عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 07-09-2023, 10:40 PM   #128
معلومات العضو
أبوسند
التصفية و التربية
 
الصورة الرمزية أبوسند
 

 

افتراضي







قال : وقول الله : ** إنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغْفِرُ ما دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ **

قال ابن كثير : أخبر تعالى أنه
لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ،
أي : لا يَغْفِرُ لعبد لقيه وهو مشرك به،
وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ ،
أي : من الذنوب لمن يشاء من عباده .

قلت : فتبين بهذا أن الشرك أعظم الذنوب ،
لأن الله تعالى أخبر أنه لا يغفره ،
أي : إلاّ بالتوبة منه ،
وما عداه ، فهو داخل تحت مشيئة الله إن شاء غفره بلا توبة وإن شاء عذب به .

وهذا يوجب للعبد شدة الخوف من هذا الذنب الذي هذا شأنه عند الله ،
وإنما كان كذلك
1 - لأنه أقبح القبح وأظلم الظلم
إذ مضمونه تنقيص رب العالمين ،
وصرف خالص حقه لغيره ،
وعدل غيره به كما قال تعالى :
** ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ **
سورة الأَنْعَام 1
[ - لأنّه يناقض توحيد الألوهية - ]

2 - ولأنّه مناقض للمقصود بالخلق والأمر ،
منافٍ له من كل وجه ،
وذلك غاية المعاندة لربِّ العالمين ، والاستكبار عن طاعته والذل له ،
والانقياد لأوامره الذي لا صلاح للعالم
إلاّ بذلك .
فمتى خلا منه خرب وقامت القيامة ،
كما قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض : الله الله )
[ أي الله أكبر ، فلا يعرفون الله ، وفِي رواية :
( لا يقولون لا إله إلا الله ) ] .
رواه مسلم .
[ - فيه مناقضة لتوحيد الربوبية - ]

3 - ولأنّ الشرك تشبيهٌ للمخلوق بالخالق تعالى وتقدس في خصائص الإلهية من ملك الضر والنفع ، والعطاء والمنع الذي يوجب تعلق الدعاء والخوف والرجاء والتوكل وأنواع العبادة كلها بالله وحده .
فمن علّق ذلك لمخلوق فقد شبهه بالخالق، وجعل من لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا
ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا فضلاً عن غيره شبيهًا بمن لَهُ الخَلْقُ كله ،
ولَهُ الْمُلْكُ كله وبيده الخير كله ،
وإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ .
فَأَزِمَّة الأمور كلها بيديه سبحانه ، ومرجعها إليه فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن،
لا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ،
الذي إذا فتح للنّاس رَحْمَة فَلا مُمْسِكَ لَهَا
وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ،
[ - لأنه مناقض لتوحيد الأسماء والصفات - ]

فأقبح التشبيه تشبيه العاجز الفقير بالذات القادر الغني بالذات ،
ومن خصائص الإلهية الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي لا نقص فيه بوجه من الوجه ،
وذلك يوجب أن تكون العبادة كلها له وحده، والتعظيم والإجلال والخشية والدعاء والرجاء والإنابة والتوكل والتوبة والاستعانة
وغاية الحب مع غاية الذل ،

كل ذلك يجب عقلاً وشرعًا وفطرة
أن يكون لله وحده ،
ويمتنع عقلاً وشرعًا وفطرة أن يكون لغيره،

فمن فعل شيئًا من ذلك لغيره ،
فقد شبه ذلك الغير بمن لا شبيه له
ولا مثل له ولا ند له ،
وذلك أقبح التشبيه وأبطله ،

فلهذه الأمور وغيرها أخبر سبحانه أنه لا يغفره مع أنه كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ،
فهذا معنى كلام ابن القيم .

وفي الآية ردٌّ على الخوارج المكفِّرين بالذنوب، وعلى المعتزلة القائلين بأن أصحاب الكبائر يدخلون النار ولا بد ، ولا يخرجون منها ،
وهم أصحاب المنْزلة بين المنْزلتين .
ووجه ذلك أن الله تعالى جعل مغفرة ما دون الشرك معلقة بالمشيئة ،
ولا يجوز أن يحمل هذا على التأكيد ،
فإن التائب لا فرق في حقه بين الشرك وغيره . كما قال تعالى في الآية الأخرى :
** قُلْ يا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا على أَنْفُسِهمْ
لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنوبَ جَمِيعاً **
سورة الزمر 53

فهنا عمم وأطلق ؛ لأن المراد به التائب ، وهناك خص وعلق ؛
لأن المراد به ما لم يتب .
قاله شيخ الإسلام .


تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 98 - 99 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .


 

 

 

 


 

توقيع  أبوسند
 

يقول العلاّمة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله

طالب الحق يكفيه دليل ...
... وصاحب الهوى لايكفيه ألف دليل

الجاهل يُعلّم
وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل

--------------------------
حسابي في تويتر

@ABO_SANAD666



    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة