عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 02-05-2023, 01:26 PM   #1
معلومات العضو
الماحى3

افتراضي كيفية الحج والعمرة

m
اعلموا أيها الأحبة أن لله مواسم ونفحات يصيب بها من يشاء من عباده، فالسعيد من اغتنم هذه الأوقات، وتعرض لنفحات رب الأرض والسماوات، فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات؛ فيسعد بعدها سعادة لا يشقى بعدها أبداً.
ومن هذه الأيام المباركات: العشر من ذي الحجة وهي أفضل أيام الدنيا، وقد شرع الله فيها حج بيته الحرام.
فالحج أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام، وهو من أفضل الطاعات وأجلِّ القربات التي ترضي رب الأرض والسماوات، وهو عبادة العُمر، وختام الأمر، وتمام الإسلام، وكمال الدين. قال تعالى:
{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ** [آل عمران: 97]، {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ**[البقرة: 196]
فاشتاقت النفوس لرؤية بيت الله الحرام.
أحبتي في الله...إن الكعبة هي بيت الله المقدس وحرمه المعظم، بُني بأمره ورعاه بعينه، ودل على مكانه ملكان كريمان جبريل وميكائيل، وقام ببنائه نبيان عظيمان إبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام-
{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ **[البقرة:127]
فلما تم بناؤه وقامت أركانه؛ جُعل الحج إليه فريضة والذهاب إليه شعيرة، والطواف حوله واجب، والوقوف بجبله لازم، والنظر إليه عبادة، وتقبيل حجرِه سنة، والصلاة عنده مطلوبة.
وهو أول بيت أعدَّه الله لعبادته، وطهَّره للطائفين والعاكفين من أهل محبته، وأوجب عليهم الإتيان إليه، سواء من قريب أو بعيد، أو من كل فج عميق.
فلا يدخلونه إلا متواضعين متخشعين متذللين، كاشفي رءوسهم، متجردين من لباس أهل الدنيا.

فهيا لنعيش سوياً ومعاً رحلة الحج، وما أروعها من رحلة، وما أعظمها من منظر، رحلة ينتقل فيها العبد ببدنه وقلبه إلى البلد الأمين؛ لمناجاة رب العالمين.
- وعندما نتكلم عن الحج نتذكر جميعاً أطهر نفس أحرمت، وأزكى روح هتفت، وأفضل قدم طافت وسعت، وأعذب شفة نطقت وكبَّرت وهلَّلت، وأشرف يد رمت واستلمت.
هنا تترآى لنا تلك الروعة حيث ينقل خطاه في المشاعر يهتف مع الملأ الطاهر مرددين:
" لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك "

فهيا معاً لنعيش رحلة الحج والعمرة
تعريف مناسك الحج والعمرة:
·النسك والمنسك: مأخوذ من النسيكة، وهي الذبيحة المُتقرَّب بها
ثم اتسع فيه فصار اسماً للعبادة والطاعة، ومنه قيل للعابد: الناسك
وقد غلب إطلاقه على أفعال الحج لكثرة أنواعها، ولما تتضمنه من كثرة الذبائح المتقرب بهــا، فيقال:مناسك الحج.
- الحج لغة: القصد، وقيل القصد إلى شيء تُعظِّمه.
- الحج شرعاً: قصد مكة للنسك في زمن مخصوص
وقيل: هو قصد مخصوص، إلى مكان مخصوص، في زمان مخصوص.

-وهو أحد الأركان الخمسة ويجب في العمر مرة واحدة.
-وقد فُرِضَ في السنة التاسعة من الهجرة على الأصح، وهو قول أكثر العلماء.

ولم يحج النبي r بعد هجرته إلى المدينة المنورة سوى حجة الوداع (في السنة العاشرة من الهجرة)

- والعمرة لغة: الزيارة.
- والعمرة شرعاً: زيارة البيت على وجه مخصوص.

واعتمر النبي r أربع مرات بعد الهجرة (ثلاثاً منها في شهر ذي القعدة، وهي عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، وعمرة الجعرانة حين قسم غنائم حنين، والرابعة في شهر ذي الحجة وهي عمرته مع حجته).



·حُكم الحج والعمرة:
- أولاً: حُكم الحج: الحج واجب بالكتاب، والسُّنَّة، وإجماع سلف الأمة.
1) أما الكتاب:
فقول الله تعالى:{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ **
[آل عمران: 97]
روي عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال:{وَمَن كَفَرَ**باعتقاده أنه غير واجب.
وقوله تعالى:]{وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ **[البقرة: 196]

2) وأما السُّنَّة:

- فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما - أن النبيrقال:
"بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً".
- وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة t قال:
"خطبنا رسول الله r فقال: أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا، فقال رجل([1]): أَكُلّ عامٍ يا رسول الله؟ فسكت، حتى قالها ثلاثاً، فقال رسول الله r: لو قلت: نعم. لوجبت ولما استطعتم، ثم قال: ذروني ما تركتكم، فإنما هلك مَن كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فَأْتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه".

3) وأما الإجماع:
فقد أجمعت الأمة على وجـوب الحج على المستطيع في العُمر مرة واحدة، ولم يخالف أحد في ذلك.


- ثانياً: حُكم العمرة:
ذهب فريق:إلى أن العمرة فريضة كالحج، وبهذا قال أحمد والشافعي، وروي ذلك عن عمر وابن عباس وزيد بن ثابت ـ رضي الله عنهم ـ، وبه قال ابن حزم والنووي وإسحاق.
وذهب فريق آخر: إلى أنها غير واجبة، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة، وروي ذلك عن ابن مسعود، وهي أحد الروايتين عن أحمد والشافعي. وهذا هو القول الراجح
(حقق ذلك الشوكاني في "نيل الأوطار": 4/281 )

·شروط وجوب الحج والعمرة:
لا يجب الحج إلا على كل: مسلم – بالغ – عاقل – حر – مستطيع في أشهر الحج.
1) الإسلام:
فلا يُطاَلب غير المسلم بحج ولا بعمرة، ولا بغيرهما من أنواع العبادات، إذ الإيمان شرط في صحة الأعمال وقبولها.
قال تعالى:] وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْــــتَ لَيَحْبَطَــــنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ [
[الزمر: 65]
وإن حج وهو مسلم ثم ارتد عن الإسلام ثم عاد إليه، فإنه لا يجب عليه إعادة الحج (عند الشافعية)؛ لأن إحباط العمل لا يحدث للمرتد، إلا إذا مات على ردَّته وكفره
وذهب الأحناف والمالكية: إلى وجوب إعادته إذا عاد بعد ردته.

(2 – 3) العقل والبلوغ:
إذ لا تكليف على المجنون حتى يفيق، ولا على الصبي حتى يبلغ.
- أخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث عليt أن النبي r قال:
"رُفِعَ القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم".(صحيح الجامع: 3513)
أما عن حج الصبي والمملوك فهو لا يجب، وكذا غير المستطيع وكلهم إذا حجوا صح حجهم
ولكن على الصبي أن يحج بعد بلوغه وكذا المملوك بعد عتقه.
- ففي الحديث الذي أخرجه الطبراني بسند صحيح عن ابن عباس أن النبي r قال:
"أيما صبي حج ثم بلغ الحنث؛ فعليه أن يحج حجة أخرى، وأيما عبد حج ثم أُعْتِق فعليه أن يحج حجة أخرى".
ومن الأدلة على صحة حج الصبي الصغير.
- ما رواه مسلم في "صحيحه" من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما –:
"أن امرأة رفعت إلى النبي r صبياً لها فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم. ولك أجر".
فالصبي يأتي بما يستطيعه من أعمال الحج والعمرة، فإن عجز عن أي شيء منهما قام وليه بتحجيجه وإعماره (كأن يحرم عنه، ويجرده من المخيط المحيط، ويلبي عنه، ويطوف به ويسعى، ويقف به بعرفة، ويرمي عنه الجمار... إلى غير ذلك من أعمال الحج والعمرة).
لما رواه الإمام أحمد في "مسنده" وابن ماجه في "سننه" عن جابر t قال:
"حججنا مع رسول الله r ومعنا النساء والصبيان، فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم".
- وإذا بلغ الصبي وهو محرم فأعاد الإحرام يوم عرفة أو قبله فإن إحرامه صحيح، وتجزئه تلك الحجة عن حجة الإسلام المفروضة عليه وذلك بالإجماع.

(4) الحرية:
فالعبد لا يجب عليه الحج؛ لأن منافعه مستحقة لمولاه.

(5) الاستطاعة:
لقوله تعالى:** وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ** [آل عمران: 97]
ـ سَبِيلاً: وهي الزاد والراحلة
لما أخرجه الدارقطني والحاكم عن أنس t قال:
"قلت: يا رسول الله ما السبيل، قال: الزاد والراحلة".
وحد الاستطاعة أن يملك المسلم ما يوصله إلى بيت الله الحرام مع نفقته ونفقة أهله حتى يرجع
فالفقير الذي لا مال لديه ينفقه على نفسه أثناء حجه وعلى عياله ـ إن كان له عيال حين يتركهم وراءه ـ لا يجب عليه حج ولا عمرة، وكذا من وجد مالاً لنفقته ونفقة عياله ولكن لم يجد ما يركبه وهو لا يقوى على المشي، أو وجد ولكن الطريق غير مأمون بحيث يخاف فيه على نفسه أو ماله؛ فإنه لا يجب عليه الحج ولا العمرة لعدم استطاعته.

ويدخل في عدم الاستطاعة مَن عجز لشيخوخة أو لمرض لا يُرْجَى شفاؤه، أو لا يستقر على الدابة ويلزمه إحجاج غيره عنه إن كان له مال.
- فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث الفضل بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ:
"أن امرأة من جثعم قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج، أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم"وذلك في حجة الوداع.

وعلى هذا يجوز الحج عن الغير، سواء كان مريضاً لا يُرْجَى شفاؤه، أو عجوزاً بعجز عن تأدية النسك، ويجوز الحج كذلك عن الميت.
(قال الترمذي – رحمه الله –: وقد صح عن النبي في هذا الباب أكثر من حديث)
- ولكن يشترط في من يحج عن الغير أن يكون قد حج عن نفسه أولاً.
للحديـث الذي أخرجه أبو داود وابن مـاجه عن ابن عباس – رضي الله عنهما –
أن رسول الله r" "سمع رجلاً يقول: "لبيك عن شبرمة، فقال: أحججت عن نفسك؟
قال: لا، قال: فحج عن نفسك ثم حج عن شبرمة".

ملاحظة:
- ووقت الإحرام: هي الأشهر التي ذكرها الله تعالى بقوله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ **[البقرة:197]
وهي: شوال، وذو القعدة، وعشرة أيام من ذي الحجة، ولو أحرم بالحج قبل هذه الأشهر لم يصح إحرامه عند الجمهور.

أركان الحج والعمرة
للحج أربعة أركان وهي: الإحرام، الطواف، السعي، الوقوف بعرفة.
فلو سقط منها ركن لبطل الحج.

وللعمرة ثلاثة أركان وهي: الإحرام، الطواف، السعي.
فلا تتم إلا بها.
ـ الركن الأول من أركان الحج والعمرة: (الإحـرام)
ومعنى الإحرام: هو أن تنوي الدخول في النسك الذي تريده، فإذا نويت الدخول فيه فقد أحرمت حتى ولو لم تتلفظ بشيء.
- وله واجبات وسنن ومحظورات.
أولاً: واجبات الإحرام:
والمراد من الواجبات: الأعمال التي لو ترك أحدها لوجب على تاركه دم، أو صيام عشرة أيام إن عجز عن الدم، وواجبات الإحرام ثلاثة:
·الواجب الأول(الإحرام من الميقات):
وهو المكان الذي حدده النبي r ليحرم منها مَن أراد الحج أو العمرة، بحيث لا يجوز تعديه بدون إحرام لمَن كان يريد الحج أو العمرة، وهي خمسة:
1) ذو الحليفة: ويسمى الآن "أبيار علي"، وهو ميقات أهل المدينة ومَن جاء من طريقها.
2) الجحفة: موضع قريب من رابغ على طريق الساحل، والناس يحرمون اليوم من "رابغ" بدلاً منها،
وهي ميقات لأهل المغرب والشام ومصر ومن جاء من طريقهم.
3) يلملم: ويسمى الآن بالسعدية – وهو ميقات لأهل اليمن ومن جاء من طريقهم.
4) قرن المنازل: ويسمى بالسيل – وهو ميقات لأهل نجد ومن جاء من طريقهم.
5) ذات عرق: وهو ميقات أهل العراق ومن جاء من طريقهم.

- فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال:
"وقَّت رسول الله لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، قال: فهن لهن ولمَن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج أو العمرة، فمن كان دونهن فمهـِلُّه من أهله وكذلك حتى أهل مكة يهلُّون منها".

ـ الإهلال: رفع الصوت بالتلبية ناوياً النسك.

مسألة:
حكم مَن جاوز الميقات بغير إحرام.
ومَن جاوز الميقات بلا إحرام وهو مريد النسك، رجع للميقات وجوباً ليحرم منه، فإن رجع إليه وأحرم منـه فلا شيء عليه بالاتفاق؛ لأنه أحرم من الميقات الذي أمر بالإحرام منه فلم يلزمه شيء.
فإن أحرم بعد أن تعدَّى الميقات لم يلزمه الرجوع وعليه دم؛ لتعديه الميقات ولا يسقطه رجوعه للميقات بعدما أحرم، وبهذا قال مالك وأحمد.
- وقال الشافعي:
"يسقط الدم إلا أن يكون قد تلبَّس بشيء من أفعال الحج، كالوقوف وطواف القدوم فيستقر الدم عليه.
- وقال أبي حنيفة:
"إن رجع إلى الميقات فلبَّى سقط عنه الدم، وإن لم يلبي لم يسقط".
- وعن عطاء والحسن والنخعي:
لا شيء على مَن ترك الميقات.
- وعن سعيد بن جبير:
"لا حج لمَن ترك الميقات". (المغني:3/266).
والراجح هو القول الأول،فإن أحرم بعد الميقات، فنسكه صحيح ويلزمه دم عند الجمهور.


·الواجب الثاني من واجبات الإحرام (التجرد من المخيط):
فلا يلبس المحرم ثوباً ولا قميصاً ولا برنساً، ولا يَعْتَمُّ بعمامة ولا يغطي رأسه، كما لا يلبس خفاً ولا حذاء، لقول النبي r كما عند البخاري:
"لا يلبس المحرم الثوب، ولا العمائم، ولا السراويل، ولا البرانس، ولا الخفاف إلا مَن لم يجد نعلين فيلبس خفين وليقطعهما من أسفل الكعبين".
كما لا يلبس من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس.

ـ أما بالنسبة للمرأة فتخلع ما على وجهها من برقع ونقاب، وتجعل مكانه خماراً تغطي به رأسها ووجهها عن الرجال من الغير محارم.
لما رواه أبو داود وابن ماجه من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:
"كان الركبان يمرُّون بنا ونحن مع رسول الله r، فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه".

ـ وتزيل كذلك القفازين.
- أخرج البخاري أن النبي r قال:
"لا تنتقب المحرمة، ولا تلبس القفازين".
ـ ولها أن تخفي يديها تحت ثيابها، ويجب عليها أن تغطي قدميها.
ـ ولا يتعين لون خاص لثياب الإحرام في حق المرأة.

·الواجب الثالث من واجبات الإحرام (التلبية):
وهي قول: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك".
معنى لبيك: إجابة لك بعد إجابة.
يقولها المحرم عند الشروع في الإحرام وهو بالميقات لم يتجاوزه، ويستحب تكرارها ورفع الصوت بها، وتجديدها عند كل مناسبة، من نزول أو ركوب، أو إقامة صلاة أو فراغ منها، أو ملاقاة رفاق.



سُـنَـن الإحـرام:
السنن: هي الأعمال التي لو تركها المحرم لا يجب عليه دم، ولكن يفوته بتركها أجر كبير، والسنن هي:
1- الاغتسال للإحرام:
والمرأة كذلك تغتسل حتى ولو كانت حائضاً أو نفساء وتُحْرِم؛ لأن النبي r أمر عائشة – رضي الله عنها – لما حاضت أن تغتسل وتُحْرِم بالحج، وأمر أسماءَ بِنِت عُمَيس لما ولدت بذي الحليفة أن تغتسل وتستثفر بثوب (أن تضع خرقة مكان الدم النازل) وتحرم.

2- الإحرام في رداء وإزار أبيضين نظيفين لفعله r ذلك.
- أخرج الإمام أحمد أن النبي r قال:
"وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين".

3- وقوع الإحرام عقب صلاة نافلة (كسنة الوضوء مثلاً فليس هناك ركعتان خاصة بالإحرام)
أو يحرم بعد صلاة فريضة.

4- تقليم الأظافر وقص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة لفعله r ذلك.

5- تكرار التلبية وتجديدها.

محظورات الإحرام:
المحظورات: هي الأعمال الممنوعة، والتي لو فعلها المحرم لوجب عليه فيها فدية دم، أو صيام، أو إطعام، وتلك الأعمال هي:
1- تغطية الرأس بأي غطاء كان.
2- حلق الشعر أو قصه وإن قل، أو أي شعر كان.
3- قلم الأظافر سواء كان في اليدين أو الرجلين.
4- مس الطيب "ولا تلبسوا من الثياب شيئاً مسه الزعفران أو الورس ".
5- لبس المخيط مطلقاً.

ملاحظة:
مَن فعل واحداً منها لعذر وجبت عليه فدية وهي صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مُدَّيْن من بر، أو ذبح شاه؛ لقوله تعالى:] فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [[البقرة:196] وهي على التخيير.
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث كعب بن عجرةt:
"أنه لمَّا مرَّ به النبيr ـ وهو مُحْرم ـ والقمل يتهافت على وجهه، فقال r: أتؤذيك هوامُّك هذه؟ قال: نعم، قال: احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أَطْعِم ستة مساكين، أو أنسك بشاة"

6- قتل صيد البر؛لقوله تعالى:]لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [ [المائدة :95]
أما صيد البحر فهو حلال بالنص.
قال تعالى:] أُحِلَّ لَكُــــمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُـــهُ مَتَاعـــاً لَكُــــمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً[
[المائدة :96]
- وأما قتل الصيد ففيه جزاؤه بمثله من النعم؛ لقوله تعالى:] فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ [ [المائدة :95]
ـ النعم: الإبل والبقر والغنم.
والنعامة حكم فيه ببدنة، وحمار الوحش وبقر الوحش والضبع حكم فيه ببقرة، والغزال بشاة، والأرنب بعناق، والحمام بشاة، وإن لم يوجد للحيوان مثل قوّم بدراهم وتصدق بقيمته، وإن لم يستطع صام عن كل مد يوماً والآية في سورة المائدة.


7- الجماع ومقدمات الجماع من قبلة... ونحوها؛ لقوله تعالى:
] فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [[البقرة: 197]
وأما مقدمات الجماع فإن على فاعلها دماً وهو ذبح شاه، وأما الجماع فإنه يفسد الحج بالمرة، غير أنه يجب الاستمرار فيه حتى يتم وعلى صاحبه بدنه – أي بعير – فإن لم يجد صام عشرة أيام وعليه مع ذلك القضاء من عام آخر.
- لما روي عن مالك في "الموطأ":
"أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبا هريرة ـ رضي الله عنهم ـ سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج؟ فقالوا: ينفذان (يمضيان) لوجههما حتى يقضيا حجهما، ثم عليهما حج قابل والهدي".

8- عقد النكاح أو خطبته؛ لقوله r فيما يرويه مسلم:
"لا ينكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب".
وأما عقد النكاح وخطبته، وسائر الذنوب كالغيبة والنميمة، وكل ما يدخل تحت لفظ الفسوق ففيه التوبة والاستغفار.
إذ لم يرد عن الشارع وضع كفارة له سوى التوبة والاستغفار.


أنواع النسك التي يُحْرِم بها الحاج:
أنواع النسك ثلاثة: (تمتع – قران – إفراد)
1) التمتع:
وهو أن تنوي الإحرام بالعمرة في أشهر الحج من الميقات، وإذا أديت مناسكها حللت من إحرامك ثم تحرم بعد ذلك من مكة بالحج – في اليوم الثامن من ذي الحجة – وتنوي للتمتع إن كنت من غير حاضري المسجد الحرام.
- ومستحب للتمتع أن يقول:
"اللهم إني أريد الإحرام بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج فيسرها لي وتقبلها مني".
2) القران:
هو أن تحرم بالعمرة والحج معاً من الميقات، أو تحرم بالعمرة ثم تدخل عليها الحج قبل الشروع في طوافها وتبقى في إحرامك إلى أن ترمي الجمرة يوم العيد، وتحلق رأسك وتفدي كالتمتع.
- ومستحب للقارن أن يقول:
"اللهم إني أريد الإحرام بالعمرة والحج، أو لبيك اللهم عمرة وحجاً"
3) الإفراد:
وهو أن تحرم بالحج فقط من الميقات، وتبقى في إحرامك إلى أن ترمي الجمرة يوم العيد وتحلق رأسك ولا فدية عليك.
- ويستحب للمفرد أن يقول:
"اللهم إني أريد الإحرام بالحج، أو لبيك اللهم حجاً"
ملاحظة:
إذا كان المحرم يحس بمرض أو يخشى أن يعوقه عائق عن أداء النسك فله أن يشترط، فيقول عند الإحرام: "فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، فإذا لم يتمكن يحل ولا شيء عليه".
فقد أخرج البخاري ومسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي r قال لضباعة بنت الزبير– رضي الله عنها –: "أردتِ الحج؟ قالت: والله لأجدني إلا وجعة، فقال لها: حجي واشترطي وقولي: ‏اللهم محلي حيث حبستني".


ـ الركن الثاني: (الطواف)
وهو الدوران حول البيت سبعة أشواط وله شروط وسنن وآداب.
·شروطه:
(1) النية عند الشروع فيه:
إذ الأعمال بالنيات، فكان لابد للطائف من نية طواف، وهي عزم القلب على الطواف تعبداً لله تعالى وطاعة له U.

(2-3) الطهارة وستر العورة:
لما أخرجه الترمذي من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي r قال:
"الطواف حول البيت مثل الصلاة ،إلا أنكم تتكلمون فيه، فمَن تكلَّم فلا يتكلم إلا بخير"
وعليه فمَن طاف بغير نية أو طاف وهو محدث أو عليه نجاسة أو طاف وهو مكشوف العورة فطوافه فاسد وعليه إعادته.
تنبيه:
القول بأنه يلزم للطواف وضوء من المسائل الخلافية، والراجح فيها أنه لا يلزم لأمرين:
الأول: أن الحديث السابق لا يصح مرفوعاً، والصواب أنه موقوف من كلام ابن عباس كما رجحه الترمذي والبيهقي وابن تيمية، وابن حجر ... وغيرهم.
الثاني: على فرض صحته، فلا يلزم منه أن الطواف يشبه الصلاة في كل شيء حتى يُشْتَرَط له ما يُشْتَرَط للصلاة، ثم إن الصلاة الشرعية التي يُشْتَرَط لها الطهارة ونحوها ما كان تحريمها الكبير وتحليلها التسليم.
لذا قال شيخ الإسلام كما في "مجموع الفتاوى" (26/298):
وتبين لي أن طهارة الحدث لا تُشْتَرَط في الطواف، ولا تجب فيه بلا ريب، ولكن تُسْتَحب فيه الطهارة الصغرى (الوضوء)، فإن الأدلة الشرعية إنما تدل على عدم وجوبها فيها، وليس في الشريعة ما يدل على وجوب الطهارة الصغرى فيه. اهـ
وإلى هذا ذهب ابن حزم ـ رحمه الله ـ كما في "المحلى" (7/218).
(انظر "صحيح فقه السُّنَّة": 1/123)

(4) أن يكون الطواف بالبيت داخل المسجد ولو على بعد من البيت.

(5) أن يكون البيت على يسار الطائف.

(6) أن يكون الطواف سبعة أشواط: وأن يبدأ بالحجر الأسود ويختمه به.

(7) أن يوالي بين الأشواط: فلا يفصل بينها لغير ضرورة، ولو فصل بينهما وترك الموالاة لغير ضرورة بطل طوافه ووجبت إعادته.

·سنن الطواف:
1ـ الرمل: وهو سنة للرجال القادرين دون النساء.
وحقيقـة هو الإسراع مع تقارب الخطا، ويكون في الأشواط الثلاثة الأولى.
- أخرج مسلم عن ابن عمر – رضي الله عنهما –:
"أن النبي رمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ثلاثاً ومشى أربعة".
2- الاضطباع: وهو كشف الضبع، أي الكتف الأيمن، ولا يسن إلا في طواف القدوم خاصة، وللرجال دون النساء ويكون في الأشواط السبعة.
3- تقبيل الحجر الأسود عند بدء الطواف إن أمكن:
وإلا اكتفى بلمسه باليد، أو الإشارة إليه عند تعذر ذلك.
4- ثم يقول عند استلام الحجر وعند بدء الشوط الأول:
"بسم الله والله أكبر"(صحيح رواه الطبراني)
5- الدعاء أثناء الطواف: وهو غير محدد ولا معين، بل يدعو كل طائف بما فتح الله عليه.
6- استلام الركن اليماني باليد من غير تقبيل:
وإن لم يتمكن من استلامه يمضي من غير أن يشير
7- الدعاء بين الركن اليماني والحجر الأسود:
فيقول: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار".
8- صلاة ركعتين بعد الفراغ من الطواف خلف مقام إبراهيم:
يقرأ فيها بـ(الكافرون والإخلاص)؛ وذلك لقوله تعالى:] وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [[ البقرة:125]
9- الشرب من ماء زمزم والتضلُّع منه بعد الفراغ من صلاة الركعتين.

ـ الركن الثالث: (السعي)
وهو المشي بين الصفا والمروة ذهاباً وإياباً بنية التعبُّد، وهو ركن الحج والعمرة
لقوله تعالى:]إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ... [[البقرة: 158]
- ولقول النبي r كما عند الإمام أحمد وابن ماجه: "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي"

·شروط السعي:
1- النية:لقوله r" إنما الأعمال بالنيات "
فكان لابد من نية التعبد بالسعي طاعة لله وامتثالاً لأمره.
2- الترتيب بينه وبين الطواف: بأن يقدم الطواف على السعي.
3- الموالاة بين أشواطه: غير أن الفصل اليسير لا يضر ولاسيما إن كان لضرورة.
4- إكمال العدد سبعة أشواط: فلو نقص شوط أو بعض الشوط لم يجزئ.
5- وقوعه بعد طواف صحيح: سواء كان الطواف واجباً أو سُنَّة، غير أن الأولى أن يكون بعد طواف واجب، كطواف القدوم أو ركن كطواف الإفاضة.
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة