(1/190)
(15)
السحر
(1/191)
التحذير من قراءة كتب السحر والتنجيم
س86: أرجو من فضيلتكم أن تبينوا حرمة استعمال وقراءة كتب السحر والتنجيم ، حيث إنها موجودة بكثرة ، وبعض زملائي يريدون شراءها ويقولون : إنها إذا لم تستعمل فيما لا يضر فليس في ذلك حرمه . نرجو الإفادة وفقكم الله .
الجواب : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه . . . أما بعد :
هذا الذي قاله السائل حق ، فيجب على المسلمين أن يحذروا كتب السحر والتنجيم ، ويجب على من يجدها أن يتلفها ، لأنها تضر المسلم وتوقعه في الشرك ، والنبي عليه الصلاة والسلام قال : « من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد » (1) والله يقول في كتابه العظيم عن الملكين : ** وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ** (2) [البقرة : 102] فدل على أن تعلم السحر والعمل به كفر ، فيجب على أهل الإسلام أن يحاربوا الكتب التي تعلم السحر والتنجيم ، وأن يتلفوها أينما كانت .
هذا هو الواجب ، ولا يجوز لطالب العلم ولا غيره أن يقرأها أو يتعلم ما فيها ، وغير طالب العلم كذلك ليس له أن يقرأها ولا أن يتعلم مما فيها ، ولا أن يقرها ؛ لأنها تفضي إلى الكفر بالله ، فالواجب إتلافها أينما كانت ، وهكذا كل الكتب التي تعلم السحر والتنجيم يجب إتلافها .
__________
(1) سنن أبو داود الطب (3905),سنن ابن ماجه الأدب (3726),مسند أحمد بن حنبل (1/227).
(2) سورة البقرة الآية 102
(1/192)
إبطال السحر
س87: ما هو العمل لإبطال السحر بارك الله فيكم ؟
الجواب : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله ، وخيرته من خلقه ، وأمينه على وحيه ، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله ، وعلى آله وأصحابه ، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين . . أما بعد .
فعلاج السحر يكون بشيئين : أحدهما : الرقى الشرعية . والثاني : الأدوية المباحة التي جربت في علاجه ، ومن أنجع العلاج وأنفع العلاج الرقى الشرعية ، فقد ثبت أن الرقية يرفع الله بها السحر ، ويبطل بها السحر .
وهناك نوع ثالث وهو : العثور على ما فعله الساحر من عقد أو غيرها ، وإتلافها ، كذلك من أسباب زوال السحر وإبطاله .
فمن الرقى التي تستعمل أن يرقى المسحور بفاتحة الكتاب ، وآية الكرسي ، و ** قل يا أيها الكافرون ** (1) و ** قل هو الله أحد ** (2) و ** قل أعوذ برب الفلق ** (3) و ** قل أعوذ برب الناس ** (4) مع آيات السحر التي جاءت في سورة الأعراف ، وسورة يونس ، وسورة طه ، وهي قوله سبحانه في سورة الأعراف : ** وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون ** (5) ** فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون ** (6) ** فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين ** (7) [الأعراف : 117 ، 119]
وفي سورة يونس يقول سبحانه : ** وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم ** (8) ** فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون ** (9) ** فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين ** (10) ** ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون ** (11) [يونس : 79 ، 81]
__________
(1) سورة الكافرون الآية 1
(2) سورة الإخلاص الآية 1
(3) سورة الفلق الآية 1
(4) سورة الناس الآية 1
(5) سورة الأعراف الآية 117
(6) سورة الأعراف الآية 118
(7) سورة الأعراف الآية 119
(8) سورة يونس الآية 79
(9) سورة يونس الآية 80
(10) سورة يونس الآية 81
(11) سورة يونس الآية 82
(1/193)
وفي سورة طه يقول سبحانه : ** قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى ** (1) ** قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ** (2) ** فأوجس في نفسه خيفة موسى ** (3) ** قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى ** (4) ** وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى ** (5) [طه : 65 - 69] .
هذه الآيات الكريمات العظيمات ينفث بها في الماء ، ثم بعد ذلك يصب هذا الماء الذي قرأت فيه على ماء أكثر ، ثم يغتسل به المسحور ، ويشرب منه بعض الشيء ، كثلاث حسوات يشربها منه ، ويزول السحر بإذن الله ويبطل ، ويعافى من أصيب بذلك ، وهذا مجرب مع المسحورين ، جربناه نحن وغيرنا ونفع الله به من أصابه شيء من ذلك .
وقد يوضع في الماء سبع ورقات خضر من السدر تدق وتلقى في الماء الذي يقرأ فيه ، ولا بأس بذلك ، وقد ينفع الله بذلك أيضا ، والسدر معروف وهو شجر النبق .
وهناك أدوية لمن يتعاطى هذا الشيء ، ويعالج بهذا الشيء ، أدوية مباحة قد يستفاد منها في علاج السحر وإزالته كما أشار إلى هذا العلامة ابن القيم رحمه الله في بيان النشرة المشروعة ، وقد ذكر ذلك أيضا الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ في كتابه فتح المجيد في شرح كتاب التوحيد ، في باب ما جاء في النشرة .
أما ما يتعلق بإتيان الكهان أو السحرة والمشعوذين فهذا لا يجوز ،
__________
(1) سورة طه الآية 65
(2) سورة طه الآية 66
(3) سورة طه الآية 67
(4) سورة طه الآية 68
(5) سورة طه الآية 69
(1/194)
وإنما الطريق الشرعي هو ما ذكرناه من القراءة على المسحور ، أو القراءة في ماء ويشربه ويغتسل منه ، وإن وضع فيه سبع ورقات من السدر الأخضر الرطبة ودقت فهذا أيضا قد ينفع بإذن الله مع القراءة ، وهذا شيء مجرب كما تقدم .
والغالب على من استعمل هذا مع إخلاصه لله وتوجهه إلى الله بطلب الشفاء أنه يعافى بإذن الله ، وعلى المسحور أن يضرع إلى الله وأن يسأله كثيرا أن يشفيه ويعافيه ، وأن يصدق في طلبه ، وأن يعلم أن ربه هو الذي يشفيه ، وهو الذي بيده الضر والنفع ، والعطاء والمنع ، وليس بيد غيره سبحانه وتعالى .
(1/195)
سؤال السحرة والعرافين ، وعلاج السحر
س88: يقول السائل في رسالته : كنت غافلا فوجدت سحرا قد عملوه لي ولزوجتي ليطردوني عن داري ؛ لأنهم يقولون إن هذا البيت مسكون وفيه شياطين ، وذهبت إلى سيد من السادة أهل الدين وكشف لعائلتي ولبيتي ، وقال لي فعلوا لك سحرا قدره مائتان وخمسون دينارا فهل هذا صحيحا ووجدت فيه قطعة طويلة مكتوبة بالأزرق ، فذهبت إلى هذا السيد ، وأخذ مني عشرين دينارا وأما البيت فلم يأته أي شيء ، فهل يصيبني ذنب فيما فعلت أم لا ؟ وقد ذهبت إلى محافظة أخرى في بلادنا وسألت بعض علماء الدين حول هذا الأمر ، فقالوا لي : ضع مصحفا في بيتك وآية للرسول فلا يصيبك إثم ولا ذنب ؟
الجواب : السحرة والكهنة والعرافون لا يجوز سؤالهم ولا
(1/195)
تصديقهم فيما يقولون ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة » (1) رواه مسلم في الصحيح .
والعراف من يدعي معرفة الأمور الغيبية عن طريق التكهن والاستعانة بالجن ، وهكذا الكاهن وهو من له رئي من الجن أي صاحب من الجن يخبره ببعض المغيبات التي يسمعها من الناس في البلدان القريبة أو البعيدة ، أو يسمعها من مسترق السمع من الشياطين من جهة السماء ، فهؤلاء لا يسألون ولا يصدقون .
وهكذا السحرة وهم الذين يتعاطون أمورا يضرون بها الناس بواسطة الاستعانة بالشياطين من الجن ، فالسحر له وجود وله حقيقة وبعضه خيال ، لكن بعضه له حقيقة يقتل ويمرض ويفرق بين المرء وزوجه فلا يجوز سؤال السحرة ولا تصديقهم ولا العلاج عندهم ، ولكنك تعالج المرض عند الأطباء المعروفين ، أو بقراءة القرآن ، فيقرءون عليك القرآن وآيات السحر وينفثون عليك ، أو في الماء تشربه وتغتسل به فلا بأس .
أما المعروفون بتعاطي السحر أو الكهانة أو العرافة التي فيها دعوى علم الغيب فهؤلاء كلهم لا يجوز سؤالهم ولا تصديقهم ، وعليك أن تتوب إلى الله من سؤال هذا الساحر .
وعليك أن تعمل الأدوية المباحة والطب المباح ، ومن ذلك أن تقرأ أنت أو يقرأ لك بعض الإخوان الطيبين أصحاب العقيدة الطيبة في ماء فيقرأ لك الفاتحة وآية الكرسي ، و ** قل هو الله أحد ** (2) والمعوذتين ، وآيات السحر الموجودة في سورة الأعراف ،
__________
(1) صحيح مسلم السلام (2230),مسند أحمد بن حنبل (4/68).
(2) سورة الإخلاص الآية 1
(1/196)
وسورة يونس ، وسورة طه ، يقرؤها في الماء ثم تشرب من هذا الماء وتغتسل بالباقي .
هذا بإذن الله علاج لما قد يقع من السحر ، وقد يجعل فيه سبع ورقات من السدر الأخضر تدق وتجعل في الماء . ويكون هذا أيضا من باب الطب والعلاج المباح ؛ لأنه مجرب ونافع في حق المسحور وفي حق من حبس عن زوجته .
فإن هذا العلاج الشرعي بقراءة الفاتحة وآية الكرسي ، وآيات السحر المعروفة في سورة الأعراف وسورة يونس وسورة طه ، و ** قل يا أيها الكافرون ** (1) و ** قل هو الله أحد ** (2) والمعوذتين ؟ تقرأ في الماء وفيه السدر أو ليس فيه سدر ، ثم يشرب منه الإنسان ، ويغتسل منه المصاب بالسحر ، أو المحبوس عن زوجته ، فيبرأ بإذن الله عز وجل .
وإن نفث فيه مع ذلك بقوله : « اللهم رب الناس أذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما » (3) وكرر هذا ثلاثا فهو مناسب ؛ لأنها هذه الدعوات طيبة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهكذا الدعاء المعروف : « باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك » (4) يقولها ثلاث مرات أيضا ، فلهذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضا .
فإذا نفث بهذا في الماء أو على المريض فهو أيضا طيب ، ومن أسباب الشفاء وهو علاج نبوي وعلاج شرعي ، وهذا من الدعاء الطيب الذي يرجى فيه النفع ، والله المستعان .
وذلك كله مع سؤال الله عز وجل الشفاء والعافية ، فعلى الإنسان أن
__________
(1) سورة الكافرون الآية 1
(2) سورة الإخلاص الآية 1
(3) صحيح البخاري الطب (5418),صحيح مسلم السلام (2191),سنن ابن ماجه الطب (3520),مسند أحمد بن حنبل (6/126).
(4) صحيح مسلم السلام (2186),سنن الترمذي الجنائز (972),سنن ابن ماجه الطب (3523),مسند أحمد بن حنبل (3/56).