قال رحمه الله :
" وأما التفصيل فيقال :
1 - نفس نظم القرآن وأسلوبه عجيب بديع ،
ليس من جنس أساليب الكلام المعروفة .
2 - ولم يأتِ أَحدٌ بنظير هذا الأسلوب ،
فإنه ليس من جنس الشِّعر ، ولا الرِّجز ،
ولا الخطابة ، ولا الرسائل .
3 - ولا نظمه نظم شيء من كلام النّاس :
عربهم وعجمهم .
4 - ونفس فصاحة القرآن وبلاغته هذا عجيب خارق للعادة ،
ليس له نظير في كلام جميع الخلق ،
وبسط هذا وتفصيله طويل ،
يعرفه من له نظر وتدبُّر .
5 - ونفس ما أخبر به القرآن في باب
توحيد الله وأسمائه وصفاته أمر عجيب خارق للعادة ،
لم يوجد مثل ذلك في كلام البشر ،
لا نبي ولا غير نبي .
6 - وكذلك ما أخبر به عن الملائكة .
7 - والعرش .
8 - والكرسي .
9 - والجن .
10 - وخلق آدم ، وغير ذلك .
11 - ونفس ما أمر به القرآن من الدين ،
والشرائع كذلك .
12 - ونفس ما أخبر به من الأمثال ،
وبيَّنه من الدلائل هو أيضاً كذلك .
13 - ومَنْ تدبَّر ما صنَّفه جميع العقلاء في العلوم الإلهية ، والخلقية ، والسياسية ،
وجد بينَه وبين ما جاء في الكتب الإلهية :
التَّوْراة ، والإنجيل ، والزّبور ،
وصحف الأنبياء ،
وجد بين ذلك وبين القرآن من التفاوت أعظم
مِمَّا بين لفظه ونظمه ،
وبين سائر ألفاظ العرب ونظمهم .
فالإعجاز في معناه أعظم وأكثر من الإعجاز في لفظه ، وجميع عقلاء الأُمم عاجزون عن الإتيان بمثل معانيه أعظم من عجز العرب عن الإتيان بمثل لفظه .
وما في التوراة والإنجيل
– ولَوْ قُدِّر أنه مثل القرآن –
لا يقدح في المقصود ؛
فإن تلك كتُب الله – أيضاً –
ولا يمتنع أن يأتي نبي بنظير آية نبيّ ،
كما أتى المسيح بإحياء الموتى ،
وقد وقع إحياء الموتى على يد غيره ؛
فكيف وليس في التوراة والإنجيل مماثلاً
لمعاني القرآن ،
لا في الحقيقة ، ولا في الكفيفيَّة ،
ولا الكمِّيَّة ،
بل يظهر التفاوت لكل مَن تدبَّر القرآن
وتدبّر الكتب .
وهذه الأمور مَن ظهرت له مِن أهل العلم والمعرفة ظهر إعجازه من هذا الوجه ،
ومَنْ لم يظهر له ذلك اكتفى بالأمر الظاهر
الذي يظهر له ولأمثاله ،
كعجز جميع الخلق عن الإتيان بمثله مع تحدِّي النبي صلَّى الله عليه وسلم
وإخباره بعجزهم ؛
فإن هذا أمر ظاهر " .
[الجواب الصّحيح ( 5 / 433 - 435 )]
_ نقلته من كتاب :
إمتاع ذوي العرفان ...
جَمْع وتحقيق الشيخ عبيد الجابري
و د. محمد هشام طاهري
تقديم أ. د. محمد الخُميّس حفظهم الله
( ص 576 - 577 ) .