عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 05-01-2009, 07:32 PM   #23
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/148)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « الدعاء هو العبادة » (1) فلا يجوز أن يدعى غير الله ، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل ، بل الدعوة لله وحده وهو الذي يرجى ويدعى سبحانه وتعالى .
ولا يجوز أن يقال : يا رسول الله ، اشف مريضي ، انصرني ، أو يا شيخ فتحي أبو عبد الله انصرني ، أو يا شيخ عبد القادر الجيلاني انصرني أو اشف مريضي ، أو يا سيدي البدوي ، أو يا سيدي الحسين ، أو ما أشبه ذلك؛ فكل هذا منكر ، وكله من الشرك الأكبر ، فالواجب التنبه لهذا الأمر من الإخوان في العراق وغيرها .
والواجب على أهل العلم وفقهم الله أن يوضحوا للناس حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك ، وأن ينكروا على العامة ما يقعون فيه من الشرك بالله عند قبور من يسمونهم بالأولياء .
فالحاصل أن هذه أمور عظيمة يجب على أهل العلم أن يهتموا بها وأن يعتنوا بها حتى ينقذوا العامة من الشرك ، وحتى يوجهوهم إلى توحيد الله والإخلاص له ، ودعائه سبحانه ، ورفع الأيدي له جل وعلا ، فهو الذي يشفي ويكفي سبحانه وتعالى ، فهو الشافي لعباده سبحانه وهو المالك لكل شيء ، وهو القادر على كل شيء سبحانه وتعالى .
وأما ما قد يقع لبعض الناس من كونه يدعو الميت ويشفى فهذا قد يقع استدراجا وابتلاء وامتحانا ، والله هو الشافي سبحانه وتعالى ، وقد يكون المرض من أسباب الشياطين ؛ يسببون المرض للإنسان حتى إذا دعا الميت كفوا عنه ما قد فعلوا به .
فالحاصل أن هذا ليس بحجة ، فكون المريض يأتي إلى الميت
__________
(1) سنن الترمذي تفسير القرآن (2969),سنن ابن ماجه الدعاء (3828).

(1/149)

ويدعوه ، ويستغيث فيشفى سريعا ، هذا قد يكون استدراجا وابتلاء وامتحانا ، حتى يمتحن صبره وإيمانه ، فلا يغتر بهذا . وقد يصادف القدر الذي قدره الله بالشفاء ، فيظن أنه من أسباب الميت ، وقد يكون شيء من أسباب الشيطان ، فقد يفعل الشيطان بالإنسان شيئا ، يعني يعمل له عملا يؤذيه ويضره ويمرض منه ، فإذا ذهب إلى الميت ودعاه وسأله كف عنه هذا الشيطان ، حتى يغريه بالشرك ، وحتى يوقعه بالشرك ، وحتى يظن هذا الجاهل أن هذا من عمل الولي ، وأنه هو الشافي ، وهذا من أقبح الغلط والمنكر . فالله هو الذي يشفي ويعافي سبحانه وتعالى .
والولي وغير الولي لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا ، فهو مملوك لله سبحانه وتعالى ، وهو النافع الضار عز وجل ، فينبغي التنبه لهذا الأمر .

(1/150)

من يعتقد في بعض الرجال أنهم أولياء لله ،
ويدعونهم ، ويحلفون بهم
س71: يقول السائل : إن هناك من الناس من يعتقد في بعض الرجال أنهم أولياء الله الصالحين ، ولذلك يدعونهم ، ويسألونهم ، ويحلفون بهم ، ويدعون أنهم يعلمون الغيب ، ويقصدونهم من دون الله في كل صغيرة وكبيرة ، والشيء الذي يحدث أيضا أنه عندما يقابل الواحد شيخه يخلع عمامته ونعليه ويجلس ويضع ركبتيه على الأرض ، ويقبل يد هذا الرجل ظنا منه أن هذا احترام لأولياء الله الصالحين المقربين الذين

(1/150)

يعلمون ما في نفس المريد المحب لهم ويقضون حوائجه ، ثم يسرد أمورا منكرة مثل هذه ، وفوق ذلك أننا نجد أن بعض العلماء يقرونهم على هذه الأفعال . فما هو حكم هؤلاء وحكم صلاتهم وصيامهم ؟
الجواب : هذه أمور منكرة عظيمة خطيرة ، ولا يجوز مثل هذا العمل ، وأولياء الله هم أهل الإيمان ، وليس أولياء الله أناسا خاصين غير أهل الإيمان ، فأولياء الله هم المؤمنون وهم المسلمون كما قال الله عز وجل : ** ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ** (1) ** الذين آمنوا وكانوا يتقون ** (2) [ يونس : 62 ، 63 ] ، وقال جل وعلا : ** وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ** (3) [ الأنفال : 34 ] .
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : « إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما أوليائي المؤمنون » (4) فأولياء الله وأولياء رسوله صلى الله عليه وسلم وأولياء المؤمنين هم المؤمنون ، وهم المتقون لله عز وجل ، من جميع الناس ؛ من العرب والعجم ، من الذكور والإناث ، من العلماء وغير العلماء ، هؤلاء هم أولياء الله .
فاعتقاد أن المؤمنين أو بعض من يسمون بأولياء الله أنهم يعلمون الغيب ، أو أنهم يدعون مع الله ، أو يستغاث بهم ، وينذر لهم ، ويذبح لهم ، ويتقرب إليهم بالذبائح ، هذا شرك أكبر ، وهذا شرك الجاهلية ، وشرك المشركين الأولين ، سواء كانوا أحياء أو أمواتا .
فإن اعتقد في هذا الشيخ أنه يعلم الغيب ، أو يشفي المرضى ، أو يتصرف في الكون ، فهذا شرك أكبر والعياذ بالله ، وهكذا لو قصد قبره إذا كان ميتا ، يدعوه مع الله ، ويستغيث به ، وينذر له ، ويطلب منه المدد ،
__________
(1) سورة يونس الآية 62
(2) سورة يونس الآية 63
(3) سورة الأنفال الآية 34
(4) صحيح البخاري الأدب (5644),صحيح مسلم الإيمان (215),مسند أحمد بن حنبل (4/203).

(1/151)

كما يفعل مع البدوي ، أو مع الحسين ، أو مع ابن عربي ، أو مع غيرهم من الناس ، فهذا شرك أكبر ، أو مع الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوه ويستغيث به بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ، كل هذا شرك أكبر ، فيجب الانتباه لهذا الأمر ، والحذر منه ، وتحذير الناس ، ومن أقر الناس على هذا ممن ينسب للعلم ، فهذا جاهل وليس بعالم . أما العلماء العارفون بالله وبدينه فإنهم لا يقرون هذا ، بل ينهون عن هذا ، ويعلمون أن هذا شرك أكبر
أما التقرب للشيخ بطرح العمامة أو خلع النعلين ، فكل هذا جهل لا أصل له ، وباطل ، وكان الصحابة يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فلا يطرحون عمائمهم ، ولا يخلعون نعالهم ، وهم القدوة رضي الله عنهم .
فالواجب على أهل العلم البصيرين بالله وبدينه أن يوجهوا الناس ، وأن يرشدوهم إلى الحق ، وأن يعلموهم دين الله ، فالعبادة حق الله كما قال سبحانه : ** وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ** (1) [ الإسراء : 23 ] ، وقال عز وجل : ** إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ** (2) ** ألا لله الدين الخالص ** (3) [ الزمر : 2 ، 3 ] ، وقال سجانه : ** إياك نعبد وإياك نستعين ** (4) [ الفاتحة : 5 ] ، وقال عز وجل : ** وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ** (5) [البينة : 5] .
والصلاة عبادة ، والسجود عبادة ، والذبح عبادة ، والنذر عبادة ، والدعاء عبادة ، والاستغاثة عبادة ، فعلى المؤمن والمؤمنة الانتباه لهذا الأمر ، وأن يخصوا العبادة بالله وحده ، أما المؤمنون والعلماء فعليهم أن يحبوهم في الله ، ويطيعوهم في الخير إذا دعوهم إلى الخير ، وينصحوا
__________
(1) سورة الإسراء الآية 23
(2) سورة الزمر الآية 2
(3) سورة الزمر الآية 3
(4) سورة الفاتحة الآية 5
(5) سورة البينة الآية 5

(1/152)

لهم ، ويحسنوا إليهم إذا كانوا فقراء ، أما أن يعبدوهم من دون الله فهذا منكر عظيم ، وكفر شنيع ، فيجب الحذر من ذلك ، ويجب الانتباه إلى هذا الأمر ، ويجب تحذير الناس منه ، ويجب على العلماء أينما كانوا أن يحذروا الناس من هذا الشرك ، ويبينوا لهم أن هذا خلاف شرع الله ، والواجب على العلماء أن يكونوا قدوة في الخير لا قدوة في الشر ، نسأل الله السلامة .

(1/153)

حكم دعاء الأولياء سواء أمواتا أو أحياء والذبح والنذر لهم
س72: يقول السائل : نريد إيضاح الأدلة عما يوجد في بلادنا : بلدة الجاح باليمن ، حيث يوجد أناس كثيرون يذبحون للأولياء سواء كانوا أمواتا أو أحياء ، ويدعونهم ويطلبون منهم جلب المنافع ودفع المضار ، ووصل الأمر بهم عندما نصحناهم أنهم قالوا لنا : أنتم مشركون ، فماذا يجب علينا نحوهم ؟ أفيدونا أفادكم الله .
الجواب : قد أحسنتم بإنكاركم عليهم ، وبيان أن عملهم هذا منكر ، وأما إنكارهم عليكم وزعمهم أنكم مشركون فهذا من أغلاطهم وجهلهم ، كما قيل : رمتني بدائها وانسلت .
هم المشركون بعملهم هذا ، إذا كانوا يسألون الموتى ، ويتقربون إليهم بالذبائح ، وينذرون لهم ، ويدعونهم من دون الله ، ويستغيثون بهم ، وهذا هو الشرك الأكبر إذا فعلوا ذلك مع من يسمونهم بالأولياء ، سواء كانوا أحياء أو أمواتا يعتقدون فيهم أنهم ينفعونهم ويضرونهم ، وأنهم يجيبون دعوتهم ، وأنهم يشفون مريضهم ، وأن لهم فيهم سرا يدعون من أجله ويستغاث

(1/153)

بهم . وهذا شرك أكبر والعياذ بالله ، وهذا عمل المشركين مع اللات والعزى ومناة ، ومع أصنامهم وآلهتهم الأخرى .
فالواجب على ولاة الأمر في اليمن أن ينكروا هذا الأمر وأن يعلموا الناس ما يجب عليهم من شرع الله ، وأن يمنعوا هذا الشرك ، ويحولوا بين العامة وبينه ، وأن يهدموا القباب التي على القبور ويزيلوها لأنها فتنة ، ولأنها من أسباب الشرك ، ولأنها محرمة فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يبنى على القبور ، ولعن من اتخذ المساجد عليها ، فلا يجوز أن يبنى عليها لا مسجد ولا غيره ، بل يجب أن تكون بارزة ضاحية ليس عليها بناء ، كما كانت قبور المسلمين في المدينة المنورة ، وفي كل بلد إسلامي لم يتأثر بالبدع والأهواء ودعاء الأموات والاستغاثة بالأموات ، أو بالأشجار والأحجار ، أو بالجن ، أو بالملائكة ، وعبادتهم من دون الله بطلب المدد منهم ، أو الغوث ، أو شفاء المرضى ، أو رد الغياب أو دخول الجنة أو النجاة من النار ؛ كل هذا من الشرك الأكبر .
وهكذا الذبح لغير الله ، قال الله سبحانه : ** قل إن صلاتي ونسكي ** (1) يعني ذبحي ** ومحياي ومماتي لله رب العالمين ** (2) ** لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ** (3) [ الأنعام : 162 ، 163 ] ، وقال تعالى : ** إنا أعطيناك الكوثر ** (4) ** فصل لربك وانحر ** (5) [ الكوثر : 1 ، 2 ] .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لعن الله من ذبح لغير الله » (6) فالذبح لغير الله من الكواكب والجن والملائكة والأولياء وغيرهم شرك أكبر والعياذ بالله ؛ لأن الذبح عبادة يجب أن يكون لله وحده .
__________
(1) سورة الأنعام الآية 162
(2) سورة الأنعام الآية 162
(3) سورة الأنعام الآية 163
(4) سورة الكوثر الآية 1
(5) سورة الكوثر الآية 2
(6) صحيح مسلم الأضاحي (1978),سنن النسائي الضحايا (4422),مسند أحمد بن حنبل (1/118).

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة