأخوة العظيمة وهذه الرابطة المتينة التي تأسست بدورها على الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم لما كان هذا المجتمع المثالي .
يتبع