عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 26-04-2005, 05:37 AM   #13
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الوقفة الثانية عشر :

يذكر الدكتور الصغيّر- وفقه الله لكل خير - عن الإصابة بالاضطرابات الجنسية ما نصه :

" وكثيراً ما تسبب هذه الاضطرابات فشلاً في استمرار العلاقة الزوجية مما يؤدي إلى الطلاق أو النزاع والشقاق بين الزوجين وكثير من هؤلاء يداخله توهّم الإصابة بالسحر " الربط " أو العين أو أنه ممسوس " به جنية عاشقة ، إن كان ذكراً أو بها جني عاشق إن كانت أنثى " ويؤكد هذا حال كثير من الإخوة والأخوات الذين يراجعون المعالجين بالرقية طلباً لعلاج هذه المشكلات وأمثالها 0 وتزداد المشكلة تعقيداً عندما يؤكد هؤلاء المعالجون تلك التوهمات ويرسخونها في أعماق المراجع ويثبتونها دون علم ولا بصيرة وإنما بناءً على تخرصات وتجارب شخصية قاصرة ، وقراءة نظرية في بعض المراجع التي تناقش موضوعات السحر والمس والعين والتي يجهل مؤلفوها كثيراً من الحقائق الطبية ، ومن ذلك ما ذكره وحيد عبدالسلام بالي في كتابه " الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار" عن الربط حيث جزم بأن ضعف الانتصاب المرتبط باللقاء إنما هو بسبب الربط، وهذا مفهوم قاصر، وينشأ عنه شكوك كبيرة في نفس الشخص ، وربما أدى إلى ما لا تحمد عقباه ولو كان لدى المؤلف خلفية طبية نفسية وتأمّل الأمر بعمق لما مال إلى هذا الجزم 0 ومثل ذلك يقال في كثير من الأعراض التي ذكرها في مؤلفاته وتابعه عليها غيره ، وراجت لدى كثير من الناس وحرمت كثيراً من المرضى من العلاج المناسب ، وسببت مشكلات عائلية كبيرة " ( توعية المرضى بأمور التداوي والرقى – ص 98 ، 99 ) 0

وليّ بعض الوقفات الهامة مع ما ذكر آنفاً أوجزها على النحو التالي :

1)- يقول الدكتور الصغيّر : " وكثير من هؤلاء يداخله توهّم الإصابة بالسحر " الربط " أو العين أو أنه ممسوس " به جنية عاشقة ، إن كان ذكراً أو بها جني عاشق إن كانت أنثى " 0
ما ذكره الدكتور الفاضل في هذه النقطة بالذات يحتاج إلى إيضاح بعض المسائل الهامة وهي على النحو التالي :

أ – ما ذكر في النقطة السابقة يمثل واقع عملي عند بعض الناس ، وترى البعض يُلقي بمسؤولية كثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والصحية ونحو ذلك من مشكلات أخرى على الإصابة بالصرع والسحر والعين ، وهذا يحتاج في حقيقة الأمر إلى التوعية الدينية العقدية من قبل العلماء وطلبة العلم والدعاة وبخاصة من قبل المعالجين بالرقية الشرعية لقربهم أكثر من غيرهم من معاناة الناس في هذا الجانب ، وكذلك الأمر بالنسبة للمرضى فعليهم دراسة المشكلة دراسة علمية من خلال مراجعة الأطباء العضويين والنفسيين والمعالجين بالرقية الشرعية أصحاب العلم الشرعي الحاذقين المتمرسين للوقوف على حقيقة الداء ومتابعة العلاج النافع بإذن الله تعالى ، وقد تكلمت بكلام مفصل حول هذا الموضوع في كتابي الموسوم ( القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) تحت عنوان ( إعادة الأمور برمتها من مشاكل صحية واجتماعية للعين والسحر ) 0

ب – أما قول الدكتور الصغيّر : " توهّم الإصابة بالسحر " الربط " أو العين أو أنه ممسوس " ، فإن كان القصد هو المعنى المشار إليه في النقطة السابقة فلا خلاف في ذلك مطلقاً ، أما إن كان القصد من وراء ذلك الهمز واللمز في حصول ذلك الأمر من الناحية الفعلية ، فهذا مجانب للصواب ، وقد بينت حقيقة ذلك من الناحية العلمية والعملية في كتابي ( منهج الشرع في بيان المس والصرع ) تحت عنوان ( أنواع صرع الأرواح الخبيثة ) ، وكتاب ( الصواعق المرسلة في التصدي للمشعوذين والسحرة ) تحت عنوان ( أقسام السحر من حيث التأثير ) ، وكتاب ( المنهل المعين في إثبات حقيقة الحسد والعين ) تحت عنوان ( أنواع العين والحسد ) ، فلا يجوز إنكار تأثيرات الصرع والسحر والعين لكائن من كان ، وقد جاءت الأدلة النقلية الصريحة تؤكد مثل ذلك، كما أكد عليه أثبات علماء الأمة قديماً وحديثاً ، أما مسألة التقنين والدراسة العلمية الموضوعية للوصول إلى حقيقة المرض والمعاناة فهذا مطلب شرعي ملح ، كي لا نوقع الناس في الوسوسة والوهم والضياع ، خاصة مع ما نراه ونسمعه في العصر الحاضر من انحرافات وشطحات وتجاوزات في الممارسات والمؤلفات في مجال الرقية الشرعية 0

ج – أما ما ذكره الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – عن عشق الجن للإنس ، حيث قال : " أو أن به جنية عاشقة ، إن كان ذكراً أو بها جني عاشق إن كانت أنثى " ، ولا أدري إن كان الدكتور الفاضل يسعى إلى تصحيح التوجه في مفهوم التوهم لدى بعض الناس أو المعالجين بحيث يُعتقد أن كل حالة مرضية أصبحت معشوقة من الجن والشياطين ، فإن كان هذا هو القصد والغاية من كلام الدكتور فهذا هو عين الحق ، وقد أصاب بذلك موضعاً طالما تألم منه المخلصون والعقلاء ، أما إن كان القصد من كلامه إنكار هذه المسألة من أساسها فقد جانب الصواب 0
ومن هذا المنطلق لا بد أن نعلم جيداً أن عالم الجن يختلف بطبعه وخصائصه عن عالم الإنس ، ومن ثم كان لكل منهما عالمه الخاص به وقوانينه التي يعيش فيها 0
وظاهر الأمر أن التجانس بينهما أمر مستبعد ، لكنه ليس بمستحيل عقلا أو واقعا 0 أما شرعا فإنني لم أجد نصا قاطعا في المسألة يجيز التناكح بين الإنس والجن أو يمنعه 0
والظاهر أن التناكح بين الجن والإنس بالرغم مما بينهما من الاختلاف ، أمر ممكن عقلا ، بل هو الواقع ، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة ، فمنهم من رأى إمكانية ذلك ، ومنهم من رأى المنع ، والراجح إمكانية حدوث ذلك في نطاق محدود ، بل هو نادر الحدوث والله أعلم 0
وقد قال بهذا الرأي جماعة من العلماء منهم : مجاهد والأعمش ، وهو أحد الروايتين عن الحسن وقتادة ، وبه قال جماعة من الحنابلة والحنفية ، والإمام مالك وغيرهم 0 ( أنظر الأشباه والنظائر لابن نجيم - 327 - 328 ، والفتاوى الحديثية للهيتمي - 68 - 69 ، ومجموع فتاوى ابن تيمية - 19 / 39 ، وتفسير القرطبي 13 / 182 ، وآكام المرجان في أحكام الجان - 66 ) 0

* قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : ( وقد يتناكح الإنس والجن 000 وهذا كثير معروف ، وقد ذكر العلماء ذلك وتكلموا عنه ، وكره أكثر العلماء مناكحة الجن 0 وهذا يكون وهو كثير أو الأكثر عن بغض ومجازاة ) ( مجموع الفتاوى - 19 / 39 ) 0


* قال صاحبا فتح الحق المبين : ( والذي نراه أن هذه المسألة نادرة الوقوع إن لم تكن ممتنعة ، وحتى لو وقعت فقد تكون بغير اختيار ، وإلا لو فتح الباب لترتب عليه مفاسد عظيمة لا يعلم مداها إلا الله ، فسد الباب من باب سد الذرائع ، وحسم باب الشر والفتنة00 والله المستعان 0 وقد علق سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمه الله - على ذلك قائلا : " هذا هو الصواب ولا يجوز لأسباب كثيرة " ) ( فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين - ص 29 ) 0

ومن هنا لا يستبعد مطلقاً حصول مثل هذا الأمر مع أنه نادر الوقوع وقد ذكره بعض أثبات أهل العلم كما مرّ معنا آنفاً ، ومن أراد الاستزادة في هذا الموضوع فليراجع كتابي الموسوم ( القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) تحت عنوان ( التناكح بين الإنس والجن ) 0
إلا أن الموضوع الرئيسي الذي لا بد أن يأخذ حيزاً مهماً في حياة المعالج الدراسة العلمية الموضوعية التي أشرت إليها في عدة مواضع من هذا الكتاب للتوصل إلى أصل المعاناة والألم ، والله تعالى أعلم 0

2)- أما قول الدكتور الصغيّر : " ويؤكد هذا حال كثير من الإخوة والأخوات الذين يراجعون المعالجين بالرقية طلباً لعلاج هذه المشكلات وأمثالها 0 وتزداد المشكلة تعقيداً عندما يؤكد هؤلاء المعالجون تلك التوهمات ويرسخونها في أعماق المراجع ويثبتونها دون علم ولا بصيرة وإنما بناءً على تخرصات وتجارب شخصية قاصرة " 0
ما ذكره الدكتور الفاضل يمثل بعض ما هو مشاهد ومحسوس في الواقع العملي ، وقد تكون الأسباب الرئيسة لمثل تلك التوجهات قلة الوعي الديني والعقدي عند بعض الناس ، إضافة إلى وجود بعض المعالجين المتكسبين ممن افتقدوا لذة الإيمان واستشعار حلاوته ، وتلك الفئة غير معنية مطلقاً فيما نتحدث عنه ونناقش به ، ولا زلت أرقب من خلال كلام الدكتور الفاضل التعميم في الحكم على المسائل بشكل عام وهذا ما أخالفه الرأي به وأرجو أن يصحح من وجهة نظره العامة حول موضوع الرقية والرقاة ، سائلاً المولى عز وجل أن يهدي الجميع لما يحب ويرضى 0

3)- أما ما ذكره الدكتور الصغيّر في منهجية بعض المعالجين في الرقية والعلاج حيث يقول : " وقراءة نظرية في بعض المراجع التي تناقش موضوعات السحر والمس والعين والتي يجهل مؤلفوها كثيراً من الحقائق الطبية " 0
لا يجوز الحكم على المعالجين بشكل عام بمثل هذا التصور ، والاعتقاد بأن المعالج يبني طريقته وأسلوبه في العلاج بناء على قراءة بعض النظريات أو الاطّلاع على بعض الأساليب أو الممارسات ومن فوره يتّبع ذلك ويطبقه في حياته العملية ، وقد يكون ذلك الواقع العملي لبعض المعالجين الذين امتهنوا الرقية تحقيق لمآرب أخرى ، فليس هذا العلم – أعني علم الرقى - يقوم على تصرفات أمثال هؤلاء ، بل إن هذا العلم بقواعده ومرتكزاته وأصوله يقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه أن يتخذ من الرقية الشرعية سلماً للوصول إلى تحقيق غايات وأهداف شخصية ، وأمثال هؤلاء سوف يُفتضح أمرهم في الدنيا والآخرة ، وسوف يكون هذا العلم حجة عليهم إلى قيام الساعة 0
هذا من ناحية ، أما من الناحية الأخرى فالمعالج ليس مطالب بمعرفة كثير من الحقائق الطبية إلاّ ما تدعو الحاجة إليه وتساعده في أداء عمله على الوجه المطلوب ، وهذا ما تحقق لي من خلال إعداد هذا الكتاب حيث استفدت غاية الفائدة من الأمور الطبية التي رأيت فيها عوناً لي في توجهي ومسيرتي في هذا المجال ، أما البحث والتقصي في دقائق الأمور المتعلقة بالطب العضوي والنفسي فهذا قد أوقع البعض ممن اشتغل في الرقية والعلاج في شطحات وتجاوزات فاقت الوصف والتصور وجعلت من أمثال هؤلاء مثار سخرية للقاصي والداني 0

4)- وأما قول الدكتور الصغيّر فيما نقله عن الشيخ وحيد عبدالسلام بالي ، حيث يقول :

" ومن ذلك ما ذكره وحيد عبدالسلام بالي في كتابه " الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار" عن الربط حيث جزم بأن ضعف الانتصاب المرتبط باللقاء إنما هو بسبب الربط، وهذا مفهوم قاصر، وينشأ عنه شكوك كبيرة في نفس الشخص ، وربما أدى إلى ما لا تحمد عقباه " ، ولو كان لدى المؤلف خلفية طبية نفسية وتأمّل الأمر بعمق لما مال إلى هذا الجزم 0 ومثل ذلك يقال في كثير من الأعراض التي ذكرها في مؤلفاته وتابعه عليها غيره ، وراجت لدى كثير من الناس وحرمت كثيراً من المرضى من العلاج المناسب ، وسببت مشكلات عائلية كبيرة " 0
وهذا الكلام من الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير - يحتاج إلى بعض التأملات :

أ – الأولى أن تناقش الأمور مع أهل الاختصاص بالرفق واللين وعدم استخدام الأساليب التي قد تجرح المشاعر وتؤذي بالتواصل والألفة وتسفه الرأي وتنقص من قدر صاحبه خاصة بين الإخوة في الله والدين ، فالرفق ما كان في شيء إلا زانه ، وما نزع من شيء إلا شانه 0

وقد تختلف أنظار الناس في تقويم الرجال وتوثيقهم ، والصواب في هذه المسألة : أن من غلبت حسناته ، وبرزت كمالاته ، وغابت خطيئاته ، ولم يعرف بأنه داعية إلى بدعة كبيرة ، أو مذهب ضال ، فهو الثقة ، إن شاء الله تعالى ، ومن اختلف فيه الناس فينظر لحاله بمنظار الإنصاف لا منظار الغلو والتجريح والتشفي وغلبة الهوى ، فإن كان له من الصفات والحسنات ما يؤهله للَّحاق بالثقات فهو حسن ، وإلا فليصلح من حاله وليتب إلى الله – تعالى – حتى يلتحق بهم 0

قال سعيد بن المسيب – رحمه الله - : ( ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب ، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه ، فمن كان فضله أكثر من نقصه وهِب نقصه لفضله ) ( منهج أهل السنة والجماعة في تقويم الرجال ومؤلفاتهم - ص 30 ) 0

وقال ابن قيم الجوزية – رحمه الله - : ( ومن له علم بالشرع يعلم قطعاً أن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة ، وهو من الإسلام وأهله بمكان ، قد تكون منه الهفوة هو فيها معذور بل مأجور لاجتهاده ، فلا يجوز أن يُتَّبَعَ فيها ، ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته ومنزلته في قلوب المسلمين ) ( منهج أهل السنة والجماعة في تقويم الرجال ومؤلفاتهم - ص 33 ) 0

وأذكر في ذلك كلام ملخص لفضيلة الدكتور الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد - حفظه الله - تحت عنوان " تحاشي الخلاف والاختلاف قدر الإمكان " يقول فيه : ( حسن الظن بطلبة العلم وتغليب أخوة الإسلام على كل اعتبار ، وحمل ما يصدر منهم أو ينسب إليهم على المحمل الحسن قدر الإمكان ، وإذا صدر ما لا يمكن حمله فيعتذر عنهم ولا يعدم قاصد الخير والحق لإخوانه من الاعذار ما يبقي صدره سليما ونفسه رضية وليعلم أن هذا ليس دعوة إلى القول بسلامتهم من الأخطاء فكلهم خطاءون والكريم النبيل من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه ، واتهام النفس واستيقافها عند مواطن الخلاف والنظر ، وتحاشي الإقدام على تخطئة الآخرين إلا بعد النظر العميق والأناة الطويلة ، ورحابة الصدر في استقبال ما يصلك من انتقاد أو ملاحظات من الإخوان ، واعتبار ذلك معونة يقدمها المستدرك لك وليس مقصود أخيك العيب أو التجريح ، والبعد عن مسائل الشغب والفتنة ، والالتزام بأدب الإسلام في انتقاء أطايب الكلام وتجنب الكلمات الجارحة والعبارات اللاذعة ذات اللمز والغمز والتعريض بالسفه والجهل 000 هذا ما يمكن أن يقال في هذه البضاعة المزجاة ) ( أدب الخلاف – باختصار – ص 41 ، 44 ) 0

والذي أراه في مسألة التناصح بين الإخوة عدم التعرض لأشخاص بذاتهم ، وقد كان ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان إذا صعد المنبر قال : " ما بال أقوام " ، وما نسعى إليه جميعاً سواء كنا معالجين أو أطباء أن نوصل رسالة للإمة الإسلامية جمعاء عنوانها " البحث عن الحق وهداية الناس إليه " ، فالذي يهمنا هو الفكر وليس من يحمل هذا الفكر ، إلا في حالات معينة يتوجب فيها فضح بعض من تصدر لأفكار منحرفة تخالف العقيدة والمنهج والدين 0

ب- لا بد أن تضبط كافة الآراء المطروحة على البحث والنقاش بالضوابط الشرعية ، ولا يجوز مطلقاً التحدث في أمور الصرع والسحر والعين بالآراء المشوبة بالهوى أو التعصب أو الجهل في الأحكام والقواعد العامة للرقية الشرعية ، وأُذكِّرُ بخصوص هذا الأمر بكلام الأخ الفاضل خليل بن إبراهيم أمين حيث يقول :

( وتناول هذا الموضوع بالدراسة في هذا الوقت من الأهمية بمكان لأنه أضحى حديث العالم والجاهل من غير أن يضبط بشيء من الضوابط الشرعية ، وقد وجدت فيه وسائل الإعلام مادة إعلامية إثارة – مما فتح الباب على مصراعيه للعامة والخاصة – لتتحدث في السحر والعين والجن والرقية والرقاة بأحاديث لا تخلو من الجهل أو التعصب أو الآراء المشوبة بالهوى ، فخرجت الآراء يتجاذبها طرفان – قد نفث فيهما الشيطان من روحه – الغلاة والجفاة ) ( الرقية والرقاة بين المشروع والممنوع – ص 7 ، 8 ) 0

قال ابن القيم – رحمه الله - : ( فما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان ، إما إلى تفريط وإضاعة ، وإما إلى إِفراط وغلو ، ودين الله وسط بين الجافي عنه والغالي فيه ، كالوادي بين جبلين والهدى بين ضلالتين ) ( مدارج السالكين - 2 / 517 ) 0

ج– أما ما ذكره الدكتور الصغيّر بخصوص ما وقع من خطأ من قبل الشيخ وحيد عبدالسلام بالي – وفقه الله لكل خير - في بعض المسائل التي تعرض لها في كتابه الموسوم ( الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار ) ، ومنها الجزم بأن الربط يكون عادة بسبب السحر ، فهذا الاعتقاد مجانب للصواب ، والعوامل المؤدية إلى مثل ذلك الأمر تكون متعددة ومتنوعة ، فمنها الطبية والنفسية والأمراض الروحية ، وقد يقع الخطأ حتى ممن يحسبون على أهل الخير والصلاح ، ولا يوجد منا أحد لا يخطأ ، فالواجب في مثل هذه الحالة التآخي والتواصل وتقديم النقد العلمي الموضوعي البناء الذي يَشعر المنتَقَدُ من خلاله بحرص الناقِدِ وحبه له، وهذا سوف يزيد أواصر التلاحم والمحبة بين الإخوة بعضهم ببعض ، وأمر لا بد من الإشارة إليه تحت هذا الموضوع ، حيث سمعت ممن أثق به أن بعض العلماء وطلبة العلم قد ناقشوا الشيخ وحيد في بعض المسائل التي جانب فيها الصواب ، وقد علمت أنه قد تراجع عنها ، فإن كان الأمر كذلك فلله الحمد والمنة ، والواجب الذي يمليه علينا شرعنا وديننا الحنيف أن نقف عند الحق فنتبعه وننتصر له ولا يكون هدفنا مطلقاً انتصار للذات ، فالحق يعلو ولا يعلى عليه ، والله الهادي إلى سواء السبيل 0

د – أما ما ذكره الدكتور الصغيّر – وفقه الله لكل خير – ومفاده : " ومثل ذلك يقال في كثير من الأعراض التي ذكرها في مؤلفاته وتابعه عليها غيره، وراجت لدى كثير من الناس وحرمت كثيراً من المرضى من العلاج المناسب ، وسببت مشكلات عائلية كبيرة " 0

1)- هذا الكلام بشكل عام غير منصف ويحتاج إلى كثير من الدقة ، والمسألة الهامة التي لا بد أن تتضح للجميع سواء كانوا معالجين بالرقية الشرعية أو أطباء عضويين أو نفسيين أنه لا يجوز الحكم في كافة المسائل المتعلقة بالاستشفاء والعلاج على ما يقوم به العامة والخاصة من حيث الممارسة أو الاعتقاد ونحو ذلك من أمور أخرى ، فكون أن يقرأ العامة بعض المعلومات المتعلقة بالرقية أو الطب في الكتب ويطبقون ما يقرأونه على أنفسهم ، فهذا خطأ بيّن وقعوا فيه من تلقاء أنفسهم ، وهم مطالبون بالسؤال والاستفسار من أهل الاختصاص سواء كانوا علماء أو متخصصون في الرقية أو الطب العضوي والنفسي ، أما أن يقال بأن ذكر تلك الأعراض قد حرمت كثيراً من المرضى العلاج المناسب ، وسببت مشكلات عائلية كبيرة ، فاعتقد أن هذا الكلام غير منصف على الإطلاق ومبالغ فيه إلى حد كبير ، وعلى افتراض أن ما ذُكِرَ هو حق وصدق ، فالخطأ يَقع على عاتق من يعتد بالأقوال والأفعال لبعض من تصدر هذا الأمر دون علم شرعي أو ممارسة وخبرة، حيث يطبق ذلك دون استشارة أو مشورة أهل الاختصاص كما ذكرت آنفاً ، والله تعالى أعلم 0

2)- أما بخصوص كثير من المسميات والأعراض التي ذكرها الشيخ في كتابه ، أو ذكرها أثبات الرقية الشرعية في كتبهم المؤصلة تأصيلاً شرعيا ، فلا بد تحت هذا العنوان من الإشارة لنقطة هامة جدا ، وهي أن كافة المسميات المتعلقة بأنواع السحر التأثيري عبارة عن اجتهادات بناها المعالجون بناء على الأحوال والأوضاع التي عايشوها ودرسوها نتيجة الخبرة والممارسة ، وقد أشارت بعض النصوص القرآنية والحديثية لمثل تلك الآثار بشكل عام ، وبالتالي فإن كافة تلك المسميات لا تعتبر أمور مسلمة بها ، بل تخضع للتجربة والقياس ، وقد ثبتت كافة تلك الآثار مع الإخوة من أهل الاختصاص في الرقية الشرعية ، ولم يخالف علماء الأمة إطلاق مثل تلك المسميات على تلك التأثيرات ، وليراجع في ذلك أقوال فضيلة العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – حفظه الله - ، والله تعالى أعلم 0

هـ – ومسألة مهمة لا بد من الإشارة إليها في هذا الموضع بالذات حيث أنه لا ينكر مطلقاً وقوع بعض الأخطاء في كتاب " الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار " ، للشيخ وحيد عبدالسلام بالي – وفقه الله لكل خير - ، إنما يبقى الكتاب جيد في مضمونه ومحتواه بشكل عام وقد نفع الله به خلق كثير ، وأدون ذلك من باب العدل والإنصاف وإعطاء كل ذي حق حقه 0
وقبل أن أختم هذه الوقفة أود الإشارة إلى مسألة هامة حيث أنه لا يجوز مطلقاً اتخاذ بعض الأخطاء الحاصلة في الرقية الشرعية من حيث الأساليب والممارسات أو المؤلفات ذريعة لمحاربة الرقية الشرعية أو النيل من أمر ثابت بالشرع بنصوص نقلية صريحة ، وهذا قد يؤدي إلى عواقب وخيمة لا يعلم مداها وضررها إِلا الله سبحانه وتعالى ، وأنقل كلام الأخ الفاضل الأستاذ خليل بن إبراهيم أمين في هذا الموضوع حيث يقول :

( لا يتخذ بعض الناس وقوع الأخطاء في الرقية ذريعة لمحاربتها ووصم الجميع بما ليس فيهم ، وينادي بمنع أمر شرعي يترتب عليه من المفاسد ما يلي :
أ – تعطيل ستة ثابتة عن النبي فقد ثبت أنه رقى ورُقي وأمر بالرقية ، فتحقق بذلك أمره وفعله وإقراره عليه الصلاة والسلام 0
ب – حرمان الكثير من الاستفادة بأمر أباحه الشارع في التداوي بالرقية الشرعية 0
ج – إذا منع المشروع اتجه الناس إلى الممنوع ، والممنوع منه ما هو كفر وشرك ومنه ما هو بدعة ) ( الرقية والرقاة بين المشروع والممنوع – بتصرف – ص 10 ) 0

يتبع / 000

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة