72)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ف) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 295 - 301 ) :
قال شيخ الاسلام ابن تيميّة
رحمه الله
[ العبودية ( ص 87 - 88 ) ] :
" القلب فقير بالذات إلى الله من وجهين : من جهة العبادة،
وهي العلة الغائية،
ومن جهة الاستعانة والتوكل،
وهي العلة الفاعلة .
فالقلب لا يصلح ولا يُفلح ولا يلتذّ
ولا يُسرُّ ولا يطيب ولا يسكن
ولا يطمئنُّ ،
إلاّ بعبادة ربِّه وحبِّه والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذُّ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن؛
إذ فيه فقر ذاتي إلى ربِّه ،
من حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه، وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللّذة والنِّعمة والسكون والطمأنينة .
وهذا لا يحصل إلا بإعانة الله له،
فإنه لا يقدر على تحصيل ذلك له
إلاّ الله ،
فهو دائماً مفتقر إلى حقيقة
** إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ** ،
فإنه لو أعين على حصول كل ما يُحبُّه ويطلبه ويشتهيه ويريده،
ولم يحصل له عبادة الله ،
فلن يحصل إلا على الألم ،
والحسرة ، والعذاب ،
ولن يخلص من آلام الدنيا
ونكد عيشها إلاّ بإخلاص الحُبِّ لله؛ بحيث يكون هو غاية مراده،
ونهاية مقصوده ،
وهو المحبوب له بالقصد الأوَّل ،
وكل ما سواه إنما يُحبّه لأجله ،
لا يُحبُّ شيئاً لذاته إلا الله ،
فمتى لم يحصل له هذا لم يكن
قد حقَّق حقيقة : ( لا إله إلا الله ) ،
ولا حقّق التوحيد والعُبوديَّة
والمحَبَّةَ لله ، وكان فيه من نقص التوحيد والإيمان
– بل من الألم والحسرة والعذاب –بحسب ذلك .
ولو سعى في هذا المطلوب
ولم يكن مستعيناً بالله ،
متوكِّلاً عليه ،
مفتقراً إليه في حصوله ،
لم يحصل له ،
فإنه ما شاء اللهُ كان ،
وما لم يشأ لم يكن ،
فهو مفتقر إلى الله من حيث هو المطلوب ، المحبوب ، المراد ،
المعبود ،
ومن حيث هو المسئول ،
المستعان به ، المتوكَّلُ عليه ،
فهو إلهه الذي لا إله له غيره ،
وهو ربُّه لا ربَّ له سواه " .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي
رحمه الله [ جامع العلوم والحكم
( ص 362 ) ] :
" إنّ العبد عاجزٌ عن الاستقلال
بجلب مصالحه ، ودفع مضارّه ،
ولا معين له على مصالح دينه
ودنياه إلاّ اللهُ عزّوجلّ ،
فمن أعانه الله ، فهو المعان ،
ومن خذله فهو المخذول ،
وهذا تحقيق معنى قول :
« لا حول ولا قُوّةَ إلاّ بالله » ،
فإنّ المعنى :
لا تَحوُّلَ للعبد مِن حال إلى حال ،
ولا قُوّة له على ذلك إلاّ بالله ،
وهذه كلمةّ عظيمةٌ ،
وهي كنز من كنوز الجنة ،
فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله
في فعل المأمورات ،
وترك المحظورات ،
والصبر على المقدورات كلِّها في الدنيا وعند الموت وبعده ،
من أهوال البرزخ ويوم القيامة ،
ولا يقدر على الإعانة على ذلك
إلاّ الله عزّوجلّ ، فمن حقق الاستعانة عليه في ذلك كله ، أعانه .
وفي الحديث الصحيح عن النّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال :
( احرص على ما ينفعُك
واستعن بالله ولا تعجزْ ) .
ومن ترك الاستعانة بالله ،
واستعان بغيره ،
وكَلَهُ اللهُ إلى من استعان به ،
فصار مخذولا .
كتب الحسنُ إلى عمرَ بن عبد العزيز – رحمهما الله – :
لا تستعن بغير الله ، فيَكِلَكَ اللهُ إليه .
ومن كلام بعض السّلف :
يا ربِّ عجبت لمن يعرفُك
كيف يرجو غيرك ، وعجبتُ لمن يعرفك كيف يستعين بغيرك " .
والاستعانة بالله على الطاعة تحتاج
إلى إقبال على الله ،
فمن أقبل على الله أقبل الله عليه ،
وأعانه ، ويسّر له أسباب كل خير ،
خصوصا عبادة الله وتوحيده
وطاعته ،
ورزقه السكينة والطمأنينة
في قصد الطاعة وأدائها .
قال ابن القيم رحمه الله [ الجواب الكافي ( ص 73 ) ] :
" ولا يزال العبد يعاني الطاعة ويألفُها ويحبُّها ويُؤثرها ،
حتى يُرسلُ الله سبحانه وتعالى
برحمته إليه الملائكة تؤزُّهُ إليها أزّاً ، وتُحرِّضه عليها ، وتُزعجه عن فراشه ومجلسه إليها " .
يتبع -----------