69)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
ن) تتمة شرح الشيخ حمد بن إبراهيم العثمان حفظه الله على الأصول الثّلاثة وأدلتها
( ص 280 - 283 ) :
الخشية مقام العارفين ،
وهي أخص من الخوف ،
فهي خوفٌ مقرون بالعلم بالمخوف ،
قال ابن القيم رحمه الله [ مدارج السالكين ( 1 / 411 - 412 ) ] :
" « الوجلُ » ، و « الخوف » ،
و « الخشية » و « الرهبة »
ألفاظ متقاربة غير مترادفة .
قال أبو القاسم الجنيد :
الخوف توقع العقوبة على مجاري الأنفاس .
وقيل : الخوف اضطراب القلب وحركته من تذكر المخوف .
وقيل : الخوف قوة العلم
بمجاري الأحكام ،
وهذا سبب الخوف لا أنه نفسه .
وقيل : الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره .
و « الخشية » أخص من الخوف ، فإن الخشية للعلماء بالله ،
قال الله تعالى : ** إنما يخشى الله
من عباده العلماء **
[ سورة فاطر : 28 ] ،
فهي خوف مقرونٌ بمعرفة ،
وقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( إني أتقاكم لله ،
وأشدكم له خشية )
متفق عليه .
فالخوف حركة ،
والخشية انجماع وانقباض
وسكون ،
فإن الذي يرى العدو ،والسيل ،
ونحو ذلك ، له حالتان :
إحداهما : حركة للهرب منه ،
وهي حالة الخوف .
والثانية : سكونه وقراره في مكان
لا يصل إليه فيه ، وهي الخشية .
وأما « الرهبة » : فهي الإمعان في الهرب من المكروه ،
وهي ضد « الرغبة »
التي هي سعي القلب في طلب المرغوب فيه .
وبين « الرَّهب » و « الهَرَب »
تناسب في اللفظ والمعنى ،
يجمعهما الاشتقاق الأوسط
الذي هو عقد تقاليب الكلمة على معنى جامع .
وأما « الوجل » فرجفان القلب ، وانصداعه لذكر من يخاف سلطانه وعقوبته ، أو لرؤيته .
وأما « الهيبة » فخوف مقارن للتعظيم والإجلال ،
وأكثر ما يكون مع المحبة والمعرفة .
و «الإجلال » :
تعظيم مقرون بالحب .
فالخوف لعامة المؤمنين ،
والخشية للعلماء العارفين ،
والهيبة للمحبين ،
والإجلال للمقربين ،
وعلى قدر العلم والمعرفة يكون الخوف والخشية ،
كما قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم :
( إني لأعلمكم بالله ،
وأشدكم له خشية )
وفي رواية
( خوفا ) ،
وقال : ( لو تعلمون ما أعلم ،
لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ،
ولما تلذذتم بالنساء على الفُرُش ولخرجتم إلى الصَّعدات تجأرون
إلى الله تعالى ) .
فصاحب الخوف :
يلتجئ إلى الهرب ، والإمساك .
وصاحب الخشية :
يلتجئ إلى الاعتصام بالعلم ،
ومثلهما مثل مَن لا علم له بالطب ، ومثل الطبيب الحاذق ،
فالأول يلتجئ إلى الحمية والهرب ، والطبيب يلتجئ إلى معرفته
بالأدوية والأدواء .
قال أبو حفص :
« الخوف سوط الله ،
يُقوِّم به الشاردين عن بابه » .
وقال : « الخوف سراج في القلب ،
به يُبصر ما فيه من الخير والشر .
وكل أحد إذا خفته هربت منه
إلا الله عز وجل ،
فإنك إذ خفته هربت إليه » ،
فالخائف هارب من ربه إلى ربه " .
فالعلماء والعارفون الموحدون خوفهم
من الله فرار إليه ،
وهروب من معصيته إلى طاعته ،
ومن الغفلة عنه إلى ذِكْرِه .
فالعلماء بالله خشيتهم من الله
طمأنينة
وليست قنوطاً من رّحمة الله ،
لأنهم يعلمون أنّ لهم ربّاً يغفر الذنب ،
ويعفو عن السيئات ،
ويُبدِّلها حسنات ،
وأن الله ** يُحبُّ التّوّابين ويحبّ المتطهّرين **
[ سورة البقرة : 222 ] .
وأن العبد إذا صدق في فراره إلى الله
وخشيته منه ،
قد يكون حاله بعد التوبة أكمل منه
قبل فعل الذنب .
يتبع -----------