السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله أخى الكريم
للرد على سؤلكم الكريم عن تأثر العارض بالآذان
عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع النداء ، فإذا قضي النداء أقبل ، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه ، يقول اذكر كذا ، واذكر كذا لما لم يكن يذكره حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى .
قال أبو عمر : فقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث : إذا نودي للصلاة ، يريد إذا أذن لها ، فر الشيطان من ذكر الله في الأذان وأدبر وله ضراط من شدة ما لحقه من الخزي والذعر عند ذكر الله ، وذكر الله في الأذان تفزع منه القلوب ما لا تفزع من شيء من الذكر لما فيه من الجهر بالذكر ، وتعظيم الله فيه وإقامة دينه ، فيدبر الشيطان لشدة ذلك على قلبه حتى لا يسمع النداء ، فإذا قضي النداء ، أقبل على طبعه وجبلته يوسوس أيضا ، ويفعل ما يقدر مما قد سلط عليه حتى إذا ثوب بالصلاة - والتثويب هاهنا الإقامة - أدبر أيضا حتى إذا قضي التثويب - وهو الإقامة كما ذكرت لك - أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه ، يقول : اذكر كذا وكذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل أن يدري كم صلى لينسيه ويخلط عليه أجارنا الله منه .
وفي هذا الحديث فضل للأذان عظيم ، ألا ترى أن الشيطان يدبر منه ولا يدبر من تلاوة القرآن في الصلاة ، وحسبك بهذا فضلا لمن تدبر .
روى ابن القاسم عن مالك ، قال : استعمل زيد بن أسلم على معدن بني سليم ، وكان معدنا لا يزال يصاب فيه الناس من قبل الجن ، فلما وليهم شكوا ذلك إليه فأمرهم بالأذان ، وأن يرفعوا أصواتهم به ، ففعلوا ، فارتفع ذلك عنهم فهم عليه حتى اليوم .
قال مالك : وأعجبني ذلك من رأي زيد بن أسلم ، هكذا روى سحنون في سماع ابن القاسم .
وذكره الحارث بن مسكين ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن القاسم ، وعبد الله بن وهب ، قالا : قال مالك : استعمل زيد بن أسلم على معدن بني سليم ، فذكره سواء إلى آخره .
وذكر يعقوب بن شيبة ، قال : حدثنا أبو سلمة التبوذكي ، قال : حدثنا جرير بن حازم ، قال : سمعت سليمان الشيباني يحدث ، عن يسير بن عمرو ، قال : سمعت عمر يقول : إن شيئا من الخلق لا يستطيع أن يتحول في غير خلقه ، ولكن للجن سحرة كسحرة الآدميين ، فإذا خشيتم شيئا من ذلك فأذنوا .
حدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا محمد بن وضاح ، حدثنا ابن دحيم ، حدثنا الفريابي ، حدثنا سفيان ، عن الشيباني ، عن يسير بن عمرو ، قال : ذكر الغيلان عند عمر ، فقال : إنه ليس شيء يتحول عن خلقه الذي خلق عليه ، ولكن لهم سحرة كسحرتكم فإذا أحسستم من ذلك شيئا ، فأذنوا بالصلاة .
وذكر الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء ، قال : الغيلان سحرة الجن .