اعلم أن الشرك ينقسم ثلاثة أقسام بالنسبة إلى أنواع التوحيد ،
وكلٌّ منها قد يكون أكبر وأصغر مطلقًا ،
وقد يكون أكبر بالنسبة إلى ما هو أصغر منه، ويكون أصغر بالنسبة إلى ما هو أكبر منه .
القسم الأول : الشرك في الربوبية :
وهو نوعان :
أحدهما : شرك التعطيل ،
وهو أقبح أنواع الشرك ،
كشرك فرعون .
إذ قال : ** ومَا رَبُّ العَالَمِينَ ** ؟ ،
ومن هذا شرك الفلاسفة القائلين بقدم العالم وأبديته ، وأنه لم يكن معدومًا أصلاً ،
بل لم يزل ولا يزال ،
والحوادث بأسرها مستندة عندهم إلى أسباب ووسائط اقتضت إيجادها ،
يسمونها : العقول، والنفوس .
ومن هذا شرك طائفة أهل وحدة الوجود ،
كابن عربي ، وابن سبعين ، والعفيف التلمساني ، وابن الفارض ، ونحوهم من الملاحدة الذين
كسوا الإلحاد حلية الإسلام ،
ومزجوه بشيء من الحق ،
حتى راج أمرهم على خفافيش البصائر .
ومن هذا شرك من عطّل أسماء الرب وأوصافه ، من غلاة الجهمية ، والقرامطة .
النوع الثاني : شرك مَن جَعَلَ معه إلهًا آخر ولَمْ يعطل أسماءه وصفاته وربوبيته ،
كشرك النصارى الذين جعلوه ثالث ثلاثة ،
وشرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير
إلى النور وحوادث الشر إلى الظلمة .
ومن هذا شرك كثير مِمَّن يشرك بالكواكب العلويات ، ويجعلها مدبِّرة لأمر هذا العالم ،
كما هو مذهب مشركي الصابئة وغيرهم .
قلت : ويلتحق به من وجه شرك غلاة عباد القبور الذين يزعمون أن أرواح الأولياء تتصرف بعد الموت ، فيقضون الحاجات ،
ويفرجون الكربات، وينصرون مَن دعاهم ، ويحفظون مَنْ التجأ إليهم ، ولاذ بحماهم ،
فإنّ هذه من خصائص الربوبية ،
كما ذكره بعضهم في هذا النوع .
تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد
تأليف العلاّمة سليمان بن عبد الله بن محمد
بن عبد الوهاب رحمهم الله
تعليق العلاّمة عبد العزيز بن عبد الله الرّاجحي
حفظه الله ( ص 27 - 28 )
ط / الدار الأثرية للنشر والتوزيع .
https://d1.islamhouse.com/data/ar/ih...az_alhmeed.pdf