(1/197)
يسأل ربه أن يمن عليه بالشفاء ، ويضرع إلى الله في سجوده ، وفي آخر التحيات ، وبين الأذان والإقامة ، وفي آخر الليل ، وفي جميع الأوقات يدعو ربه ويسأله ويضرع إليه أن يشفيه مما أصابه ، ويزيل عنه ما به من أذى ، والله يحب السائلين جل وعلا ، وهو القائل سبحانه : ** ادعوني أستجب لكم ** (1) [غافر : 60]
وأما عن قول من قال لك : ضع مصحفا في بيتك وآية للرسول فلا يصيبك إثم ولا ذنب ، فهذا لا أصل له ، وهذا غلط ؛ فوضع المصحف لا يمنع من الأدواء ، إنما أنزل الله المصحف لقراءته والعمل به لا ليجعل حرزا للبيوت .
فهذا كله لا أصل له ، وهكذا الآية للنبي ، فهذا الكلام لا معنى له .
وما معنى آية للنبي ؟ ! هل يعني آية فيها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ! فالمصحف كله فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم !
والمقصود أن هذا غلط ، وشيء لا وجه له ولا أصل له ، وليست وضع المصحف في البيت حرزا للبيت ، وإنما الحرز للبيت التعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، " بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم " ثلاث مرات صباحا ومساء كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فهذا ينفع الله به كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك يقرأ آية الكرسي عند النوم وبعد كل صلاة ، فهذا من أسباب العافية والحفظ .
كذلك يقرأ : ** قل هو الله أحد ** (2) والمعوذتين بعد كل صلاة ، فهذا من أسباب العافية والحرز ، ويقرؤها بعد صلاة المغرب ثلاثا ، وبعد
__________
(1) سورة غافر الآية 60
(2) سورة الإخلاص الآية 1
(1/198)
صلاة الفجر ثلاثا ، وعند النوم يقرأ ** قل هو الله أحد ** (1) والمعوذتين ثلاث مرات ، وكل هذا من أسباب حفظ الله للعبد وتسليمه إياه من شر أعدائه من الشياطين كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
وأما المصحف وكونه يوضع في دولاب ، أو في فرجة ، أو في محل ما في البيت ، فليس هذا حرزا ولا أصل له ، وإنما الحرز والسبب العظيم هو استعماله ما شرعه الله سبحانه وتعالى من أدعية وقراءة وتعوذات كما تقدم .
__________
(1) سورة الإخلاص الآية 1
(1/199)
قول : لا يحل السحر إلا ساحر
س89: ما رأي سماحتكم في مقولة يتناقلها كثير ممن يرتادون أماكن السحر ، يقولون : لا يحل السحر إلا ساحر ، وبعضهم يقول : أذهب إلى الساحر ليدلني على مكان العقد حتى أحلها بعد ذلك ؟
الجواب : السحرة والكهنة لا يؤتون ولا يسألون ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إتيانهم وعن سؤالهم فقال عليه الصلاة والسلام : « من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة » (1) وقال صلى الله عليه وسلم : « من أتى كاهنا فصدقته بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد » (2) صلى الله عليه وسلم ، والسحرة كفرة لا يجوز إتيانهم ولا سؤالهم ولا تصديقهم .
وأما هذه العبارة : لا يحل السحر إلا ساحر فهذا يروى عن الحسن البصري التابعي الجليل أنه قال : لا يحل السحر إلا ساحر ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد « سئل عن النشرة فقال صلى الله عليه وسلم : هي من عمل الشيطان » (3) فدل ذلك أن حل السحر بالسحر من عمل الشيطان والحديث صحيح رواه الإمام
__________
(1) صحيح مسلم السلام (2230),مسند أحمد بن حنبل (4/68).
(2) سنن الترمذي الطهارة (135),سنن أبو داود الطب (3904),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (639),مسند أحمد بن حنبل (2/429),سنن الدارمي الطهارة (1136).
(3) سنن أبو داود الطب (3868),مسند أحمد بن حنبل (3/294).
(1/199)
أحمد رحمه الله وأبو داود رحمه الله بإسناد جيد ، وهو موجود في باب النشرة من كتاب التوحيد .
والمقصود أن حل السحر بالنشرة الشيطانية التي يتعاطاها السحرة ، لا يجوز وهو من عمل الشيطان ، هكذا قاله المصطفى كله ، فلا يجوز حلها بطريق السحرة ، يعني لا يجوز حل السحر بطريق السحرة ، وذلك ما يسمى النشرة ، ولكن يحل بطريق القراءة والأدوية المباحة .