عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 05-09-2009, 01:13 PM   #14
معلومات العضو
أبو تيميه
مُشارك مجتهد

إحصائية العضو






أبو تيميه غير متواجد حالياً

الجنس: male

اسم الدولة united_arab_emirates

 

 
آخـر مواضيعي
 
0 موضوع منتشر في ديار الاسلام

 

افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، أما بعد:

هناك جملة من المسائل كثر الحديث عنها، ومن هذه المسائل: حكم قراءة الحائض للقرآن ومسه، ونظراً لكثرة الأسئلة عن هذا الحكم، فعلينا أن نفصل المسألة من كل جوانبها فأقول وبالله التوفيق :

الحيض : هو دم يخرج من رحم المرأة، وبالتحديد من قعر الرحم بعد بلوغها، في أوقات محددة . ويكون أسود محتدماً. وهو دم نجس.

الحدث : إما أن يكون حدث أصغر ـ كخروج البول والتبرز والريح ونزول المذي ـ أو حدث أكبر ـ كنزول المني أو الحيض والنفاس ـ .

اللمس : يعني مباشرة اليد بالشيء الملموس من دون حائل.

القراءة من دون لمس : فهو كمن يقرأ شيئاً عن ظهر غيب من دون لمس هذا الشيء بحائل أو بدون حائل .

هذه مقدمة مهمة بين يدي الإجابة لتساعدنا على تصور المسألة، ولتمكن أيضاً القارئ الكريم من استيعابها. إن شاء الله سألخص الجواب أولاً ثم افصله بشيء من التفصيل البسيط.

فإن تُنبه لما سبق فأقول :

فأقول :

أولاً : ما يجب له الوضوء :

أي من انتقض وضوءه، بسبب من أسباب النواقض، كمن تبول أو خرج منه ريحاً ونحو ذلك فإذا أراد أن يؤدي نوعاً ما من العبادات المشروعة المطالب فيها بالوضوء، توضأ، فمن هذه العبادات: قراءة القرآن، والقرآن إما أن يقرأ عن ظهر غيب بدون لمسه وإما أن يلمس ويقرأ عن ظهر الغيب أو بالنظر مع لمسه .. وعليه فأقول :

1- مس القرآن : وحكم مس القرآن لمن به حدث أصغر على قولين هما كالتالي :

- منهم من ذهب إلى جواز مس القرآن وان كان به حدث أصغر
- ومنهم من منعه والصحيح هو جواز مس القرآن لمن به حدث أصغر

2- قراءة القرآن : وحكم قراءة القرآن لمن به حدث أصغر يجوز بالاتفاق .

ثانياً : ما يجب له الغسل :

أي من انتقض وضوءه، بسبب من أسباب نواقض الحدث الأكبر، كمن انزل المني أو كمن أصابها الحيض أو النفاس، فإذا أراد أن يؤدي نوعاً ما من العبادات المشروعة، فما هي هذه العبادة الواجب لها الغسل، منها ما يلي :

1- مس القرآن :

فحكم مس القرآن لمن به حدث أكبر لا يجوز ، وهذا باتفاق العلماء جميعاً وخالف هذا الاتفاق المذهب الظاهري، وهذا هو الصحيح فيجوز مسه لمن به حدث أكبر.

2- قراءة القرآن :

فحكم قراءة القرآن لمن به حدث أكبر، هو مما تنازع في حكمه، على أقول وهي كالتالي :

- منهم من منع قراءة القرآن مطلقاً للحائض والجنب
- ومنهم من أجاز قراءة القرآن للحائض والجنب
- ومنهم من أجاز القراءة للحائض ومنعها للجنب

والصحيح، أنه يجوز لمن به حدث أصغر أو أكبر أن يمس القرآن بحائل أو بدون حائل أو أن يقرأ القرآن عن ظهر غيب أو عن طريق الإنترنت ونحو ذلك ، ولكن يستحب الوضوء لكل ذلك. مع التنبيه على أنه لا يشترط لقراءة القرآن أن تكون من خلال المصحف بل تجوز من خلال شبكة " الإنترنت " أو برنامج قرآني في الحاسوب.

هذه هي مقدمة الجواب، وهذه هي خلاصة المسألة، وأما التفصيل فهو كالتالي :

ما يجب له الوضوء :

أي من انتقض وضوءه ، بسبب من أسباب النواقض ، كمن تبول أو اخرج ريحاً ونحو ذلك ، فإذا أراد أن يؤدي نوعاً ما من العبادات المشروعة، فما هي هذه العبادة الواجب لها الوضوء ، منها ما يلي :

1- مس القرآن :

حكم مس القرآن لمن به حدث أصغر على قولين :
- منهم من ذهب لجواز مس القرآن وان كان به حدث أصغر
- ومنهم من منعه والصحيح هو جواز مس القرآن لمن به حدث أصغر .

فالذين قالوا أن مس القرآن مطلقا لا يجوز لمن به حدث أصغر ، استدلوا بما يلي:

أولاً : الكتاب :

قال تعالى ** إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين **

فالله أخبر أن هذا القرآن لا يمسه إلا المطهرون تعظيمًا له، وهو خبر يفهم منه النهي أي أن الخبر يحصر الجواز في المطهرين فقط، مما يسلبه عن غيرهم .
والمراد بالمطهرين هنا أي المطهرون من الأحداث والأنجاس من بني آدم . فهذا الفريق يبين أن الخبر هنا خبر نهي، والمراد بالمطهرون هنا بنى آدم .

الرد ونقاش هذا الدليل :

فقول الله تعالى ** لا يمسه إلا المطهرون ** إنما هو خبر فقط، وليس خبر يفهم منه النهي، بدليل أن لا يمسه، فالسين مضمومة ولو كان نهيًا لفتحت السين فلا يجوز أن يصرف لفـظ الخبر إلى معنى الأمر إلا بنص جلي، أو بإجماع متيقن، ولم يثبت شيء من ذلك .
وإن قلنا أنه خبر يفهم فيه النهي، فهو ليس بخطاب لبنى آدم وإنما هو خطاب للملائكة، لأن الظاهر أن رجوع الضمير يعود إلى الكتاب المكنون وهو اللوح المحفوظ والمطهرون هم الملائكة، والله تعالى يقول : ** في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرامٍ بررة **
فالملائكة يطلق عليهم المطهرون وأما بنى آدم فيطلق عليهم المتطهرين لا المطهرون، وهذا يوجد كثير في كتاب الله. فالمراد بالمطهرين في الآية الملائكة لأنهم طهروا من الشرك والذنوب، وليسوا بني آدم ؛ لأن المطهر من طهره غيره، ولو أريد بهم بنوا آدم لكان: المتطهرون .

الخلاصة :

أن المانعين، استدلوا بالآية على أنها خبر يفهم منه النهي بالإضافة على أن الخطاب موجه لبنى آدم ، أي أنه خبر ودليل على النهي في حق بنى أدم أن يمسوا القرآن إلا وهم على طهارة.
وأما المجيزين فقالوا أن الخبر ليس يفهم منه النهي، وإنما هو خبر من الله تعالى فقط، وأن الخطاب موجه للملائكة، وإن قلنا أنه خبر يفهم منه النهي فهو كذلك مخاطب به الملائكة في حق لمسهم للوح المحفوظ.
وعليه، فلا دليل على الآية في وجوب الطهارة للمس القرآن بمن له حدث أصغر لأن الآية تتحدث عن الملائكة عليهم السلام .

ثانيًا : من السنة :

فعن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن كتاباً ، وفيه : لا يمس القرآن إلا طاهر . " فهذا حديث صحيح صريح في أنه لا يجوز مس القرآن إلا لمن كان طاهر.

الرد على هذا الدليل :

فإن الطاهر هو لفظ مشترك، ونحن نعلم أن هذا الكتاب وجه من النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن وفي اليمن من هو لازال مشرك ومنهم من هو مسلم، واللفظ مشترك هنا بالطاهر. أي أن الطاهر لفظ يطلق على من به حدث أصغر ويطلق على المؤمن ويطلق على من ليس به نجاسة، فلابد من حمل هذا الدليل على معين مع قرينه ولا يوجد قرينه، والدليل لو تطرق له الاحتمال سقط به الاستدلال.
وعليه، فلا دليل من الآية ولا من الحديث على أن الذي به حدث أصغر عليه أن يتوضأ لمس القرآن.

ثالثاً : الإجماع :

قالوا أن الصحابة لم يعرف في عصرهم مخالف بعدم جواز مس المحدث المصحف، فكان إجماعًا سكوتياً .

الرد على هذه الدعوى :

أن دعوى الإجماع غير مسلم بها، لأنه إجماع ظني وقد وجد من خالف هذا الإجماع من التابعين وغيرهم .

ومما يقوي جواز مس القرآن مطلقا لمن به حدث أصغر، أنه ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث دحية الكلبي إلى هرقل عظيم الروم بكتاب يدعوه فيه للإسلام، وفيه قول الله تعالى : ** يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون **

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث كتابًا وفيه هذه الآية إلى النصارى، وقد أيقن أنهم يمسون ذلك الكتاب.
فإذا جاز مس الكافر له، جاز للمسلم المحدث حدث أصغر من باب أولى، ثم إنه لم يثبت النهي عن مس المصحف لا في الكتاب، ولا في السنة فيبقى الحكم على البراءة الأصلية، وهي الإباحة. وأنه لو كان يجب الطاهرة له لنقل لنا وبكثرة لأهمية المسألة ولكثرة القراء والحفظة لكتاب الله، ولأن الصبيان يحملون ألواح القرآن وهم محدثون من غير نكير في جميع العصور، فدل على إباحة مسه لكل محدث .

فلما لم يأتي الخبر بذلك مع أهميته ـ ولا يخلو سائل من أن يسأل عن هذا ـ علمنا أن الطاهرة له وجوباً، يعتبر ضعيف شرعاً وعقلاً .

وعليه، فإنه يجوز مس القرآن لمن به حدث أصغر. ويستحب له الوضوء . وهذا هو فصل الخطاب في هذه النقطة . فانتبه


2- قراءة القرآن

يجوز بالاتفاق قراءة القرآن لمن به حدث أصغر . ولا دليل على المنع ، فالأصل هو براءة الذمة وهي الإباحة .


ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ


ما يجب له الغسل :

أي من انتقض وضوءه ، بسبب من أسباب نواقض الحدث الأكبر، كمن انزل المني أو كمن أصابها الحيض أو النفاس، فإذا أراد أن يؤدي نوعاً ما من العبادات المشروعة، فما هي هذه العبادة الواجب لها الغسل ، منها ما يلي :

1- مس القرآن :

لا يجوز باتفاق أهل العلم مس القرآن لمن به حدث أكبر، وخالف هذا الاتفاق الظاهرية وهو الصحيح.
وقد استدل المانعين هنا، بما سبق بيانه من أدلة المانعين في مس القرآن لمن به حدث أصغر فمن باب أولى الأكبر !! ، وقد تبين ضعف ما قيل هناك فلا داعي لإعادته هنا.

2- قراءة القرآن :

اختلف في حكم قراءة القران لمن به حدث أكبر ، على أقول :

- منهم من منع قراءة القرآن مطلقاً للحائض والجنب .
- ومنهم من أجاز القرآن للحائض والجنب .
- ومنهم من أجاز القراءة للحائض ومنعها للجنب .

فالذين منعوا القراءة استدلوا بما يلي :

عن علي رضي الله عنه : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يحجبه عن القرآن شئ ليس الجنابة " وعنه أيضا: قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، توضأ ثم قرأ شيئا من القرآن ثم قال : " هكذا لمن ليس بجنب ، فأما الجنب فلا ولا آية "

فبهذه الأدلة منع العلماء القراءة عن ظهر غيب لمن به حدث أكبر، بعد اتفاقهم على جواز القراءة عن ظهر غيب لمن به حدث أصغر .

والحق أن الحديث الأول ضعيف وهو في ضعيف أبي داود للألباني ، والحديث الثاني ضعيف وهو في تمام المنة للألباني رحمه الله.

وبالتالي فلا حجة بهذه الأدلة مطلقا والأصل هو البراءة ، وهذا هو الرد على من منع القراءة مطلقا لمن به حدث أكبر .

وأما الذين قالوا أنه يجوز للحائض والنفساء فقط وليس للجنب، فهو لأن الحائض والنفساء يطول عليهما وقت مجيء الطهارة بعكس الجنب فإن له أن يتطهر متى أراد القراءة، فيجوز للحائض والنفساء ويمنع في حق الجنب والأدلة في منع الجنب هي ضعيفة كما سبق والتعليل في حق الحائض والنفساء قوي .

والصحيح في هذه النقطة أنه يجوز لمن به حدث أكبر أن يقرأ القرآن بلا حرج سواء للجنب أو للحائض والنفساء .

وعليه، فإنه يجوز لمن به حدث أصغر كخروج البول منه ونحو ذلك ، أو لمن به حدث أكبر كخروج المني ونزول دم الحيض والنفاس للنساء، أن يمس القرآن أو أن يقرأ القرآن أو أن يفعل الأمرين معاً، سواء كان به حدث أصغر أو أكبر، وذلك لانتفاء الدليل الصريح الصحيح في ذلك والأصل براءة الذمة. وبه قال ابن حزم والألباني رحمها الله وهو الصحيح

ولإتمام الفائدة أقول : ما سبق هو حكم الطهارة عموما للبالغ ، وأما حكم الطهارة للصغير فأحكامها هنا .

فالصغير على حالتين :

الحالة الأولى : أن يكون الصغير غير مميز:

قال العلماء أنه لا يجوز تمكين الصغير غير المميز من مس المصحف . والصحيح أنه يجوز لعدم وجود ما يمنع هذا بالإضافة إلى أنه لم يكلف بعد ولكن يمنع إذا كان من وراء لمسه للقرآن أن يهينه بشقه أو برميه في الزبالة أو على الأرض ونحو ذلك، وإلا فلا بأس بمسه .

الحالة الثانية : أن يكون الصغير مميز :

اختلف في حكم مسه للمصحف إذا كان محدثًا على ثلاثة أقوال :

الأول : أنه يجوز للصغير المميز مسه للمصحف على غير طهارة ، وهو قول الجمهور وقول الظاهرية، وقيد بعضهم الجواز في حال التعلم لا غير.

والثاني : يكره مس الصغير المميز للمصحف على غير طهارة، كراهية تنزيه ، وهو قول لبعض الأحناف والمالكية .

الثالث : يحرم على الصغير المميز مس المصحف على غير طهارة كله أو بعضه ، وهو قول للشافعية، والصحيح عند الحنابلة، وقد استثنى الحنابلة من هذا الحكم مس الصغير لوحًا فيه قرآن فأجازوا تمكينه من ذلك لمشقة الطهارة عليه، ولضرورة التعلم على أن يمسه من المحل الخالي من الكتابة .

مستدلين على ذلك :

بعموم الأدلة الدالة على تحريم مس المصحف على غير طهارة، وأنها عامة في الصغير والكبير ، دون ما فرق بينهما .

الترجيح :

يجوز مس الصغير المميز والغير مميز للمصحف، لبراءة الذمة وأما من قال أنه يقاس على الكبير فهو قياس مع فارق لأن الكبير مكلف والصغير غير مكلف، وإن قلنا بالقياس فالحكم في حكمه كالترجيح السابق وهو على الاستحباب.

وعليه، فيجوز للصغير المميز وغير المميز أن يمس ويقرأ المصحف بلا حرج. لأن في تكليف الصبي بالوضوء حرجا عليه وجلب للمشقة في حقه.

وقد يكون فيه نوع تنفير له فيؤدي إلى ترك حفظ القرآن وتعلمه، مع القول بالاستحباب بلا خلاف في حق الطهارة له لتعويده على ذلك من الصغر والله أعلم .

والحمد لله رب العالمين ، ونسأل الله أن يتوب علينا لنتوب ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والله الهادي

أبو تيمية
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة