ثم ثالثاً من أسباب تبلد الإحساس:
(3)كثرة المعاصي:
التي انسلخ من كثير من القلوب قبحها و استقباحها، حتى صارت عادة لكثير من العصاة الذين يحيون عليها و يعيشون من أجلها، و فيها يرتعون، و عليها يجتمعون.
شخص دخل مستشفى (المريض في العادة يقترب من الله، لأنه مُبتلى) و هذا في المستشفى يوزع سجائر ماريجوانا و يبيع في المستشفى. إذاً إذا كانت المسألة وصلت إلى هذه الدرجة من استيلاء المعاصي على هؤلاء، حتى في وقت الابتلاء يعصون الله، إذا كان على سرير المستشفى هو الآن يسمع الأغاني و يرى النساء المتبرجات و هو في حال الكربة، ما معنى هذا؟، أي حالٍ وصل إليه هؤلاء؟!، هذا الدرب من الناس هل يتوب؟، هل يعافى؟، إذا كان في الوقت الذي يؤمّل فيه أن يتوب، و يحتمل أن يرجع إلى الله هذا حاله، فما هي النتيجة المتوقعة؟.
مسألة المجاهرة بالمعصية أيها الإخوة، الآن قضية المعاصي عند كثير من الناس ما صارت مستترة في البيوت، ما صار يغلق بابه على معصية، بل يجاهرون بها في الشوارع، في الأسواق، يعني النساء المتبرجات هؤلاء، التبرج هذا أمام الناس ما هو؟، أليس مجاهرة بالمعصية؟، و هؤلاء الشباب بهذه المناظر العجيبة من التشبّه بالكفار و تقليدهم، الذين يعملون المنكرات في الأسواق علانية، إذا كان هو يقترب من البنت في الشارع و في الأسواق علانية، يأخذ رقم، و يعطي، و يتكلم علانية، إذا كان يجلس في المطعم أمام الناس من وراء الزجاج علانية، و وُجِدت فواحش في مطاعم، ما معنى ذلك؟،
أيها الإخوة تبلد الإحساس و المعاصي هذه وصلت لدرجة:
رأيت الذنوب تُميت القلوب و قد يُورث الذل إدمانها
و ترك الذنوب حياة القلوب و خيرٌ لنفسك عصيانها
و لذلك فلابد من الحذر من المعصية و من التعود على المعصية، لأن التعود عليها مصيبة أكبر من اقترافها لأول مرة، (أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ?) (الأعراف 100)، قضية الطبع و الختم هذه مصيبة، يتبلد الإحساس، الإنسان بعد ذلك لا يتأثر، لا يرعوي، لا يرجع، لا يتوب، لا يندم، لا يبكي، لا تدمع عينه، {تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا.....**، أرأيت توالي الأعواد في الحصير، كذلك المعاصي إذا جاءت على القلب متتالية ماذا يحدث؟، إذا قبلها و تشربها، تُحدث نُكَت سوداء، حتى يكون الران الذي ذكره الله، (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ?) (المطففين 14)، فيصبح القلب مُجخِّياً مقلوباً، يصبح كالكأس المقلوبة لا يمكن ملئه بأي شيء مفيد، يصبح مثل الصخرة الصماء لا يقبل شيئاً من الخير، يصبح أسود، مِرباد لا يعرف معروفاً و لا ينكر منكرا، و لذلك بعض الناس تقول: و ماذا فيها؟، و كأنك تتكلم عن قضية عادية مثل أكل أو شرب، مع أنه مقيم على كبيرة من الكبائر.
قال النووي: إن الرجل إذا تبع هواه و ارتكب المعاصي، دخل قلبه كل معصية (بكل معصية تعاطاها) ظُلمةٌ، و إذا صار كذلك افتتن و زال عنه نور الإسلام، (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ?) (طه 124).
((يتبع . . .))