عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 25-04-2009, 04:47 PM   #23
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

هل الخطبة مرحلة تعارف باللقاءات والزيارات والمكالمات الهاتفية؟



إنَّ اعتبار الخِطبة مرحلة للتلاقي والحوارات المطلقة؛ اعتبار غريب، لا يجده الباحث في شيء من كتب اللغة والفقه بله في نص من كتاب الله أو سنة رسوله -صلى الله عليه وسلَّم-؛ بل ولا جرى على هذا التعريف عمل السلف، فلم نسمع عن أحد منهم كثرة زياراته لمخطوبته من دون حاجة؛ ولم نسمع عنهم ما نراه اليوم من توسع غير محمود لم يرخصه الشارع، وهذا الخلل في تعريف الخِطبة -لا شك- قد أدى إلى مخالفات كثيرة وتوسيع لدائرة الحاجيات والضرورات عجيب؛ ثمَّ إنََّ ما يدعيه بعض الناس من أن فترة الخطبة فرصة ليتعرف كل من المقدمين على الزواج على بعضهما ادعاء يكذبه الواقع، إذ من المعلوم حتى عند من تزوج بهذه الطريقة أنّ ما كانا يريانه من بعضهما لم يكن يتعدى المظاهر الخادعة، وإظهار الأفضل والأكمل من كل منهما، ومحاولة تغطية جميع التصرفات غير الحسنة بالكلام المعسول والمجاملات، حتى يظل كل منهما يعيش في حلم لا ينطلق من حقيقة يعيشها الطرفان، ويظل كل منها يتصور بأنَّه سيقترن بأفضل الناس معشرًا، ثم إذا دخل بها وجد الأوهام والأحلام قد تبددت، وظهرت الأمور على حقيقتها، وذهب الهندام المتكامل، والرائحة العطرة، والأخلاق التي تملأ الجو أنساً، والسلوك الذي يقطر عسلا.ً

بينما الحق في التعرف على المتقدم لا يكون إلا بعين العقل بعيداً عن العواطف، ويكون ذلك بالنظر إلى البيئة التي جاء منها المسؤول عنه، فإن الإنسان في الغالب ابن بيئته، وبالسؤال عن الأسرة التي ينتمي إليها، فإن الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، وبالسؤال عن القرناء، لأن القرينبالمقارن يقتدي، وبالسؤال عن دينه وخلقه وسلوكه([1]).

فهذا شيء موروثٌ عن الغربيين وغيرهم من ملل الضلال متشبهين بهم؛ كما أشار إلى ذلك الإمام الألباني حين قال: " أما التكرار يروح كل أسبوع يزور أهلها ويراها وينظر إليها، فهذه طريقة أوروبية ليست لها صلة بالشريعة الإسلامية"([2]) اهـ

قال الشيخ العلاَّمة تقي الدين الهلالي –رحمه الله-: " ومن غريب ما وقفت عليه من شؤون المتخاطبين عندهم أن الرجل يخطب المرأة فيتفقان على الزواج، ويبقيان مدة طويلة تعاشران عشرة المتحابين، وهي كما قلنا مخالطة تامة كمخالطة الزوجين، ثم يعقدان النكاح ويجتمعان على الزواج، فلا يلبثان أن تسوء عشرتهما، فيقع الشقاق بينهما ثم يعقبه الفراق.
ومن عجيب ما سمعت من ذلك في مدينة (بن) الألمانية أن متخاطبين بقيا مدة عشرين سنة متعاشرين في غاية الوفاق والوئام، ثم تزوجا، فلم يلبثا إلا سنة واحدة حتى وقع الطلاق بينهما، وكانت تلك السنة كلها خصومات ونزاعا بينهما، فسألت عن سر ذلك فأخبروني أن الرجل والمرأة ما داما متخاطبين يستر كل منهما أخلاقه الحقيقية ويتخلق بغيرها مصانعة وتملقا لصاحبه، مخافة أن يمله ويفسخ الخطبة، فإذا وقعت عقدة النكاح بينهما يسقط كل واحد منهما الكلفة، ويزول التملق، وتنكشف مخبآت الأخلاق والعادات، فيتلوها التنافر ثم النزاع والخصام ثم الطلاق"([3]) اهـ .



([1]) مستفاد من تعقيب الحمدان ومن تقرير للإمام ابن عثيمين بمعناه، تم العزو إليه سابقاً .

([2]) ش 427 د35 من سلسلة الهدى والنور .

([3]) مجلة الجامعة الإسلامية، العدد الثامن، تعليم الإناث .

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة