السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، أما بعد:
أما عن ابن حزم:
فلنا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: " إذا صلى أحدكم فأحدث، فليمسك على أنفه، ثم لينصرف " السلسلة الصحيحة برقم 2976
قال المناوى في فيض القدير : " ( إذا صلى أحدكم فأحدث ) فيها بمبطل خفي يلحق صاحبه بظهوره خجل ( فليمسك ) ندباً ( على أنفه ) محدودباً ظهره موهماً أنه رعف ( ثم لينصرف ) فيتطهر ستراً على نفسه من الوقيعة فيه وليس ذلك من الكذب القبيح بل من التورية بما هو أحسن " ا.هـ
فمن أحدث أثناء الصلاة، أو تذكر أنه على حدث انصرف بقلبه وبدنه ولا ليس له أن يسلِم عن يمينه وعن شماله أو عن يمينه فقط، والقائل بخلاف ذلك يفتقر إلى الدليل الصحيح الصريح لا إلى العموميات، ولن تجد في هذا الباب إلا على لفظ " الإنصراف لا التسليم " والفرق واضح.
وللفائدة، يرجى مراجعة باب " ما جاء فيمن أحدث في الصلاة كيف ينصرف ". وإذا كان تحليل الصلاة بالتسليم، فلا يقال هذا فيمن صلاته باطلة لان بطلان الصلاة هو الذي حلل ما حل خارج الصلاة من الأفعال، كما أن التسليم في الصلاة الصحيحة يحللها، والحدث يقطع الصلاة بالاتفاق.
وأما عن السائلة: فالمسألة على قولين:
القول الأول: الاستئناف: فمن طرأ عليه الحدث في صلاته فإنه لا يبني على ما سبق بل يستأنف الصلاة من جديد، وبه قال جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة. فإذا كان الحدث يبطل الطهارة فإنه أيضاً يبطل الصلاة، لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ " متفق عليه، فدل على أن الصلاة تبطل فلا يبني.
القول الثاني: البناء: فمن طرأ عليه الحدث في صلاته فعليه بالبناء، وبه قال الأحناف والشافعي في القديم، لقوله صلى الله عليه وسلم : " من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته ما لم يتكلم "
قال ابن رشد في بداية المجتهد : " اتفقوا على أن الحدث يقطع الصلاة، واختلفوا هل يقتضي الإعادة من أولها إذا كان قد صلى منها ركعة أو ركعتان قبل طرو الحدث، أم يبني على ما قد مضى من الصلاة؟ فذهب الجمهور إلى أنه لا يبني لا في حدث ولا في غيره مما يقطع الصلاة إلا في الرعاف فقط، ومنهم من رأى أنه لا يبني لا في الحدث، ولا في الرعاف، وهو الشافعي، وذهب الكوفيون إلى أنه يبني في الأحداث كلها. " 1/346-347
قلت: الحديث ضعيف الجامع 5426 وقد ضعفه أئمة كثيرون من المتقدمين ومن المتأخرين، وقد صح عند البعض.
والراجح عندي هو قول الجمهور، فمن طرأ عليه الحدث أثناء صلاته فإنها تبطل ويلزمه استئنافها من جديد، فينصرف من دون تسليم على الهيئة التي سبق ذكرها وذلك لو كان مع جماعة المسلمين دون الانفراد.
وأما عن الباحث: فالحدث إذا افسد الطهارة فكذلك الصلاة تبطل فلا داعي حينئذ لإكمالها، فإن تعذر عليه الخروج جلس مكانه أو حاول الخروج قدر المستطاع، وإنني استبعد مسألة تعذر خروجه إلا لو كانت من ضرب الخيال.
والحمد لله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والله الهادي
أبو تيمية