بسم الله الرحمن الرحيــــم
قصص الأنبياء
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد
فهذه مذكرة فيها بعض قصص الأنبياء عليهم الصلة السلام ، جعلتهـا على طريقة
سؤال وجـواب ، لتكون أسهل وأوضح
ومن المعلوم أن الحديث عن قصص الأنبياء مهم لأمور :
لأن فيه العبر وأبلغ العظــات [ لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الباب ] .
ولأن فيه التذكير بأيـام الله في الأمم السابقــات .
ولأن فيها تثبيت قلوب المؤمنين والمؤمنات والطائعين والطائعـات
[ قصص الأنبياء للشيخ السعدي ]
أسأل الله أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح
أخوكم
سليمان بن محمد اللهيميد
السعودية – رفحاء
مقدمــة :
1 ** عرف الرسول والنبي ؟
الرسول : هو من أوحي إليه بشرع جديد .
والنبي : هو المبعوث لتقرير شرع من قبله .
مثال : أنبياء بني إسرائيل بعد موسى [ داود وسليمان وزكريا ويحيي ] فإنهم مبعوثون بشريعة موسى ، فهم أنبياء وليسوا برسل .
2 ** هناك تعريف مشهور للرسول والنبي ؟ ما هو ؟ وما رأيك به ؟
التعريف المشهور :
الرسول : هو من أوحي إليه بشرع وأمر بتليغه .
والنبي : من أوحي إليه ولم يؤمر بالبلاغ .
لكن هذا التعريف ضعيف لأمرين :
أولاً : أن الله نص على أنه أرسل الأنبياء كما أرسل الرسل في قوله تعالى ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي .. ) .
ثانياً : أن ترك البلاغ كتمان لوحي الله ، والله لا ينزل وحيه ليكتم .
3 ** اختص الأنبياء عن بقية البشر بخصائص اذكرها مع الدليل ؟
أولاً : الوحي .
قال تعالى ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد ) .
ثانياً : يقبر حيث يموت .
قال e ( لم يقبر نبي إلا حيث يموت ) رواه أحمد .
ولهذا الصحابة – رضوان الله عليهم – دفنوا الرسول e في حجرة عائشة حيث قبض .
ثالثاً : التخيير عند الموت .
قال e ( ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة ) متفق عليه .
رابعاً : تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم .
قال e ( إنا معاشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا ) .
خامساً : لا تأكل الأرض أجسادهم .
قال e ( إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ) رواه أبو داود .
سادساً : أحياء في قبورهم .
قال e ( الأنبياء أحياء في قبورهم ) .
وقال e ( مررت على موسى ليلة أسري بي وهو قائم يصلي في قبره ) رواه مسلم .
4** هل الأنبياء دعوتهــم واحدة ؟
نعم ، فقد كانت دعوتهم واحدة إلى التوحيد ونبذ الشرك والوثنية .
قال تعالى ( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) .
لكن في الشرائع قد يختلفون ، وقد ضرب النبي e مثالاً لذلك .
فقال e ( الأنبياء إخوة من علات ، أمهاتهم شتى ، ودينهم واحد ) متفق عليه .
العلات : الضرائر ، وأولاد العلات : الإخوة من الأب .
ومعنى الحديث : أن أصل دينهم واحد وهو التوحيد وإن اختلفت فروع الشرائع .
قصة آدم
1 ** مما خلق آدم ؟
خلق من تراب .
قال تعالى ( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) .
وقال e ( خلقت الملائكة من نور ، .. وخلق آدم مما وصف لكم ) رواه مسلم .
وقال e ( إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء ، أنتم بنو آدم ، وآدم من تراب ) رواه الترمذي
[ مما وصف لكم ] أي مما وصف لكم في القرآن من أنه خلق من تراب .
[ عبيــة الجاهلية ] أي نخوتها وكبرها .
2 ** متى خلق آدم ؟
خلق يوم الجمعة .
قال e( خلق الله التربة يوم السبت ، .... وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة ) متفق عليه .
وقال e ( خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ) رواه مسلم .
3 ** اذكر بعض فضائل آدم ؟
أولاً : أنه أبو البشر .
ففي حديث الشفاعة لما يأتون الناس إليه ( ... فيقولون : يا آدم أنت أبو البشر .. ) متفق عليه .
ثانياً : أن الله خلقه بيده .
قال تعالى ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) .
وفي حديث الشفاعة ( .. فيقولون : خلقك الله بيده .. ) .
ثالثاً : أن الله نفخ فيه من روحه .
ففي حديث الشفاعة ( .. فيقولون : ونفخ فيك من روحه .. ) .
رابعاً : أمر الملائكة بالسجود له .
قال تعالى ( وإذ قلنا للملائكــة اسجدوا لآدم ... ) .
وفي حديث الشفاعة ( .. فيقولون : وأمر الملائكــة فسجدوا لك ، اشفع لنا عند ربك ) .
4 ** أين مكان آدم في السماء ؟
في السماء الأولى .
قال e في حديث الإسراء والمعراج ( .... ثم أخذ بيدي _ يعني جبريل _ فعرج بي إلى السماء الدنيا ، قال جبريل لخازن السماء الدنيا : افتح . قال : من هذا ؟ قال : هذا جبريل ، قال : هل معك أحد ؟ قال : نعم ، معي محمد e فلما علونا السماء الدنيا فإذا رجل عن يمينه أسودة وعن يساره أسودة ، قال : فإذا نظر قِبل يمينه ضحك، وإذا نظر قبل شماله بكى ؟ قال : مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح ، قال : هذا آدم e ، وهذه الاسودة عن يمينه وعن شماله نسم بنيه ، فأهل اليمين أهل الجنة ، والأسودة التي على شماله أهل النار ، فإذا نظر قبل يمينه ضحك ، وإذا نظر قبل شماله بكى ) متفق عليه .
[ أسودة ] بوزن أزمنة وهي الأشخاص من كل شيء .
[ نسم بنيه ] النسم بالنون جمع نسمة وهي الروح .
5 ** كيف عرف إبليس أن جنس بني آدم خلق لا يتمالك ؟
أنه طاف به .
قال e ( لما صور الله تعالى آدم في الجنة ، تركه ما شاء الله أن يتركــه ، فجعل إبليس يطيف به ، ينظر إليه فلما رآه أجوف ، عرف أنه خلق لا يتمالك ) رواه مسلم .
[ يطيف به ] طاف بالشيء إذا استدار حواليه .
[ أجوف ] هو الذي داخله خالٍ .
[ لا يتمالك ] لا يملك نفسه ويحبسها عن الشهوات ، وقيل : لا يملك دفع الوسواس عنه ، وقيل : لا يملك نفسه عند الغضب .
6 ** ما هيئــة آدم التي خلق عليهــا ؟
قال e ( خلق الله آدم على صورتــه ) متفق عليه .
[ على صورته ] يحمل على أحد معنيين :
الأول : أن الله خلق آدم على صورة اختارها ، وأضافها إلى نفسه تكريماً وتشريفاً .
الثاني : أن المراد خلق آدم على صورته من حيث الجملة ، ومجرد كونه على صورته لا يقتضي المماثلة، والدليل قوله e: إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، ولا يلزم أن تكون هذه الزمرة مماثلة للقمر ، لأن القمر أكبر من أهل الجنة بكثير .
7 ** ما المراد بالملائكة الذين أمروا بالسجود لآدم ؟
قيل : المراد بهم ملائكة الأرض .
وقيل : جميع الملائكة في السماء والأرض ، وهذا القول هو الصحيح .
لقوله تعالى ( فسجد الملائكة كلهم أجمعــون ) وهذا عام .
8 ** ما المقصود بالسجود الذي أمر الملائكة به لآدم ؟
قيل : كان هذا السجود سجود تحية وسلام .
وقيل : كانت السجدة لله وآدم قبلة فيها .
وقيل : كان السجود لآدم إكراماً وهي طاعة لله لأنها امتثال لأمره . ورجحه ابن كثير .
قال البغوي رحمه الله : قوله [ اسجدوا ] فيه قولان الأصح أن السجود كان لآدم على الحقيقة وتضمن معنى الطاعــة لله عز وجل بامتثال أمــره .
9 ** من الذي رفض السجود لآدم ؟
إبليس .
قال تعالى ( إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ) .
وقال سبحانه ( إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين ) .
10 ** ما سبب امتناع إبليس من السجود ؟
احتج بأنه أفضل من آدم حيث أنه خلق من نار وآدم خلق من طين .
قال تعالى عنه ( قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقتــه من طين ) .
11 ** ما الرد على حجــة إبليس ؟
الرد على حجته الباطلة من وجـوه :
أولاً : أن النار طبعها الفساد وإتلاف ما تعلقت به بخلاف التراب فإنه طبيعته الرزانة والإصلاح .
ثانياً : أن التراب ضروري للحيوان لا يستغني عنه البتة ، والنار يستغني عنها الحيوان البهيم مطلقاً وقد يستغني عنها الإنسان الأيام والشهور فلا تدعوه إليها الضرورة .
ثالثاً : أن الله أكثر من ذكر الأرض في كتابه وأخبر عن منافعها وخلقها وأنه جعلها مهاداً وفراشاً وبساطاً ، ودعا عباده إلى التفكر فيها والنظر في عجائب ما أودع فيها ، ولم يذكر النار إلا في معرض العقوبة والتخويف والعذاب ، إلا في موضعين ذكرها فيهما بأنها تذكرة ومتاع للمقوين ، وتذكرة بنار الآخرة .
رابعاً : أنا لو سلمنا تسليماً جدلياً أن النار خير من الطين ، فإنه لا يلزم من ذلك أن إبليس خير من آدم ، لأن شرف الأصل لا يقتضي شرف الفرع .
12 ** هل إبليس من الملائكــة ؟
ليس إبليس من الملائكة لأمرين :
الأول : قوله تعالى ( .. إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ) . فصرح الله أنه من الجن ، والجن غير الملائكة.
الثاني : عصمة الملائكة من ارتكاب الكفر الذي ارتكبه إبليس .
أما قوله تعالى ( فسجد الملائكة إلا إبليس ) فهذا لأنه كان معهــم .
13 ** ما الحكمة من الأمر بالسجود لآدم عليه السلام ؟
قيل : تكريـــماً لآدم عليه السلام .
وقيل : اختبار للملائكــة ، وقد ظهر كبر إبليس لعنه الله بامتناعــه عن السجود لآدم .
وقيل : أن الملائكة لما استعظموا بتسبيحهم وتقديسهم أمرهم بالسجود لغيره ليريهم استغناءه عنهم وعن عبادتهم .
14 ** ما الجنــة التي أدخلهـا آدم ؟
قيل : جنة الخلد ، هذا هو القول الصحيح من أقوال العلماء .
لقوله تعالى ( إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى ، وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى ) .
وهذه الصفات لا تنطبق إلا على جنــة الخلد .
ولقوله تعالى ( قلنا اهبطـوا .. ) ، فإن لفظ اهبطوا يعني نزول من علو إلى أسفل .
15 ** ما سبب خروج آدم من الجنــة ؟
الأكل من الشجرة التي نهي عنها .
قال تعالى ( ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ) .
وفي حديث الشفاعة الطويل ( 000 فيقول آدم ! إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده ، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيتــه ، .. ) متفق عليه .
16 ** ما الشجرة التي نهي عنها آدم وزجتــه .
قيل : شجرة التبن ، وقيل : شجرة الكرم ، وقيل : السنبلة . وكل هذه أقوال لا دليل عليها .
والصواب : أن الله نهى آدم وزوجه عن أكل شجرة بعينهــا من أشجار الجنة دون سائر أشجارها ، فأكلا منها ، وليس هناك دليل على أي شجرة كانت على التعيين ، لعدم الدليل على ذلك ، ولو كان في تسميتها خير ومنافع للعباد لسماها الله تبارك وتعالى .
ورجح هذا القول ابن جرير الطبري وابن كثير وغير واحد من العلماء .
17 ** ما سبب أكل آدم وحواء من هذه الشجرة ؟
وسوسة وإغواء الشيطان .
قال تعالى ( فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو )
وقال تعالى ( فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين . وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ) .
وقال تعالى ( فوسوس إليه الشيطان قال يآدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فأكلا منهما فبدت لهما سوءاتهما ) .
[ فوسوس ] الوسوسة حديث النفس والصوت الخفي .
18 ** أخرج إبليس من الجنة مذموماً مدحوراً ، فكيف وسوس إلى آدم ، وآدم في الجنة ؟
قيل : أنه دخل في فم الحيــة ، وفيه نظر .
وقيل : أنه منع من دخولها مكرماً ، أما على وجه الإهانة فلا يمتنــع .
وقيل : وسوس إلى آدم وهو خارج باب الجنــة .
وقيل : أنه يحتمل أنه وسوس لهما وهو في الأرض .
والله أعلم بالصـــواب .
19 ** هل شاركت حواء آدم بالأكل ؟
نعم .
قال تعالى ( فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما .. ) .
20 ** ماذا حدث بعد أكلهما من الشجرة ؟
أمر الله بنزولهما إلى الأرض .
قال تعالى ( وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين ) .
21 ** ما معنى قول النبي e ( ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها ) ؟
قال الحافظ ابن حجر : ( حواء امرأة آدم ، قيل سميت بذلك لأنها أم كل حي ، وفي الحديث إشارة إلى ما وقع من حواء في تزيينها لآدم الأكل من الشجرة حتى وقع في ذلك ، فمعنى خيانتها أنها قبلت ما زين لها إبليس حتى زينته لإبليس ، ولما كانت هي أم بنات آدم أشبهنها بالولادة ونزع العرق فلا تكاد امرأةتسلم من خيانة زوجها بالفعل أو بالقول ، وليس المراد بالخيانة هنا ارتكاب الفواحش ، حاشا وكلا ، ولكن لما مالت إلى شهوة النفس من أكل الشجرة وحسنت ذلك لآدم عد ذلك خيانة له ، وأما من جاء بعدها من النساء فخيانة كل واحدة منهن بحسبها .
وقال رحمه الله أيضاً : وفي الحديث إشارة إلى تسلية الرجال فيما يقع لهم من نسائهم بما وقع من أمهــن الكبرى ، وأن ذلك من طبعهن فلا يفرط في لوم من وقع منها شيء من غير قصد إليه أو على سبيل الندور .فتح الباري [ 6 / 367 ]
22 ** ما هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه ؟
الصحيح هي قوله مع زوجه ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) .
وهذا بعد عتاب الله ( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التــواب الرحيــم ) .
23 ** هل ما زال شعور الذنب مع آدم حتى يوم القيامــة ؟
نعم .
قال e ( يجمع الله الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم فيقولون: يا أبانا استفتح لنا الجنة ، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم ! لست بصاحبكم ذلك اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله .... ) رواه مسلم
24 ** اذكر بعض الحكم التي ذكرها بعض العلماء من نزول آدم من الجنة ؟
قال بعض العلماء : إن الله لطف بآدم عليه السلام في أكله من الشجرة بعد النهي عنها من أوجه :
أولاً : أنه لما أسجد له ملائكته على جلالة قدرهم ، وصيّره قبلة لهم ومعلماً ، لطف بقلبه ألا تخطر به لفتة عجب ، فامتحنه بأكل الشجرة ، فلما أكل منها عوتب عليها فتواضع .
ثانياً : أنه امتحن التكليف وكد المعيشة في الدنيا ليحصل له مقام الصبر .
ثالثاً : أنه لما خرج من دار النعيم والدعة إلى دار المشقة والتكليف صحت له المعاملة بالكسب والدرجات بالطاعة وميزان الجنة بالعمل .
25 ** اذكر حديثاً في وفاة آدم عليه الصلاة والسلام ؟
عن أبي هريرة . قال : قال رسول الله e ( لما خلق الله آدم مسح على ظهره فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة ، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً من نور ، ثم عرضهم على آدم ، فقال : أي رب من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء ذريتك ، فرأى رجلاً منهم فأعجبه وبيص ما بين عينيه ، فقال : أي رب من هذا ؟ فقال : هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له داود . فقال : رب كم جعلت عمره ؟ قال : ستين سنة ، قال : أي رب زده من عمري أربعين سنة ، فلما قضى عمر آدم جاءه ملك الموت ، فقال : أوَلم يبق من عمري أربعون سنة ؟ قال : أوَلَم تعطها ابنك داود ؟ قال : فجحد آدم فجحدت ذريتــه ، ونسي آدم فنسيت ذريتــه وخطىء آدم فخطئت ذريته ) رواه الترمذي .
[ فسقط من ظهره ] أي خرج منه .
[ كل نسمة ] أي ذي روح .
[ وبيصاً ] أي بريقاً ولمعاناً .
الفوائد :
أولاً : أن الحسد والكبر من أخطر الأخلاق على العبد ، فكبر إبليس وحسده صيره إلى ما ترى .
قال ابن القيم : أصول الخطايا كلها ثلاثة :
الكبْـر : وهو الذي أصار إبليس إلى ما أصاره .
والحرص : وهو الذي أخرج آدم من الجنة .
والحسد : وهو الذي جرّأ أحد ابني آدم على أخيــه .
فمن وقي شر هذه الثلاثة فقد وقي الشر ، فالكفر من الكبر ، والمعاصي من الحرص ، والبغي والظلم من الحسد .
وقد جاءت نصوص كثيرة في ذم الحسد وستأتي قريباً إن شاء الله .
وجاءت نصوص كثيرة في تحريم الكبر .
قال رسول الله e ( لا يدخل الجنة من كان في قلبــه مثقال ذرة من كبر ) .
وقال e ( المتكبرون يحشرون يوم القيامة مثل الذر يطأهم الناس ) رواه الترمذي .
وحقيقة الكبر : بطر الحق وغمط الناس كما في الحديث .
[ وبطر الحق ] رده ودفعــه وعدم الخضوع له .
[ وغمط الناس ] احتقارهـم والازدراء بهم .
ثانياً : ينبغي للعبد إذا وقع في ذنب أن يبادر إلى التوبة والاعتراف .
قال تعالى ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ) .
وقال تعالى ( إن الله يحب التوابين ) .
وقال ( التوبة ندم ) رواه أحمد .
وقال ( لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم سقط على بعيره وقد أضله في أرض فلاة ) .
وتعليل المبادرة إلى التوبــة :
أن الذنب كالوسخ في الثوب ، فإن لم تسارع إلى إزالته فقد يصعب عليك إزالته مستقبلاً لتمكنه واستقراره في الثوب ، وكذلك الذنب يؤثر في قلب الإنسان ، فإن لم يعاجل بالتوبة التي هي بمثابة الغسل للثوب الوسخ ، فقد يتمكن هذا الذنب في القلب ، ومن آثار تمكنه قسوة فيه ، وجرأة على ارتكاب ذنب آخر .
وللتوبة شروط :
الأول : أن يقلع عن المعصية .
الثاني : أن يندم على فعلها .
الثالث : أن يعزم أن لا يعود إليها أبداً .
ثالثاً : خطر المعاصي وأنها سبب لزوال النعـم .
قال ابن القيم رحمه الله : فما الذي أخرج الأبوين من الجنة ، دار اللذة والسرور والنعيم والبهجة والسرور إلى دار الآلام والأحزان والمصائب ؟
وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء وطرده ولعنه ، وبدل بالقرب بعداً ، وبالرحمة لعنة ، وبالجمال قبحاً ، وبالجنة ناراً تلظى ؟
وما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال ؟ .
وما الذي سلط الريح على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية ؟
وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم ؟
رابعاً : الجزاء من جنس العمل ، فالله عامل إبليس اللعين بنقيض قصده .
حيث كان قصده التعاظم والتكبر فاخرجــه الله صاغراً حقيراً ذليلاً ، بنقيض ما كان يحاوله من العلو والعظمــة ، وذلك في قوله تعالى [ إنك من الصاغرين ] . والصغار أشد الذل والهوان .
وهذه قاعدة في الشريعة : أن الجزاء من جنس العمل ، جزاء وفاقاً .
وأمثلتهــا كثيرة :
قال رسول الله e ( من بنى مسجداً لله بنى الله له بيتاً مثله في الجنة ) .
وقال e ( من صلي علي واحدة صلى الله عليه عشراً ) .
وقال e ( من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ) .
وقال e ( من وصل صفاً وصله الله ) .
وقال e ( من كان له وجهان في الدنيا ، كان له يوم القيامة لسانان من نار ) .
وقال e ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) .
وقال e ( احفظ الله يحفظك ) .
وقال e ( والشاة إن رحمتها رحمك الله ) .
وقال e ( من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به ) .
خامساً : الحذر من عداوة الشيطان وأنه عدو للإنسان . وقد أخبرنا الله بعداوته لنا .
قال تعالى عنه ( قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين ) .
وقال سبحانه عنه ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ).
قيل في تفسيرها [ من بين أيديهم ] أشككهم في الآخرة [ ومن خلفهم ] أي أرغبهم في دنياهم [ وعن أيمانهم ] أي أشبه عليهم أمر دينهم [ وعن شمائلهم ] أي أشهي لهم المعاصي .
واختار ابن جرير : أن المراد جميع طرق الخير والشر ، فالخير يصدهم عنه والشر يحسنـــه لهم .
ورجحه ابن القيم وقال : هذا القول أعم فائدة ، وهو يوافق ما حكيناه عن قتادة أنه قال : أتاك من كل وجه غير أنه لم يأتك من فوقك .
فالمقصود إذاً : أن الإنسان أي طريق يسلكها ، فإن الشيطان سيكون له بالمرصاد .
[ لأزينن لهم ] أي لذريــة آدم عليه السلام .
وقال تعالى [ وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طيناً قال أرأيتك هذا الذي كرمت عليّ لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلاً .
[ لأحتنكن ] لأغوين
سادساً : يجب الحذر من الشيطان لأنه عدو لنا وقد أمرنا الله باتخاذه عدو وامرنا بالحذر منه .
قال تعالى [ ولا تتبعوا خطوات الشيطان ] .
وقال تعالى [ إن الشيطان لكم عدو مبين ] .
وقال تعالى [ إن الشيطان للإنسان عدو مبين ] .
وقال تعالى [ إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً ] .
سابعاً : الحذر من مكايد الشيطان .
ومن مكايده :
1- التزيين .
أي تزيين العمل الباطل في عين الإنسان حتى يراه حسناً جميلاً مقبولاً .
قال تعالى حكاية عما قاله الهدهد لسليمان [ وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون ] .
[ وزين لهم الشيطان ] أي حسّن لهم ما هم فيه من الكفر .
2- تخويف المؤمنين .
قال تعالى ( الشيطان يعدكم بالفقر )
3- إيحاء الشيطان للإنسان بالأماني الكاذبة .
قال تعالى مخبراً عن واقع إبليس ( يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غروراً ) .
والمقصود بالأماني : أي يزين الاستعجال باللذات الحاضرة ، والتسويف بالتوبة .
ثامناً : أن السجود لغير الله إذا كان بأمر الله فهو عبادة .
ويدل على أن المحرم إذا أمر الله به يكون عبادة ، قصة إبراهيم حين أمره الله أن يذبح ابنه إسماعيل فامتثل .
تاسعاً : منّة الله بقبوله توبة آدم .
عاشراً : لا رأي لأحد ولا تعقيب مع وجود النص . فالواجب على المسلم التسليم والقبول وعدم الاعتراض .
الحادي عشر : التحذير من كلمة [ أنا ] التي يقصد بها مدح النفس لسببين :
1- : أن فيها تزكية للنفس والله يقول [ فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ] .
فلا يليق بالمسلم أن يزكي نفسه ويفضلها على غيره ، فالله هو وحده الذي يزكي الأنفس ، ويعلم الأفضل .
2- : أن فيها معنى التكبر لدى قائلها على المقولة له ، والتكبر ليس من صفات المسلمين .
الثاني عشر : استدل بعض العلماء بسجود الملائكة لآدم على أن صالحي البشر أفضل من الملائكة .
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين :
القول الأول : أن صالحي البشر أفضل من الملائكة .
لأن الله أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم ، وذلك دليل على تفضيله عليهم .
الملائكة لهم عقول وليس لهم شهوات وأن الأنبياء لهم عقول وشهوات ، فلما نهوا أنفسهم عن الهوى ومنعوها عما تميل إليه الطباع فكانوا بذلك أفضل .
القول الثاني : الملائكة أفضل .
واستدلوا :
بقوله e في الحديث القدسي عن الله ( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) متفق عليه .
قالوا : وهذا نص في الأفضلية .
واستدلوا بقوله e ( المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف .. ) ومعلوم أن قوة البشر لا تداني قوة المَلَك ولا تقاربها
والراجــح :
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : أن يقال : إن الصالحين من البشر أفضل من الملائكة باعتبار النهاية ، فإن الله سبحانه وتعالى يعدهم من الثواب ما لا يحصل مثله للملائكة فيما نعلم . وأما باعتبار البداية فإن الملائكة أفضل لأنهم خلقوا من نور ، وجبلوا على طاعة الله والقوة عليها .
الثالث عشر : في قوله تعالى [ ... لما خلقت بيديّ ] إثبات اليدين لله تعالى ، إثباتاً يليق بجلاله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولا تشبيه .
قــصـــة ابــني آدم
1 ** ما هي قصة ابني آدم ؟
أن الله طلب منهما أن يقربا قرباناً ، فلما قربا تقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر ، فقام الذي لم يتقبل منه فقتل أخاه الذي تقبل منه حسداً وبغياً .
2 ** من هما ابنا آدم المعنيان في الآيــة الكريمــة ؟
نقل الطبري الإجماع على أنهما كانا ابني آدم لصـلـبــه .
3 ** هل ورد تسميتهما ؟
اسمهما : قابيل وهابيل عند أكثر العلماء ، القاتل : قابيل ، والمقتول : هابيل .
4 ** اشرح الآيات باختصـــار ؟
قال تعالى :
[ واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق ] أي اقصص عليهم خبر ابني آدم وهو ابناه لصلبه ، وفي عهده وزمانه .
[ إذ قربا قرباناً ] إذ قرب كل منهما قرباناً يتقرب به لربه .
[ فتقبل من أحدهما ] وهو هابيل .
[ ولم يتقبل من الآخر ] وهو قابيــل .
[ قال ] أي قابيل لهابيل .
[ لأقتلنك ] على قبول قربانك .
[ قال إنما يتقبل الله من المتقين ] أي : إنما أتيت من قبل نفسك ، لانسلاخها من لباس التقوى ، لا من قبلي . فلم تقتلني ؟ ومالك لا تعاتب نفسك وتحملها على تقوى الله .
5 ** لماذا قربا قرباناً ؟
الله أعلم بذلك . فلم يرد سبب واضح في الكتاب والسنة .
لكن ذكر بعض العلماء أقوالاً :
منها : أن الله أمرهمــا بذلك .
ومنها : إنهما قربا قرباناً يقوم مقام الصدقة لكون الصدقة لم تكن موجودة في زمانهما لعدم وجود من يقبلها .
6 ** ما القربان الذي تقرب به كل منهما ؟
الله أعلم بذلك ، فلم يرد وصفه في كتاب الله ولا في خبر ثابت عن النبي e .
وقد قال بعض العلماء : إن القربان كان كبشاً ، قالوا : أما الأول [ المقتول هابيل ] فقد تقرب بأفضل كبش عنده ، وأما الآخر فكان يعمد إلى الردىء من الكباش .
7 ** كيف يعرف أن القربان تقبله الله ؟
يعرف ذلك بنار تنزل من السماء تأكل القربان المتقبل ، هذا الظاهر ، والله أعلم .
وهذا كان موجوداً في بني إسرائيل :
عن أبي هريرة . عن رسول الله e قال ( غزا نبي من الأنبياء ... حتى فتح الله عليه ، قال : فجمعوا ما غنموا ، فأقبلت النار لتأكله فأبت أن تطعمه ، فقال : فيكم غلول ، ... فأقبلت النار فأكلته ) متفق عليه .
8 ** على ماذا يدل قول المقتول [ لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين ] ؟
قال ابن كثير : يدل على خلق حسن وخوف من الله وخشية منه ، وتورع أن يقابل أخاه بالسوء الذي أراد منه أخوه مثله .
9 ** ما معنى قوله [ إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار ] ؟
[ إني أريد أن تبوء ] أي ترجع .
[ بإثمي ] أي إثم قتلي .
[ وإثمك ] أي ذنوبك السابقــة .
[ فتكون من أصحاب النار ] إن قتلتني .
10 ** لماذا تقبل قربان أحدهما ولم يتقبل من الآخــر ؟
لله الأمر في ذلك، وقد أخبر الله أنه يتقبل من المتقين ، فتقبل قربان أحدهما لتقواه ، ورد قربان الآخر لفجوره وظلمه.
وقد قال بعض العلماء : أن المقتول كان قد قدم قرباناً من أفضل ما عنده، فكان يعمد إلى الطيب من غنمه يتقرب به، والآخر يعمد إلى الرديء من ذلك يتقرب به . والله أعلم .
11 ** كيف قتل ابن آدم الأول أخاه ؟
الله أعلم ، لم يرد في كتاب الله ولا في سنة رسوله بيان لكيفية قتله .
12 ** كيف دفنه لما قتله ؟
قال تعالى ( فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه .. ) .
قال السعدي : فلما قتل أخاه لم يدر كيف يصنع به ، لأنه أول ميت مات من بني آدم [ فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ] أي يثيرها ليدفن غراباً آخر ميتاً [ ليريـه ] بذلك [ كيف يواري سوءة أخيه ] أي بدنه ، لأن بدن الميت يكون عورة .
الفوائد :
أولاً : خطورة الحسد .
فالحسد حمل ابن آدم الأول على قتل أخيه .
وحمل إخوة يوسف على إلقاء أخيهم في غيابة الجب .
وحمل اليهود على الكفر برسالة محمد e .
والحسد : هو تمني زوال النعمــة عن صاحبها .
وهم محرم عظيم ، فهو من صفات اليهود :
قال تعالى ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم ) .
وقال e ( لا تحاسدوا ) متفق عليه .
الحسد يصر الحاسد من وجوه :
أولاً : غم لا ينقطــع .
ثانياً : مصيبة لا يؤجــر عليها .
ثالثاً : مذمة لا يحمد عليها .
رابعاً : يسخط عليه الرب .
خامساً : تغلق عليه أبواب التوفيق .
يندفع شر الحاسد عن المحسود بأمور :
أولاً : التعوذ بالله من شره .
ثانياً : تقوى الله وحفظه عند أمره ونهيــه .
ثالثاً : الصبر على عدوه وأن لا يقابله ولا يشكوه .
رابعاً : التوكل على الله .
خامساً : فراغ القلب من الانشغال به والفكر فيه .
سادساً : الإقبال على الله والإخلاص له .
سابعاً : تجريد التوبة إلى الله من الذنوب .
ثامناً : الصدقة والإحسان ما أمكنـه .
تاسعاً : وهو من أصعبها ولا يوفق له إلا من عظُم حظه من الله : وهو طفي نار الحسد والباغي بالإحسان إليه .
من أقوال السلف :
قال معاوية : ليس في خصال الشر أعدل من الحاسد : يقتل الحاسد قبل أن يصل إلى المحسود .
وقال ابن سيرين : ما حسدت أحداً على شيء من أمر الدنيا ، لأنه إن كان من أهل الجنة فكيف أحسده على الدنيا وهي حقيرة في الجنة ؟ وإن كان من أهل النار فكيف أحسده على أمر الدنيا وهو يصير إلى النار .
وقال معاوية لابنه : إياك والحسد ، فإنه يتبين فيك قبل أن يتبين في عدوك .
وعن سفيان بن دينار . قال : قلت لأبي بشر : أخبرني عن أعمال من كان قبلنا ؟ قال : كانوا يعملون يسيراً ويؤجرون كثيراً . قال : قلت : ولم ذاك ؟ قال : لسلامة صدورهــم .
ثانياً : أن القتل من أعظم الكبائر .
قال تعالى ( ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه .. ) .
وقال e [ لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا ) رواه الترمذي .
وقال e ( لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ) رواه البخاري .
وقال e ( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ) رواه مسلم .
ثالثاً : فضل التقوى ، وأنها سبب لقبول الأعمال .
وللتقوى ثمرات وفضائل :
أولاً : أنها سبب للإكرام .
قال تعالى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكــم ) .
ثانياً : أنها سبب لتيسير الأمور .
قال تعالى ( ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً ) .
ثالثاً : أنها سبب لتفتيح البركات .
قال تعالى ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ) .
رابعاً : أنها سبب لنيل رحمة الله .
قال تعالى ( ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون ) .
خامساً : أنها سبب للنجاة يوم القيامة .
قال تعالى ( وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً ثم ننجي الذين اتقوا .. ) .
سادساً : أنها سبب لقبول الأعمال .
قال تعالى ( إنما يتقبل الله من المتقين ) .
سابعاً : أنها سبب لإرث الجنة .
قال تعالى ( تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقياً ) .
ثامناً : أنها سبب في دخول الجنة .
قال تعالى ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ) .
رابعاً : عظم الابتداع في دين الله ، وأن من ابتدع بدعة ضلالة تحمل وزرها ووزر من عمل بها .
قال e ( لا تقتل نفس ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل ) رواه البخاري .
1 ** كيف كانت الحالة قبل نوح ؟
قال الشيخ السعدي : مكث البشر بعد آدم قروناً طويلة وهم أمة واحــدة على الهدى ، ثم اختلفوا .
عن ابن عباس قال ( كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق ، فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين ) رواه الحاكم .
2 ** من هو أول رسول إلى البشر ؟
نوح عليه السلام .
ففي حديث الشفاعة ( .... فيأتون نوحاً ، فيقولون : يا نوح ! أنت أول الرسل إلى الأرض ) .
3 ** اذكر بعض صفات نوح التي وردت بالقرآن ؟
كان عبداً شكوراً .
قال تعالى ( إنه كان عبداً شكوراً ) .
قال ابن كثير : الشكور : هو الذي يعمل بجميع الطاعات القلبية والقولية والعملية ، وقد قيل إن نوحاً كان يحمد الله على طعامه وشرابه ولباسه وشأنه كله .
4 ** هل نوح من أولي العزم من الرسل ؟
نعم ، وقد خصهم الله بالذكر في قوله تعالى ( وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً ) .
5 ** ما سبب شرك قوم نوح ؟
الغلو في الصالحين .
عن ابن عباس . قال في قوله تعالى [ وقال لا تذردن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً ] قال : هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم : أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموا بأسمائهم ، ففعلوا ، ولم تعبد ، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت ) رواه البخاري .
6 ** إلى أي شيء كانت دعوة نوح عليه الصلاة والسلام ؟
إلى التوحيد وإخلاص العبادة لله .
قال تعالى ( لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ) .
وقال تعالى ( لقد أرسلنا نوحاً إلى قومه إني لكم نذير مبين . أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم ).
7 ** كم جلس يدعو قومه ؟
ألف سنة إلا خمسين عاماً .
قال تعالى ( فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ) .
8 ** هل اجتهد نوح في دعوة قومه ؟
نعم – لقد اجتهد اجتهاداً عظيماً في دعوتهم .
فقد بالغ في دعوتهم من غير تعب .
قال تعالى عنه [ قال رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً ] .
ونوع في دعوتهم :
فمرة بالسر ومرة بالجهر .
كما قال تعالى عنه [ ثم إني دعوتهم جهاراً . ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسراراً ] .
ومرة بالترغيب .
كما قال تعالى عنه [ فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً . يرسل السماء عليكم مدراراً . ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً ] .
ومرة بالترهيب :
كما قال تعالى عنه [ ما لكم لا ترجون لله وقاراً . وقد خلقكم أطواراً . ألم تروا كيف خلق الله سبع سموات طباقاً . وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً . والله أنبتكم من الأرض نباتاً . ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجاً ] .
ومرة بأنه ناصح لهم مخلص .
قال تعالى عنه أنه قال لهم [ أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمــون ] .
9 ** ماذا كان جواب قومــه ؟
كذبوا به إلا القليل منهم .
10 ** اذكر بعض الاتهامات التي وجهت لنوح من قبل قومه ؟
أولاً : اتهموه بالجنون .
قال تعالى [ كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر ] .
ثانياً : اتهموه بكثرة الجدال .
قال تعالى عنهم [ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثر جدالنا ] .
ثالثاً : اتهموه بالضلال .
قال تعالى [ قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين ] .
رابعاً : توعدوه بالرجم .
قال تعالى عنهم [ قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين ] .
خامساً : التهكم والسخرية .
قال تعالى[ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون].
11 ** هل كفر أحد من أهل بيت نوح ؟
نعم ، ابنه ، وزوجته .
قال تعالى [ .. ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين . قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء . قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم . وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ] .
وقال سبحانه [وضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما].
[ فخانتاهما ] ليس المراد في فاحشة ، فإن نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة لحرمة الأنبياء ، قال ابن عباس : أما خيانة امرأت نوح فكانت تخبر أنه مجنون ، وأما خيانة امرأت لوط فكانت تدل قومها على أضيافه .
12 ** هل طلب قوم نوح العذاب ؟
نعم .
قال تعالى [ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثر جدالتنا . فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ] .
13 ** اذكر بعض الشبــه التي أثارها قوم نوح ضد نوح عليه السلام ؟
هذه الشبهات هي :
أولاً : كون نوح من البشر .
قالوا [ ما نراك إلا بشراً مثلنا ] .
ثانياً : أن أتباع نوح من الأرذلين .
قالوا [ وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ] .
وقالوا [ قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ] .
ثالثاً : أنه رجل مجنون .
قالوا [ إن هو إلا رجل به جِنة ] .
14 ** هل دعا نوح على قومه ؟
نعم .
قال تعالى عنه [ وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً ] .
وقال [ ولا تزد الظالمين إلا تباراً ] .
[ لا تذر ] لا تترك .
[ دياراً ] الديار الذي يسكن الديار .
15 ** هل استجاب الله دعا نبيــه نوح عليه السلام ؟
نعم .
قال تعالى ( فدعا ربه أني مغلوب فانتصر . ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر .. ] .
16 ** كيف عرف نوح أن القوم لن يلدوا إلا فاجراً كفاراً ؟
الله أخبره بذلك .
كما قال تعالى [ لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ] .
وعرف ذلك أيضاً باستقراء أحوالهم .
17 ** لماذا دعا نبي الله نوح على قومه ؟
دعا عليهم لأمرين :
الأول : قوله تعالى [ وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ] .
الثاني : أن هؤلاء القوم سيضلون غيرهم .
قال نوح [ إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً ] .
قال قتادة : أما والله ما دعا عليهم حتى أتاه الوحي من السماء [ أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ] فعند ذلك دعا عليهم .
18 ** بماذا أمره الله لما أراد الله أن يهلكهم ؟
أمره ببناء سفينة لينجو بها .
قال تعالى [ وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون . واصنع الفلك بأعيينا ووحينا ] .
وقال تعالى [ فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا ) .
[ اصنع الفلك ] يعني السفينة .
[ بأعيننا ] أي بمرأى منا .
[ ووحينا ] أي تعليمنا لك ما تصنعــه .
19 ** بماذا أمره أن يحمل معه في السفينة ؟
أمره أن يحمل معه ثلاثة أشياء :
أولاً : قال تعالى [ قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين ) .
والمقصود بالزوجين كل شيئين يكون أحدهما ذكراً والآخر أنثى .
ثانياً : قال تعالى ( وأهلك إلا من سبق عليه القول ) .
والمراد ابنه وزوجته فقد كانا كافرين حكم الله عليهما بالهلاك .
ثالثاً : قال تعالى ( ومن آمن . وما آمن معه إلا قليل ) .
الموقع على الإنترنت
www.almotaqeen.net
البريد
[email protected]