قال تعالى : ** قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ كان مِنْ
عند الله ثُمَّ كَفَرْتُمْ به مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هو في شِقاقٍ بعيدٍ * سَنُرِيهِمْ آياتِنَا في الْآفَاقِ وفي أنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أنّهُ الحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أنّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ *
أَلَا إِنَّهُمْ في مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ ألَا إِنَّهُ
بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ **
سورة فصلت 52 - 54
قال العلّامة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : ** قُلْ ** لهؤلاء المكذِّبين بالقرآن المسارعين إلى الكفران
** أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ ** هذا القرآن
** مِنْ عِنْدِ الله **
من غير شكٍّ ولا ارتياب،
** ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ** أي : معاندة لله ولرسوله ؛
لأنّه تبيّن لكم الحقُّ والصواب،
ثم عدلتُم عنه لا إلى حقٍّ ،
بل إلى باطل وجهل ؛
فإذاً تكونون أضلَّ النّاس وأظلَمَهم .
فإن قلتُم أو شككتُم بصحَّته وحقيقتِه، فسيقيم اللّه لكم ويريكم من آياته
في الآفاق ؛
كالآيات التي في السماء وفي الأرض
وما يُحدِثُه الله تعالى من الحوادث
العظيمة الدالَّة للمستبصر على الحَقِّ .
** وفي أَنْفُسِهِمْ ** : مما اشتملتْ عليه أبدانُهم من بديع آيات اللهِ وعجائبِ
صنعتِه وباهر قدرتِه ،
وفي حلول العقوبات والـمَثُلات في
المكذّبين ونصر المؤمنين ،
** حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ **
من تلك الآيات بيانًا لا يقبل الشكَّ
** أَنَّهُ الحَقُّ ** :
وما اشتمل عليه حقٌّ ،
وقد فعل تعالى ،
فإنّه أرى عباده من الآيات ما به تبيّن
لهم أنّه الحَقُّ ،
ولكن الله هو الموفِّق للإيمان مَن شاء ، والخاذل لمن يشاء .
** أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ** أي : أولم يكفهم
– على أنّ القرآن حقٌّ ،
ومن جاء به صادقٌ –
بشهادة الله تعالى ؛
فإنّه قد شهد له بالصدق ،
وهو أصدقُ الشاهدين ،
وأيَّدَه ونصره نصرًا متضمِّنًا لشهادتِه القوليَّة عند من شكَّ فيها .
** أَلَا إِنَّهُمْ في مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ **
أي : في شكٍّ من البعث والقيامة،
وليس عندَهم دارٌ سوى الدار الدُّنيا،
فلذلك لم يعملوا للآخرة،
ولم يلتفتوا لها .
** أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ **
عِلْماً وقدرةً وعزةً . اهـ