وسُئِلَ الشَّيْخُ العلاَّمة مُحمَّد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالىٰ : قسَّم أهل العلم أنَّ الدُّعاء ينقسم إلىٰ قسميْن ،
دعاء عبادة ، ودعاء مسألة ، ماذا يقصد بكلٍّ منهما أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيرا ؟
فأجاب جزاهُ الله خيراً : يريد العلماء رحمهم الله بتقسيم الدُّعاء إلىٰ قسمين :
˘ دعاء مسألة .
˘ودعاء عبادة .
ما ذكره الله تعالىٰ في قوله ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي
سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ ( غافر : 60 ) .
• فدعاء المسألة : أن تسأل الله تعالىٰ حاجاتك ، بأن تقول : رب اغفر لي وارحمني وارزقني وعافني واجبرني ،
وما أشبه ذٰلك .
• ودعاء العبادة : أن تتعبَّد لله تبارك وتعالىٰ بما شرع تصلي وتزكي وتصوم وتحج ، وتفعل الخير ،
لأنَّ هٰذا الَّذي يتعبَّد لله ما قصد إلَّا رضوان الله وثوابه ،فهو داع لله تعالىٰ بلسان الحال له ، لا بلسان المقال ،
علىٰ أن بعض هٰذه العبادات الَّتي يتعبَّد بها تتضمَّن دعاء المسألة كالصَّلاة مثلا .
ففي الصَّلاة يقول المصلي : ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ ( الفاتحة : 6 ) ،
وهٰذا دعاء مسالة .
ويقول : ربِّ اغفر لي ، وهٰذا دعاء مسألة .
ويقول : السَّلام عليك أيُّها النَّبِيّ ، السَّلام علينا وعلىٰ عباد الله الصَّالحين ،
اللّٰهمَّ ! صلِّ علىٰ محمد ، اللّٰهمَّ ! بارك علىٰ محمد ،
أعوذ بالله من عذاب جهنم ، وهٰذا كله دعاء مسالة .
فالفرق بينهما إذن : أنَّ دعاء المسألة أنْ يسأل الله تعالىٰ شيئاً مباشرةً ،
سواءً سأله حصول مطلوب أو سأله النَّجاة من مرهوب .
ودعاء العبادة : أن يتعبَّد لله تعالىٰ بما شرع رجاء ثوابه جَلَّ وَعَلَا وخوفاً من عقابه ،
هٰذا هو معنىٰ تقسيم أهل العلم رحمهم الله .
وقد علمنا أنَّ الدُّعاء نفسه عبادة ،كما تدلّ عليه الآية الَّتي تلوتها ، وهي قوله تعالىٰ :
﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ ( غافر : 60 ) .
ولم يقل عن دعائي وهٰذا يدلّ علىٰ أنَّ الدُّعاء عبادة .
وقال الله تعالىٰ : ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ ( الأعراف : 180 ) .
ودعاء الله تعالىٰ بأسمائه الحسنىٰ يتضمَّن سؤاله بها ، مثل : يا غفور ! اغفر لي . يا رحيم ! ارحمني .
ويتضمَّن التَّعبُّد لله تعالىٰ بمقتضاه فإذا علمنا أنَّه غفور عملنا ما يكون سبباً للمغفرة ،
عملنا أنَّه رحيم ، علمنا منا يكون سبباً للرحمة وإذا علمنا أنَّه رزاق ،
عملنا ما يكون سبباً للرزق وهلم جرا .اهـ.
([ فتاوىٰ نورٌ علىٰ الدَّرب ])