بقوله: إذا رأيتني غضبت فرضني وإذا رأيتك غضبي رضيتك وإلا لم نصطحب ، تعامل بهذه القاعدة في بيتك
ومن الفن أيضا:
- إظهار المحبة والمودة للزوجة وذلك بالقول والفعل
أما القول:
فقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث أم زرع الطويل قال لعائشة : "كنت لك كأبي زرع لأم زرع"
والحديث عند البخاري أي في الوفاء والمحبة فقالت عائشة واسمع أيضا لحكمة عائشة واسمع لعقل هذه المرأة رضى الله عنها وأرضاها لما قال لها النبي: كنت لك كأبي زرع لأم زرع يعني في الوفاء والمحبة قالت عائشة :
بأبي وأمي لأنت خير لي من أبي زرع لأم زرع.
وأما الفعل أي إظهار المحبة بالفعل فكثير في حياته صلى الله عليه وسلم ومن ذلك ففي صحيح مسلم في كتاب الحيض عن عائشة قالت: "كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فِيَّ" اسمع انظر للتصرف "فيضع فاه على موضع فِيَّ فيشرب، وأتعرق العَرْقَة وأنا حائض ثم أناوله النبي فيضع فاه على موضع فِيَّ"
والعَرْق: العظم عليه بقية من اللحم وأتعرق أي آخذ عنه اللحم بأسناني ونحن ما نسميه بالعرمشة فكان النبي صلى الله عليه وسلم يضع فمه مكان فم عائشة رضى الله تعالى عنها في المأكل أو المشرب يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم وعائشة حائض وهنا نكتة أيضا أشار إليها بعض أهل العلم قالوا : لم يكن يفعل ذلك لشهوة صلى الله عليه وسلم وإنما إظهار المودة والمحبة لأن المرأة حائض وإنما إظهار المودة والمحبة ثم لا بأس أيضا من تقديم الزوجة عليك بالشرب والأكل قبلك كل ذلك إظهارا للمودة والمحبة .
هل يتصور أن تنتقل العلاقة الزوجية إلى علاقة صداقة ومحبة؟!
أم أن الزوجين لا يمكنهما أن يكونا صديقين؟!
لقد أوقفتني حادثة للحبيب محمد عليه الصلاة والسلام، عندما رأيته يتعامل مع زوجته عائشة رضي الله عنها وكأنها صديقته، وذلك فيما يرويه الإمام مسلم عن أنس بن مالك (خادم رسول الله) عليه الصلاة والسلام قال: دعا رجل فارسي النبي عليه الصلاة والسلام إلى طعام، فقال النبي: أنا وعائشة فقال: لا. فقال: فلا، ثم أجابه بعد، فذهب هو وعائشة يتساوقان، فقرب اليهما اهالة (اللحم السمين).
إن هذا الموقف يعرفنا بمدى العلاقة الحميمة للزوجين ودرجة الحب بينهما، حتى أنهما لا يريدان الاستغناء عن بعضهما البعض، وان كانت الدعوة للزوج إلا أنه اشترط مجيء زوجته معه، ولم يهمه رضى الداعي من عدمه، وإنما يهمه مرافقة زوجته له، إن هذا المعنى من معاني الصداقة في العلاقة، وإذا توفرت هذه المعاني في العلاقات الزوجية أصبحت العلاقة راقية ومتميزة، وليس كل زوجين تتوفر فيما بينهما الصداقة، فأحيانا يتعامل الزوج مع زوجته على اعتبار أنها زوجته وأم أولاده، فلها من الحقوق مالها وما عليها، ولكن مفهوم الصداقة هو التفاني في المحبة والرقة في المعاملة
فهذه من علامات الصداقة وإشاراتها فلو أن العلاقة الزوجية تضمنت علاقة صداقة لا يستغنى كل واحد منهما بالآخر عن الآخرين، فيكون كل طرف هو مركز اهتمامه وصندوق أسراره، يعتمد عليه في المهمات الصعبة، فان سقط رفعه، وان مرض وقف على رأسه، وان احتاج أعطاه، وان طلب لباه، فهذه من علامات الصداقة، فالصداقة قرب قلبي أكثر من كونها قرباً جسدياً.
وتقدير الذات حاجة أساسية ولهذا ركزت عليها كبرى الشركات والمؤسسات الربحية وغير الربحية، عندما رفعت شعار: ((تقدير العميل أهم شئ))، أو شعار ((العملاء دائما على حق))، وكذلك يركز عليها الطفل الصغير، فانه يعمل الحركات الغريبة من أجل لفت النظر، ففي ذلك تقدير له وإعطاؤه الاهتمام بوجوده، وهذا ما نريده من الزوجين، ولهذا عندما دعا الرجل الفارسي الحبيب محمدا عليه الصلاة والسلام، اشترط عليه الرسول الكريم أن ترافقه زوجته، فهذا من كمال التقدير للطرف الآخر، وهذا من التصرفات التي ترفع العلاقة بين الطرفين من علاقة زوجية إلى علاقة صداقة، فتنشأ بعدها كل الأخلاق التي يتمناها الإنسان من الطرف الآخر بسبب وجود علاقة صداقة بينهما، فإذا طلب لا يرد طلبه، وإذا سأل أعطى، وإذا مرض وقف عند رأسه، وإذا احتاج لبى حاجته، وإذا مات كان وفيا له.
ولا يعني ذلك أن الصداقة أعلى مرتبة من العلاقة الزوجية، ولكن عندما يرتبط الطرفان بالعلاقة الزوجية، ثم تكون العلاقة بينهما علاقة صداقة لأصبحا نور على نور.
تعالوا ننتقل إلى قول آخر من أقوال الحبيب المصطفى (صلى الله عليه و سلم), حين قال عن السيدة خديجة رضى الله عنها: ( إني رزقت حبها ),,فالحب رزق مثل الطعام والشراب والمال , فكل ذلك رزق من الله عزوجل , فالله يرزق الأرض لتحيا , والجسد الطعام والشراب ليحيا . ويرزق القلوب الحب لتحيا
و عن عائشة - رضي الله عنها – قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قضي أحدكم حجة فليعجل الرجوع إلى أهله , فإن أعظم لأجره ) .
لقد قرأت هذا الحديث , وما كنت أتصور أن رجوع الحجاج إلى أهلهم أكثر أجراً من صلاتهم وتسبيحهم في بيت الحرام , والحسنة فيه تعدل مائه ألف حسنة , ومع ذلك يوجه النبي صلى الله عليه وسلم الرجال إلى سرعة الرجوع إلى أهليهم
و هناك حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : لما تغيب " عثمان " رضي الله عنه – عن " بدر " فإنه كانت تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - , وكانت مريضة , فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( إن لك أجر رجل ممن شهد بدراً وسهمه ) .
إن أفضل الصحابة هم الذين شهدوا بدراً ومع ذلك يعدل أجرهم أجر رجل جلس مع زوجته عند مرضها ليؤنسها ويسليها , ويخفف عنها آلامها
و هناك حديث آخر يرويه ابن عباس – رضي الله عنه – قال : ( قال رجل : يا رسول الله , إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا وامرأتي تريد الحج , فقال أخرج معها )
لقد فضل النبي صلى الله عليه وسلم مرافقة الرجل لزوجته على الخروج للجهاد – إن للرحلة العائلية أثراًَ في تغير الجو المنزلي وتجديد الحياة
يتبع000