عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2009, 01:31 PM   #56
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/321)

وينصحوهم، ويوجهوهم، ويعلموهم السنة، ويحذروهم من البدعة؛ لأن هذا هو الواجب على أهل العلم والإيمان، كما قال الله سبحانه: ** ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ** (1) [النحل: 125] ، وقال سبحانه وتعالى: ** ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين ** (2) [فصلت: 33] . نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
__________
(1) سورة النحل الآية 125
(2) سورة فصلت الآية 33

(1/322)

الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، والبدعة الحسنة
س147: يقول السائل: بالنسبة للاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول من كل عام، أنا أعرف أنه بدعة، ولكنني سمعت من يقول بأن هناك بدعة حسنة أو بدعة مستحبة، وهناك من يعملونه في كل عام هجري في شهر ربيع الأول. فأرجو إيضاح ذلك، بارك الله فيكم؟
الجواب : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن الاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والتسليم أمر قد كثر فيه الكلام، وكتبنا فيه كتابات متعددة، ونشرت في الصحف مرات كثيرة، ووزعت مرات كثيرة، وكتب فيه غيري من أهل العلم كـ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم، وبين أولئك العلماء أنه بدعة، وأن وجوده من بعض الناس

(1/322)

لا يبرر كونه سنة، ولا يدل على جوازه ومشروعيته.
وقد نص على ذلك أيضا الشاطبي رحمه الله في كتابه الاعتصام، وكتب في هذا أيضا شيخنا العلامة الكبير محمد بن إبراهيم رحمه الله كتابة وافية، وليس في هذا والحمد لله شك عند من عرف الأصول وعرف القاعدة الشرعية في كمال الشريعة والتحذير من البدع، وإنما يشكل هذا على بعض الناس الذين لم يحققوا الأصول، ولم يدرسوا طريقة السلف الصالح دراسة وافية كافية، بل اغتروا بمن فعل المولد من بعض الناس فقلدوه، أو اغتروا بمن قال: إن في الإسلام بدعة حسنة.
والصواب في هذا المقام أن الاحتفال بالموالد كله بدعة، بمولده عليه الصلاة والسلام وبمولد غيره، كمولد البدوي أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهما، لم يفعله السلف الصالح، ولم يفعل النبي صلى الله عليه وسلم احتفالا بمولده، وهو المعلم المرشد عليه الصلاة والسلام، وقد بلغ البلاغ المبين، ونصح الأمة وما ترك سبيلا يقرب من الله ويدني من رحمته إلا بينه للأمة وأرشدهم إليه، وما ترك سبيلا يباعد من رحمة الله ويدني من النار إلا بينه للأمة وحذرهم منه، فقد قال الله سبحانه: ** اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ** (1) [المائدة: 3] .
وقد أقام عليه الصلاة والسلام في مكة ثلاث عشرة سنة، وفي المدينة عشر سنين ولم يحتفل بهذا المولد، ولم يقل للأمة افعلوا ذلك، ثم صحابته رضي الله عن هم وأرضاهم لم يفعلوا ذلك، لا الخلفاء الراشدون، ولا غيرهم من الصحابة، ثم التابعون لهم بإحسان من
__________
(1) سورة المائدة الآية 3

(1/323)

التابعين وأتباع التابعين من القرون المفضلة كلهم على هذا السبيل، لم يفعلوا شيئا من هذا; لا قولا ولا عملا.
ثم أتى بعض الناس في القرن الرابع ممن ينسب إلى البدعة من الشيعة الفاطميين المعروفين، حكام مصر والمغرب فأحدثوا هذه البدعة، ثم تابعهم غيرهم من بعض أهل السنة جهلا بالحق، وتقليدا لمن سار في هذا الطريق، أو أخذا بشبهات لا توصل إلى الحق.
فالواجب على المؤمن أن يأخذ الحق بدليله، وأن يتحرى ما جاءت به السنة والكتاب حتى يكون حكمه على بينة وعلى بصيرة، وحتى يكون سيره على منهج قويم.
والله يقول: ** وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ** (1) [الشورى: 10] ، ويقول عز وجل: ** يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ** (2) [النساء: 59] .
وإذا نظرنا فيما يفعله الناس من الاحتفالات ورددناها إلى القرآن العظيم لم نجد فيه ما يدل عليها، وإذا رددناه إلى السنة لم نجد فيها ما يدل على ذلك لا فعلا ولا قولا ولا تقريرا، فعلم بذلك أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة بلا شك يجب تركها ولا يجوز فعلها، ومن فعل ذلك من الناس فهو بين أمرين إما جاهل لم يعرف الحق فيعلم ويرشد، وإما متعصب لهوى وغرض، فيدعى للصواب ويدعى له بالهداية والتوفيق، وليس واحد منهما حجة; لا الجاهل ولا المتعصب، وإنما الحجة فيما قاله الله ورسوله لا في قول غيرهما.
__________
(1) سورة الشورى الآية 10
(2) سورة النساء الآية 59

(1/324)

ثم القول بأن البدعة تنقسم إلى حسنة وسيئة وإلى محرمة وواجبة ; قول بلا دليل، وقد رد ذلك أهل العلم واليقين وبينوا خطأ هذا التقسيم، واحتجوا على هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد » (1) يعني: فهو مردود ( متفق على صحته )، وروى مسلم رحمه الله في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد » (2) يعني: فهو مردود.
وفي الصحيح عن جابر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في خطبته: « أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة » (3) ، ولم يقل البدعة فيها كذا وكذا; بل قال: « كل بدعة ضلالة، » (4) وقد وعظ أصحابه فقال: « وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة »
والبدعة شرعا إنما تكون في أمور الدين والتقرب إلى الله سبحانه، لا في أمور الدنيا، أما أمور الدنيا مثل المآكل والمشارب فللناس أن يحدثوا بمآكلهم وطعامهم وشرابهم صناعات خاصة، يصنعون الخبز على طريقة والأرز على طريقة، وأنواعا أخرى على طريقة، لهم أن يتنوعوا في طعامهم، وليس في هذا حرج.
وإنما الكلام في القربات والعبادات التي يتقرب بها إلى الله، هذا هو محل التبديع، وكذلك الصناعات، وآلات الحرب للناس أن يحدثوا أشياء يستعينون بها في الحرب، من القنابل والمدافع وغير ذلك، وللناس أن يحدثوا المراكب والطائرات والسفن الفضائية والقطارات،
__________
(1) صحيح البخاري الصلح (2550),صحيح مسلم الأقضية (1718),سنن أبو داود السنة (4606),سنن ابن ماجه المقدمة (14),مسند أحمد بن حنبل (6/270).
(2) صحيح البخاري الصلح (2550),صحيح مسلم الأقضية (1718),سنن أبو داود السنة (4606),سنن ابن ماجه المقدمة (14),مسند أحمد بن حنبل (6/256).
(3) صحيح مسلم الجمعة (867),سنن النسائي صلاة العيدين (1578),سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954),سنن ابن ماجه المقدمة (45),مسند أحمد بن حنبل (3/371),سنن الدارمي المقدمة (206).
(4) سنن أبو داود السنة (4607),سنن ابن ماجه المقدمة (42).

(1/325)

ليس في هذا شيء، إنما الكلام فيما يتقرب به إلى الله، ويعده الناس قربة وطاعة يرجون ثوابها عند الله.
هذا هو محل النظر، فما لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم هو ولا أصحابه، ولم يدل عليه صلى الله عليه وسلم، ولم يرشد إليه، بل أحدثه الناس وأدخلوه في دين الله فهو بدعة; شاء فلان أم غضب فلان، فالحق أحق بالاتباع.
ومن هذا الباب ما أحدثه الناس من بناء المساجد على القبور واتخاذ القباب عليها ، فهذه من البدع التي وقع بها شر كثير، حتى وقع الشرك الأكبر وعبدت القبور من دون الله; بأسباب هذه البدع، فيجب على المؤمن أن ينتبه لما شرعه الله فيأخذ به، وعليه أن ينتبه لما ابتدعه الناس فيحذره; وإن عظمه المشار إليهم من أهل الجهل، أو التقليد الأعمى، والتعصب.
فلا عبرة عند الله بأهل التقليد الأعمى، ولا بأهل التعصب، ولا بأهل الجهل، وإنما الميزان عند الله لمن أخذ بالدليل واحتج بالدليل، وأراد الحق بدليله، هذا هو الذي يعتبر في الميزان، ويرجع إلى قوله، ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

(1/326)

حكم الاحتفال بالمولد النبوي
س148: يقول السائل: ما حكم المولد النبوي؟ وما حكم الذي يحضره؟ وهل يعذب فاعله إذا مات وهو على هذه الصورة؟
الجواب : المولد لم يرد في الشرع ما يدل على الاحتفال به; لا مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، فالذي نعلم من الشرع المطهر وقرره المحققون من

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة