عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 09-05-2007, 02:44 PM   #293
معلومات العضو
abrahemvip2004

افتراضي

والله العالم انها الابرة اذا كان جوابي صحيح فأرجوا من الشيخ ابو البراء تشخيص حالتي للاهمية في باب الاسئلة الخاصة وللفائدة انقل لكم هذا الموضوع ذو العلاقة من هذا الرابط http://www.ruowaa.com/vb3/showthread.php?t=6052المكب على وجهه

القسم الثاني من أقسام هذا الكتاب هو (صور من أدب القرآن الرفيع) وفي هذا القسم نجد طائفة من الأمثال مقترنة بشيء من التحليل الأدبي لتبين بعض ملامح دلالات هذه النصوص القرآنية وما فيها من إشارات ولوازم فكرية ذات سلاسل مترامية الأطراف، وكان من غاياته في عرضها تأكيد تفرد القرآن بمعانيه وصياغته وأساليبه ردا على من يريد الطعن في كتاب الله مترسما خطوات الإلحاديين أو الكائدين أو مغرضي الحداثيين.

نتوقف مع صورة من هذه الصور القرآنية وهي الآية 22 من سورة الملك وهي قول الله تبارك وتعالى: “أفمن يمشي مُكبّا على وجهه أهدى أمّن يمشي سَويّا على صراطٍ مستقيمٍ” يقال في اللغة (أكب الرجل على وجهه يكب إكبابا إذا نكس رأسه، ويقال أكب الرجل على وجهه إذا سقط على وجهه.

وسورة الملك تقدم أدلة كونية لصفات الله عز وجل، ويحاصر القرآن الكريم نفوس المكذبين بالرغب والرهب من مختلف جوانبها حتى لا يبقى لذي فكر سليم ولب حصيف مهربا من هذا الحصار الفكري النفسي، ونجد القرآن يتوجه للتنبيه على أن من لم يتأثر بهذا الحصار المقنع لأرباب العقول أو المحرك للرغبة والرهبة فهو كالدواب التي تمشي على أربع، وعليه ألا يضع نفسه في مقام البشر الذين خلقهم الله وفضلهم وكرمهم وجعل لهم قامات منتصبة ورؤوسا مرتفعة.

لكن النص القرآني لم يصرح بأنه كالأنعام يمشي على أربع بل طوى هذا الحكم التشبيهي وقدّم ما يشير إليه إشارة بارعة يدركها الذكي باللمح على طريقة تساؤل يطرحه لانتزاع الاعتراف بنفي التساوي بين الإنسان المفكر وبين الدواب والأنعام التي تتدافع في قطعانها على غرائزها وشهواتها.

وجاء في هذا التساؤل استخدام إحدى الظواهر التي هي من خصائص الدواب والأنعام وهي ظاهرة مشيها على أربع وأعناقها ورؤوسها متطامنة فهي مكبة على وجهها، ولم يذكر في التساؤل لفظ الدواب أو الأنعام ولا ما يقابله مثل لفظ الناس أو البشر، بل جاءت فيه لقطة وصفية لجانب جزئي من الصورة الدالة على النوع غير الإنساني، والصورة الدالة على النوع الإنساني.

ذكر المفسرون في تصوير هذه الصورة أن المكب على وجهه هو:

الذي يمشي ويتعثر في مشيه فيخر على وجهه وهكذا دواليك

المتعسف الذي يمشي على غير هدى فلا يعلم له طريقا

الذي انتكس فصار يمشي على وجهه بدل قدميه.

الذي يمشي منكسا رأسه كما يمشي الحمار.

لقطة تصويرية

اشتمل النص على مثَلين لفريقين متقابلين كلاهما يمشي في الحياة إلا أنهما على وصفين متباينين، وهذا التمثيل من النوع المركب فإيمان المؤمن يشبه حالة السوي الذي لم يفسد فطرته بانكباب ولا انتكاس، وعمله الصالح في الحياة يشبه حالة السوي الماشي على صراط مستقيم.

وكفر الكافر تشبه حالة المكب على وجهه الذي لا يرى طريقه، وعمل الكافر كحال المكب على وجهه في ضلاله ومشيه في المتاهات بلا هدى، وتعاسته وضلاله كحال المتعثر في العقبات والمزالق فهو مكدود كلما انتهى من ورطة وقع في أخرى.

إن هذه العبارة القرآنية تدل بلقطتها التصويرية على الدواب لكن استخدام كلمة (من) الخاصة بالعقلاء يشعِر أن المقصود بالوصف إنسان مسَخ نفسه بتوليه عن آيات الله.

ثم يعرض الكاتب الصورة الكاملة إذا أراد المرء تفصيلها وإيراد ما حذف منها مما يفهم من المثل فيرى أن المثل يريد أن يقول: أفمن مسخ نفسه واحدا من الدواب والأنعام فصار كالذي يمشي على أربع مكبا على وجهه يتخبط في السب والمتاهات على غير هدى ضالا عن الصراط المستقيم بسبب توليه عن آيات الله وبياناته ورفضه لوسائل إقناعه الفكري والنفسي التي قدمها له القرآن المجيد أكثر هداية موصلة إلى ما يتمنى من وجوده في الحياة، أمّن أبقى لذاته إنسانيته العاقلة الراشدة فهو يمشي ناصب القامة مرفوع الرأس على صراط مستقيم يوصله إلى ما يريد؟

وهذا سؤال لا يحتاج إلى جواب لبداهته، فهو معروف الجواب عند ذوي الألباب، وكذلك فعل القرآن فلم يأت بالجواب.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة