عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 10-10-2025, 12:56 PM   #1
معلومات العضو
الماحى3

افتراضي أدب من آداب القاضي ، وهو نهيه أن يحكم وهو غضبان

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنهما قَالَ : (( كَتَبَ أَبِي - أَوْ كَتَبْتُ لَهُ - إلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَهُوَ قَاضٍ بِسِجِسْتَانَ : أَنْ لا تَحْكُمْ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ . فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ( يَقُولُ : لا يَحْكُمْ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ )) .
وَفِي رِوَايَةٍ : (( لا يَقْضِيَنَّ حَاكِمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ )) .
--------------------------------------------
معاني الكلمات :
سجستان : بكسر السين ، وهي جهة الهند .
حَكَم : بفتح الحاء ، هو الحاكم .
الفوائد :
1- في الحديث أدب من آداب القاضي ، وهو نهيه أن يحكم وهو غضبان .
وقد اختلف في النهي هل هو للتحريم أو للكراهة ؟
والراجح أنه للتحريم .
قال في المغني : " لا خلاف بين أهل العلم فيما علمناه في أن القاضي لا ينبغي له أن يقضي وهو غضبان " .
2- الحكمة من النهي :
قال ابن دقيق العيد : " فيه النهي عن الحكم حالة الغضب ، لما يحصل بسببه من التغير الذي يختل به النظر فلا يحصل استيفاء الحكم على الوجه " .
قال : " وعداه الفقهاء بهذا المعنى إلى كل ما يحصل به تغير الفكر كالجوع والعطش المفرطين وغلبة النعاس وسائر ما يتعلق به القلب تعلقاً يشغله عن استيفاء النظر "


قال ابن قدامة : " وفي معنى الغضب كلما شغل فكره من الجوع المفرط والعطش الشديد والجوع المزعج ومدافعة أحد الأخبثين وشدة النعاس والهم والغم والحزن والفرح ، فهذه كلها تمنع الحاكم لأنها تمنع حضور القلب واستيفاء الفكر الذي يتوصل به إلى إصابة الحق في الغالب ، فهي بمعنى الغضب المنصوص عليه فتجري مجراه " .
3- لو خالف القاضي وحكم وهو غضبان :
فقيل : لا ينفذ قضاؤه .
لأنه منهي عنه ، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه .
وقيل : يصح إن صادف الحق مع الكراهة .
وهذا قول الجمهور .
قال النووي في حديث اللقطة : " فيه جواز الفتوى في حال الغضب ، وكذلك الحكم ، وينفذ ولكنه مع الكراهة في حقنا ولا يكره في حقه ( لأنه لا يخاف عليه في الغضب ما يخاف على غيره " .
وبعضهم استدل أنه ( قضى للزبير بشراح الحرة بعد أن أغضبه خصم الزبير .
قال الحافظ : " لكن لا حجة فيه لرفع الكراهة عن غيره لعصمته ( ، فلا يقول في الغضب إلا كما يقول في الرضا " .
4- أنه ينبغي للحاكم أن يكون فارغ البال عند التحاكم .
5- حماية الشريعة للأموال والأعراض والأبدان ، لأن هذا النهي من أجل أن لا يخطئ الحاكم في حكمه ، والخطأ في حكمه يعتبر جناية على الأموال والأبدان والأعراض .
فائدة :
بعض آداب القاضي :
أولاً : ينبغي أن يكون قوياً من غير عنف ، ليناً من غير ضعف ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله ، ويكون حليماً متأنياً ذا فطنة وتيقظ ، لا يؤتى من غفلة ولا يخدع من غرة .
قال علي : " لا ينبغي أن يكون القاضي قاضياً حتى يكون فيه خمس خصال : عفيف ، حليم ، عالم بما كان قبله ، مستشير ذوي الألباب ، لا يخاف في الله لومة لائم " .
وقال عمر بن عبد العزيز : " ينبغي للقاضي أن تجتمع فيه سبع خلال : العقل ، والعفة ، والورع ، والنزاهة ، والصرامة ، والعلم بالسنن ، والحلم " .
ثانياً : ينبغي للقاضي أن يشاور فيما يشكل عليه .

وقد ذكر الله تعالى العدل في القرآن وحث عليه ورغب فيه وأمر به في إحدى وعشرين آية .
وقوله تعالى : ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) .
وعن عبد الله بن عمرو أنه ( قال : ( المقسطون عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن ، وكلتا يديه يمين ، الذين يعدلون في حكمهم وفي أهلهم ) . رواه مسلم
6- ويحرم على القاضي أن يأخذ رشوة .
أولاً : لحديث عبد الله بن عمرو قال : ( لعن رسول الله ( الراشي والمرتشي ) . رواه الترمذي
ورواه أبو هريرة وزاد : ( في الحكم ) .
ثانياً : أن فيها فساد الخلق .
ثالثاً : أنها سبب لتغيير حكم الله .
رابعاً : أن فيها ظلماً وجوراً .
خامساً : أن فيها أكلاً للمال الباطل .
سادساً : أن في الرشوة ضياع الأمانات .
7- يحرم على القاضي أخذ الهدية .
وقد رتب بعض العلماء قبول الهدية مراتب :
أولاً : هدية من شخص يهاديه قبل ولايته وليس له حكومة ، فحكمها جائز لبعدها تماماً عن الرشوة .
ثانياً : رجل أهدى إليه هدية وليس من عادته أن يهاديه وليس له حكومة ، فالمذهب لا يجوز . وقيل : يجوز ، وهو الصحيح .
ثالثاً : أن يكون له حكومة ويهاديه ، وهو ممن جرت عادته بمهاداته من قبل ، هذا لا يجوز .







.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة