مــــا حكم الصلاة في الحُش ؟
ج : إذا نُهي عن الصلاة في الحمام فالنهي عن الصلاة في الحُش (وهو موضع قضاء الحاجة) من باب أولى ، وإنما لم يرد النهي عن الصلاة في الحش لأن كل عاقل سمع النبي صلى الله عليه وسلم ينهي عن الصلاة في الحمام علم أن الصلاة في الحش أولى بهذا النهي.
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
"ولم يرد في الحشوش نص خاص (يعني بالنهي عن الصلاة فيها) لأن الأمر فيها كان أظهر عند المسلمين أن يحتاج إلى دليل" انتهى.
109س : مـــا سبب النهي عن الصلاة في قارعة الطريق ؟
109ج : أنه يضيق على الناس ويمنعهم من المرور ، ويشغل نفسه فيحصل له تشويش يمنعه من كمال صلاته.
110س : مــــا حكم الصلاة في قارعة الطريق ؟
110مكروهة ، وقد تكون حراماً إذا كان يضر الناس بمنعهم من المرور أو يعرض نفسه للضرر بالحوادث وغيرها.
ويستثنى من ذلك : موضع الحاجة أو الضرورة كصلاة الجمعة أو العيد في الطريق إذا امتلأ المسجد وعلى هذا جرى عمل المسلمين.
111س : ما الذي يجب ستره في الصلاة ؟
111ج : عورة الرجل هي ما بين سرته وركبته عند جمهور الفقهاء، والركبة ليست من العورة على الراجح.
112س : ما الذي يجب أن تستره المرأة في الصلاة ؟
112ج : مـــــا يلـــــي :
1- إذا صلت بحضرة الأجانب فعليها أن تستر جميع بدنها إلا الوجه والكفين عند الجمهور.
2- إذا ظهر منها شيء مما يجب ستره بحضرة الأجانب فهي آثمة لكن لا تبطل صلاتها على الصحيح من أقوال العلماء إذا لا دليل على بطلان الصلاة بذلك.
3- أما إذا كانت المرأة تصلي منفردة أو يحضرها الزوج أو المحارم فإنه.
س : ما حكم ستر المرأة وجهها وكفيها وقدميها في الصلاة ؟113
113ج : اتفق الفقهاء على وجوب ستر المرأة بدنها في الصلاة، إلا وجهها وكفيها وقدميها ، أما وجهها فيجوز لها على الراجح كشفه ما لم تكن بحضرة أجنبي عنها.
قال ابن قدامة في المعني : اختلف أهل العلم فأجمع أكثرهم على أن لها أن تصلي مكشوفة الوجه.
وأما الكفان: فجمهور أهل العلم على أن لها كشفهما في الصلاة وذهب الحنابلة إلى أنهما عورة فيجب سترهما في الصلاة وخارجها وعن أحمد رواية ثانية: أنهما ليسا من العورة: اختارها المجد وشيخ الإسلام، وصوبها المرداوي في الإنصاف.
وأما القدمان، فاختلف الفقهاء رحمهم الله هل يجب على المرأة سترهما في الصلاة أم لا؟ فذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه يجب عليها ستر قدميها بجورب أو ثوب أو إزار ونحو ذلك. وذهب الحنفية إلى أنه لا يجب عليها ستر القدمين واختاره ابن تيمية وصوبه المرداوي من الحنابلة.
وحجة الجمهور ما رواه أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة تصلي في درع وخمار بغير إزار فقال: " إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها"، ومع أن الراجح ستر القدمين والكفين فقد نص أهل العلم على أن كشف ذلك أو بعضه لا يبطل الصلاة ولو كان الكشف متعمداً.
114س : من انكشفت عورته في الصلاة بلا قصد، هل تبطل؟
114ج : جاء في ـ الموسوعة الفقهية: لا خلاف بين الفقهاء في حرمة النظر إلى العورة ووجوب سترها في الصلاة وخارجها، ولكن الحنفية والمالكية قسموها في الصلاة والنظر إليها إلى: مغلظة، ومخففة. فالمغلظة عند الحنفية هي السوأتان، وهما القبل والدبر، بالنسبة للرجل والمرأة على السواء، وقال المالكية: إن العورة المغلظة تختلف باختلاف النوع، فعورة الرجل المغلظة هي السوأتان في الصلاة، أما المرأة فهي ما عدا صدرها وأطرافها، وهي الذراعان والرجلان والعنق، وعند المالكية إذا صلى مكشوف العورة المغلظة فإنه يعيد الصلاة في الوقت وبعد الوقت، ولم يرد في كتب الشافعية والحنابلة هذا التقسيم للعورة. اهـ.
115س : ما حكم صلاة العاجز عن ستر العورة ؟
115ج : لا تسقط الصلاة عمن لم يجد ما يستر به عورته بالاتفاق، واختلفوا في كيفية صلاته؟ فذهب الجمهور إلى أنه إن لم يجد إلا ثوبًا نجسًا أو ثوب حرير (للرجل) فيجب عليه لبسه، فإن لم يجد شيئًا: قالوا يصلي عريانًا لقوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ**. ثم قال الحنفية والحنابلة: هو مخيَّر بين أن يصلي قاعدا أو قائمًا، واستحبوا أن يومئ في الركوع والسجود لأنه أستر، وقال المالكية والشافعية يجب أن يصلي قائمًا ولا يجوز الجلوس، وهل يعيد إذا وجد ما يستره؟ الصحيح أن لا يعيد كما قال الشافعية والحنابلة، والله أعلم.
116س : مـــــا حكم استقبال القبلة في الصلاة ؟
116ج : شرط لصحة الصلاة بإجماع العلماء، لما يأتي:
1- قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ**.
2- حديث ابن عمر قال: بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ أتاهم آت، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة.
3- حديث المسيء صلاته المشهور، عن أبي هريرة أن رجلاً دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في ناحية المسجد فصلى ثم جاء فسلم عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل) فقال في الثانية أو في التي بعدها علمني يا رسول الله فقال : إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعًا ثم ارفع حتى تستوي قائمًا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا ثم ارفع حتى تستوي قائمًا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها.
117س : مــــا هي أوجـــــه استقبال القبلة ؟
117ج : الاستقبال على وجهين: فالمصلى إما أن يكون مشاهدًا للكعبة أو لا:
1- من كان مشاهدًا للكعبة: فالواجب أن يستقبل عينها بكل بدنه، ولا يجزئه وهو في الحرم مشاهد للكعبة أن يستقبل جزءًا من المسجد غير الكعبة.
2- من لم يكن مشاهدًا للكعبة: فالواجب عليه أن يستقبل جهتها لا عينها، لأن هذا غاية مقدوره، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول أو غائط، ولكن شرقوا أو غرِّبوا) فدلَّ على أن كل ما بين المشرق والمغرب يعتبر قبلة لأهل المدينة، وعليه يكون اتجاه القبلة لأهل مصر ما بين المشرق والجنوب.
ويمكن الاستدلال على القبلة بالمحاريب التي في مساجد المسلمين، أو باستخدام (البوصلة) وغير ذلك.
118س : متى يسقط استقبال القبلة ؟
118ج : استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة، ولكن يستثنى من ذلك حالات تصح فيها الصلاة بدون استقبال القبلة.
1- العاجز عن استقبال القبلة: كالمريض الذي لا يستطيع الحركة وليس معه من يوجهه للقبلة، فهو معذور لقوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ**، وقوله: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا**.
2- من خفيت عليه القبلة فاجتهد، فصلى إلى غيرها:
3- عند شدة الخوف من عدو ونحوه:
4- في صلاة النافلة للراكب في السفر:
119س : إذا ركب المسافر السيارة التي لا يقودها هو بعد صلاة الظهر، وعلم أنه لا يصل إلا بعد المغرب، فهل له أن يصلي العصر في السيارة؟ أو يصليها مع المغرب ؟
119ج : لابد أن يصلي العصر في وقته في السيارة ولو قائدًا ولو إلى غير القبلة، لأن الوقت هو آكد فروض الصلاة كما تقدم فيتقدَّم على اشتراط استقبال القبلة والله أعلم.
120س : مــــا هو تعريف النية ؟
120ج : هي العزم على فعل العبادة تقربًا إلى الله تعالى، فلا تصح الصلاة بدونها بحال، ولا تسقط النية بحال، لأنها لا تسقط إلا بذهاب العقل، وحينئذ يسقط التكليف لأن العقل مناط التكليف.
121س : مــــا حكم النيــــــة في الصلاة ؟
121ج : انعقد الإجماع على اعتبار النية شرطًا في صحة الصلاة ، والأصل فهيا قول الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ**.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.
122س : ما هي الأشياء التي لم يختلف فيها العلماء بالنسة للنية ؟
122ج : مــــا يلـــــي :
1- أن محل النية القلبُ دون اللسان في جميع العبادات التي منها الصلاة.
2- أنه لو تكلَّم بلسانه سهوًا بخلاف ما نوى في قلبه، كان الاعتبار بما نوى بقلبه، وذلك كمن قصد بقلبه الظهر، لكن جرى لسانه بالعصر سهوًا.
3- أنه لو تكلم بلسانه ولم تحصل النية في قلبه، لم يجزئه ذلك.
4- أن الجهر بالنية في الصلاة من البدع السيئة، ليس من البدع الحسنة، وهذا متفق عليه بين المسلمين، لم يقل أحد منهم أن الجهر بالنية مستحب ولا هو بدعة حسنة، فمن قال ذلك فقد خالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وإجماع الأئمة الأربعة وغيرهم ... وقائل هذا يستتاب، فإن تاب وإلا عوقب بما يستحقه ..).
يضاف إلى هذا ما في الجهر بالنية من التشويش على المصلين، وهو حرام.
123س : ما حكم التلفظ بالنية في العبادات ؟
123ج : اختلف العلماء في استحباب التلفظ بالنية على ثلاثة أقوال:
1- فذهب جماعة من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد إلى استحباب التلفظ بها، واستدلوا لذلك بالمنقول من تلفظ النبي صلى الله عليه وسلم بالتلبية لعمرته وحجه، وقاسوا عليها بقية العبادات، وبالمعقول وهو أن اجتماع عضوين، وهما: القلب واللسان في العبادة أولى من إعمال عضو واحد.
2- وذهبت جماعة من أصحاب مالك وأحمد إلى عدم استحباب التلفظ بالنية.
3- وذهبت جماعة من المالكية إلى أن التلفظ بالنية خلاف الأولى، إلا الموسوس فيندب له اللفظ لإذهاب اللبس عن نفسه.
والراجح من هذه الأقوال هو القول الثاني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وهذا القول أصح، بل التلفظ بالنية نقص في العقل والدين: أما في الدين، فلأنه بدعة.
وأما في العقل: فلأن هذا بمنزلة من يريد أكل الطعام، فقال: أنوي بوضع يدي في هذا الإناء أنَّي آخذ منه لقمة فأضعها في فمي فأمضغها، ثم أبلعها لأشبع، فهذا حمق وجهل.
وذلك أن النية تتبع العلم، فمتى علم العبد ما يفعل كان قد نواه ضرورة، فلا يتصور مع وجود العلم به أن لا تحصل نية). انتهى. والله أعلم.
124س : مــــا هـــو موضــــع النية ؟
124ج : مـــــا يلــــــي :
1- لا خلاف بين العلماء أن النية إذا كانت مقارنة للتكبير بأن أعقبها مباشرة فهي مجزئة، بل هذا هو الأصل والأفضل.
2- لا خلاف بينهم في أن النية بعد التكبير لا تجزئ.
3- إذا نوى الصلاة ثم تشاغل ثم صلاها صحت صلاته في أصح القولين لأن نيَّته مستصحبة للحكم ما لم ينو فسخها والله أعلم.
125س : ما حكم قلب النية وتغييرها أثناء الصلاة ؟
125ج : الانتقال من نية إلى نية في الصلاة له صور متعددة، ومن ذلك:
1- من فرض إلى نفل مطلق:
لا يجوز لمن يصلي الظهر مثلًا منفردًا ثم رأى جماعة قد حضروا أن يقلب فرضه نفلاً ثم يصلي معهم جماعة.
2- من فرض إلى فرض آخر:
لا يجوز، ويبطل الفرضان، فالأول لأنه قطعه، والثاني لعدم النية قبل البدء فيه، وصورة هذا: أن يتذكر وهو يصلي العصر أنه لم يصلِّ الظهر، فلا يجوز أن يقلبها ظهرًا.
3- من نفل إلى فرض:
لا يجوز كذلك للعلة السابقة.
4- من نفل معين إلى نفل مطلق:
يجوز، لأن النفل المعين يتضمن نية النفل المطلق، ومثاله: أن ينوي صلاة أربع ركعات سنة الظهر، ثم يرى الجماعة، فيقلبها ركعتين لإدراك الجماعة.
5- من نفل معين إلى نفل معين:
لا يجوز، كما لو نوى تحية المسجد، ثم قلبها أثناء الصلاة سنة الفجر، فبطل الأول بقطعه والثاني بعدم النية في أوله.
6- من نفل مطلق إلى نفل معين:
لا يصح لما سبق.
7- من نية إمام إلى مأموم:
يجوز، لحديث عائشة في قصة صلاة أبي بكر بالناس وفيه: (فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسجد سمع أبو بكر حسَّه، ذهب يتأخر، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم مكانك، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبي بكر، قالت: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسًا وأبو بكر قائمًا، يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم، ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر.
8- من مؤتم بإمام إلى مؤتم بإمام آخر:
يجوز لحديث عائشة السابق، فقد كان الناس مؤتمين بأبي بكر ثم بالنبي صلى الله عليه وسلم.
وفي قصة مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه قدَّم عبد الرحمن بن عوف فأكمل بهم الصلاة.
9- من مأموم إلى إمام:
يجوز، كما إذا حدث للإمام عذر في الصلاة، فيستخلف أحد المأمومين لحديث عمر المتقدم.
10- من منفرد إلى إمام: فيجوز، كأن يصلي الرجل منفردًا فيأتي إليه آخر فيأتم به، فيكمل الصلاة به إمامًا: لحديث ابن عباس قال: (بِتُّ عند خالتي فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقمت أصلي معه، فقمت عن يساره، فأخذ برأسي فأسني عن يمينه) . ولا فرق في هذا بين النفل والفرض على الصحيح.
11- من إمام إلى منفرد: لا يجوز إلا لعذر، كأن يحدث للمأموم عذر فيترك الإمام وحده، فحينئذ يجوز وصلاته صحيحة.
12- من مأموم إلى منفرد :
فقيل: يجوز لعذر شرعي كتطويل الإمام فوق السُّنَّة وكأن يطرأ على المأموم وجع ونحوه مما يحتاج معه إلى الانفراد والتخفيف والانصراف، ويستدل لهم بقصة الرجل الذي صلى خلف معاذ بن جبل فأطال القراءة فانفرد الرجل وصلى وحده وشكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يأمره بالإعادة
وقيل: بل ليس له الانفراد وإنما إذا طرأ عليه شيء فله أن يقطع الصلاة ثم يصليها وحده، وأجابوا بأن الظاهر من حديث معاذ أن الرجل خرج من صلاته ثم صلاها وحده، كما في رواية مسلم.
فانحرف رجل فسلَّم ثم صلى وحده.
127س : ما حكم اختلاف نية الإمام والمأموم ؟
127ج : لا خلاف في مشروعية ائتمام المصلي بإمام مع توافقهما في النية، فرضًا كانت الصلاة أو سنة.
128س : مــــا حكم اختلاف نية الإمام والمأموم؟
128ج : لا يشترط أن توافق نية المأموم نية الإمام، وهو مذهب الشافعي وابن حزم.
والدليل على ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى).
قال ابن حزم: ( فنصَّ عليه السلام نصًّا جليًّا على أن لكل أحد ما نوى، فصحَّ يقينًا أن للإمام نيتَّه، ولا تعلق لإحداهما بالأخرى ...) اهـ.
129س : ما حكم صلاة المتنفل خلف المفترض ؟
129ج : جائزة عند عامة أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم لما يأتي:
حديث أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيف أنت إذا كانت عليك أمراء) يؤخرون الصلاة عن وقتها، أو يميتون الصلاة عن وقتها؟) قلت: فما تأمرني؟ قال: (صلِّ الصلاة لوقتها فإن أَدركتها معهم فصلِّ، فإنها لك نافلة).
(وحديث يزيد بن الأسود قال: شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، قال: فلما قضى صلاته وانحرف، إذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا معه، فقال: (عليَّ بهما)، فجيء بهما تَرْعُدُ فرائصهما، فقال: (ما منعكما أن تصليا معنا؟) فقالوا: يا رسول الله، إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلوا، إذا صلَّيتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصلِّيا معهم، فإنها لكما نافلة.
130س : ما حكم صلاة المفترض خلف المتنفِّل ؟
130ج : لا حرج أن يأتم المفترض بالمتنفل ، فقد ثبت أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم العشاء إماماً فتكون له نافلة ولهم فريضة
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي قومه فيصلي بهم الصلاة ، فقرأ بهم البقرة ... فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
اقرأ (والشمس وضحاها) و (سبح اسم ربك الأعلى) ونحوها رواه البخاري ومسلم.
131س : ما حكم صلاة المقيم خلف إمام مسافر ؟
131ج : دلت السنة النبوية على جواز صلاة المقيم خلف المسافر ، وعلى أن المقيم يتم صلاته ولا يقصرها إذا قصر إمامه المسافر ، ورد ذلك في حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه ضعف ولكنه متفق على فقهه عند المذاهب الأربعة وغيرهم.
عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَشَهِدْتُ مَعَهُ الْفَتْحَ ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ ، وَيَقُولُ : يَا أَهْلَ الْبَلَدِ صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ (رواه أبو داود وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود).
وروى مالك في " الموطأ " عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ :
كَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ : يَا أَهْلَ مَكَّةَ ! أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ.
132س : ما حكم صلاة المسافر خلف المقيم ؟
132ج : إتفق أهل العلم على أن المسافر إذا اقتدى بالمقيم، فيجب الإتمام بحق المسافر ولا يصح القصر، لما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الإمام ليؤتمّ به، فلا تختلفوا عليه. (متفق عليه).
133س : مــــا تعريـــف الــــركن لغــــــة ؟
133ج : قال الشيخ العثيمين رحمه الله : جانبُ الشيء الأقوى، ولهذا نُسمِّي الزَّاوية رُكناً؛ لأنَّها أقوى جانب في الجدار؛ لكونها معضودة بالجدار الذي إلى جانبها.
134س : ما تعريف الركن اصطلاحا ً؟
134ج : هو الذي يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم داخل العمل .
ومثــــال ذلــــــك : الركوع في الصلاة من أركانها بالإجماع المتيقَّن، فإن توفَّرت جميع أركان الصلاة، فالصلاة صحيحة، وإن انعدم ركن واحد منها، فالصلاة باطلة؛ أي: يلزم من وجود الأركان وجود الصحة، ومن عدمها عدم الصحة.
135س : ما الفرق بين الركن والشرط ؟
135ج : أن الركن والشرط حكمهما واحد، والفرق بينهما أن الركن جزء الماهية، والشرط خارج عنها و لازم لها.
136س : ما حكم من ترك الركن في الصلاة ؟
136ج : من ترك الركن في الصلاة فلا يخلو من كونه
أ- تركه عمدًا: من ترك ركنًا من أركان الصلاة عمدًا بطلت صلاته، ولم تصح بالاتفاق.
بـ- تركه سهوًا أو جهلاً: فإن أمكن تداركه والإتيان به وجب بالاتفاق، فإن لم يمكن تداركه فسدت صلاته عند الحنفية، وعند الجمهور: تُلغى الركعة التي ترك منها الركن فقط، إلا أن يكون نسي تكبيرة الإحرام، فإنه يستأنف من جديد لأنه لم يدخل في الصلاة أصلاً.
137س : مـــــا هي أركان الصلاة ؟
137ج : أركان الصلاة ، وهي أربعة عشر ركناً ، كما يلي:
1- أحدها القيام في الفرض على القادر.
2- تكبيرة الإحرام وهي الله أكبر.
3- قراءة الفاتحة.
4- الركوع :
5- الرفع منه.
6- الاعتدال قائما.
7- السجود على سبعـــة أعضاء :
8- الرفع من السجود.
9- الجلوس بين السجدتين .
10- الطمأنينة وهي السكون في كل ركن فعلي.
11- التشهد الأخير.
12- التسليمتان.
13- ترتيب الأركان.
138س : ما الدليل أن القيام ركن من أركان الصلاة ؟
138ج : الفـــرآن _ والسنة _ والإجماع .
القـــرآن : قوله : تعالى : ﴿ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ ، والمراد منه القيام في الصلاة.
السنـــة : ما رواه البخاري : من حديث عن عِمران بن حُصَين قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم : فقال: صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جَنبٍ.
الإجماع : منعقد على وجوب القيام على القادر في صلاة الفريضة.
139س : مـــــا حقيقــــة القيــــام في الصلاة ؟
139ج : اختلف أهل العلم في حقيقة القيام .
الأول : مذهب الحنابلة: حقيقته: ما لم يصلِّ راكعاً، فإذا لم يثبت ركوعه فهو قائم قياماً مجزئــاً
فعليه : لو انحنى بحيث لا تصل راحتاه إلى ركبته وإن كان قريباً إلى ذلك فإن القيام يجزئ عنه.
الثاني : مذهب الشافعية : هو الانتصاب أي انتصاب فقار الظهر فإذا كانت منتصبة وإن كان هناك انحناء يسير كأن يكون قد طأطأ رأسه وكأن [يكون] في ظهره انحناء يسير فإن هذا مجزئ.
140س : ما الدليل على أن تكبيرة الحرام من أركان الصلاة ؟
140ج : ما أخرجه الشيخان في خبر المسيء صلاته حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قمتَ إلى الصلاة فكبِّر، ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئنَّ راكعًا، ثم ارفع حتى تَعتدِل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئنَّ ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئنَّ جالسًا، ثم اسجُد حتى تطمئنَّ ساجدًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها.
قال الخطابي رحمه الله:
وفي قوله: إذا قمتَ إلى الصلاة فكبِّر) دليلٌ على أن غير التكبير لا يصحُّ به افتتاح الصلاة؛ لأنه إذا افتتحها بغيره كان الأمر بالتكبير قائمًا لم يُمتثَل.
وعن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (مِفتاح الصلاة الطُّهور، وتَحريمها التكبير، وتحليلُها التسليم.
141س : ما الدليل أن الفاتحة ركن من أركان الصلاة ؟
141ج : ما ثبت صحيح مسلم أنّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم قال : لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وما ثبت في الصحيحن : عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا صلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحةِ الكتاب .
وما ثبت في الصحيحن : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن صلَّى صلاة لم يقرأ فيها بأمِّ القرآن، فهي خِداج .
142س : ما هي كيفيـــة الركوع ؟
142ج : هو أن يَخفِض المصلي رأسه بعد القومة التي فيها القراءة حتى يطمئنَّ ظَهرُه راكعًا.
143س : ما هو أقــــل الركـــوع ؟
143ج : أن ينحني بحيث يمكنه مس ركبتيه بكفيه ، وأكمله أن يمد ظهره مستويا ويجعل رأسه حياله.
144س : ما حكم من ترك الركن في الصلاة ؟
144ج : من ترك الركن في الصلاة فلا يخلو من كونه
أ- تركه عمدًا: من ترك ركنًا من أركان الصلاة عمدًا بطلت صلاته، ولم تصح بالاتفاق.
بـ- تركه سهوًا أو جهلاً: فإن أمكن تداركه والإتيان به وجب بالاتفاق، فإن لم يمكن تداركه فسدت صلاته عند الحنفية، وعند الجمهور: تُلغى الركعة التي ترك منها الركن فقط، إلا أن يكون نسي تكبيرة الإحرام، فإنه يستأنف من جديد لأنه لم يدخل في الصلاة أصلاً.
145س : ما الــدليل على وجوب الركوع ؟
145ج : القـــرآن _ والسنة _ والإجماع .
القـــرآن : قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
السنـــة : ما ثبت في الصحيحن أن النبي صلى الله عليه وسلم للمُسيءِ صلاته : ثُمَّ اركعْ حتى تَطمَئِنَّ راكعًا .
وماثبت في البخاري من فعله صلى الله عليه وسلم الثابت بأحاديث صحيحة؛ فهو القائل: صلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي .
الإجماع : ما ذكره ابن هبيرة في اختلاف الأئمة : وأجمَعوا على أن الركوع والسجود في الصلاة فرضان .
146س : ما صفـــة الركـــوع ؟
146ج : ما ذكره العلامة النووي في روضة الطالبين وعمدة المفتين؛ أن ينحني المصلي بحيث يَستوي ظهره وعنُقه، ويمدُّهما كالصفيحة، وينصب ساقيه إلى الحقو، ولا يثني ركبتيه، ويضع يديه على ركبتيه، ويأخذُهما بهما، ويفرِّق بين أصابعه حينئذ، ويوجِّهها نحو القِبلة، وإن كانت إحدى يدَيه مقطوعة أو عليلة، فعَل بالأخرى ما ذكرنا، فإن لم يُمكنه وضعهما على ركبتيه أرسلهما، ويُجافي الرجلُ مِرفقَيه عن جنبيه، ولا تُجافي المرأة.
والقدر المجزي في الركوع : مذهب جمهور أهل العلم : أن ينحني بحيث تمس راحتاه ركبتيه فإذا مست الراحتان الركبتين فهذا هو القدر المجزئ منه.
قال في الشرح الكبير: (وقدر الإجزاء يعني في الركوع الانحناء، بحيث يمكنه مس ركبتيه بيديه، لأنه لا يخرج عن حدّ القيام إلى الركوع إلاّ به، ولا يلزمه وضع يديه على ركبتيه، بل ذلك مستحب). الشرح الكبير مع المغني.
147س : ما صفة الكمال في الركوع ؟
147ج : السنة في الركوع تسوية الرأس بالعجز (مؤخرة الشخص) والاعتماد باليدين على الركبتين مع مجافاتهما عن الجنبين، وتفريج الأصابع على الركبة والساق، وبسط الظهر.
والدليل على ذلك : عن عقبة بن عامر: "أنه ركع فجافى يديه، ووضع يديه على ركبتيه، وفرج بين أصابعه من وراء ركبتيه، وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي" رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي.
وعند النسائي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع اعتدل ولم يُصوبَ رأسه ولم يقنعه.
148س : ما الدليل على أن الاعتدال من أركان الصلاة ؟
148ج : استدلوا بعدة أحاديث من السنة .
الأول : ما ثبت في الصحيحن أن النبي صلى الله عليه وسلم: في حديث المسيء صلاته (ثم ارفع حتى تعتدل قائماً) .
الثاني : ما رواه الإمام أحمد : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا ينظرُ الله إلى صلاةِ رجلٍ لا يُقِيمُ صُلْبَه بين ركوعه وسجوده.
الثالث : ما رواه أحمد وابن ماجة : عن علي بن شيبانَ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا صلاةَ لمَن لم يُقِمْ صُلْبَه في الركوع والسجود.
149س : مــــا الدليل علـــــى أن الاعتدال بعد الركوع ركن في الصلاة ؟
149ج : قوله صلى الله عليه وسلم: ثم ارفع حتى تعتدل قائماً.
150س : ما هو أقل الاعتدال بعد الركوع ؟
150ج : عوده أي المصلي لهيئته المجزئة، أي التي تجزئه من القيام قبل ركوع، فلا يضره بقاؤه منحنيا يسيراً حال اعتداله واطمئنانه؛ لأن هذه الهيئة لا تخرجه عن كونه قائماً، وتقدم أن حدَّ القيام ما لم يصر راكعاً، والكمال منه الاستقامة حتى يعود كل عضو إلى محله. انتهى.
151س : مــــا أكمـــــل السجود ؟
151ج : تمكين جبهته وأنفه وكفيه وركبتيه وأطراف أصابع قدميه من محل سجوده . وأقله وضع جزء من كل عضو.
152س : مــــا الدليل على أن السجود على سبعة أعضاء من أركان الصلاة ؟
152ج : القرآن _ والسنة.
القرآن : قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا**
السنة : ما ثبت في الصحيحن من حديث ابن عباس : أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وقال : ( أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ )
وقول النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم للمسيء في صلاته: ثم اسجدْ حتى تطمئنَّ ساجداً.
ومواظبة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم عليه.