عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 19-09-2006, 08:26 AM   #10
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي




بارك الله فيكم أخيتي الفاضلة ( أمنيات ) ، ما ذكر هو قول للشيخ الألباني - رحمه الله - حيث قال :

قال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله - : ( وفي الحديث استحباب رقية المسلم لأخيه المسلم بما لا بأس به من الرقى ، وذلك ما كان معناه مفهوما مشروعا ، وأما الرقى بما لا يعقل معناه من الألفاظ ، فغير جائز 0 قال المناوي : وقد تمسك ناس بهذا العموم ، فأجازوا كل رقية جربت منفعتها ، وإن لم يعقل معناها ، لكن دل حديث عوف الماضي أن ما يؤدي إلى شرك يمنع ، وما لا يعرف معناه لا يؤمن أن يؤدي إليه ، فيمنع احتياطا 0
قلت : - والكلام للشيخ الألباني – رحمه الله - ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمح لآل عمرو بن حزم بأن يرقى إلا بعد أن اطلع على صفة الرقية ، ورآها مما لا بأس به ، بل أن الحديث بروايته الثانية من طريق أبي سفيان نص في المنع مما لا يعرف من الرقى ، لأنه صلى الله عليه وسلم نهى نهيا عاما أول الأمر ، ثم رخص فيما تبين أنه لا بأس به من الرقى ، وما لا يعقل معناه منها لا سبيل إلى الحكم عليها بأنه لا بأس بها ، فتبقى في عموم المنع فتأمل !
وأما الاسترقاء - وهو طلب الرقية من الغير ، فهو وإن كان جائزا ، فهو مكروه ، كما يدل عليه حديث ( هم الذين لا يسترقون 000 ولا يكتوون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون ) ، متفق عليه ) ( سلسلة الأحاديث الصحيحة - 1 / 2 / 844 ) 0

وقد تعودنا على احترام أقوال علماء الأمة العاملين العابدين ، ولكنك لو قرأت خلاصة البحث لوجدت التالي :

والذي أراه راجحا في هذه المسألة هو القول الثاني الذي يوضح أن الرقية لا تقدح في تمام التوكل على الله سبحانه وتعالى ، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم رقى نفسه وغيره وأقر الصحابة على فعلهم لهذا الأمر 0

وقد رأيت البعض ممن يعرض عن طلب الرقية الشرعية لنيل الدرجة الرفيعة التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث ( سبعون ألفا 000 ) وللإجابة عن ذلك أقول وبالله التوفيق :

إن المتتبع للنصوص الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوال أهل العلم في هذه المسألة من حيث الكيفية في التوفيق بين أحاديث الرقية وجوازها أو قدحها للتوكل واضحة بينة ، وقد أشرت آنفا بأن الراجح من أقوال أهل العلم هو طلب الرقية وأنها لا تقدح في تمام التوكل على الله سبحانه وتعالى ، وأما طلب الرقية من عدمه فهذا يعتمد على حال الشخص وارتباطه بخالقه سبحانه وتعالى ، ومن هنا كان لا بد من إلقاء نظرة عامة لمفهوم الإيمان وأركانه لعلاقته بهذا الموضوع ، فأركان الإيمان معلومة ، حددها الشرع وبين معالمها ، وقد أوضح سلف الأمة المفهوم العام الشامل لذلك ، وفسروا الإيمان على أنه قول ، وعمل ، يزيد ، وينقص ، فهو : قول القلب واللسان ، وعمل القلب واللسان والجوارح ، فقول القلب : اعتقاده وتصديقه ، وقول اللسان : إقراره ، وعمل القلب : تسليمه وإخلاصه ، وإذعانه ، وحبه وإرادته للأعمال الصالحة ، وعمل الجوارح : فعل المأمورات ، وترك المنهيات ، وبناء عليه يتضح أن للإيمان مراتب مختلفة ، تعتمد بمجملها على واقع الشخص الإيماني ومدى ارتباطه وتعلقه بخالقه سبحانه 0

وهذا المفهوم يعطي المسلم فرصة الارتقاء بنفسه لمرتبة سامية رفيعة من مراتب الإيمان ، بأخلاقياته وسلوكه ، ويترتب على ذلك توكل واعتماد ويقين بالخالق سبحانه ، فالواقع الذي يعيشه المسلم هو الذي يحدد ذلك ويؤصله 0

ولا بد من النظر في نفس المسلم وما يحمله في ثنايا قلبه ولسانه وجوارحه من مظاهر وأخلاقيات ويزن ذلك بميزان الشريعة ، ويجب أن لا تقتصر هذه النظرة إلى نواح إيمانية معينة ، دون القياس الشامل لكافة النواحي ، وأن يكون واقعيا في ذلك القياس 0

وترى اليوم الواقع الإيماني الذي يعيشه البعض يرثى له ، فهو غارق في المعاصي ، بعيد عن الطاعات ، قد ابتلي بمرض من الأمراض التي تصيب النفس البشرية من حسد أو عين أو سحر أو مس ، ومع ذلك يمتنع عن الرقية ، وبسؤاله عن سبب ذلك ، يجيب قائلا : أريد أن أكون من السبعين ألفا ، وقول ذلك يعتبر فهما خاطئا لشرح هذا الحديث ، لأن الواقع الذي يعيشه هؤلاء السبعون ألفا واقع إيماني عظيم جعل لهم هذا الشرف العظيم وهذه المنزلة الرفيعة 0

قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – حفظه الله - أي لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم لما يلي :
1- لقوة اعتمادهم على الله 0
2- لعزة نفوسهم عن التذلل لغير الله 0
3- ولما في ذلك من التعلق بغير الله ) ( القول المفيد على كتاب التوحيد - 1 / 97 ) 0

إن الواقع الذي نعيشه اليوم قد ابتعد كثيرا عن منهج الكتاب والسنة ، فظهر الزيغ والبدع والضلال ، وقد ثبت من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه – أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خيركم قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يكون بعدهم قوم يخونون ولا يؤتمنون ، ويشهدون ولا يستشهدون ، وينذرون ولا يوفون ، ويظهر فيهم السمن ) ( متفق عليه ) وهذا الكلام لا يعني مطلقا عدم ارتقاء البعض إلى هذه المرتبة العظيمة من مراتب الإيمان ، ولكنهم قلة اختصهم الله بذلك لطهارة قلوبهم ونقاء سريرتهم 0

فالواجب يحتم على المسلم إن رأى الحاجة للرقية أن يبدأ أولا برقية نفسه بالرقية الشرعية الثابتة في الكتاب والسنة ، وأن يلجأ لذوي المعتقد والمنهج الصحيح ممن يتوسم فيهم الخير والصلاح ، وأن يعلم أن ذلك من الأسباب المباحة المشروعة التي لا تقدح في التوكل والاعتماد على الله سبحانه وتعالى ، كما هو الراجح من أقوال أهل العلم 0

ومما لا شك فيه أن حرص المسلم على أن يكون من زمرة السبعين ألفا المشار إليها آنفا ، وعدم مراجعة الطبيب المعالج ، أو اللجوء للرقية الشرعية ، ومن ثم التضجر والتسخط نتيجة للمعاناة والألم والنصب والتعب ، يورث إثما عظيما ، ويوجب مساءلة أمام الله عز وجل - مع إمكانية اللجوء لتلك الأسباب الحسية المباحة ، وكذلك الأسباب الشرعية وبذلك ينال الأجر بإذن الله تعالى ، لسلوكه المسلك الشرعي ، واتخاذ كافة الأسباب الداعية للعلاج والشفاء بإذن الله تعالى ، مع الاعتقاد أن الشفاء من الله سبحانه وتعالى وحده ، والله تعالى أعلم 0

كل ذلك يجيب على تساؤلاتكم الكريمة ، زادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة