(1/373)
احتفالاتهم بأعيادهم ، لكن لا بأس أن يعزيهم في ميتهم ويقول لهم: جبر الله مصيبتكم ، أو أحسن لك الخلف في خير ، أو ما أشبه ذلك من الكلام الطيب ، ولا يقول: غفر الله له ، ولا رحمه الله إذا كان الميت كافرا ، فلا يدعو للميت إذا كان كافرا ، ولكن يدعو للحي بالهداية والعوض الصالح ونحو ذلك.
(1/374)
حكم إلقاء السلام على المسيحي والرد عليه
س169: هذه رسالة من سائل يقول فيها: هل يجوز إلقاء السلام على المسيحي أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب: المسيحي لا يبدأ بالسلام ، وهكذا بقية الكفرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام » (1) ولقوله صلى الله عليه وسلم: « إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم » (2) .
فإذا كان اليهود والنصارى لا يبدءون بالسلام ; فالكفار الآخرون كذلك من باب أولى ، فالوثني أكفر من اليهود والنصارى ، فلا يبدأ اليهودي ولا النصراني ولا البوذي ولا الوثني ولا غيرهم ، لكن إذا بدءوا يقال: وعليكم.
__________
(1) صحيح مسلم السلام (2167),سنن الترمذي الاستئذان والآداب (2700).
(2) صحيح البخاري الاستئذان (5903),صحيح مسلم السلام (2163),سنن الترمذي تفسير القرآن (3301),سنن أبو داود الأدب (5207),سنن ابن ماجه الأدب (3697),مسند أحمد بن حنبل (3/218).
(1/374)
فيما يقال للكافر إذا مات
س170: يقول السائل: إذا مات رجل أو امرأة وهو كافر فهل يمكن أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون ، وكذلك هل نقول أيضا ** يا أيتها النفس المطمئنة ** (1) ** ارجعي إلى ربك راضية مرضية ** (2) [الفجر: 27 ، 28] ، إلى آخره؟
__________
(1) سورة الفجر الآية 27
(2) سورة الفجر الآية 28
(1/374)
الجواب: الكافر إذا مات فلا بأس أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون ، والحمد لله ، ولو كان من غير أقربائك لأن كل الناس إليه راجعون ، وكل الناس ملك لله سبحانه وتعالى فلا بأس بهذا ، ولكن لا يدعى له ما دام كافرا ، ولا يقال له: ** يا أيتها النفس المطمئنة ** (1) ** ارجعي إلى ربك راضية مرضية ** (2) لأن نفسه ليست مطمئنة بل نفسه فاجرة ، فلا يقال له هذا ، وإنما يقال هذا في المؤمن.
فالحاصل أن الكافر إذا مات ، لا بأس أن نقول: إنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا بأس أن يقول لك غيرك: أعظم الله أجرك فيه ، وأحسن عزاءك فيه; لأنه قد يكون لا مصلحة في حياته ، وقد يكون في حياته يحسن إليك وينفعك ، فلا بأس لكن لا يدعى له ، ولا يستغفر له ، ولا يتصدق عنه إذا مات كافرا.
__________
(1) سورة الفجر الآية 27
(2) سورة الفجر الآية 28
(1/375)
التبرع بالدم لغير المسلم
س171: هل يجوز لي التبرع بنقل دم لمريض أوشك على الهلاك وهو على غير دين الإسلام؟
الجواب: لا أعلم مانعا من ذلك؛ لأن الله تعالى يقول جل وعلا في كتابه العظيم: ** لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم ** (1) [الممتحنة: 8] .
فأخبر سبحانه أنه لا ينهانا عن الكفار الذين لم يقاتلونا ولم يخرجونا من ديارنا أن نبرهم ونحسن إليهم ، والمضطر في حاجة شديدة إلى الإسعاف ، وقد جاءت أم أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى
__________
(1) سورة الممتحنة الآية 8
(1/375)
عنها إلى بنتها; وهي كافرة ، في المدينة في وقت الهدنة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأهل مكة تسألها الصلة ، فاستفتت أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فأفتاها أن تصلها ، وقال: « صلي أمك » (1) وهي كافرة.
فإذا اضطر المعاهد أو الكافر المستأمن الذي ليس بيننا وبينه حرب ، إذا اضطر إلى ذلك فلا بأس بالصدقة عليه من الدم ، كما لو اضطر إلى الميتة ، وأنت مأجور في ذلك; لأنه لا حرج عليك أن تسعف من اضطر إلى الصدقة.
__________
(1) صحيح البخاري الهبة وفضلها والتحريض عليها (2477),صحيح مسلم الزكاة (1003),سنن أبو داود الزكاة (1668),مسند أحمد بن حنبل (6/347).
(1/376)
التعامل مع غير المسلمين بالبيع والشراء
س172: سائل يقول: هناك أصحاب مهن كالحلاقة والخياطة وعمال في المطاعم أو غير ذلك وهم غير مسلمين; إما مسيحيون أو لا دينيون فما حكم تعامل المسلم معهم؟
الجواب: ما داموا في البلاد يتعاطون هذه الأمور فلا مانع من الشراء منهم ، وقضاء الحاجة ، والبيع عليهم ، فقد اشترى الرسول صلى الله عليه وسلم من اليهود ، واشترى من بعض المشركين ، فلا بأس ، ولكن لا يحبهم ، ولا يواليهم ، بل يبغضهم في الله ، ولا يتخذهم أصدقاء ولا أحبابا ، والأفضل أن يستخدم المسلمون والمسلمات دون الكفار في كل الأعمال.
لكن إذا كان العمل في الجزيرة العربية حرم استقدام الكفار إليها واستخدامهم فيها; لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بإخراجهم من هذه الجزيرة العربية وقال: « لا يجتمع فيها دينان » لكن إذا قدموا لتجارة ثم
(1/376)
يعودون أو بيع حاجات على المسلمين أو قدموا إلى ولي الأمر برسالة من رؤسائهم فلا حرج في ذلك; لأن رسل الكفار كانوا يقدمون على النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة ، وكان بعض الكفار من أهل الشام يقدمون على المدينة لبيع بعض ما لديهم من طعام وغيره.
(1/377)
مشاركة النصراني أو غيره في التجاوة أو غيرها
س173: هل يجوز للمسلم أن يكون شريكا للنصراني في تربية الأغنام أو تجارتها أو أي تجارة أخرى. أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد.
فإن اشتراك مسلم مع نصراني أو غيره من الكفرة في المواشي أو في الزراعة أو في أي شيء آخر ، الأصل في ذلك جوازه إذا لم يكن هناك موالاة ، وإنما تعاون في شيء من المال كالزراعة أو الماشية أو نحو ذلك ، وقال جماعة من أهل العلم بشرط أن يتولى ذلك المسلم ، أي أن يتولى العمل في الزراعة ، أو في الماشية المسلم ولا يتولى ذلك الكافر لأنه لا يؤمن.
وهذا فيه تفصيل فإن كانت هذه الشركة تجر إلى موالاة ، أو لفعل ما حرم الله ، أو ترك ما أوجب الله حرمت هذه الشركة لما تفضي إليه من الفساد ، أما إن كانت لا تفضي لشيء من ذلك ، والمسلم هو الذي يباشرها وهو الذي يعتني بها حتى لا يخدع فلا حرج في ذلك.
ولكن بكل حال فالأولى به السلامة من هذه الشركة ، وأن يشترك مع
(1/377)
إخوانه المسلمين دون غيرهم ، حتى يأمن على دينه ويأمن على ماله ، فالاشتراك مع عدو له في الدين فيه خطر على خلقه ودينه وماله ، فالأولى بالمؤمن في كل حال أن يبتعد عن هذا الأمر ، حفظا لدينه ، وحفظا لعرضه ، وحفظا لماله ، وحذرا من خيانة عدوه في الدين ، إلا عند الضرورة والحاجة التي قد تدعو إلى ذلك ، فإنه لا حرج عليه بشرط مراعاة ما تقدم.
أي بشرط أن لا يكون في ذلك مضرة على دينه أو عرضه أو ماله ، وبشرط أن يتولى ذلك بنفسه فإنه أحوط له ، فلا يتولاه الكافر بل يتولى الشركة والأعمال فيها المسلم ، أو مسلم ينوب عنهما جميعا .
(1/378)
تفضيل العمال الكفار على العمال المسلمين
س174فضيلة الشيخ: يعقد السائل مقارنة أو موازنة بين العمال من المسلمين وغير المسلمين فيقول: إن غير المسلمين هم من أهل الأمانة ، وأستطيع أن أثق فيهم ، وطلباتهم قليلة ، وأعمالهم ناجحة ، أما أولئك فهم على العكس تماما ، فما رأيكم سماحة الشيخ؟
الجواب: هؤلاء ليسوا بمسلمين على الحقيقة ، هؤلاء يدعون الإسلام ، أما المسلمون في الحقيقة فهم أولى وأحق وهم أكثر أمانة وأكثر صدقا من الكفار ، وهذا الذي قلته غلط لا ينبغي أن تقوله ، والكفار إذا صدقوا عندكم وأدوا الأمانة حتى يدركوا مصلحتهم معكم ، وحتى يأخذوا الأموال عن إخواننا المسلمين ، فهذه لمصلحتهم; فهم ما أظهروا هذا لمصلحتكم ولكن لمصلحتهم هم ، حتى يأخذوا الأموال
(1/378)