* الضحك والتبسّم فوائد وآثار .
إن البسمة المشرقة والضحكة البريئة الصادقة من أهمّ مكملات القلب السليم الخاشع ، وهو جانب تكاملي في تربية النفس وتزكيتها .
يقول ابن القيم في أهمية البشاشة :
( إن الناس ينفرون من الكثيف ولو بلغ في الدين ما بلغ ، ولله ما يجلب اللطف والظرف من القلوب فليس الثقلاء بخواص الأولياء ، وما ثقل أحد على قلوب الصادقين المخلصين إلا من آفة هناك ، وإلا فهذه الطريق تكسو العبد حلاوة ولطافة وظرفا ، فترى الصادق فيها من أحبى الناس وألطفهم وقد زالت عنه ثقالة النفس وكدورة الطبع )
يقول الأستاذ محمد قطب : ( لا يكفي المال وحدة لتأليف القلوب ولا تكفي التنظيمات الاقتصادية والأوضاع المادية ، لابد أن يشملها ويغلفها ذلك الروح الشفيف ، المستمد من روح الله ، ألا وهو الحب ، الحب الذي يطلق البسمة من القلوب فينشرح لها الصدر وتنفرج القسمات فيلقي الإنسان أخاه بوجه طليق )
فالابتسامة لها رونق وجمال ، وتعابير تضفي على وجه صاحبها الراحة والسرور ، بل رتب النبي صلى الله عليه وسلم أجر عليها قال صلى الله عليه وسلم ( تبسمك في وجه أخيك صدقة )
وقال صلى الله عليه وسلم ( أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق )
والإمام البخاري جمع أحاديث كثيرة للرسول صلى الله عليه وسلم وبوب لها باب : ( باب التبسم والضحك ) دليل على الابتسامة التي كان يحرص عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ، والإمام مسلم كذلك في صحيحه أحاديث بوب لها الإمام النووي فقال في كتاب الفضائل .. (باب تبسمه وحسن عشرته )
وبوب الشيخ الغماري الاحاديث التي فيها ( ضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ) في مؤلف سماه (شوارق الانوار المنيفة بظهور النواجذ الشريفة )،
كل هذا وغيره بيان لجوانب تبسمه صلى الله عليه وسلم . وهكذا كان الصحابة رضى الله عنهم فقد قيل لعمر رضى الله عنه هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون . قال : نعم والإيمان والله اثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي .
ويمكن هنا أن أسجل بعض أهم فوائد الضحك والتبسّم على ضوء التقسيم الآتي :
: : الفوائد الذاتية للضحك والتبسّم .
1 - الاهتداء والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم .
2 - نفع النفس بأجر الصدقة وثوابها عند الله .
3 - كسب الآخرين .
يقول صلى الله عليه وسلم : " أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق " رواه مسلم .
فالناس تحب صاحب الوجه الطلق البشوش ، وترتاح إليه وتأنس به .
4 - الهدوء النفسي والجسدي .
يحتاج الانسان الى تحريك 26 عضله لكى يبتسم و ( 62 ) عضله لكى يتجهّم .
5 - أثبتت إحدى البحوث العلمية مؤخراً أن الابتسامة تؤثر على الشرايين التي تغذّي المخ بالدم فيزداد تدفق الدم إليه مما يبعث في النفس الهدوء والإحساس بالبهجة والسرور .
6 - البشوش المبتسم أدق جودة في الانتاج والعمل
كون أنه يعمل بروح متفائلة مشرقة ، بعكس المهموم ضيق الصدر .
7 - يرى الطب الصيني أن الضحك
يرطب ويغذي الرئتين في أيام الجفاف .
8 - يؤكد الطب الصيني التقليدي
على أن الضحك رياضة لرعاية الصحة، حيث أنه، حسب صحيفة الزمان يوسع القفص الصدري وينشط الرئتين ويقوي عضلات الصدر ويزيل الحزن واختناق الصدر، ويربط بين الرئتين والكليتين ويفتح الشهية للطعام.
9 - في دراسة يابانية - نشرتها صحيفة (لو جورنال سانتيه)
الفرنسية - : أن الضحك أثناء تناول الطعام يمنع ارتفاع مستوى السكر في الدم وبالتالي يحمي من الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
10 - كما أشارت نفس الدراسة إلى أن الضحك يمكن
أن يؤثر على إفراز الهرمونات في الدماغ وفي الغدد الصماء التي تشارك في تنظيم مستوى السكر في الدم.
11 - وتوصلت دراسة أميركية إلى أن الضحك أفضل دواء وأن مجرد التطلع إلى حدث إيجابي مضحك أو مشاهدة تجربة مضحكة، قد يعزز جهاز المناعة ويقلل التوتر.
12 - وأثبتت اختبارات أجريت أنه بمجرد توقع حدث سعيد بهيج أو مضحك، قد يرفع مستويات الأندروفين والهرمونات الأخرى التي تحدث شعورا بالمتعة والاسترخاء وتخفض إفراز الهرمونات المصاحبة للتوتر.
13 - يرى البعض أيضاً أن الضحك ظاهرة تجمع
بين اللهو والحركة واللعب، حتى لينظر إلية علي أنه تمرين رياضي، وقد يكون وسيلة لإطلاق طاقة نختزنها في داخلنا وندخرها لمواجهة المواقف الجادة في الحياة .
: : الفوائد الاجتماعية للضحك والتبسّم .
1 - التخفيف من الهموم ومؤانسة المهموم .
فكم يكون أثر الإبتسامة على امرء محروم ومهموم أو مصاب بمصيبة ، فإذا تبسم في وجهه كان ذلك كأنما هو نوع من رفع تلك الهموم ، وتخفيف تلك الأعباء والمشاركة والمواساة بشيء يسري ويسلي بإذن الله - عز وجل - أو ربما يكون المرء يحتاج إلى بعث نفسه وإعلاء همته ورفعاً طموحه ، فربما يكون التبسم مع ما يرافقه من الكلام أو الحال ينفع في هذا المقام .
عن جابر قال: أقبل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ببابه جلوس فلم يؤذن له، ثم أقبل عمر فاستأذن فلم يؤذن له، ثم أذن لأبي بكر وعمر فدخلا والنبيّ صلى الله عليه وسلم جالس وحوله نساؤه وهو ساكت، فقال عمر رضي الله عنه: لأكلمنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لعله يضحك، فقال عمر: يا رسول الله لو رأيت بنت زيد امرأة عمر فسألتني النفقة آنفاً فوجأت عنقها فضحك النبيّ صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه قال: «هُنَّ حَوْلِي كَما تَرَى يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ»
فقام أبو بكر رضي الله عنه إلى عائشة ليضربها وقام عمر إلى حفصة كلاهما يقولان: تسألان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده فنهاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن نساؤه: والله لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا المجلس ما ليس عنده،
قال: وأنزل الله عز وجل الخيار فبدأ بعائشة فقال: «إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أَذْكُرَ لَكِ أَمْراً مَا أُحِبُّ أَنْ تَعْجِلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَأمِرِي أَبَوَيْكِ» قالت: ما هو؟ قال: فتلا عليها: {يا أيها النبيّ قل لأزواجك** (الأحزاب: 28) الآية قالت عائشة: أفيك أستأمر أبويّ بل أختار الله ورسوله، وأسألك أن لا تذكر لامرأة من نسائك ما اخترت، فقال: «إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لم يَبْعَثْنِي مُعَنّفاً وَل?كِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّماً مُيَسِّراً لاَ تَسْأَلُنِي امْرَأَةً مِنْهُنَّ عَمَّا اخْتَرْتُ إِلا أَخبرتها " - احمد -
قال ابن حجر رحمه الله : وفيه أن المرء إذا رأى صاحبه مهموما استحب له أن يحدثه بما يزيل همه ويطيب نفسه، لقول عمر: لأقولن شيئا يضحك النبي صلى الله عليه وسلم .
2 - التثبيت والإيناس وقت المحنة .
فحين اشتدّ المرض برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمر أبا بكر أن يصلي بالناس كشف صلى الله عليه وسلم الحجاب بينه وبين صحابته وهو يضحك فكاد الصحابة أن يفتننوا بابتسامته صلى الله عليه وسلم التي زادتهم ثباتاً وإيناساً .
3 - دوام المودة .
وتأمل ما حفظه جرير بن عبدالله البجلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسّم "
لقد كان لجرير رضي الله عنه مواقف كثيرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن الموقف الذي سجّله جرير لعمق تاثيره في نفسه وقلبه ، ولأنه وضع بصمات ثابتة وسطّر بنور الإبتسامة كلمات المحبة والمودة على شغاف القلب هو هذا التبسم ،
فظل يذكر هذه البسمة لأنها كانت لها أثرها العظيم في نفسه وقلبه وحبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم زيادة على إيمانه وتصديقه وتعظيمه له - عليه أفضل الصلاة والسلام -
هذه الإبتسامة هي التي نفذت الى نفس جرير واهتزت بها مشاعره ، وطرب لها قلبه ، وأنست بها نفسه ، وتكلمت بها شفتاه ، ونطق بها لسانه حتى صور لنا هذه البسمة في حياته عليه الصلاة والسلام .
4 - إدخال السرور والبشرى .
تقول عائشة رضي الله عنه تصف حال رسول الله يوم الإفك : فوالله ما رامَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا خَرَجَ أحدٌ من أهلِ البيت حتى أُنزلَ عليه، فأخذَه ما كان يأخذُهُ من البُرَحاء، حتى إنه ليتحدَّرُ منه مثلُ الجُمان من العَرق وهو في يومٍ شاتٍ من ثقل القول الذي يُنزَل عليه.
قالت: فلما سُرِّيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُرِّي عنه وهو يضحَك؛ فكانت أوَّلُ كلمةٍ تكلَّم بها: يا عائشة، أمّا الله عزَّوجل فقد برَّأك. فقالت أمي: قومي إليه قالت: فقلت: واللَّهِ لا أقومُ إليهِ، ولا أحمدُ إلا اللَّهَ عزَّوجل. وأنزلَ الله {إنَّ الذين جاؤوا بالإفك عصبةٌ منكم لا تحسَبوه...** العشرَ الآيات كلها.
5 - القبول .
فإن البسّام البشوش يقبله الآخرون ويقبلون منه ، ولا أزال أذكر قصة ذلك الشاب الذي كان سبب استقامته على دين الله عزوجل بسمة مشرقة رآها ترتسم على محيّأ أحد الدعاة الأخيار .
لربما أن هذه الداعية لم يلق لهذه الابتسامة شأناً حينها ، لكن عملت هذه الابتسامة عملها في قلب ذلك الشاب فكانت سبب استقامته .
6 - التشجيع على العمل .
عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ خَنْجَراً. فَكَانَ مَعَهَا. فَرَآهَا أَبُو طَلْحَةَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ هذه أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَهَا خَنْجَرٌ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللّهِ : «مَا هذاالْخِنْجَرُ؟» قَالَتِ: اتَّخَذْتُهُ. إنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بَقَرْتُ بِهِ بَطْنَهُ. فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِ يَضْحَكُ. قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللّهِ اقْتُلْ مَنْ بَعْدَنَا مِنَ الطُّلَقَاءِ انْهَزَمُوا بِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ : «يَا أُمَّ سُلَيْمٍ إنَّ اللّهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ». - مسلم -
فتأمل عظيم أثر هذه الضحكة في نفس أم سليم حيث زادتها تلك البسمة ثباتاً وشجاعة وقوة .
7 - الردع والزجر .
وهي ابتسامة المغضب ، التي تردع المخطئ عن خطأه . .
ابتسامة تخاطب شفافية الروح بشفافية الإشراق . .
فتحجم النفس المقصرة خجلا وحياءً عن أن تقع في المذموم . . !!
= = == = = =
قف أمام المرآة . . وتأمل ابتسامتك هل هي :
صفراء . . حمراء . . . بيضاء . . سوداء .. !!!
تابع . . لتتعرف أكثر على لون ابتسامتك !!!
شاكرة لك طيب المتابعة والاستمرار ...
وجزى الله الكاتب خير الجزاء !!