عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 25-04-2009, 04:25 PM   #21
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

مسألة: ماذا لو رفضت المخطوبة كشف رأسها أو قدميها للخاطب؟


النظر إلى المخطوبة ليس بواجب، وإنَّما مستحب أن يراها وتراه؛ لأنَّ هذا أقرب إلى الوئام، والنبي -صلى الله عليه وسلَّم- أمر من خطب أن ينظر، فإذا كشفت له وجهها ورجليها ورأسها فلا بأس على الصحيح، قال بعض أهل العلم: يكفي الوجه والكفان([1])،

ولكن الصحيح أنَّه لا بأس بكشف الرأس والقدمين حتى يتسنى له أن يكتشف محاسنها؛ فلها أن تنظر إليه وله أن ينظر إليها لأنَّ هذا أقرب إلى أن يؤدم بينهما كما جاء في الحديث([2]) .
ما هي الغاية في النظر إلى المخطوبة؟

قال -صلى الله عليه وسلَّم-: ((إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته)) ([3]) أي: لمصلحة خطبته قبل حصول الزواج الذي يكون في الافتراق بعده ضرر أكبر من افتراق قبله، فقد يستطيع أن ينظر إلى: (( ما يدعوه إلى نكاحها )) ([4]) فيتحقق قوله –عليه الصلاة والسلام-: (( فإنه أحرى أن يؤدم بينكما([5]))) ([6])، أو يجد ما يصده عن ذلك،كما في قوله: ((فإن في أعين الأنصار شيئاً([7])، يعني الصغر([8]))).

وماذا إن صاحبت تلك الغاية شهوة؟

لا شك أن غاية النظر للخطبة معرفة صفة المخطوبة وليست الشهوة، وهذا ما يتفق عليه العلماء؛ ولكن ماذا لو صاحب النظر ما لا يمكن للإنسان دفعه؟

يقولُ ابن عثيمين –رحمه الله- أنَّه يُحجم ([9])، لأنَّ النبي –صلى الله عليه وسلَّم- أرشد أنَّ النظر للخطبة، وليس لغير ذلك، فلا يجوز أن ينظر لغير هذه النية .
قال الحنابلة: " وَيَنْبَغِي اشْتِرَاطُ عَدَمِ الشَّهْوَةِ وَأَمْنِ الْفِتْنَةِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَنَفْسِ الْمَقْصُودِ نِكَاحُهَا"([10]) .
ولم يجعل الجمهور ذلك شرطاً لعدم ذكره وتقييده في أحاديث النظر صريحاً.
فمن نظر استطلاعًا فقط فقد سلم؛ ولم يشترط الجمهور الإحجام إن لم يستطع، لإطلاق النبي في الأحاديث؛ يقول الشافعي: " وَلَهُ النَّظَرُ وَإِنْ خَافَ الْفِتْنَةَ لِغَرَضِ التَّزَوُّجِ" ([11])اهـ .
وجاء في نصب الراية نقلاً عن صاحب الهداية: " وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَشْتَهِيهَا لِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فِيهِ: ((أَبْصِرْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا)) وَلِأَنَّ مَقْصُودَهُ إقَامَةُ السُّنَّةِ لَا قَضَاءُ الشَّهْوَةِ " اهـ .



([1]) وهم الأحناف والشافعية، وقد بيَّنا سابقاً أن ما عليه المحققون جواز كشف ما جرت به العادة .

([2]) من فتوى للإمام ابن باز في برنامج نور على الدرب ش180 د17 .

([3]) رواه أحمد، ارجع إلى التخريج في الصحيحة الحديث 97 .

([4]) كذا في الصحيحة 99 .

([5]) قوله: ((فإنه أحرى أن يؤدم بينكما))، قال ابن بطال: معناه يجمع بينهما، قال السيوطي: أيْ يَكُون بَيْنكُمَا الْمَحَبَّة وَالِاتِّفَاق يُقَال أَدَمَ اللَّه بَيْنَهُمَا يَأْدِم أَدْمًا بِالسُّكُونِ أَيْ أَلَّفَ وَوَفَّقَ اهـ .

( [6]) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (515-51 وكذا النسائي (2/73) والترمذي (1/202) والدارمي (2/134) وابن ماجه (1866) والطحاوي (2/ وابن الجارود في "المنتقى" (ص 313) والدارقطني (ص 395) والبيهقي (7/84) وأحمد (4/144 - 245/246) و ابن عساكر (17/44/2) عن بكر بن عبد الله المزني عن المغيرة بن شعبة من الصحيحة الحديث 96 .

([7]) جلي من الأحاديث أنَّ النظر على سبيل الإرشاد، إذ قيد في الأحاديث بلا حرج، لا جناح، لا بأس؛ ولا يُقال مثله في الواجب كما قال العلماء؛ وقد أغرب ابن عربي –بالتنكير- في فتوحاته فزعم أن النظر واجب إلى المخطوبة إن كانت من سلالة الأنصار! بينما حرَّمه آخرون مطلقًا!

([8]) قوله -صلى الله عليه وسلَّم-: ((فإن في أعين الأنصار شيئاً))، اختلف العلماء ما هو الشيء؟ فقيل: العمش أو الزرقة، وقيل: الصغر؛ قال الحافظ ابن حجر (الفتح 14/377): " الثَّانِي -أي الصغر- وَقَعَ فِي رِوَايَة أَبِي عَوَانَة فِي مُسْتَخْرَجه فَهُوَ الْمُعْتَمَد"؛ وهو ما اعتمده الإمام الألباني -رحمه الله-، قال النووي (شرحه على مسلم 5/132): " وَفِي هَذَا دَلَالَة لِجَوَازِ ذِكْر مِثْل هَذَا لِلنَّصِيحَةِ".

([9]) كما في الشرح الممتع وغيره؛ وهو ما عليه الحنابلة .

([10]) تحفة المحتاج بشرح المنهاج .

([11]) شرح البهجة الوردية .

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة