القصة الخامسة :
غمدان و القليس
غمدان
من مباني العرب غمدان بصنعاء . قال الجاحظ : أحيت العرب أن تشارك الفرس في البناء و تنفرد بالشعر ، فبنوا غمدان و كعبة نجران و حصن مارد و الحصن الأبلق ، و يزعم في بعض الأخبار أن بانيه هو حام بن نوح عليه السلام ، و يزعم آخرون أن بني واسف بنوه على اسم الزهرة .
و ذكر ابن هشام أن الذي أسه هو يعرب بن قحطان و أكمله بعده و أجمله وائل بن حمير بن سبإ بن يعرب ، و كانت صفته على ما نقل من الكتب المدونة في عجائب الدنيا ، مربعاً أحد أركانه مبني بالرخام الأبيض ، و الثاني بالرخام الأصفر ، و الثالث بالرخام الأخضر ، و الرابع بالرخام الأحمر ، فيه سبعة سقوف طباقاً ، ما بين السقف و الآخر خمسون ذراعاً ، و جعل على كل ركن تمثال أسد من نحاس إذا هبت الريح دخلت من دبره و خرجت من فيه لها صوت كزئير الأسد .
و قال بن الكلبي : كان كل ركن من أركان غمدان مكتوباً بالحميرية : "أسلم غمدان معاديك مقتولا بسيف العدوان" .
و يقال أن سليمان عليه السلام أمر الشياطين أن يبنوا لبلقيس ثلاثة قصور : غمدان و صراوح و لينون .
و روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لا يستقيم أمر العرب ما دام فيها غمدانها . و هذا القول هو الذي حمل عثمان رضي الله عنه على هدمه و أثره على تل عال مطل على البلاد قرب الجامع .
القليس
و من المباني التي كانت باليمن القليس ، و هي كنيسة بناها أبرهة بصنعاء و أراد أن يصرف إليها حج العرب ، و نقل إليها الرخام المزجع و الحجارة المنقوشة بالذهب من قصر بلقيس و كان منها على فرسخ ، و كان أراد أن يرفع من بنائها حتى يشرف منها على عدن .
فلما أهلكه الله تعالى و فرق ملكه أفقر ما حول هذه الكنيسة و كثرت حولها السباع و الحيات و كان كل من أراد أن يأخذ منها شيئاً أصابته الجن ، فتخوفها الناس و لم يستطع أحد أن يأخذ شيئاً مما كان فيها من صلبان الذهب و الفضة المروعة ، بأنواع الجواهر و أصناف الياقوت ، و بقيت كذلك إلى زمان أبي العباس السفاح ، فذكر له أمرها و ما يتهيب من جنها فلم رعه ذلك ، فبعث إليها من خربها و أخذ ما كان فيها .
مقتبس من كتاب تحفة الألباب و نخبة الإعجاب