الأخت الفاضلة ( تهاني ) حفظها الله ورعاها
لا يليق بنا إلا أن نحتفل بقدومكم وانضمامكم لأسرة المنتدى ، فنقول :
بكم في منتداكم ( منتدى الرقية الشرعية )
احدى الصروح الرائدة المتواضعة في عالم المنتديات الصاعدة
والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة
ونتمنى لكم فيها قضاء أسعد الأوقات وأطيبها
ونحن بانتظار إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .
ونتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم.
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه ، وجنبكم مايبغضه ويأباه .
مع أمنياتي لكم بالتوفيق
هو ما قاله الاخوة الأفاضل ، ولا بد أن تعلمي بأن السحر فتنة ، وأنظري إلى قول الحق جل وعلى في محكم التنزيل :
( فَيَتَعلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ )
( جزء من الآية 102 من سورة البقرة )
فالتفريق قد يحصل وهو نوع من أنواع السحر وهو الصرف ، وقد يحصل العطف كذلك ، وكله بأمر الله سبحانه وتعالى القدري لا الشرعي 0
وأقدم لكم ثلة من أقوال علماء الأمة في ذلك :
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في تفسير آية : " فَيَتَعلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ " : ( وفي هذا دليل على أن السحر له حقيقة ، وأنه يضر بإذن الله أي بإرادة الله والإذن نوعان : إذن قدري وهو المتعلق بمشيئة الله كما في هذه الآية ، وإذن شرعي كما في قوله تعالى في الآية السابقة : ( فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) ( سورة البقرة – الآية 97 ) وفي هذه الآية وما أشبهها أن الأسباب مهما بلغت في قوة التأثير فهي تابعة للقضاء والقدر ليست مستقلة في التأثير ) ( تفسير الكريم الرحمن – 1 / 57 ) 0
قال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي :
والسحر حق وله تأثيــــــــــر....لكن بما قدره القديـــــــــــــــــــــــــر
أعني بذا التقدير ما قد قدره....في الكون لا في الشرعة المطهرة
( والسحر حق ) يعني متحقق وقوعه ووجوده ، ولو لم يكن موجودا حقيقة لم ترد النواهي عنه في الشرع والوعيد على فاعله والعقوبات الدينية والأخروية على متعاطيه والاستعاذة منه أمرا وخبرا وقد أخبر الله تعالى أنه كان موجودا في زمن فرعون وأنه أراد أن يعارض به معجزات نبي الله موسى - عليه السلام - في العصا بعد أن رماه هو وقومه به 000 ( وله تأثير ) فمنه ما يمرض ومنه ما يقتل ومنه ما يأخذ بالعقول ومنه ما يأخذ بالأبصار ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه ( لكن ) تأثيره في ذلك إنما هو ( بما قدره القدير ) سبحانه وتعالى ، أي بما قضاه وقدره وخلقه عندما يلقي الساحر ما ألقى ولذا قلنا ( أعني بذا القدير ) في قوله بما قدره القدير ( ما قدره في الكون ) وشاءه ( لا ) أنه أمر به ( في الشرعة ) التي أرسل الله بها رسله وأنزل بها كتبه ( المطهرة ) 000
والمقصود أن السحر ليس بمؤثر لذاته نفعا ولا ضرا وإنما يؤثر بقضاء الله تعالى وقدره ، وخلقه وتكوينه ، لأنه تعالى خالق الخير والشر ، والسحر من الشر ، ولهذا قال تعالى : ( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ ) وهو القضاء الكوني القدري فإن الله تعالى لم يأذن بذلك شرعا 0 ( معارج القبول – 1 / 364 – 367 ) 0
وقال – رحمه الله - : ( وقد علم أن السحر لا يعمل إلا مع كفر بالله ، وهذا معلوم من سبب نزول الآية ) ( معارج القبول - 1 / 512 ) 0
أفتى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله - بعدم جواز سؤال السحرة والعرافين والذهاب إليهم حيث يقول : ( هذه المرأة وأشباهها لا يجوز سؤالها ولا تصديقها لأنها من جملة العرافين والكهنة الذين يدعون علم الغيب ويستعينون بالجن في علاجهم وأخبارهم 0 وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب السلام – ( 35 ) باب تحريم الكهانة – برقم 2230 ) خرجه مسلم في صحيحه ، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول ، فقد كفر بما أنزل على محمد ) ( صحيح الجامع 5939 ) ، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، فالواجب الإنكار على هؤلاء ومن يأتيهم ، وعدم سؤالهم وتصديقهم والرفع عنهم إلى ولاة الأمور حتى يعاقبوا بما يستحقون ، لأن تركهم وعدم الرفع عنهم يضر المجتمع ويساعد على اغترار الجهال بهم وسؤالهم وتصديقهم 0 وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان ( 78 ) – برقم 49 ) رواه مسلم في صحيحه ولا شك أن الرفع عنهم إلى ولاة الأمر كأمير البلاد وهيئة الأمر بالمعروف والمحكمة من جملة الإنكار عليهم باللسان ، ومن التعاون على البر والتقوى وفق الله المسلمين جميعا لما فيه صلاحهم وسلامتهم من كل سوء ) ( فتوى لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - مجلة الدعوة - العدد 999 ) 0
قال الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين - حفظه الله - : ( ذهب أهل السنة إلى أن للسحر حقيقة ، وأنه يضر ويؤثر في الأبدان والأرواح ، فمنه ما يقتل ، ومنه ما يمرض ، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه ، ومنه ما يقلب الحقائق ، وهو أمر مشاهد لا ينكره عاقل ، وهو لا يسبق القدر ، لقوله تعالى : ( وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ ) أي بقضائه وقدره وإذنه الكوني الأزلي أي أنه تعالى قد كتب ذلك وقدره فهو من جملة الحوادث التي كتب الله أنها ستحدث في هذا الكون ، حيث أنه لا يكون في الوجود إلا ما يريد ، ومع ذلك فهو محرم شرعاً ومنهي عنه ، ويعاقب على فعله في الدنيا وفي الآخرة ولذلك أمر الله تعالى بالاستعاذة من شره في قوله تعالى : ( وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِى الْعُقَدِ ) وهن السواحر ، ولولا أن له حقيقة تضر وتؤثر لم يأمر بالاستعاذة من شره ، وهكذا قد أخبر الله تعالى عن تأثيره في قوله عز وجل : ( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ) وذلك مشاهد في العيان ، فكثيراً ما يكون الزوجان في نعمة ورخاء وطمأنينة ، وحياة طيبة ، وكل منهما يحب الآخر ويأنس به ولا يحدث نفسه بطلب الفراق ، ثم يحدث فجأة وجود نفرة وكراهية ، ووحشة شديدة من أحدهما أو من كليهما بحيث لا يستريح إلا إذا فارق المنزل ، فمتى دخل بيته ورأى زوجه نزلت عليه هذه الوحشة ، فإن عولج واستعمل الرقية أو سعي في حل ذلك السحر وإلا افترقا ، وهكذا وجود الحبس والعقد من الرجل بحيث لا يقدر على الوطء فإذا قرب من زوجته بطلت حركته ، وهذا أمر مشاهد محسوس لا ينكره إلا مكابر 0 ومن تتبع الأخبار وما يوجد عند القراء وأهل الرقية رأى العجائب ، وشاهد كيف يفعل هؤلاء السحرة ، ويعملون من الأفعال التي يحصل بها ضرر وشر عظيم ، وقد تكلم على ذلك العلماء قديماً وحديثاً ، ونقل ابن كثير بعض كلام الفخر الرازي في تفسير قوله تعالى : ( يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) الآية من سورة البقرة ، وذكر أنواعاً من السحر الذي يفعلونه ، وكيف يتوصلون إلى هذا العمل الذي هو خارج عن قدرة البشر ، حيث أن هذا وما يستعملون مما يتوصلون به إلى الضرر بالآخرين فليراجع هناك ، والله أعلم ) ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة - نقلاً عن مخطوطة بخط الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – بحوزة الشيخ علي بن حسين أبو لوز – ص 31 – 32 ) 0
قال الدكتور محمد عبدالمنعم القيعي أستاذ ورئيس قسم التفسير وعلوم القرآن في كلية أصول الدين بجامعة القاهرة : ( والسحر أمر عادي يقع بالتعليم ، وله حقيقة ، ومع ذلك فليس موجباً ولا سبباً مولَّدا ، ولا علة عقلية ، بل هو علة عادية " يمكن أن تؤثر ويمكن ألا تؤثر " 0
وآية : ( يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ) ( سورة طه - الآية 65 – 66 ) رد على المنكرين لحقيقة السحر ؛ فيجوز أن يكون سحرهم إيقاع ذلك التخيل ولو سُلِّم فكون أثره في تلك الصورة هو التخيل ، لا يدل على أن لا حقيقة له 0
وقوله تعالى : ( وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ) فيؤثر كما يؤثر أي أمر عادي 0ويمكن إبطال تأثيره بوجود مانع ، فمثله مثل النار تؤثر فيما يقبل الاحتراق ، ولا تؤثر فيما لا يقبله كالماء مثلاً ) ( العدد الأول من رسالة الإمام التي يصدرها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية – وزارة الأوقاف – القاهرة ) 0
قال الدكتور عمر الأشقر : ( والذي نعلمه من دراستنا للكتاب والسنة ومطالعتنا لما دون في موضوع السحر أن الساحر لا بد أن يكون خاضعا للشيطان ، بل عابدا له حتى يعينه الشيطان ويخدمه ) ( عالم السحر والشعوذة - 167 ) 0
والخلاصة في ذلك كله :
أن تأثير السحر قد ينفذ بقدر الله الكوني لا الشرعي فقد يشفى المريض ، وقد تحمل المرأة وبخاصة أن يكون سبب منع الحمل روحياً ، ولكن مقابل ذلك يخسر دينه وعقيدته وآخرته ، وبقاء العقيدة والدين مع خسران أي أمر آخر هو الفلاح والنجاح في الدارين ، لا سيما أن هناك طرق شرعية لعلاج تلك الأمراض 0
بارك الله فيكم أخيتي الفاضلة ( تهاني ) ، وحياكم الله وبياكم في منتداكم ( منتدى الرقية الشرعية ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0