30)معنى :
#لا_إله_إلا_الله_محمد_رسول_الله
كلام نفيس لا يستغنى عنه :
إن الإيمان قول باللسان،
واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان،
يزيد بطاعة الرحمان،
وينقص بطاعة الشيطان .
قال أهل العلم إن هذا الإيمان الشرعي هو الذي حصل الابتلاء به،
فهو من الأسماء التي نُقلت
مِن اللّغة إلى الشرع،
وصارت حقيقتها الشرعية
هو ما وصفت لك
مِن أن الإيمان يشتمل
على قول اللسان والعمل بالأركان والاعتقاد وأنه يزيد وينقص .
الإيمان كثيرا ما يأتي في القرآن
ويراد به اللغوي،
وكثيرا ما يأتي في القرآن
ويراد به الشرعي،
بمثل الألفاظ الأخرى كالصلاة
فإنها تأتي ويراد بها اللغوي؛
الصلاة اللّغوية وهي الدعاء والثناء،
ويأتي ويراد بها الصلاة المعروفة
ومما ذكره بعض أهل العلم
مِن ذوي التحقيق :
أن الإيمان اللّغوي في القرآن كثيرا
ما يُعدّى باللام كقوله تعالى
** وما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا
وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ **
سورة يوسف 17
و كقوله ** فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ **
سورة العنكبوت 26
ونحو ذلك من الأمثلة
وما سبق أن ذكرت لك.
والإيمان الشرعي المنقول
عن أصله اللغوي
الذي يُراد به العمل والقول والاعتقاد ،
هذا يُعدى كثيرا بالباء
{ آمَنَ الرّسُولُ بِما أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ والمؤمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِالله **
إلى آخر الآية سورة البقرة 285
قال : ** آمنوا بما ** .
{ فإنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنتُمْ بِهِ
فَقَدْ اهْتَدَوا **
سورة البقرة 137
ونحو ذلك من الآيات
وكقوله : ** ومَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ ومَلَائِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ واليَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا **
سورة النساء 136
هذا الإيمان قول وعمل واعتقاد،
ويراد به تارة الاعتقادات الباطنة،
وهو الذي يناسب المرتبة الثانية،
لأن المرتبة الأولى هي الإسلام،
وهي ما يشمل العمل الظاهر كما جاء في حديث جبريل,
فقد جاء في بعض طرقه أنه ذكر عليه الصلاة والسلام لجبريل
أن من الإسلام بعد الحج
أن منه الغُسل
من الجنابة،
ومنه الذكر،
ونحو ذلك
ممّا هو مِن جنس الأعمال الظاهرة.
وأما الإيمان : فهو العقائد الباطنة؛ الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر.
الشيخ رحمه الله تعالى هنا قال :
( الإيمان بضع وسبعون شعبة )
وهذا يعني به اسم الإيمان العام ،
الذي يدخل فيه الإسلام؛
لأن الإيمان أوسع من الإسلام،
والإسلام بعض الإيمان،
وأهل الإيمان أخص مرتبة
من أهل الإسلام،
لهذا الإيمان يشمل الإسلام وزيادة،
بهذا المعنى
ولهذا المعنى قال الشيخ رحمه الله
( وهو بِضعٌ وسبعون شعبة
فأعلاها
قول لا إله إلا الله )
ومن المعلوم أن قول لا إله إلا الله
أنه أول أركان الإسلام؛
شهادة لله بالتوحيد
بقول لا إله إلا الله
مع توابع ذلك هذا الركن الأول،
فهنا عدَّ قول لا إله إلا الله
أعلى شعب الإيمان،
وهذا لأن الإيمان يشمل
الإسلام وزيادة،
وهذا قد جاء مُبيَّنا في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( الإيمان بضع وستون أو قال بضع وسبعون شعبة
أعلاها قول لا إله إلا الله
وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان )
فذكر أن أعلى شُعب الإيمان
لا إله إلا الله،
وقوله شُعب هذا تمثيل للإيمان بالشجرة التي لها شُعب
ولها فروع،
وقد مثل عليه الصلاة والسلام
بأعلى الشعب وبأدنى الشعب،
ومثّل بشعبة من الشعب،
وهذه الثلاث التي ذكرها عليه الصلاة والسلام متنوعة :
فالأول وهو أعلاها قول :
قول لا إله إلا الله .
وأدناها إماطة الأذى عن الطريق
هذا عمل .
والحياء شعبة من الإيمان،
الحياء عمل القلب.
فذكر في هذا قول لا إله إلا الله،
وهذا قول باللسان،
ولا شك أنه يتبعه
اعتقاد بالجنان،
وذكر الحياء أيضا
وهو عمل بالقلب،
وذكر إماطةَ الأذى عن الطريق
وهو عمل الجوارح،
فتمثيله عليه الصلاة والسلام
بذلك لأجل أن يُستدل بكل واحد
من هذه الثلاثة؛
بكل شعبة من هذه الثلاث الشعب
على نظائرها :
فيُستدل بكلمة التوحيد بقول
لا إله إلا الله
على الشعب القولية .
ويُستدل بإماطة الأذى عن الطريق بالشعب العملية؛
عمل الجوارح.
ويُستدل بذكره الحياء على
الشعب القلبية .
وهذا من أبلغ ما يكون من التشبيه والتمثيل،
وذلك لأن التنويع
- كما نوع عليه الصلاة والسلام -
يجعل الناظر يُعدِّي هذا الذي ذُكر
إلى أمثال تماثلها كثيرة ...
إلى أن قال :
لكن هذا التمثيل يدل على ما ذكرت لك من استيعابه للأقوال
وأعمال الجوارح
وأعمال القلوب،
إذن فيدخل في هذه الشعب،
شعب الإسلام : إقام الصلاة،
إيتاء الزكاة، صوم رمضان، الحج، الجهاد، الغسل، الطهارة،
ونحو ذلك،
يدخل فيها الأعمال الاجتماعية
التي أُمر بها؛ صلة الأرحام،
بر الوالدين إلى آخره،
يدخل فيها أعمال القلوب من الخشية والإنابة والحياء والمحبة والرجاء والخوف والرهب والرغب
إلى آخر هذه الأمثلة،
فكل هذه من الإيمان
ودليل ذلك الحديث الصحيح الذي جاء في الصحيحين .
بعد أن ذكر ذلك قال رحمه الله تعالى
( وأركانه ستة أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر
وبالقدر خيره وشره )
أوضحت لكم في شرح
الأربعين النووية
تفصيل شرح هذه الأركان،
لكن أذكر ذلك باقتضاب,
ليكمل الشرح لهذا الكتاب .
_ شرح الأصول الثلاثة
لصاحب الفضيلة
الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله .
يتبع -----------