عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 28-07-2025, 11:36 AM   #2
معلومات العضو
الماحى3

افتراضي

(1/72)
النوع الثاني: كفر الشك والظن:
وهو أن يتردد المسلم في إيمانه بشيء من أصول الدين المجمع عليها، أو لا يجزم في تصديقه بخبر أو حكم ثابت معلوم من الدين بالضرورة.
فمن تردد أو لم يجزم في إيمانه وتصديقه بأركان الإيمان أو غيرها من أصول الدين المعلومة من الدين بالضرورة، والثابتة بالنصوص المتواترة، أو تردد في التصديق بحكم أو خبر ثابت بنصوص متواترة مما هو معلوم من الدين بالضرورة فقد وقع في الكفر المخرج من الملة بإجماع أهل العلم؛ لأن الإيمان لابد فيه من التصديق القلبي الجازم، الذي لا يعتريه شك ولا تردد، فمن تردد في إيمانه فليس بمسلم، وقد أخبرنا الله تعالى في قصة صاحب الجنة أنه كفر بمجرد شكه في أن جنته – أي بستانه - لن يبيد – أي لن يخرب- أبداً، وشكه في قيام الساعة، حين قال: {مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً** يريد جنته، وحين قال: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً** ، فقال له صاحبه المؤمن: {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ

(1/72)
مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً** [الكهف:35-38] .
ومن أمثلة هذا النوع: أن يشك في صحة القرآن، أو يشك في ثبوت عذاب القبر، أو يتردد في أن جبريل - عليه السلام – من ملائكة الله تعالى، أو يشك في تحريم الخمر، أو يشك في وجوب الزكاة، أو يشك في كفر اليهود أو النصارى، أو يشك في سنية السنن الراتبة، أو يشك في أن الله تعالى أهلك فرعون بالغرق، أو يشك في أن قارون كان من قوم موسى، وغير ذلك من الأصول والأحكام والأخبار الثابتة المعلومة من الدين بالضرورة، والتي سبق ذكر أمثلة كثيرة لها في النوع الأول.

(1/73)
النوع الثالث: كفر الامتناع والاستكبار:
وهو: أن يصدق بأصول الإسلام وأحكامه بقلبه ولسانه، ولكن يرفض الانقياد بجوارحه لحكم من أحكامه استكباراً وترفعاً.
وقد أجمع أهل العلم على كفر من امتنع من امتثال حكم من أحكام الشرع استكباراً؛ لأنه معترض على حكمة الله تعالى، وهذا قدح في ربوبيته جلّ وعلا، وإنكار لصفة من صفات الله تعالى الثابتة في الكتاب والسنة، وهي صفة "الحكمة".
وأوضح مثال على هذا النوع من أنواع الكفر: رفض إبليس امتثال أمر الله تعالى بالسجود لأبينا آدم – عليه السلام – استكباراً وترفعاً عن هذا الفعل الذي أمره الله تعالى به، معترضاً على ذلك بأنه هو أفضل من آدم، فلن يسجد له، حيث قال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ** [الأعراف: 12] ، وقال: {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً**

(1/73)
[الإسراء: 61] فاعترض على حكمة الله تعالى في هذا الأمر، ورفض الانقياد له من أجل ذلك.
ومن أمثلة هذا الكفر أيضاً أن يرفض شخص أن يصلي صلاة الجماعة، ويترفع عنها، لأنها تسوي بينه وبين الآخرين، ومن أمثلته أيضاً: أن يمتنع شخص عن لبس لباس الإحرام؛ لأنه في زعمه لباس الفقراء ولا يليق به، ونحو ذلك.

(1/74)
النوع الثالث: كفر السب والاستهزاء
...
النوع الرابع: كفر السبّ والاستهزاء:
وهو أن يستهزئ المسلم أو يسبّ شيئاً من دين الله تعالى مما هو معلوم من الدين بالضرورة، أو مما يعلم هو أنه من دين الله تعالى.
وذلك بأن يستهزئ بالقول أو الفعل (1) بالله تعالى، أو باسم من أسمائه، أو بصفة من صفاته المجمع عليها، أو يصف الله تعالى بصفة نقص، أو يسب الله تعالى (2) ، أو يسب دين الله تعالى كأن يلعن هذا
__________
(1) من الاستهزاء بالفعل: الإشارة باليد، أو اللسان، أو الشفة، أو العين، أو غيرها مما يدل على الاستهزاء والاستهانة، ومنه إهانة الشيء بوضعه في القاذورات، أو بوضع القدم عليه، أو الجلوس عليه ونحو ذلك، ومنه أن يضرب أو يقتل أو يحارب مسلماً، أو جماعة من المسلمين من إجل إسلامهم، أو من أجل التزامهم بأحكام الإسلام وتطبيقهم لشرع الله، فإن هذا من أعظم الاستهزاء بدين الله تعالى، وهو أعظم من السبّ، ويدلّ على كرهه لدين الإسلام.
(2) وذلك كأن يتهم الله تعالى بالظلم، أو يلعن خالقه ورازقه سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً.

(1/74)
الدين، أو يلعن دين شخص مسلم، أو يقول: إن هذا الدين متخلف، أو رجعي، أو لا يناسب هذا العصر، أو يستهزئ بملائكة الله تعالى، أو بواحد منهم: كأن يسب ملك الموت، أو خزنة جهنم (1) ، أو يستهزئ أو يسب شيئاً من كتب الله، كأن يسب القرآن، أو يستهزئ به أو بآية منه بالقول، أو بالفعل بأن يهينه بوضعه في القاذورات ونحو ذلك، أو يسب أحداً من أنبياء الله المجمع على نبوتهم أو يستهزئ بهم، كأن يسب النبي صلى الله عليه وسلم أو يستهزئ به، أو يستهزئ بشيء مما ثبت في القرآن أو السنة من الواجبات أو السنن، كأن يستهزئ بالصلاة، أو يستهزئ بالسواك، أو بتوفير اللحية، أو بتقصير الثوب إلى نصف الساقين مع علمه بأن ذلك كله من دين الله تعالى، أو يستهزئ بشخص لتطبيقه واجباً أو سنة ثابتة يعلم بثبوتها، وأنها من دين الله، وكان استهزاؤه بكل هذه الأمور من أجل مجرد فعل هذا الحكم الشرعي، لا من أجل شكل الشخص وهيئته.
وقد أجمع أهل العلم على كفر من سبّ أو استهزأ بشيء مما ثبت أنه من دين الله تعالى، سواء أكان هازلاً أم لاعباً أم مجاملاً لكافر أو غيره، أم في حال مشاجرة، أم في حال غضب (2) ، أم غير ذلك.
__________
(1) وكأن يستهزئ بأجنحة الملائكة أو بنزولهم.
(2) ومن الكفر في حال الغضب – والمراد الغضب الذي لا يُفقد المكلف عقله – أن يعلق كفره على أمر مستقبل، وإن كان هذا التعليق في غير حال الغضب، فهو كفر من باب أولى؛ لأنه يدل على استهزائه واستخفافه بدين الإسلام.

(1/75)
وذلك لأن الله تعالى قد حكم بكفر من استهزأ بالله تعالى وبآياته وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم، مع أنهم كما قالوا كانوا يلعبون ويقطعون الطريق بذلك، كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ** [التوبة: 66،65] ؛ ولأن من فعل ذلك فهو مستخف بالربوبية والرسالة ومستخف بعموم دين الله تعالى غير معظِّم لذلك كله، وهذا مناف للإيمان والإسلام.
(1/76)
النوع الرابع: كفر البغض
...
النوع الخامس: كفر البغض:
وهو أن يكره دين الإسلام.
فقد أجمع أهل العلم على أن من أبغض دين الله تعالى كفر، لقوله سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ** [سورة محمد: 9] ، ولأنه حينئذٍ يكون غير معظم لهذا الدين، بل إن في قلبه عداوة له، وهذا كله كفر.

(1/76)
النوع الخامس: كفر الإعراض
...
النوع السادس: كفر الإعراض:
ورد ذكر الإعراض في كتاب الله تعالى في آيات كثيرة، وأصل الإعراض هو: التولي عن الشيء، والصدود عنه، وعدم المبالاة به.
والإعراض عن دين الله تعالى قسمان:
القسم الأول: الإعراض المكفر: وهو أن يترك المرء دين الله ويتولى عنه بقلبه ولسانه وجوارحه، أو يتركه بجوارحه مع تصديقه بقلبه ونطقه بالشهادتين.

(1/76)
وهذا القسم له ثلاث صور، هي:
1- الإعراض عن الاستماع لأوامر الله عز وجل، كحال الكفار الذين هم باقون على أديانهم المحرفة أو الذين لا دين لهم، ولم يبحثوا عن الدين الحق مع قيام الحجة عليهم، فهم أعرضوا عن تعلم ومعرفة أصل الدين الذي يكون به المرء مسلماً، فهم يمكنهم معرفة الدين الحق والسير عليه، ولكنهم لم يلتفتوا إلى ذلك، ولم يرفعوا به رأساً.
2- الإعراض عن الانقياد لدين الله الحق وعن أوامر الله تعالى بعد استماعها ومعرفتها، وذلك بعدم قبولها فيترك ما هو شرط في صحة الإيمان، وهذا كحال الكفار الذين دعاهم الأنبياء وغيرهم من الدعاة إلى الدين الحق، أو عرفوا الحق بأنفسهم، فلم يسلموا، وبقوا على كفرهم، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ** [الأحقاف: 3] .
3- الإعراض عن العمل بجميع أحكام الإسلام وفرائضه بعد إقراره بقلبه بأركان الإيمان ونطقه بالشهادتين.
فمن ترك جنس العمل بأحكام الإسلام، فلم يفعل شيئاً من الواجبات، لا صلاة ولا صياماً ولا زكاةً ولا حجاً ولا غيرها، فهو كافر كفراً أكبر بإجماع السلف، لقوله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ** [آل عمران: 32] ، ولقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ** [السجدة: 22] ، ولآيات أخرى كثيرة تدل على كفر عموم المعرضين، ولأن تركه لجميع الأعمال الظاهرة دليل على

(1/77)
خلو باطنه من الإيمان والتصديق الجازم.
القسم الثاني: الإعراض غير المكفر: وهو أن يترك المسلم بعض الواجبات الشرعية غير الصلاة، ويؤدي بعضها.

(1/78)
خاتمة فصل الكفر الأكبر:
بعد أن بيَّنتُ تعريف الكفر الأكبر وحكمه وأنواعه أحببت التنبيه إلى مسألة مهمة، وهي: أن المسلم قد يقع في بعض أنواع الكفر الأكبر أو الشرك الأكبر والتي قال أهل العلم: "من فعلها فقد كفر"، ولكن قد لا يحكم على هذا المسلم المعيَّن بالكفر، وذلك لفقد شرط من شروط الحكم عليه بالكفر، أو لوجود مانع من ذلك، كأن يكون جاهلاً، كما في قصة الذي أمر أولاده إذا مات أن يحرِّقوه ثم يذروا رماده في يوم شديد الريح في البحر وقال: "والله لئن قدر الله عليَّ ليعذبني عذاباً ما عذب به أحداً"، فغفر الله له، فهو قد شك في قدرة الله على إعادة خلقه، بل اعتقد أنه لا يعاد، وهذا كفر باتفاق المسلمين، ومع ذلك غفر الله له لجهله وخوفه من ربه.
ومن موانع التكفير للمعيَّن أيضاً: التأويل، وهو: أن يرتكب المسلم أمراً كفرياً معتقداً مشروعيته أو إباحته له لدليل يرى صحته أو لأمر يراه عذراً له في ذل وهو مخطئ في ذلك كله.
فإذا أنكر المسلم أمراً معلوماً من الدين بالضرورة مثلاً، أو فعل ما يدل على إنكاره لذلك، وكان عنده شبهة تأويل، فإنه يعذر بذلك ولو كانت هذه الشبهة ضعيفة إذا كان هذا التأويل سائغاً في لغة العرب

(1/78)
وله وجه في العلم، وهذا مما لا خلاف يه بين أهل السنة.
وعلى وجه العموم فعذر التأويل من أوسع موانع تكفير المعين.
ولهذا ذكر بعض أهل العلم أنه إذا بلغ الدليلُ المتأوِّلَ فيما خالف فيه ولم يرجع وكان في مسألة يُحتَملُ وقوع الخطأ فيها، واحتمل بقاء الشبهة في قلب من أخطأ فيها لشبه أثيرت حولها أو لملابسات أحاطت بها في واقعة معينة أنه لا يحكم بكفره، لقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ** [الأحزاب: 5] .
ولذلك لم يكِفّر بعض العلماء بعض المعينين من الجهمية الذين يعتقدون بعض الاعتقادات الكفرية في صفات الله تعالى.
ومن أجل مانع التأويل أيضاً لم يكفر بعض العلماء بعض من يغلون في الموتى ويسألونهم الشفاعة عند الله تعالى.
ومن أجل مانع التأويل كذلك لم يكفر الصحابة – رضي الله عنهم - الخوارج الذين خرجوا عليهم وحاربوهم، وخالفوا أموراً كثيرة مجمعاً عليها بين الصحابة إجماعاً قطعياً.
وعلى وجه العموم فمسألة تكفير المعيَّن مسألة كبيرة من مسائل الاجتهاد التي تختلف فيها أنظار المجتهدين، وللعلماء فيها أقوال وتفصيلات ليس هذا موضع بسطها.
ولهذا ينبغي للمسلم أن لا يتعجل في الحكم على الشخص المعين أو الجماعة المعينة بالكفر حتى يتأكد من وجود جميع شروط الحكم عليه بالكفر، وانتفاء جميع موانع التكفير في حقه، وهذا يجعل مسألة تكفير

(1/79)
المعين من مسائل الاجتهاد التي لا يحكم فيها بالكفر على شخص معين أو جماعة أو غيرهم من المعيَّنين إلا أهل العلم الراسخون فيه، لأنه يحتاج إلى اجتهاد من وجهين:
الأول: معرفة هل هذا القول أو الفعل الذي صدر من هذا المكلف مما يدخل في أنواع الكفر الأكبر أم لا؟.
والثاني: معرفة الحكم الصحيح الذي يحكم به على هذا المكلف، وهل وجدت جميع أسباب الحكم عليه بالكفر وانتفت جميع الموانع من تكفيره أم لا؟.
والحكم على المسلم بالكفر وهو لا يستحقه ذنب عظيم؛ لأنه حكم عليه بالخروج من ملة الإسلام، وأنه حلال الدم والمال، وحكم عليه بالخلود في النار إن مات على ذلك، ولذلك ورد الوعيد الشديد في شأن من يحكم على مسلم بالكفر، وهو ليس كذلك، فقد ثبت عن أبي ذر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك ".
ولذلك كله فإنه يجب على المسلم الذي يريد لنفسه النجاة أن لا يتعجل في إصدار الحكم على أحد من المسلمين بالكفر أو الشرك.
كما أنه يحرم على العامة وصغار طلاب العلم أن يحكموا بالكفر على مسلم معيَّن أو على جماعة معيَّنة من المسلمين أو على أُناس معينين من المسلمين ينتسبون إلى مذهب معيَّن دون الرجوع في ذلك إلى العلماء.
كما أنه يجب على كل مسلم أن يجتنب مجالسة الذين يتكلمون في

(1/80)
مسائل التكفير وهم ممن يحرم عليهم ذلك لقلة علمهم؛ لأن كلامهم في هذه المسائل من الخوض في آيات الله، وقد قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ** [الأعراف: 68] .
* * *

(1/81)
الفصل الثالث: النفاق الأكبر
المبحث الأول: تعريفه وحكمه
...
الفصل الثالث
النفاق الأكبر (الاعتقادي)
وفيه ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: تعريفه وحكمه:
النفاق في اللغة: إخفاء الشيء وإغماضه.
وفي الاصطلاح: أن يظهر الإنسان الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، ويبطن ما يناقض ذلك كله أو بعضه.
وذلك بأن يكون في الظاهر أمام الناس يدّعي الإسلام، ويظهر لهم أنه مسلم، وربما يعمل أمامهم بعض العبادات كالصلاة والصيام والحج وغيرها، ولكن قلبه – والعياذ بالله – لا يؤمن بتفرد الله تعالى بالألوهية أو بالربوبية، أو لا يؤمن برسالة النبي صلى الله عليه وسلم، أو يبغضه، أو لا يؤمن بكتب الله المنزلة، أو لا يؤمن بعذاب القبر، أو لا يؤمن بالبعث، أو يعتقد أن دين النصارى أو دين اليهود أو دين غيرهم من الكفار حق أو خير من الإسلام، أو يعتقد أن الإسلام دين ناقص، أو لا يصلح للتطبيق في هذا العصر، أو يعتقد أن فيه ظلماً لبعض فئات المجتمع، أو فيه ظلم للنساء، أو أن بعض تشريعاته فيها ظلم، أو ليس فيها تحقيق لمصالح العباد، وغير ذلك من الاعتقادات المخرجة من الملة التي سبق ذكرها في الشرك الأكبر والكفر الأكبر.
أما حكم المنافق فهو حكم المشرك شركاً أكبر وحكم الكافر كفراً أكبر، كما سبق بيانه؛ لأن المنافقين في الحقيقة كفار، وإن كانوا أسوأ

(1/82)
حالاً من سائر الكفار، لأنهم زادوا على الكفر: الكذب والمرواغة والخداع، وضررهم على المسلمين أشدّ؛ لأنهم يندسون بين المسلمين ويظهرون أنهم منهم، ويحاربون الإسلام باسم الإصلاح، ولذلك فهم أشد عذاباً في الآخرة من سائر الكفّار، كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ** [النساء: 145] .
(1/83)
المبحث الثاني: أعمال المنافقين الكفرية
1- الاستهزاء بالله وبرسوله وبالقرآن
...
المبحث الثاني: أعمال المنافقين الكفرية:
للمنافقين أعمال كفرية يستدل بها على ما يبطنون من النفاق، وقد بينها الله تعالى في كتابه كما في سورة التوبة التي تسمى "الفاضحة"؛ لأن الله تعالى فضح فيها المنافقين ببيان أعمالهم الكفرية، كما بينها أيضاً في سور أخرى كثيرة، ومن هذه الأعمال:
1- الاستهزاء بالله وبرسوله وبالقرآن، قال الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ** [التوبة: 65، 66] ، وقال جل وعلا: {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ** [البقرة: 14] .

(1/83)
2- سبُّ الله تعالى، أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم أو تكذيبهما، قال الله تعالى عنهم: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ** [التوبة: 58] أي ومن المنافقين من يعيبك في تفريق الصدقات، فيتهمونك بعدم العدل. وأصل اللمز: الإشارة بالعين ونحوها.
(1/83)
3- الإعراض عن دين الإسلام، وعيبه، والعمل على إبعاد الناس عنه، وعلى عدم التحاكم إليه، قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
(1/83)
وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً** [النساء: 61] .
(1/84)
4- التحاكم إلى الكفار، والحرص على تطبيق قوانينهم مفضلاً لها على حكم الله، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً** [النساء: 60] .
(1/84)
5- اعتقاد صحة المذاهب الهدَّامة والدعوة إليها مع معرفة حقيقتها، ومن هذه المذاهب ما جدَّ في هذا العصر من مذاهب هي في حقيقتها حرب للإسلام، ودعوة للاجتماع على غير هديه، كالقومية والوطنية، فكثير من المنافقين في هذا العصر ممن يسمون "علمانيين" أو "حداثيين" أو "قوميين" يعرفون حقيقة هذه المذاهب، ويدعون إلى الاجتماع على هذه الروابط الجاهلية، ويدعون إلى نبذ رابطة الإيمان والإسلام التي ذكرها ربنا جل وعلا بقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ** [الحجرات: 10] .
(1/84)
6- مناصرة الكفار ومعاونتهم على المسلمين؛ لأن المنافقين في حقيقتهم كفار فهم يناصرون إخوتهم من الكفار على المسلمين، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ** [المائدة: 51، 52] .
(1/84)
7- إظهار الفرح والاستبشار عند انتصار الكفار، وعندما يصيب المسلمين هزيمة أو أي ضرر، قال الله تعالى: {هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ
(1/84)
تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ** [آل عمران: 119، 120] ، ولهذا تجد منهم في هذا العصر من لا يكترث لمصاب المسلمين في أي مكان، بل قد تسمع منهم أو تقرأ كلاماً لبعضهم في المجلات أو الجرائد ينهى عن مساعدة المسلمين في أي مكان وعن الوقوف معهم في مصائبهم، بحجة أنهم ليسوا عرباً أو ليسوا مواطنين مثلاً، فيدعون إلى التحزب على أساس القومية والوطنية فقط، ولا يرفعون رأساً لرابطة الإسلام، بل يحاربونها.
(1/85)
8- سب وعيب العلماء والمصلحين وجميع المؤمنين الصادقين، بغضاً لهم ولدعوتهم ولدينهم، قال الله تعالى عنهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ** [البقرة: 13] ، وقال سبحانه: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ** [التوبة: 79] ، ولهذا تجد منهم في هذا العصر من يعيب العلماء والمصلحين، ومن يعيب الدعاة والمجاهدين في وسائل الإعلام وغيرها.
(1/85)
9- مدح أهل الكفر، ومدح مفكريهم، ونشر آرائهم المخالفة للإسلام، قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ** [المجادلة: 14] ، ولهذا تجد منهم في هذا العصر من يمدح بعض الملاحدة في القديم والحديث أمثال: "أبي العلاء المعري"، و "الحلاَّج" و "فرويد" وغيرهم.
(1/85)
المبحث الثالث: صفات المنافقين
1- قلة الطاعات.
...
المبحث الثالث: صفات المنافقين:
للمنافقين صفات كثيرة جداً، ذكرها ربنا جل وعلا في كتابه وذكر بعضها النبي صلى الله عليه وسلم في سنته، ومن أبرزها:
1- قلة الطاعات، والتثاقل والكسل عند أداء العبادات الواجبة، قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً** [النساء: 142] .

(1/86)
2- الجبن وشدة الخوف والهلع، وهذه الصفة من أهم الأسباب التي جعلتهم يخفون كفرهم ويظهرون الإسلام؛ لأنهم يخافون من القتل ومن أن تسلب أموالهم لكفرهم، وليس عندهم شجاعة فيقاتلون مع الكفار، فيلجأون إلى النفاق، قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ** [المنافقون: 4] ، فهُم لشدة خوفهم كلما سمعوا صياحاً ظنوه صياح نذير من عدو هجم عليهم، وقال جل وعلا: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ** [براءة: 56، 57] ، فهم يتصفون بالفرق - وهو الخوف - فلو وجد أحدهم في حال القتال حصناً أو كهفاً في جبل أو نفقاً في الأرض يدخله ليختفي فيه لذهب إليه مسرعاً.
(1/86)
3- السفه وضعف التفير وقلة العقل.
...
3- السَّفَه، وضعف التفكير، وقلة العقل، قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ** [البقرة: 13] ، ويتضح سفههم فيما يلي:

(1/86)
أ) إيثارهم الدنيا الفانية على الآخرة، وحرصهم على حطام الدنيا أكثر من حرصهم على طاعة الله التي هي سبب لسعادتهم في الدنيا والآخرة، ففي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في شأن المنافقين الذين يتخلفون عن صلاة الجماعة: " لو يعلم أحدهم أنه يجد عظماً سميناً أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء والفجر "، فهم معرضون عمَّا فيه نجاتهم، حريصون على ما لا يستفيدون منه إلا اليسير، وسيتركونه خلف ظهورهم، ولا يغني عنهم من عذاب الله شيئاً، كما قال تعالى في شأن المنافقين: {لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ** [المجادلة: 17] .
ب) أن كثيراً منهم عنده القناعة بأن دين الإسلام هو الدين الحق وأن أحكامه كلها خير وعدل، ولكن بسبب مجالسته للكفار وانبهاره بحضارة الغرب المادية، أو بسبب مجالسته لمن انبهر بحضارتهم من المنافقين من علمانيين وحداثيين وقوميين، ومن سماعه لكلامهم ولشبههم التي يثيرونها ضد تعاليم شرع خالقهم وقع في قلبه بغض هذا الدين، وأصبح يدعو إلى تقليد الكفار وتحكيم قوانينهم ويحارب شرع ربه ويعيبه، وهذا منتهى السفه؛ إذ كيف يعيب ويحارب ما يعلم أنه الحق؟!.
ج) تلاعب الشيطان بهم حتى أوقعهم فيما هو سبب لهلاكهم وعذابهم في أزمان أبدية سرمدية، قال الله تعالى في شأن المنافقين: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ** [المجادلة: 19] .
د) أن المنافق يخادع خالقه الذي يعلم سره وعلانيته، ويحارب شرع

(1/87)
ربه، غير مفكر في عاقبة أمره، وأنه غداً في قبره وحشره في قبضة ملائكة القوي العزيز، وأن أمامه عذاب في القبر، وعذاب في النار إن مات على نفاقه، وغير مفكر في مصير من سبقه من المنافقين قبل عشرات أو مئات السنين، كابن أبي سلول، وأبي العلاء المعري، وجمال عبد الناصر وطه حسين، وعموم الباطنية، كالإسماعيلية، والدروز، والنصيرية، وغالب أئمة الرافضة، وغيرهم من الزنادقة ممن مات منهم على الزندقة، وما هم فيه الآن من العذاب الأليم الذي لا يتحمله البشر في قبورهم، وما سيلاقونه من العذاب في قعر جهنم خالدين فيها. نسأل الله السلامة والعافية.
(1/88)
4- التذبذب والمراوغة والتلوُّن، فهم كالحِرْباء التي يتغير لونها بحسب حرارة الشمس، فأول النهار لها لون، ووسط النهار لها لون، وآخره لها لون، وكالشاة العائرة بين الغنمين، فهي متحيرة أيهما تتبع، فتتبع هذه مرة، وتتبع هذه مرة، فالمنافق حائر يخشى أن يعلن الكفر فيقتله المسلمون أو تتضرر مصالحه، ويخشى أن ينتصر الكفار فيقتل أو تتضرر مصالحه من قبلهم، فيلجأ إلى إظهار الإسلام، ويسر إلى الكفار وإلى أمثاله من المنافقين بأنه منهم، قال الله تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ** [البقرة: 14] ، وقال جل وعلا في شأنهم: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً** [النساء: 143] .
(1/88)
5- الانهزامية واحتقار الذات والشعور بالنقص أمام الأعداء، فهو يشعر أن عموم الكفار أفضل منه ومن بني جنسه – وبالأخص في هذا الزمن الذي تفوق فيه الكفار في النواحي المادية – ولذلك فهو يقلدهم في جميع الأمور، حتى في الأمور التي لا فائدة منها، بل إنه يقلدهم في
(1/88)
أمور يعلم هو ضررها، فهو كالبعير المقطور – أي المربوط – رأسه في ذنب بعير آخر، فيسير خلفه ويطأ على ما يطأ عليه، ويبول على رأسه، وهذا منتهى الضلال والضياع والخسران.
(1/89)
6- قلة الحياء وسلاطة اللسان، قال الله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا** [الأحزاب: 18، 19] .
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة