قال تعالى : ** أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ المَلِكُ الحَقُّ
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ * ومَن يَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ
إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الكَافِرُونَ * وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ **
[ سورة المؤمنون : 115 - 118 ]
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : ** أَفَحَسِبْتُمْ ** أيُّها الخلقُ ،
** أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا **
أي : سدىً وباطلا تأكلون وتشربون وتمرحون وتتمتّعون بلذّات الدّنيا ونتركُكم لا نأمُرُكم
ولا ننهاكم ولا نُثيبكم ولا نعاقبكم ،
ولهذا قال : ** وأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ **
لا يخطر هذا ببالكم .
** فَتَعَالَى اللَّهُ **
أي : تعاظم وارتفع عن هذا الظنِّ الباطل الذي يرجع إلى القدح في حكمته ،
** المَلِكُ الحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ ** فكونُه ملكا للخلق كلِّهم حقّاً في صدقه ووعده ووعيده مألوها معبودا لما له من الكمال
** رَبّ الْعَرْشِ الكريم **
فما دونه من باب أولى يمنعُ أن يخلُقكم عبثاً .
** ومَن يَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الكَافِرُونَ **
أي : ومن دعا مع الله آلهة غيره بلا بيّنة من أمره ولا برهان يدلُّ على ما ذهب إليه ،
وهذا قيد ملازمٌ ؛
فكلُّ من دعا غير الله ؛
فليس له برهان على ذلك ،
بل دلّت البراهين على بطلان ما ذهب إليه ، فأعرض عنها ظلما وعنادا ،
فهذا سيقدُم على ربِّه فيجازيه بأعماله
ولا ينيلُه من الفلاح شيئاً ؛
لأنه كافر ،
** إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الكَافِرُونَ **
فكفرُهم منعهم من الفلاح .
** وَقُلْ ** :
داعيا لربّك مخلصا له الدين :
** رَبِّ اغْفِرْ ** لنا حتى تُنْجِيَنا من المكروه ،
وارحمنا لتوصلنا برحمتك إلى كلِّ خير .
** وأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ** : فكلُّ راحم للعبد ؛
فالله خَيْرٌ له منه ،
أرحم بعبده من الوالدة بولدها ،
وأرحم به من نفسه . اهـ