عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 06-01-2009, 01:25 PM   #55
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/316)

العرباض بن سارية ، وأحاديث أخرى، وهذا هو الصواب; أنها لا تنقسم إلى هذه الأقسام التي ذكرها النووي وغيره، بل كلها ضلالة، والبدعة تكون في الدين لا في الأمور المباحة، فتنوع الطعام على وجه جديد لا يعرف في الزمن الأول لا يسمى بدعة من حيث الشرع، وإن كان بدعة من حيث اللغة لأن البدعة في اللغة هي الشيء المحدث على غير مثال سابق، كما قال عز وجل: ** بديع السماوات والأرض ** (1) [البقرة: 117] ; يعني أنه مبتدعها وموجدها على غير مثال سابق، لكن لا يقال بدعة إلا لما كان في التعبد في الأعمال الشرعية، فهذا كله يقال فيه ضلالة، ولا يقال فيه إنها أقسام واجب وسنة إلى آخره، هذا هو الحق وهذا هو الصواب الذي ارتضاه جماعة من أهل العلم وقرروه وردوا على من خالف ذلك.
وكذلك تأليف الكتب وتنظيم الأدلة للرد على الملحدين والخصوم، لا يسمى بدعة، بل هذا مما أمر الله به ورسوله، فهو طاعة لله وليست بدعة، فالكتاب العزيز جاء بالرد على خصوم الإسلام وأعدائه في آيات عظيمات، وجاءت السنة بذلك في الرد على خصوم الإسلام، وهكذا المسلمون من عهد الصحابة إلى يومنا هذا، اعتنوا بالرد على خصوم الإسلام بما ظهر لهم من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأوضحوا الأدلة ونوعوها، وكل هذا لا يسمى بدعة في الشرع، بل هو قيام بالواجب وجهاد في سبيل الله، وليس ببدعة في حكم الشرع، وهكذا بناء المدارس والربط والقناطر وغير هذا مما ينفع المسلمين لا يسمى بدعة من حيث الشرع، فهو أمر مأمور به; لأن الشرع أمر
__________
(1) سورة البقرة الآية 117

(1/317)

بالتعليم، والمدارس تعين على التعليم.
وكذلك ما يتعلق بالربط للفقراء; فالشرع أمر بالإحسان إلى الفقراء والمساكين، فإذا بني لهم مساكن وسميت بالربط فهذا مما أمر الله به، وكذلك القناطر على الأنهار، كل هذا مما ينفع المسلمين وليس ببدعة بل هو مشروع، وتسميته بدعة يكون من جنس ما تقدم من حيث اللغة العربية، كما قال عمر رضي الله عنه في التراويح لما جمع الناس على إمام واحد ليصلي بهم التراويح كل ليلة، قال: « نعمت البدعة هذه » (1) يعني من حيث اللغة، وإلا فالتراويح سنة مؤكدة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وحث عليها ورغب فيها، فليست بدعة بل هي سنة، ولكن سماها عمر بدعة من حيث اللغة لأنها فعلت على غير مثال سابق لأنهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون أوزاعا في المسجد ليسوا على إمام واحد، هذا يصلي معه اثنان، وهذا يصلي ومعه ثلاثة، وهذا يصلي ومعه أكثر، وصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث ليال ثم ترك، وقال: « إني أخشى أن تفرض عليكم صلاة الليل » (2) فتركها خوفا على أمته أن تفرض عليهم.
فالحاصل أن قيام رمضان سنة مؤكدة، وليست بدعة من حيث الشرع، وإن سماها عمر رضي الله عنه بدعة من ناحية اللغة.
والخلاصة أن الصواب أن كل ما أحدثه الناس في الدين مما لم يشرعه الله فإنه يسمى بدعة، وهي بدعة ضلالة ولا يجوز فعلها.
ولا يجوز تقسيم البدع إلى واجب، وإلى سنة، وإلى مباح، إلى آخره، فهذا خلاف القاعدة التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا خطر عظيم، كأن القائل يرد على النبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: « كل بدعة ضلالة » (3)
__________
(1) صحيح البخاري صلاة التراويح (1906),موطأ مالك النداء للصلاة (252).
(2) صحيح البخاري الأذان (696),صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (761),سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1604),سنن أبو داود الصلاة (1373),موطأ مالك النداء للصلاة (250).
(3) سنن أبو داود السنة (4607),سنن ابن ماجه المقدمة (42).

(1/318)

وهذا يقول: لا، بل هي أقسام، فهذا خطر عظيم وسوء أدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فالواجب على أهل العلم أن يتأدبوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يحذروا الشيء الذي قد يخدش في حق من فعل ما يخالف السنة، وإن كان العلماء رحمة الله عليهم الذين قالوا ذلك لم يقصدوا الرد على الرسول صلى الله عليه وسلم -حماهم الله من ذلك- ولكن قد يحتج بذلك عليهم من يظن بهم السوء من أعداء الله، وقد يظن ذلك بعض الجهلة، فالحاصل أن التقسيم إلى بدعة مستحبة وواجبة إلى آخره ليس هو الصواب، بل الصواب خلافه.

(1/319)

حكم الصلاة خلف إمام مبتدع
س146: سائل يقول: في حينا مسجد بناه جماعة من الصوفية بعد أن أردنا نحن أهل السنة بناءه، ولكنهم أصروا على بنائه وفعلوا، وهو الآن تحت إدارتهم وتصرفهم، ويقومون فيه بأشعار ومدائح. فهل يجوز لنا نحن السنيين أن نصلي فيه معهم خلف إمامهم المبتدع؟ أم ماذا نفعل؟
الجواب : إذا كان إمامهم ليس بكافر وإنما عنده بعض البدع التي لا تخرجه من الإسلام فلا مانع من الصلاة معهم، ونصيحتهم، وتوجيههم، وإرشادهم، بالدعوة إلى الله بعد الصلوات، وفي حلقات العلم بالمسجد، حتى يستفيدوا ويدعوا ما عندهم من البدع إن شاء الله; لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى ومن باب التناصح.
أما إن كان إمامهم يتعاطى ما يوجب كفره كالذي يستغيث بالرسول صلى الله عليه وسلم، أو يدعوه من دون الله، أو يستغيث بالأموات وينذر لهم ويذبح

(1/319)

لهم، فهذا كفر وضلال، وهذه أمور كفرية، فلا يصلى خلفه، لأن هذه الأمور من أمور الكفر بالله والشرك بالله عز وجل.
وهكذا إذا كان إمامهم يعتقد اعتقادات كفرية، كأن يعتقد أن غير الله يتصرف في الكون كمن يعتقد ذلك في الأولياء، وأنهم يديرون هذا العالم، كما يعتقده بعض الصوفية ، أو يعتقد ما يعتقده أصحاب وحدة الوجود ، من أن الخالق والمخلوق واحد، وأن الخالق هو المخلوق والعبد هو المعبود، ونحو ذلك من المقالات الخبيثة الملحدة، فهذا كافر ولا يصلى خلفه.
أما إن كانت بدعته دون الكفر فإن هذا يصلى خلفه، مثل بدعة المولد إذا لم يكن فيها كفر، ومثل بعض البدع الأخرى التي يفعلها الصوفية وليست بكفر، بل دون الكفر فلا تمنع من الصلاة خلفه، ولكن ينبغي التماس من هو خير منه من أهل السنة حسب الطاقة.
وأما الأشعار التي يأتي بها فينظر فيها، فإذا كان فيها أشعار كفرية مثل أشعار صاحب البردة في قوله:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ... فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم
فهذه أشعار كفرية، وهذا اعتقاد ضال، فإذا كان أصحاب المسجد يعتقدون مثل هذه الأمور فلا يصلى خلف إمامهم، لأن الاعتقاد بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب، أو أنه يملك الدنيا والآخرة من أعظم الكفر والضلال والعياذ بالله; لأن الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى،

(1/320)

وهكذا اعتقاد بعض الصوفية وبعض الوثنية أن الرسول صلى الله عليه وسلم ينقذ الناس يوم القيامة، وينقذ من دعاه يوم القيامة، ويخرجهم من النار هذا كله كفر وضلال، إنما الأمور بيد الله سبحانه وتعالى، هو الذي ينجي من النار، وهو الذي يعلم الغيب، وهو المالك لكل شيء، وهو المدبر للأمور سبحانه وتعالى.
والرسول صلى الله عليه وسلم ليس بيده إخراج الناس من النار، بل يشفع، ويحد الله له حدا في الشفاعة عليه الصلاة والسلام، ولا يشفع إلا لأهل التوحيد والإيمان، كما سأله أبو هريرة رضي الله عنه، قال: « يا رسول الله من أحق الناس بشفاعتك؟ قال من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو قال خالصا من نفسه » (1) وقال عليه الصلاة والسلام: « إني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا » (2) فشفاعته لأهل التوحيد والإيمان، لا لأهل الكفر بالله عز وجل.
فالحاصل أن الإمام إذا كان عنده شيء من الكفر فهذا لا يصلى خلفه، أما إذا كانت بدعته دون الكفر فلا مانع من الصلاة خلفه، ولكن إذا وجد مسجد آخر فيه أهل السنة فالصلاة خلفهم أولى وأحسن وأبعد عن الشر، ولكن مع ذلك ينبغي لأهل السنة أن يتصلوا بأهل البدع للنصيحة والتوجيه والتعليم والتفقيه، والتعاون على البر والتقوى; لأن بعض أهل البدع قد يكون جاهلا وليس عنده تعصب فلو علم الحق لأخذ به، وترك بدعته.
فينبغي لأهل السنة ألا يدعوا أهل البدع، بل عليهم أن يتصلوا بهم،
__________
(1) صحيح البخاري العلم (99),مسند أحمد بن حنبل (2/373).
(2) صحيح البخاري الدعوات (5945),صحيح مسلم الإيمان (199),سنن الترمذي الدعوات (3602),سنن ابن ماجه الزهد (4307),مسند أحمد بن حنبل (2/426),موطأ مالك النداء للصلاة (492),سنن الدارمي الرقاق (2805).

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة