عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 05-01-2009, 11:27 AM   #20
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/132)

(14)
الكفر والتكفير

(1/133)

هذا إذا كان التكفير في غير محله
س63: يقول السائل : حدث حوار بيني وبين صديق لي عن الإسلام ، حيث قال هذا الصديق : إنه لا يصلي على الإطلاق ، فقلت له : أنت كافر ؛ لأن الله تعالى يقول : ** أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب ** (1) وقال لي : أنت أيضا كذلك وذكر لي قول النبي صلى الله عليه وسلم : « من كفر مسلما فقد كفر » (2) وبعد ذلك تركته وذهبت حتي لا يحتدم النقاش إلى أكثر مما وصل إليه . فما حكم كلامنا هذا الذي تم بيننا ؟ وهل نأثم عليه ؟
الجواب : الصواب أن من ترك الصلاة فهو كافر ، وإن كان غير جاحد لها ، هذا هو القول المختار والراجح عند المحققين من أهل العلم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر » (3) خرجه الإمام أحمد وأهل السنن عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه بإسناد صحيح . ولقوله أيضا صلى الله عليه وآله وأصحابه وسلم : « بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة » (4) خرجه الإمام مسلم في صحيحه . ولقوله أيضا عليه الصلاة والسلام : « رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله » (5) خرجه الإمام أحمد والإمام الترمذي رحمة الله عليهما في إسناد صحيح عن معاذ رضي الله عنه . ولأحاديث أخرى جاءت في الباب .
__________
(1) سورة البقرة الآية 85
(2) صحيح البخاري الأدب (5753),صحيح مسلم الإيمان (60),سنن الترمذي الإيمان (2637),سنن أبو داود السنة (4687),مسند أحمد بن حنبل (2/142),موطأ مالك الجامع (1844).
(3) سنن الترمذي الإيمان (2621),سنن النسائي الصلاة (463),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1079),مسند أحمد بن حنبل (5/346).
(4) صحيح مسلم الإيمان (82),سنن الترمذي الإيمان (2620),سنن أبو داود السنة (4678),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1078),مسند أحمد بن حنبل (3/389),سنن الدارمي الصلاة (1233).
(5) سنن الترمذي الإيمان (2616),سنن ابن ماجه الفتن (3973),مسند أحمد بن حنبل (5/246).

(1/134)

فالواجب على من ترك الصلاة أن يتوب إلى الله وأن يبادر بفعلها ويندم على ما مضى من تقصيره ويعزم على ألا يعود ، وهذا هو الواجب عليه .
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يكون عاصيا معصية كبيرة ، وجعل هذا الكفر كفرا أصغر ، واحتج بما جاء في الأحاديث الصحيحة من فضل التوحيد وأن من مات عليه فهو من أهل الجنة إلى غير هذا ، لكنها لا تدل على المطلوب ، فإن ما جاء في فضل التوحيد وأن من مات عليه دخل الجنة إنما يكون بالتزامه أمور الإسلام ، ومن ذلك أمر الصلاة ، فمن التزم بها حصل له ما وعد به المتقون ، ومن أبى حصل عليه ما توعد به غير المتقين ولو أن إنسانا قال لا إله إلا الله ووحد الله ، ثم جحد وجوب الصلاة كفر ولم ينفعه قوله لا إله إلا الله وتوحيده لله مع جحده وجوب الصلاة عند جميع أهل العلم .
فهكذا من تركها تساهلا وقلة مبالاة ولم يجحد وجوبها ؛ حكمه حكم من جحد وجوبها في الصحيح من قولي أهل العلم ، ولم تنفعه شهادته بأنه لا إله إلا الله؛ لأنه ترك حق هذه الكلمة فإن من حقها أن يؤدي الصلاة ، وهكذا لو وحد الله وأقر بأنه لا إله إلا الله ولكنه استهزأ بشيء من دين الله فإنه يكفر كما قال الله عز وجل : ** قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ** (1) ** لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ** (2) [التوبة : 65 ، 66] .
وهكذا لو قال لا إله إلا الله ووحد الله ، وجحد وجوب الزكاة أو جحد وجوب صوم رمضان أو جحد الحج مع الاستطاعة أو جحد
__________
(1) سورة التوبة الآية 65
(2) سورة التوبة الآية 66

(1/135)

تحريم الزنا أو جحد تحريم السرقة أو جحد تحريم اللواط أو ما أشبه ذلك؛ فإن من جحد هذه الأمور أو شيئا منها كفر إجماعا ولو أنه يصلي ويصوم ، ولو أنه يقول لا إله إلا الله؛ لأن هذه النواقض تفسد عليه دينه ، وتجعله بريئا من الإسلام بهذه النواقض لكونه بجحدها أو شيء منها يعتبر مكذبا لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم .
فينبغي للمؤمن أن ينتبه لهذا الأمر العظيم ، وهكذا من ترك الصلاة وتساهل بها يكون كافرا وإن لم يجحد وجوبها في الأصح من قولي العلماء كما تقدم دليل ذلك في الأحاديث السابقة وما جاء في معناها ، فنسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين وأن يرد كافرهم وعاصيهم إلى التوبة النصوح .
وقوله : « من كفر مسلما فقد كفر » (1) هذا إذا كان التكفير في غير محله ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « من قال لأخيه يا عدو الله أو قال يا كافر وليس كذلك إلا حار عليه » (2)
لكن هذا الذي قال : أنت كافر بترك الصلاة ، قد وقع تكفيره في محله فلا يرجع إلى القائل ، ولا يكون القائل كافرا ، بل قائله قد نفذ أمر الله ، وأدى حق الله ، وبين ما أوجبه الله من تكفير هذا الصنف من الناس ، فهو مأجور وليس بكافر ، وإنما الكافر الذي ترك الصلاة وعاند وكابر ، نسأل الله العافية .
__________
(1) صحيح البخاري الأدب (5753),صحيح مسلم الإيمان (60),سنن الترمذي الإيمان (2637),سنن أبو داود السنة (4687),مسند أحمد بن حنبل (2/142),موطأ مالك الجامع (1844).
(2) صحيح البخاري المناقب (3317),صحيح مسلم الإيمان (61),سنن ابن ماجه الأحكام (2319),مسند أحمد بن حنبل (5/166).

(1/136)

من يسب الله ورسوله ويدعي أنه من أولياء الله
س64: يوجد رجل في بلدتنا لا يصوم ولا يصلي ، ورأيته بنفسي يلعب القمار ، ويدعي أصحابه أنه من الأولياء والمقربين ، وحدثني الثقات بأنه يسب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فلما أنكرت هذا العمل الشنيع ادعى مريدوه وأصحابه بأن هذه حاله في الظاهر ، أما في باطنه فهو مؤمن ، فما حكم الشرع في مثل هذا ؟
الجواب : هذا زنديق وليس بمؤمن ، بل مثل هذا من أولياء الشيطان؛ فأولياء الله هم أهل الإيمان والتقوى ، قال الله سبحانه : ** ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ** (1) ** الذين آمنوا وكانوا يتقون ** (2) [يونس : 62 ، 63] ، هكذا في سورة يونس هذه صفة أولياء الله الإيمان والتقوى في الظاهر والباطن ، وقال عز وجل في سورة الأنفال : ** وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ** (3) وقال صلى الله عليه وسلم : « إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما أوليائي هم المؤمنون » (4) فأولياء الله وأولياء الرسول صلى الله عليه وسلم هم المؤمنون هم أهل التقوى .
فالذي يتظاهر بعدم الصلاة وبعدم الصوم وبسب الله ورسوله هذا ليس من أولياء الله ، بل هو من أولياء الشيطان ، والواجب على ولاة الأمور إذا عرفوه أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، فتارك الصلاة كافر يستتاب فإن تاب وإلا قتل .
وأما ساب الله ورسوله فهذا يقتل من غير استتابة عند جمع من أهل العلم ؛ لأن جريمته عظيمة ، وقال قوم : يستتاب فإن تاب وإلا قتل .
__________
(1) سورة يونس الآية 62
(2) سورة يونس الآية 63
(3) سورة الأنفال الآية 34
(4) صحيح البخاري الأدب (5644),صحيح مسلم الإيمان (215),مسند أحمد بن حنبل (4/203).

(1/137)

والخلاصة : أن هذا الرجل وأشباهه ليسوا من أولياء الله ولكنهم من أولياء الشيطان . والذين يناصرونهم ويذبون عنهم ويقولون : إنهم في الظاهر هكذا وفي الباطن مؤمنون ؛ حكمهم حكمهم وهم من جنسهم .
وقال علماء السنة رحمة الله عليهم فيمن يدعى له الولاية قالوا : لو طار في الهواء أو مشى على الماء فلا يعتبر أنه من أولياء الله حتى ينظر في أعماله ، وحتى يوزن بميزان الشريعة ، فإن استقام أمره في ميزان الشريعة ، وعلم أنه مستقيم على طاعة الله ورسوله ، مبتعد عن محارم الله ورسوله ، فهذا هو المؤمن وهو الولي ، وإن رؤي منه ما يدل على فسقه واقترافه المحارم ، أو تضييعه الواجبات فهذا يدل على أنه من أولياء الشيطان وليس من أولياء الله ، كما نص على هذا الشافعي رحمه الله وأحمد وغيرهما من أهل العلم .
فالحاصل : أن مثل هذا من أولياء الشيطان ، والواجب على من عرف ذلك أن يرفع أمره إلى ولاة الأمور ، حتى يعامل بما يجب من استتابته أو قتله إذا لم يتب ، أو قتله مطلقا إذا كان يسب الله ورسوله ؛ فإن جمعا من أهل العلم يرون أنه يقتل من غير استتابة ، نسأل الله العافية ، كما أوضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول وكما ذكر ذلك أهل العلم في باب حكم المرتد .

(1/138)

حكم سب الدين
س65: يقول السائل : هناك أحد الأشخاص يجهل أمر الدين ويسب الدين فما حكمه ؟ وماذا عليه أن يفعل إذا أدرك خطأه أفيدوني

(1/138)

أفادكم الله ؟
الجواب : سب الدين كفر أكبر وردة عن الإسلام والعياذ بالله ، إذا سب المسلم دينه أو سب الإسلام ، أو تنقص الإسلام وعابه أو استهزأ به فهذه ردة عن الإسلام ، قال الله تعالى : ** قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ** (1) ** لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ** (2) [التوبة : 65 ، 66] .
وقد أجمع العلماء قاطبة على أن المسلم متى سب الدين أو تنقصه أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم أو انتقصه أو استهزأ به ؛ فإنه يكون مرتدا كافرا حلال الدم والمال ، يستتاب فإن تاب وإلا قتل .
وبعض أهل العلم يقول : لا توبة له من جهة الحكم بل يقتل ، ولكن الأرجح إن شاء الله أنه متى أبدى التوبة وأعلن التوبة ورجع إلى ربه عز وجل أن يقبل ، وإن قتله ولي الأمر ردعا لغيره فلا بأس ، أما توبته فيما بينه وبين الله فإنها صحيحة ، إذا تاب صادقا فتوبته فيما بينه وبين الله صحيحة ولو قتله ولي الأمر سدا لباب التساهل بالدين وسب الدين .
والمقصود : أن سب الدين والتنقص للدين أو للرسول صلى الله عليه وسلم أو الاستهزاء بذلك ردة وكفر أكبر بإجماع المسلمين ، وصاحب هذا يستتاب فإن تاب قبل الله توبته ، وعفا عنه ، أما كونه يقبل في الدنيا أم لا يقبل فهذا محل خلاف بين أهل العلم كما ذكرنا .
__________
(1) سورة التوبة الآية 65
(2) سورة التوبة الآية 66

(1/139)

حكم زوجة من سب الدين ثم تاب
س66: لقد سمعت من بعض العلماء المسلمين أن الرجل إذا سب الدين طلقت عليه امرأته ، ويلزم له التوبة والاستغفار وعقد قران جديد ، وكثيرا

(1/139)

ما يحدث هذا الأمر خاصة وقت الغضب الشديد . فما مدى صحة هذا الكلام ؟
الجواب : سب الدين ردة عن الإسلام ، وكذلك سب القرآن وسب الرسول ردة عن الإسلام ، وكفر بعد الإيمان ، نعوذ بالله ، لكن لا يكون طلاقا للمرأة بل يفرق بينهما من دون طلاق ، فلا يكون طلاقا بل تحرم عليه لأنها مسلمة وهو كافر ، وتحرم عليه حتى يتوب فإن تاب وهي في العدة رجعت إليه من دون حاجة إلى شيء ، أي إذا تاب وأناب إلى الله رجعت إليه ، وأما إذا انتهت العدة وهو لم يتب فإنها تنكح من شاءت ، ويكون ذلك بمثابة الطلاق ، لا أنه طلاق ، لكن بمثابة الطلاق لأن الله حرم المسلمة على الكافر .
فإن تاب بعد العدة وأراد أن يتزوجها فلا بأس ، ويكون بعقد جديد أحوط خروجا من خلاف العلماء ، وإلا فإن بعض أهل العلم يرى أنها تحل له بدون عقد جديد ، إذا كانت تختاره ، ولم تتزوج بعد العدة بل بقيت على حالها ، ولكن إذا عقد عقدا جديدا فهو أولى خروجا من خلاف جمهور أهل العلم ، فإن الأكثرين يقولون : متى خرجت من العدة بانت منه وصارت أجنبية لا تحل إلا بعقد جديد ، فالأولى والأحوط أن يعقد عقدا جديدا ، هذا إذا كانت قد خرجت من العدة قبل أن يتوب ، فأما إذا تاب وهي في العدة فهي زوجته ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الذين أسلموا بعد إسلام زوجاتهم على أنكحتهم قبل خروج زوجاتهم من العدة .

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة