(14)
المتابعة ومراعاة الميول
في متابعة الأبناء وملاحظة تصرفاتهم وتفكيرهم، ينكشف لولي الأمر مداخل كثيرة للتوجيه والإرشاد واستغلال المواهب التي قد تكون كامنة، لا يلحظها إلا المتابع والمدقق من الأولياء، فإذا عرفت في الابن أو البنت ميلاً للقراءة أو الكتابة، فما عليك إلا أن تهيئ الجو المناسب والكتاب النافع وأن تجدد له الكتاب والقصة بين فترة وأخرى، ولا تهمل هذا الجانب، أعني جانب المتابعة فأتركه يقرأ الغث والسمين أو النافع والضار دون توجيه، فقد يأخذ ويميل إلى الضار، ولا ينتفع بالمفيد لأن النفس أمارة بالسوء، وتميل إلى الشهوة والكسل.
* * قامت أحدى الأسر بزيارة إلى أسرة قريبة لها، وفي المساء عادت إلى بيتها، وكان من أفراد الأسرة ابنة في المرحلة الابتدائية وقد أحضرت معها عند عودتها مجموعة من القصص وأدخلتهن غرفتها، وربما أنها سهرت على قراءة ما فيها.
وكانت عن الحب والسحر، وما شاكل ذلك من موضوعات جاءت بها من قريبتها في تلك الأسرة.
ولأن لهذه البنت أم موفقة ومربية صالحة، كانت تتابع أبناءها وبناتها، فلما دخلت غرفة ابنتها رأت هذه القصص الفاسدة التي أحضرتها ابنتها، وإذا فيها ما يفسد الدين ويخل بالعقيدة، ويربك تفكير الطفل الذي يقرأها.
وقد لاحظت هذه الأم أن ابنتها جلست تحاول صياغة قصة مماثلة لهذه القصص، وتجمع معلوماتها منها، فما كان من هذه الأم إلا أن أخذت بتوجيه ابنتها التوجيه السليم، وبينت لها حقيقة هذه القصص، وشرحت لها المقصود بالسحر والكهانة، وحكم الشرع فيها. ووضحت لابنتها ما المقصود بالعلاقة بين الرجل والمرأة في هذه القصص، وما المقصود بذلك في ديننا الإسلامي الحنيف فكانت النتيجة أن قامت البنت بجمع هذه القصص، وأعادتها إلى صاحبتها، ودعتها أيضا لترك هذه النوعية من المنشورات.
هذه نتيجة المتابعة والملاحظة المطلوبة في التربية فلو قدر الله أن هذه الأم كانت مهملة فماذا ستكون النتيجة، فنلاحظ أنه من جلسة واحدة في ليلة واحدة كان تأثر هذه البنت وانسياقها وراء هذه الروايات والقصص المضللة فكيف سيكون الحال مع من ترك لها الحبل على الغارب وأهملت الأيام والليالي مع وسائل الفساد المقروءة أو المسموعة أو المرئية.
والسؤال هل وفرنا لأبنائنا ما يغنيهم عن البحث عن وسائل الترفيه بطرق خاطئة وهل هيأنا لهم الجو المناسب للاستفادة من ما لديهم من مواهب وإبداعات وقدرات.
الجواب أتركه لكل مرب ومربية يجب أن يكونوا بقرب أبنائهم وبناتهم ومن تحت أيديهم وفي نطاق مسؤولياتهم أمام الله تعالى.
يتبع