أما الاختلاط فربعنا ليسوا أكثر حرصا على نساء المسلمين من رب العباد ومن نبيه عليه السلام .. فالحج والعمرة لم تقسم أياما للرجال وأخرى للنساء.. ولم يذكر التاريخ كله أسواقا للنساء وأخرى للرجال أو حتى مكان أثري لسوق منفصل .. بالعكس فهو حافل بسيرة نساء خالدات شاركن في الحروب وأنشدن الشعر وتاجرن في الأسواق ونصرن الدعوة بجانب شقائقهن الرجال .. ولم تظهر أصلا كلمة ( اختلاط ) في تراثنا الإسلامي كباب فقهي أو تبويب في كتب الحديث .
سياسة المنع والتحريم واستجداء العواطف بالتبكبك والوعيد ماعادت تجدي .. وحمل الناس على اجتهادهم وآرائهم الفقهية والطعن فيما سواه أمر مألوف منهم .. فلا نستغرب منهم منع وتحريم مسلسل عمر - المليء بصور الإيمان والعدل والشجاعة ومراقبة الله في مال المسلمين وأحوالهم – من أجل مشهد خرجت فيه إمرأة كاشفة لوجهها .. أو من أجل امرأة أخرى ظهرت تجول بين الناس في الأسواق أو تستمع للخليفة في حشد من الملأ !!!!!!
مع أن تلك الصور المشرقة لسيرة عمر قد تعتبر واجبة على كل مسلم أو كل حاكم ... لكن في منظورهم وجه المرأة ( المختلف على كشفه بين العلماء ) أهم بكثير من كل تلك الضروريات الشرعية التي يصورها المسلسل ونحن من يحدد الأوليات لهذه العقول ...
لن اطيل بالحديث ، ولكننا لم نعد اطفالا واصبحنا نفهم كثيرا ربما اكثر مما ينبغي لنا في دول عربية
ففي كثير من السلطات مخالفتهم أو إعمال العقل خارج الحدود التي يؤطرونها خطيئة توجب العداء وانتقاص الإيمان وحرب
قد تصل للتكفير
عاصفة التشويه والتحريم ضد المسلسل ذكرتني بنفس الهجوم على فلم الرسالة الذي وقفت ضده المؤسسة الدينية لدينا وبعض شيوخ الأزهر ليتم تصويره أخيرا في بلاد الغرب .. هذا الفلم كان سببا في إسلام مايزيد عن 30 ألف.. وترجم الفلم إلى 12 لغة دخلت خلالها قصة الإسلام والنبوة لشعوب ومجتمعات ما كنا لنؤثر فيها بنفس التأثير الذي قدمته الشاشة .
العجيب أن مسلسل عمر تعرض لحملة تشويه وإنكار استنفرت إمكانياتهم وأقلامهم ومنابرهم بل حتى دموعهم على الفضائيات من أجل إيقافه بينما إيران قدمت مئات الأفلام والمسلسلات التي تشوه سيرة عمر رضي الله عنه وتسيء إليه وتنشره مترجما على الفضائيات والإنترنت لاستهداف رموزنا الدينية في قلوب أبنائنا بسلاح الإعلام والدراما !! ونحن لازلنا على محاضرة ومطوية وكاسيت كمن يريد أن يجابه صواريخ العدو بسيف من خشب
على كل حال كل يحكم على مثل هذه المواضيع من وجهة نظره الخاصة ولا اعتقد انه سيكون هناك اجماع على رأي معين
لأن سلم المنافع المترتبة والمفاسد المحتملة لم يستقرا في رأي الجميع وكل يرى هناك اولوية لأحد السلالم
القرضاوي وغيره راجعوا الحيثيات ورأوا انه لا غبار عليها
وعلى الأقل انا لا استطيع ان اقول ان القرضاوي ليس شيخا وليس مؤهلا للافتاء والاجازة
اما نحن فنتبع وجهة النظر التي تقنع كل منا حسب ما نحن عليه ، فهم شيوخنا ونحن التابعون
[/b]