عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 08-04-2023, 02:17 PM   #9
معلومات العضو
الماحى3

افتراضي

س : ما هي أفعال في صلاة الجمعة ؟
314ج : صلاة الجمعة ركعتان أصلاً.
فليست أربعًا مقصورة، لحديث عمر بن الخطاب قال: صلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة السفر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم. وقد أجمع أهل العلم على أن صلاة الجمعة ركعتان.
315س : ما يستحب القراءة به في الصلاة ؟
315ج : عن أبي رافع أن أبا هريرة صلى الجمعة فقرأ بعد سورة الجمعة، في الركعة الآخرة: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ** قال: فأدركت أبا هريرة حين انصرف، فقلت له: إنك قرأت بسورتين كان علي بن أبي طالب يقرأ بهما بالكوفة، فقال أبو هريرة: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما يوم الجمعة.
316س : من زوحم يوم الجمعة ما ذا عليه أن يفعل ؟
316ج : فإن قدر على الركوع والسجود كيف أمكنه فعل، ولو على ظهر أخيه، أو إيماءً، ويجزئه، لأن هذا غاية وسعة، ولا فرق بين العجز عن الركوع والسجود بمرض أو خوف أو بمنع الزحام، وقال عمر بن الخطاب: إذا اشتد الزحام، فليسجد أحدكم على ظهر أخيه.
وهذا قول الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وغيرهم.
317س : ماذا يفعلوا إن ضاق المسجد وامتلأت الرحاب واتصلت الصفوف ؟
317ج : تجوز الصلاة في الدور والبيوت المتصلة بالصفوف وعلى ظهر المسجد، ولو حال بينه وبين الإمام حائط أو نحوه لم يضره، وقد تقدم تحريره في صلاة الجماعة.
السُّنة بعد الجمعة.
يستحب بعد صلاة الجمعة أن يصلي ركعتين أو أربعًا، وهي في البيت أفضل:
فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كن منكم مصليًا بعد الجمعة، فليصلِّ بعدها أربعًا فإن عجل بك شيء فصلِّ ركعتين في المسجد، وركعتين إذا رجعت.
وعن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين في بيته.
318س : إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد ؟
318ج : إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد، فللعلماء فيمن صلى العيد يومئذ قولان:
القول الأول: تجب عليه الجمعة كذلك، وهو قول أكثر الفقهاء ، لكن الشافعية أسقطوها عن أهل القرى دون الأمصار، وحجة هذا القول:
1- عموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ**.
2- الأدلة المتقدمة في وجوب صلاة الجمعة.
3- ولأنهما صلاتان واجبتان (على خلاف في وجوب صلاة العيد) فلم تسقط إحداهما بالأخرى كالظهر مع العيد.
4- أن الرخصة في ترك الجمعة ممن صلى العيد مختصة بمن تجب عليهم الجمعة من أهل البوادي، فعن أبي عبيد مولى ابن أزهر قال: شهدت العيد مع عثمان بن عفان، وكان ذلك يوم الجمعة، فصلى قبل الخطبة، ثم خطب فقال: يا أيها الناس، إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له).
القول الثاني: تسقط عنه الجمعة: لكن يستحب للإمام أن يقيمها ليشهدها من شاء ومن لم يصلِّ العيد، وهو قول جمهور الحنابلة، وهو مروي عن عمر وعثمان وعليٍّ وابن عمر وابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم واستدل لهذا المذهب بحديثين مرفوعين ضعيفين، وجملة آثار صحيحة.
1- ما رُوى عن إياس بن أبي رملة قال: شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم قال: أشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم، قال: فكيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخَّص في الجمعة، قال: «من شاء أن يصلي فليصلِّ.
2- ما رُوى عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمِّعون).
3- أثر عثمان المتقدم وفيه: (... ومن أحب أن يرجع فقد أذنتُ له) وأما قول الفريق الأول بأن هذا خاص بأهل البوادي ممن لا تجب عليهم الجمعة، فيقال: إذا كان كذلك فما فائدة قوله (أذنت له)!.
4- عن عطاء قال: صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار، ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج، فصلينا وحدنا، وكان ابن عباس بالطائف، فلما قدم ذكرنا له ذلك، فقال: (أصاب السنة). فبلغ ذلك ابن الزبير).
فقال: رأيت عمر بن الخطاب إذا اجتمع عيدان صنع مثل هذا). وقول الصحابي
أصاب السنة، له حكم الرفع على الراجح.
صلاة الخَوْف

319س : ما هو تعريف الخوف ؟
319ج : توقُّع مكروه عن أمارة مظنونة أو متحققة، والمراد هنا: قتال العدو ونحوه مما يخافه.
320س : هل صلاة الخوف مستقلة ؟
320ج : ليست صلاة مستقلة، كصلاة العيد والكسوف ونحو ذلك، وإنما المرد: الصلوات المفروضة بشروطها وأركانها وسننها وعدد ركعاتها كما في الأمن إلا أنها تؤدَّى بكيفية مختلفة إذا صلِّيت جماعة، وأنها تحتمل أمورًا لم تكن تحتملها في الأمن، وعلى هذا يمكن تعريف صلاة الخوف بأنها: الصلاة المكتوبة، يحضر وقتها والمسلمون في مقاتلة العدو أو في حراستهم.
321س : ما الدليل على مشروعية صلاة الخوف ؟
321ج : صلاة الخوف ثابتة بقول الله تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَاخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ ... مُّهِيناً**.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاَّها كما ستأتي الأحاديث بذلك، وقد اتفق أهل العلم
على هذا، ثم اختلفوا في مشروعيتها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
فذهب الجمهور خلافًا لأبي يوسف صاحب أبي حنيفة إلى مشروعيتها إلى يوم القيامة وأن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم خطاب لأمته ما لم يقم دليل على اختصاصه، وتخصيص بالخطاب لا يقتضي تخصيصه بالحكم، ثم:
1- لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (.. وصلوا كما رأيتموني أصلي).
2- ولإجماع الصحابة رضي الله عنهم على صلاة الخوف بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، وممن رُوى عنه أنه فعلها.
أ- علي بن أبي طالب، فقد صلاَّها ليلة وقعة صفين أو الهرير.
بـ - أبو موسى الأشعري، صلاَّها بأصحابه بأصبهان
جـ - حذيفة بن اليمان، صلاَّها بالصحابة ومعهم سعد بن أبي وقَّاص بطبرستان.
ورأى المزني من الشافعي أن صلاة الخوف كانت مشروعة ثم نُسخت!! واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم فاتته صلوات يوم الخندق، ولو كانت صلاة الخوف جائزة لفعلها، ويجاب عنه: بأن ذلك كان قبل نزول صلاة الخوف كما في حديث أبي سعيد: حُبسنا يوم الخندق (... وذلك قبل أن ينزل الله عز وجل في صلاة الخوف ..) وقد تقدم في مسألة (الترتيب في قضاء الفوائت).
322س : ما هو أول مشروعية صلاة الخوف ؟
322ج : عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا مِنْ جُهَيْنَةَ ، فَقَاتَلُونَا قِتَالا شَدِيدًا ، فَلَمَّا صَلَّيْنَا الظُّهْرَ قَالَ الْمُشْرِكُونَ : لَوْ مِلْنَا عَلَيْهِمْ مَيْلَةً لاقْتَطَعْنَاهُمْ ، فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : وَقَالُوا : إِنَّهُ سَتَأْتِيهِمْ صَلاةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ الأَوْلادِ ، فَلَمَّا حَضَرَتْ الْعَصْرُ قَالَ : صَفَّنَا صَفَّيْنِ ، وَالْمُشْرِكُونَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ . . . ثم ذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف رواه مسلم.
323س : ما هي صفة صلاة الخوف ؟
323ج : نكتفي هنا ببيان بعض هذه الصفات.
الصفة الأولى : إذا كان العدو في غير اتجاه القبلة ، " فيقسم قائد الجيش جيشه إلى طائفتين ، طائفة تصلّي معه ، وطائفة أمام العدو ، لئلا يهجم على المسلمين ، فيصلّي بالطائفة الأولى ركعة ، ثم إذا قام إلى الثانية أتموا لأنفسهم أي : نووا الانفراد وأتموا لأنفسهم ، والإِمام لا يزال قائماً ، ثم إذا أتموا لأنفسهم ذهبوا ووقفوا مكان الطائفة الثانية أمام العدو ، وجاءت الطائفة الثانية ودخلت مع الإِمام في الركعة الثانية ، وفي هذه الحال يطيل الإِمام الركعة الثانية أكثر من الأولى لتدركه الطائفة الثانية ، فتدخل الطائفة الثانية مع الإِمام فيصلّي بهم الركعة التي بقيت ، ثم يجلس للتشهد ، فإذا جلس للتشهد قامت هذه الطائفة من السجود رأساً وأكملت الركعة التي بقيت وأدركت الإِمام في التشهد فيسلم بهم.
وهذه الصفة موافقة لظاهر القرآن ، قال الله تعالى : ( وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا أي : أتموا الصلاة فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى وهي التي أمام العدو لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُم )
روى البخاري ومسلم عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَمَّنْ شَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَّى صَلاةَ الْخَوْفِ : ( أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ ، وَطَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ ، فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً ، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا ، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ ، وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلاتِهِ ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا ، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ ) قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي صَلاةِ الْخَوْفِ.
الصفة الثانية : إذا كان العدو في جهة القبلة ، فإن الإِمام يصفهم صفين ويبتدئ بهم الصلاة جميعاً ، ويركع بهم جميعاً ويرفع بهم جميعاً ، فإذا سجد سجد معه الصف الأول فقط ويبقى الصف الثاني قائماً يحرس ، فإذا قام قام معه الصف الأول ثم سجد الصف المؤخر ، فإذا قاموا تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم ، ثم صلّى بهم الركعة الثانية قام بهم جميعاً وركع بهم جميعاً ، فإذا سجد سجد معه الصف المقدم الذي كان في الركعة الأولى هو المؤخر ، فإذا جلس للتشهد سجد الصف المؤخر ، فإذا جلسوا للتشهد سلم الإِمام بهم جميعاً ، وهذه لا يمكن أن تكون إلا إذا كان العدو في جهة القبلة " الشرح الممتع.
روى مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ ، فَصَفَّنَا صَفَّيْنِ : صَفٌّ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْعَدُوُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ ، فَكَبَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَبَّرْنَا جَمِيعًا ، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعْنَا جَمِيعًا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعًا ، ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ ، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّجُودَ وَقَامَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ وَقَامُوا ، ثُمَّ تَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ ، ثُمَّ رَكَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكَعْنَا جَمِيعًا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعًا ، ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ الَّذِي كَانَ مُؤَخَّرًا فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى ، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نُحُورِ الْعَدُوِّ ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّجُودَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ ، فَسَجَدُوا ، ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمْنَا جَمِيعًا).
الصفة الثالثة : إذا كان الخوف شديداً ، ولم يمكن للإمام أن يصف المسلمين ويصلي بهم جماعة ، وهذا يكون عند تلاحم الصفين ، ونشوب القتال.
ففي هذه الحال يصلي كل مسلم بمفرده ، وهو يقاتل ، ماشيا على قدميه ، أو راكباً ، مستقبل القبلة أو غير مستقبلها ، وينحني عند الركوع والسجود ، ويجعل السجود أخفض من الركوع.
قال الله تعالى : ( فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً ).
(رِجَالاً) أي : على أرجلكم ، (أَوْ رُكْبَاناً) على الخيل والإبل وسائر المركوبات ، وفي هذه الحال لا يلزمه الاستقبال (يعني : استقبال القبلة) ، فهذه صلاة المعذور بالخوف " انتهى.
روى البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُصَلُّوا قِيَامًا وَرُكْبَانًا.
قال الحافظ :
" ( وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ) أَيْ : إِنْ كَانَ اَلْعَدُوّ , وَالْمَعْنَى أَنَّ اَلْخَوْفَ إِذَا اِشْتَدَّ وَالْعَدْوّ إِذَا كَثُرَ فَخِيفَ مِنْ اَلانْقِسَامِ لِذَلِكَ جَازَتْ اَلصَّلاةُ حِينَئِذٍ بِحَسَبَ اَلإِمْكَان , وَجَازَ تَرْكُ مُرَاعَاة مَا لا يُقْدَرُ عَلَيْهِ مِنْ اَلأَرْكَانِ , فَيَنْتَقِلُ عَنْ اَلْقِيَامِ إِلَى اَلرُّكُوعِ , وَعَنْ اَلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إِلَى اَلإِيمَاءِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ , وَبِهَذَا قَالَ اَلْجُمْهُور " انتهى.
وروى اَلطَّبَرِيّ عَنْ اِبْن عُمَر قَالَ : ( إِذَا اِخْتَلَطُوا - يَعْنِي فِي اَلْقِتَالِ - فَإِنَّمَا هُوَ اَلذِّكْرُ وَإِشَارَة اَلرَّأْسِ
وروى البخاري عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا . . . ذكر صفة صلاة الخوف ، ثم قال:
فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ ، أَوْ رُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا ) قَالَ نَافِعٌ : لا أُرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال الحافظ:
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي قَوْلِهِ " فَإِنْ كَانَ خَوْف أَشَدّ مِنْ ذَلِكَ " هَلْ هُوَ مَرْفُوعٌ أَوْ مَوْقُوفٌ عَلَى اِبْن عُمَر , وَالرَّاجِح رَفْعه " انتهى.
وقال في المنتقى شرح الموطأ:
فَإِنْ كَانَ خَوْفًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ ) يَعْنِي : خَوْفًا لا يُمْكِنُ مَعَهُ الْمُقَامُ فِي مَوْضِعٍ ، وَلا إقَامَةَ صَفٍّ ، صَلَّوْا رِجَالا ؛ قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَوْفَ عَلَى ضَرْبَيْنِ : ضَرْبٌ يُمْكِنُ فِيهِ الاسْتِقْرَارُ وَإِقَامَةُ الصَّفِّ لَكِنْ يَخَافُ مِنْ ظُهُورِ الْعَدُوِّ بِالاشْتِغَالِ بِالصَّلاةِ...).
وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ الْخَوْفِ : فَهَذَا أَنْ لا يُمْكِنَ مَعَهُ اسْتِقْرَارٌ ، وَلا إقَامَةُ صَفٍّ ، مِثْلُ الْمُنْهَزِمِ (الهارب من العدو) الْمَطْلُوبِ فَهَذَا يُصَلِّي كَيْفَ أَمْكَنَهُ ، رَاجِلا أَوْ رَاكِبًا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا ) " انتهى باختصار.
رابعاً:
" ولكن إذا قال قائل : لو فرض أن الصفات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن تطبيقها في الوقت الحاضر ؛ لأن الوسائل الحربية والأسلحة اختلفت ؟
فنقول : إذا دعت الضرورة إلى الصلاة في وقت يخاف فيه من العدو ، فإنهم يصلّون صلاة أقرب ما تكون إلى الصفات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كانت الصفات الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تتأتى ، لقول الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 " انتهى.

صلاة الجماعة

324س : ما المقصود بصلاة الجماعة ؟
324ج : المقصود بصلاة الجماعة: فعل الصلاة في جماعة.
325س : ما هو فضل صلاة الجماعة ؟
325ج : لصلاة الجماعة فضائل عظيمة، ولذا حث عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيَّن فضلها في جملة أحاديث، نذكر منها:
1- عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الجماعة تفضلُ صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة.
2- وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة في جماعة تعدل خمسًا وعشرين صلاة، فإذا صلاَّها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة.
3- وعن عثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء، ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاَّها مع الناس أو مع الجماعة أو في المسجد، غفر الله له ذنوبه.
4- وفي حديث أبي هريرة مرفوعًا: (... وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يَخْطُ خطوة إلا رفعت له بها درجة وحطَّ عنه بها خطيئة فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاَّه، اللهم صلِّ عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة.
5- وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوًا.
6- وعن عثمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله.
ب - وصلاة الجماعة معنى الدين، وشعار الإسلام، حتى لو تركها أهل مصرٍ قوتلوا، وأهل حارة جُبروا عليها وأكرهوا.
326س : ما حكم صلاة الجماعة للرجال ؟
326ج : اختلف أهل العلم في حكم صلاة الجماعة (للرجال) على أقوال يمكن تلخيصها في قولين.
القول الأول: صلاة الجمعة واجبة على الأعيان، إلا لعذر: وهو مروي عن ابن مسعود وأبي موسى، وبه قال عطاء والأوزاعي وأبو ثور، وهو مذهب أحمد وابن حزم وهو اختيار شيخ الإسلام، على
اختلاف بينهم: هل هي شروط في صحة الصلاة أو لا ؟
واستدلوا بما يأتي:
1- قوله تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ ...** . قالوا: إن الله أمر بصلاة الجماعة في حال الخوف، ففي حال الأمن أولى وآكد.
ثم إنه اغتفرت في صلاة الخوف أفعال كثيرة لأجل الجماعة، فلولا أنها واجبة ما ساغ ذلك.
2- قوله تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ** . وذلك يكون في حال المشاركة في الركوع، فكان أمرًا بإقامة الصلاة بالجماعة، ومطلق الأمر لوجوب العمل.
3- حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم.
الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرِّق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقًا سمينًا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء). قالوا: وهو ظاهر في كونها فرض عين، لأنها لو كانت سنة لم يهدد تاركها بالتحريق، ولو كانت فرض كفاية لكانت قائمة بالرسول ومن معه.
وقد أجيب عن الاستدلال بهذا الحديث على وجوبها على الأعيان بأجوبة.
منها أن المراد المنافقون لا المؤمنون، ومنها: أنه همَّ ولم يفعل، ولو كان واجبًا ما عفا عنهم، ومنها: أن المراد صلاة الجمعة كما في الرواية الأخرى، وغير ذلك، وأجاب الموجبون عن هذه الأوجه كلها بما يطول ذكره ههنا فليراجع.
4- حديث أبي هريرة قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخِّص له فيصلي في بيت، فرخَّص له، فلما ولَّى دعاه، فقال: «هل تسمع النداء بالصلاة؟» فقال: نعم، قال: (فأجب).
5- حديث مالك بن الحويرث قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا وقد أتيته في نفر
من قومي: (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم).
6- حديث أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من ثلاثة في قرية أو بدو لا تُقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإن الذئب يأكل القاصية.
7- ما رُوى عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سمع النداء فلم يُجب، فلا صلاة له إلا من عذر. والصواب أنه موقوف.
8- وعن عبد الله بن مسعود قال: لقد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد عُلم نفاقه أو مريض، إن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة.
وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علَّمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه.
وأجيب: بأنه قول صحابي ليس فيه إلا حكاية المواظبة على الجماعة وعدم التخلف عنها، ولا يستدل بمثل هذا على الوجوب، ثم فيه دليل لمن خصَّ الوعيد بالتحريق في حديث أبي هريرة بالمنافقين.
القول الثاني: صلاة الجماعة لا تجب موجوبًا عينيًّا: وهو مذهب الجمهور: أبي حنيفة ومالك والشافعي، على اختلاف بينهم هل هي سنة أو سنة مؤكدة أو فرض كفاية ؟
واستدلوا بما يلي:
1- قول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» وبما في معناه، قالوا: فالتفضيل يدل على اشتراكهما في أصل الفضل، وهذا يدلُّ على عدم وجوبها على الأعيان، إذ لا يقال: الإتيان بالواجب أفضل من تركه، ولا يقال: إن لفظه (أفعل) قد تَرِدُ لإثبات صفة في إحدى الجهتين ونفيها عن الأخرى، و (أفضل) المضافة إلى صلاة الفذ كذلك، لأن هذا إنما يصح في (أفعل) مطلقًا غير مقرون بـ (مِنْ)، على أن في بعض ألفاظه عند مسلم: (تزيد عن صلاته وحده) وفيه التصريح بصحة الصلاة وحده.
وأجاب الأوَّلون: بأن التفاضل إنما هو على صلاة المعذور التي تجوز جمعًا بين الأدلة وهي دون
صلاة الجماعة في الفضل.
2- حديث يزيد بن الأسود في قصة الرجلين اللذين صليا في رحالهما وأتيا المسجد فلم يصليا فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: لا تفعلا، إذ صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة. قالوا: فلم ينكر عليهما صلاتهما في رحالهما.
وأجيب: بأنها واقعة عين يحتمل أن يكون لهما عذر في ترك الجماعة.
3- حديث أبي موسى قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أعظم الناس أجرًا في الصلاة.
أبعدهم فأبعدهم ممشى، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرًا من الذي يصلي ثم ينام).
وفي لفظ لمسلم: (حتى يصليها مع الإمام في جماعة ..). وهو صريح في اشتراك المنفرد والمصلي في جماعة في أصل الأجر، قلت: وهذا أقوى أدلتهم في نظري.
4- حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزوة خيبر: من أكل من هذه الشجرة يعني الثوم فلا يقربن مسجدنا). وما في معناه، قالوا : يلزمه أحد أمرين: إما أن يكون أكل هذه الأمور مباحًا، وصلاة الجماعة غير واجبة على الأعيان، أو تكون الجماعة واجبة على الأعيان ويمتنع أكل هذه الأشياء، والجمهور على إباحتها (يعني: البصل والثوم ونحوهما) فتكون الجماعة غير واجبة على الأعيان لجواز تركها لأكل هذه الأشياء، وأجيب بأن الجماعة واجبة ولا تتم إلا بترك أكل الثوم فيجب ترك أكله عند الصلاة.
5- ويمكن الاستدلال بحديث الرجل الذي صلى خلف معاذ فأطال القراءة، فتنحى وصلى منفردًا ثم شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليه وقد يجاب عنه: بأن تطويل الإمام عذر في ترك الجماعة.

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة