عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 05-01-2009, 10:37 PM   #38
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/224)

(17)
الطاغوت والشرك

(1/225)

ما هو الشرك؟
س102: يقول السائل: فضيلة الشيخ، ما هو الشرك؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب: إن الشرك هو أعظم الذنوب ، وهو أعظم الجرائم، وهو الذي جرى بين الرسل وبين الأمم فيه النزاع، فالأمم كانت على الشرك إلا من هداه الله وحفظه من أفراد الناس، والرسل تدعوهم إلى توحيد الله والإخلاص له.
وكان هذا الشرك قد حدث في قوم نوح بأسباب غلوهم في ود ، وسواع ، ويغوث ، ويعوق ، ونسر ، لما غلوا فيهم وعظموهم التعظيم الذي نهى الله عنه وقعوا في الشرك بعد ذلك، وصاروا يستغيثون بهم، وينذرون لهم، ويذبحون لهم، فلما ظهر فيهم هذا الشرك بعث الله إليهم نوحا عليه الصلاة والسلام يدعوهم إلى توحيد الله، وينذرهم من هذا الشرك ويحذرهم منه.
ولم يزل فيهم يدعوهم إلى الله ويأمرهم بالإخلاص لله سبحانه وتعالى والتوبة إلى الله من شركهم، ولكنهم استمروا على طغيانهم وضلالهم إلا القليل، فبعد ذلك أمره الله أن يصنع السفينة وأن يحمل فيها من آمن معه، ومن كل زوجين اثنين، وأهلك الله أهل الأرض وأغرقهم بسبب كفرهم وشركهم بالله سبحانه وتعالى، كما قال الله سبحانه في سورة العنكبوت: ** ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ** (1) ** فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين ** (2) [العنكبوت : 14 ، 15] .
__________
(1) سورة العنكبوت الآية 14
(2) سورة العنكبوت الآية 15

(1/226)

وهكذا بعد ذلك الأمم من قوم هود وقوم صالح ومن بعدهم ; أرسل الله إليهم الرسل تدعوهم لتوحيد الله وتنذرهم الشرك بالله عز وجل، ولم يؤمن إلا القليل، وأكثر الخلق غلب عليهم طاعة الهوى والشيطان، ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام هو خاتم الأنبياء وهو أفضلهم وإمامهم، بعثه الله إلى هذه الأمة لينذرهم الشرك بالله، ويدعوهم إلى توحيد الله سبحانه وتعالى وطاعته، وكان الشرك في وقته قد انتشر في الأرض وعم، ولم يبق على التوحيد إلا بقايا قليلة من أهل الكتاب، فأنذرهم عليه الصلاة والسلام هذا الشرك، وكانوا يتعلقون بالأشجار والأحجار والأصنام، ويدعون الأنبياء والصالحين، ويستغيثون بهم، وينذرون لهم وكانوا يقولون إنهم شفعاؤنا عند الله، وإنهم يقربونا إلى الله زلفى، كما ذكر الله ذلك عنهم في قوله سبحانه وتعالى: ** ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ** (1) قال الله سبحانه ردا عليهم: ** قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون ** (2) [يونس: 17 - 18] .
هذا شأن المشركين يعبدون الأصنام والأشجار والأحجار والأولياء والأنبياء، وبهم يستغيثون، ولهم ينذرون، وإليهم يتقربون بالذبائح، هذا هو الشرك الأكبر، وهذا هو الذي أنكرته الرسل، وأنكره أتباعهم من دعاة الحق، وقال الله سبحانه في ذلك: ** ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ** (3) [الأنعام: 88] .
__________
(1) سورة يونس الآية 18
(2) سورة يونس الآية 18
(3) سورة الأنعام الآية 88

(1/227)

وقال فيه سبحانه وتعالى: ** ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ** (1) [الزمر: 65] .
وقال فيه سبحانه: ** إن الشرك لظلم عظيم ** (2) [لقمان: 13] وقال فيه عز وجل: ** إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما ** (3) [النساء: 48] وفي موضع آخر: ** فقد ضل ضلالا بعيدا ** (4) [النساء: 116] .
وبهذا نعلم حقيقة الشرك ، وأنه تشريك غير الله مع الله في العبادة سبحانه وتعالى، من أولياء، أو أنبياء، أو جن، أو ملائكة، أو أحجار، أو أصنام، أو شجر، أو غير ذلك، هذا هو الشرك الأكبر، والذنب الأعظم الذي نهت عنه الرسل وأنزل الله فيه الكتب سبحانه وتعالى، وتوعد الله عز وجل عليه بعدم المغفرة، وبعدم دخول الجنة.
وهكذا يلحق بذلك جميع أنواع الكفر، كلها حكمها حكم الشرك كمن سب الله، أو سب رسوله، أو استهزأ بالدين، أو تنقص الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو طعن في رسالته عليه الصلاة والسلام، أو جحد بعض ما أوجب الله من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة كأن جحد وجوب الصلوات الخمس، أو جحد وجوب زكاة المال، أو جحد وجوب صوم رمضان، أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة، أو جحد تحريم الزنا، أو جحد تحريم الخمر، أو جحد تحريم السرقة أو ما أشبه ذلك، كل هذا يسمى كفرا ويسمى شركا بالله عز وجل، وصاحبه إذا مات عليه مخلد في النار والعياذ بالله، والجنة عليه حرام وأعماله حابطة، كما قال سبحان : ** ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ** (5) [الأنعام: 88] ، وقال
__________
(1) سورة الزمر الآية 65
(2) سورة لقمان الآية 13
(3) سورة النساء الآية 48
(4) سورة النساء الآية 116
(5) سورة الأنعام الآية 88

(1/228)

الله عز وجل: ** وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ** (1) [الفرقان: 23] وقال سبحانه: ** ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين ** (2) [المائدة: 5] .
والواجب على جميع المكلفين الحذر من الشرك ، وأن يخصوا الله بالعبادة دون كل ما سواه، وهذا هو معنى لا إله إلا الله ، فإن معناها: لا معبود حق إلا الله، فهي تنفي العبادة عن غير الله، وتثبت العبادة لله وحده سبحانه، كما قال عز وجل في سورة الحج: ** ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل ** (3) [الحج : 62] ، وقال سبحانه: ** ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ** (4) [النحل: 36] ، وقال عز وجل: ** وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ** (5) [الأنبياء: 25] .
وهذا التوحيد هو الذي خلق الله لأجله الثقلين، كما في قوله سبحانه: ** وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ** (6) [الذاريات: 56] ، والمعنى أن يخصوني بالعبادة، ويفردوني بعبادتي من صوم وصلاة ودعاء وخوف ورجاء وغير ذلك، هذا هو الواجب على المكلفين جميعا أن يعبدوا الله وحده ويخصوه بعباداتهم دون كل ما سواه.
أما الرسل والأنبياء فحقهم الاتباع والمحبة والطاعة، أما العبادة فهي حق الله سبحانه وتعالى كما قال سبحانه: ** وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ** (7) [الإسراء: 23] ، وقال سبحانه: ** إياك نعبد وإياك نستعين ** (8) [الفاتحة : 5] ، وقال عز وجل: ** وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ** (9) [البينة: 5] .
__________
(1) سورة الفرقان الآية 23
(2) سورة المائدة الآية 5
(3) سورة الحج الآية 62
(4) سورة النحل الآية 36
(5) سورة الأنبياء الآية 25
(6) سورة الذاريات الآية 56
(7) سورة الإسراء الآية 23
(8) سورة الفاتحة الآية 5
(9) سورة البينة الآية 5

(1/229)

وهكذا الأولياء حقهم أن يحبوا في الله، وأن يسلك سبيلهم الطيب في طاعة الله ورسله، أما أن يعبدوا مع الله فلا، فالعبادة حق الله لا يعبد مع الله أحد، لا ملك ولا نبي ولا ولي، ولا غير ذلك.
والواجب على جميع المكلفين أن يكون اهتمامهم بهذا الأمر أعظم اهتمام; لأن التوحيد هو أصل الدين وأساس الملة، وهو أعظم واجب وأهم واجب، ولأن الشرك هو أعظم الذنوب وأكبر الجرائم ، فوجب أن يكون اهتمام المسلمين واهتمام طلاب العلم والعلماء بهذا الأمر أعظم من كل اهتمام، وأولى من كل أمر. نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة