الجزء السابع
تنبيه ( صاحب كتاب الزواجر ) : عد هذا من الكبائر واضح لما عرفت من هذه الأحاديث الصحيحة وما فيها من الوعيد الشديد والذي رأيته لأئمتنا أن ذلك التشبه فيه قولان :
أحدهما : أنه حرام وصححه النووي بل صوبه .
وثانيهما : أنه مكروه وصححه الرافعي في موضع .
والصحيح بل الصواب ما قاله النووي من الحرمة بل ما قدمته من أن ذلك كبيرة ثم رأيت بعض المتكلمين على الكبائر عده منها وهو ظاهر ، وعلم من خبر المخنث المخضوب الذي نفاه صلى الله عليه وسلم لأجل تشبهه بالنساء بخضبه يديه ورجليه أن خضب الرجل يديه أو رجليه بالحناء حرام ، بل كبيرة على ما ذكر فيه من التشبه بالنساء ، وأن الحديث المذكور صريح في ذلك .
خاتمة( صاحب كتاب الزواجر ) : يجب على الزوج أن يمنع زوجته مما تقع فيه من التشبه بالرجال في مشية أو لبسة أو غيرهما خوفا عليها من اللعنة بل وعليه أيضا ، فإنه إذا أقرها أصابه ما أصابها وامتثالا لقوله تعالى : ** قوا أنفسكم وأهليكم نارا ** أي بتعليمهم وتأديبهم وأمرهم بطاعة ربهم ونهيهم عن معصيته ، ولقول نبيه صلى الله عليه وسلم : ** كلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته الرجل في أهله راع ، وهو مسئول عنهم يوم القيامة ** ، وفي الحديث : ** إن هلاك الرجال طاعتهم لنسائهم ، ومن ثم قال الحسن : والله ما أصبح اليوم رجل يطيع امرأته فيما تهوى إلا كبه الله في النار ** .
قلت ( متفائل ) : بحثت عن هذا الحديث فلم أجده بهذا اللفظ ووجدت أحاديثا ضعيفة بألفاظ آخرى ففي ضعيف الترغيب والترهيب يروى :
(( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من هرب بدينه من شاهق إلى شاهق ومن جحر إلى جحر فإن كان ذلك كذلك لم تنل المعيشة إلا بسخط الله فإذا كان ذلك كذلك كان هلاك الرجل على يدي زوجته وولده فإن لم يكن له زوجة ولا ولد كان هلاكه على يدي أبويه فإن لم يكن له أبوان كان هلاكه على يدي قرابته أو الجيران قالوا كيف ذلك يا رسول الله قال يعيرونه بضيق المعيشة فعند ذلك يورد نفسه الموارد التي يهلك فيها نفسه )). ضعيف
ووجدت حديثا بنفس المعني ضعيف كما في ضعيف الجامع الصغير
(( هلكت الرجال حين أطاعت النساء )) .
وفي السلسلة الضعيفة
(( هلكت الرجال حين أطاعت النساء )) ( ضعيف )
وقد ورد لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن فارسا ملكوا ابنة كسرى قال لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة . أخرجه البخاري في صحيحه والحاكم أيضا والحديث ليس معناه صحيحا على إطلاقه فقد ثبت في قصة صلح الحديبية من صحيح البخاري أن أم سلمة رضي الله عنها أشارت على النبي صلى الله عليه وسلم حين امتنع أصحابه من أن ينحروا هديهم أن يخرج صلى الله عليه وسلم ولا يكلم أحدا منهم كلمة حتى ينحر بدنه ويحلق ففعل صلى الله عليه وسلم فلما رأى الصحابة ذلك قاموا فنحروا . ففيه أنه صلى الله عليه وسلم أطاع أم سلمة فيما أشارت به عليه فدل على أن الحديث ليس على إطلاقه . ومثله الحديث الذي لا أصل له شاوروهن وخالفوهن .
وأيضا في ضعيف الجامع والسلسلة الضعيفة :
(( حسن الملكة يمن وسوء الخلق شؤم وطاعة المرأة ندامة والصدقة تدفع القضاء السوء . )) ضعيف جدا
وكذلك حديث (( طاعة المرأة ندامة )) . موضوع كما في ضعيف الجامع والسلسلة الضعيفة
وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى المجلد الثاني والعشرونفي مسألةلبس النساء العمائم :
َبَيَّنَّا أَنَّ الْمُشَابَهَةَ فِي الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ تُورِثُ تَنَاسُبًا وَتَشَابُهًا فِي الْأَخْلَاقِ وَالْأَعْمَالِ وَلِهَذَا نُهِينَا عَنْ مُشَابَهَةِ الْكُفَّارِ وَمُشَابَهَةِ الْأَعَاجِمِ وَمُشَابَهَةِ الْأَعْرَابِ وَنَهَى كُلًّا مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عَنْ مُشَابَهَةِ الصِّنْفِ الْآخَرِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ : " ** مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمِ فَهُوَ مِنْهُمْ ** " . " ** وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا ** " وَالرَّجُلُ الْمُتَشَبِّهُ بِالنِّسَاءِ يَكْتَسِبُ مِنْ أَخْلَاقِهِنَّ بِحَسَبِ تَشَبُّهِهِ حَتَّى يُفْضِيَ الْأَمْرُ بِهِ إلَى التَّخَنُّثِ الْمَحْضِ وَالتَّمْكِينِ مِنْ نَفْسِهِ كَأَنَّهُ امْرَأَةٌ .
وَلَمَّا كَانَ الْغِنَاءُ مُقَدِّمَةَ ذَلِكَ وَكَانَ مِنْ عَمَلِ النِّسَاءِ : كَانُوا يُسَمُّونَ الرِّجَالَ الْمُغَنِّينَ مَخَانِيثَ . وَالْمَرْأَةُ الْمُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ تَكْتَسِبُ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ حَتَّى يَصِيرَ فِيهَا مِنْ التَّبَرُّجِ وَالْبُرُوزِ وَمُشَارَكَةِ الرِّجَالِ : مَا قَدْ يُفْضِي بِبَعْضِهِنَّ إلَى أَنْ تُظْهِرَ بَدَنَهَا كَمَا يُظْهِرُهُ الرَّجُلُ وَتَطْلُبُ أَنْ تَعْلُوَ عَلَى الرِّجَالِ كَمَا تَعْلُو الرِّجَالُ عَلَى النِّسَاءِ وَتَفْعَلَ مِنْ الْأَفْعَالِ مَا يُنَافِي الْحَيَاءَ وَالْخَفْرَ الْمَشْرُوعَ لِلنِّسَاءِ وَهَذَا الْقَدْرُ قَدْ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْمُشَابَهَةِ .
وَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ لِبَاسِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَرْقٌ يَتَمَيَّزُ بِهِ الرِّجَالُ عَنْ النِّسَاءِ . وَأَنْ يَكُونَ لِبَاسُ النِّسَاءِ فِيهِ مِنْ الِاسْتِتَارِ وَالِاحْتِجَابِ مَا يُحَصِّلُ مَقْصُودَ ذَلِكَ : ظَهَرَ أَصْلُ هَذَا الْبَابِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ اللِّبَاسَ إذَا كَانَ غَالِبُهُ لُبْسَ الرِّجَالِ نُهِيَتْ عَنْهُ الْمَرْأَةُ وَإِنْ كَانَ سَاتِرًا كالفراجي الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ بَعْضِ الْبِلَادِ أَنْ يَلْبَسَهَا الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ وَالنَّهْيُ عَنْ مَثَلِ هَذَا بِتَغَيُّرِ الْعَادَاتِ وَأَمَّا مَا كَانَ الْفَرْقُ عَائِدًا إلَى نَفْسِ السِّتْرِ فَهَذَا يُؤْمَرُ بِهِ النِّسَاءُ بِمَا كَانَ أَسْتَرُ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْفَرْقَ يَحْصُلُ بِدُونِ ذَلِكَ فَإِذَا اجْتَمَعَ فِي اللِّبَاسِ قِلَّةُ السَّتْرِ وَالْمُشَابَهَةُ نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
هذا والله أعلى وأعلم
فما كان من توفيق وبيان وإحسان فمن الله الواحد الديان فله الحمد في الأولى والآخرة وما كان من زلل أو تقصير أو نقص أو سهو و خطأٍ أو نسيان فمن نفسي والشيطان فأستغفر الله وأتوب إليه مما سلف وكان .
وصلى الله عليه نبينا محمد وسلم
أخوكم الفقير إلى عفو ربه
متفائل
ناصح أمين في زمن اليأس
تم بحمد الله