عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 17-05-2012, 11:20 AM   #16
معلومات العضو
شذى الاسلام
إشراقة إدارة متجددة

افتراضي

سلسلة أخلاق المتقي لمن أراد أن يرتقي

قد تكلمنا فيما مضى عن الجدية وعن الأسباب التي تجعلك جادًا وفي هذا المجلس سأتكلم عن أسباب ضعف الجدية:

إن التخلي عن أسباب اكتساب الجدية والاتصاف بأضدادها يمثل معول هدم الجدية في الشخصية المسلمة ؛ ولهذا فإننا سنشير إشارة سريعة إلى بعض الأسباب التي توهن بناء الجدية في النفوس وتصدعها :-

1-التسويف :
وهو أكبر معول هدم الجدية ي النفوس ؛ ولهذا قيل لرجل من عبد القيس أوصنا قال (احذروا سوف) وفي التسويف وتأخر واجب اليوم إلى الغد آفات كثيرة منها أنك ى تظمن أن تعيش إلى الغد ، وإن عشت إلى الغد لا تظمن من الأمراض التي تقعدك عن العمل أو من أي المعوقات ، وكذلك أن تأخير الطاعات والتسويف في فعل الخيات يجعل النفس تعتاد تركها والعادة إذا رسخت أصبحت طبيعة ويصعب الإقلاع عنها .

2- كثرة الهزل والضحك واللهو:
كلها إذا كثرت تضيع الوقت وتقسي القلب وتزري بالمرأ ، فينبغي أن تكون بقدر ، وفيما أباح الله عز وجل وقال تعالى ممتدحًا عباده المؤمنين **وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ****وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ** وهو الكلام الذي لا خير فيه ولا فائدة، {مُعْرِضُونَ** رغبة عنه، وتنزيها لأنفسهم، وترفعا عنه، وإذا مروا باللغو مروا كراما، وإذا كانوا معرضين عن اللغو، فإعراضهم عن المحرم من باب أولى وأحرى، وإذا ملك العبد لسانه وخزنه -إلا في الخير- كان مالكا لأمره، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين وصاه بوصايا قال: " ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ " قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسان نفسه وقال: " كف عليك هذا " فالمؤمنون من صفاتهم الحميدة، كف ألسنتهم عن اللغو والمحرمات تفسير السعدي رحمه الله ، وقال صلى الله عليه وسلم «لا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب»صححه الألباني رحمه الله.

3- إضاعة الأوقات وتبديد العمر بما لا ينفع :
فالأوقات رأس مال الأنسان في هذه الدنيا ، وسوف يسأل عن رأس ماله فيما أنفقه فليعدّ لسؤال جوابًا عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ يَزُولَ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَا أَنْفَقَهُ» وشيئين في إضاعة الأوقات وهما الشباب والعمر لعظم الوقت والله سبحانه أقسم بالوقت في أكثر من موضع والله لا يقسم إلا بعظيم .

4- مصاحبة البطالين:
عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مثل الجليس الصالح والسوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحا خبيثة " متفق عليه ، قال الراغب: نبه بهذا الحديث على أن حق الإنسان أن يتحرى بغاية جهده مصاحبة الأخيار ومجالستهم فهي قد تجعل الشرير خيرا كما أن صحبة الأشرار قد تجعل الخير شريرا .

5- الإكثار من المباحات :
وقد حذر السلف من الإستغراق في المباحات والإكثار من الكماليات ، التي تشغل المرء عن دينه وتليه عن آخرته وتميل به إلى متاع الدنيا وزهرتها وتخلد به إلى الأرض ومتاعها ، ولهذا كان السلف يتركون كثير من المباحات خشية أن يقعوا أو يجرهم الاسترسال في هذه المباحات إلى انتهاك المحرمات؛ لأن النفس راغبة إذا رغبتها، إذا رغبتها راغبة، لكن إذا ترد إلى قليل تقنعُ ، فالإنسان إذا عمل بهذا في خاصة نفسه -لا بأس به، والورع هذا ليس له حد ، ولكن لا يأتي الإنسان فيفرضه على أخيه ، ولا يفتي به، فهناك فرق بين أن يتبنى الإنسان الشيء في نفسه وبين أن يفتي الناس به .

6- اتباع الهوى :
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَيُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَواهُ تَبَعَاً لِمَا جِئْتُ بِهِ"
وأن اتباع الهوى والإعراض عن الهدى بعد استنارة الطريق ظلم فاحش وخسران بين أيا كان الفاعل ،من ضعف أمام هواه تخلف عن قافلة الجاددين ، ولهذا عد السلف مخالفة الهوى من موجبات قوة المرء ومروءته وقدرته على الجهاد ،قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ: مُخَالَفَةُ الْهَوَى تُورِثُ الْعَبْدَ قُوَّةً فِي بَدَنِهِ وَقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ. وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: الْغَالِبُ لِهَوَاهُ أَشَدُّ مِنْ الَّذِي يَفْتَحُ الْمَدِينَةَ وَحْدَهُ .
وفي المجلس القادم سيكون الحديث عن مسائل في الجدية ونختم به هذا لخلق إن شاء الله
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة