عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 05-01-2009, 03:39 AM   #13
معلومات العضو
أسامي عابرة
مساعد المدير العام
 
الصورة الرمزية أسامي عابرة
 

 

افتراضي

(1/96)

** إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ** (1) ** وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ** (2) [الأحزاب: 45 ، 46] .
فهو السراج المنير، وهو نور لما أعطاه الله من الوحي العظيم من القرآن والسنة، فإن الله أنار بهما الطريق، وأوضح بهما الصراط المستقيم، وهدى بهما الأمة إلى الخير، فهو نور وجاء بالنور عليه الصلاة والسلام، وليس معناه أنه خلق من نور، إنما خلق من ماء مهين، لكنه نور بما أوحى الله إليه من الهدى، وما أعطاه الله من العلم الذي علمه الناس صلى الله عليه وسلم، فالرسل نور، والعلماء نور; علماء الحق، لما أعطاهم الله من الهدى، فهم نور للعالم بما اقتبسوه مما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام.
__________
(1) سورة الأحزاب الآية 45
(2) سورة الأحزاب الآية 46

(1/97)

حكم القول بأن أول ما خلق الله نور محمد صلى الله عليه وسلم
س45: يقول السائل: سمعت أناسا يقولون: إن الرسول صلى الله عليه وسلم خلق من نور، وأول ما خلق الله هو نور محمد صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء يقرءون القرآن الكريم، ويهدون ثوابه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، والأموات ... أفيدونا عن صحة هذا جزاكم الله خيرا .
الجواب: ما يقوله الناس من أنه صلى الله عليه وسلم خلق من نور فهذا كله لا أصل له، فقولهم إنه خلق من نور أو أنه أول ما خلق نور محمد، هذه كلها أخبار موضوعة لا أصل لها، ولا أساس لها عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هي موضوعة ومكذوبة على الرسول صلى الله عليه وسلم.

(1/97)

وإنما الحق أنه صلى الله عليه وسلم خلق من ماء مهين كما خلق الناس الآخرون، خلق من ماء عبد الله بن عبد المطلب ، ومن ماء آمنة أمه، ولم يخلق من نور ولكن الله جعله نورا عليه الصلاة والسلام، جعله سراجا منيرا بما أعطاه الله من الوحي، وبما أنزل الله من القرآن والسنة، جعله الله نورا للناس، جعله الله سراجا منيرا بالدعوة إلى الله، وبيان الحق للناس وإرشادهم وتوجيههم إلى الخير، فهو نور جاءه بعدما أوحى الله إليه عليه الصلاة والسلام، وإلا فهو بشر من بني آدم خلق من ماء مهين، من ماء أبيه وأمه.
وأما ما يقوله بعض الناس، وبعض المخرفين، وبعض الصوفيين : إنه خلق من نور، أو إن أول شيء خلق هو نور محمد، فهذه كلها أخبار لا أصل لها، وكلها باطلة، وهي أخبار موضوعة لا أساس لها كما تقدم. وقد قال الله سبحانه في سورة الأحزاب: ** يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ** (1) ** وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ** (2) [الأحزاب: 45 ، 46] ، وذلك بما أوحى الله إليه من الكتاب والسنة عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) سورة الأحزاب الآية 45
(2) سورة الأحزاب الآية 46

(1/98)

الزعم بأن الدنيا بما فيها خلقت من أجل الرسول صلى الله عليه وسلم
س46: يقول سائل: لقد أصبح من المتعارف عليه وشائعا على ألسنة الناس عندنا وكأنما هو شيء بديهيا أن الدنيا بما فيها خلقت لأجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولولاه لم تكن ولم تخلق ولم توجد. نرجو من فضيلة الشيخ المجيب على أسئلة المستمعين الإجابة على سؤالي مع الأدلة

(1/98)

الشافية إن كان كما قيل، وجزيتم خيرا؟
الجواب: هذا ينقل من كلام بعض العامة وهم لا يفهمون، يقول بعض الناس: إن الدنيا خلقت من أجل محمد ولولا محمد ما خلقت الدنيا ولا خلق الناس وهذا باطل لا أصل له، وهذا كلام فاسد، فالله خلق الدنيا ليعرف ويعلم سبحانه وتعالى وليعبد جل وعلا، خلق الدنيا وخلق الخلق ليعرف بأسمائه وصفاته، وبقدرته وعلمه، وليعبد وحده لا شريك له ويطاع سبحانه وتعالى، لا من أجل محمد، ولا من أجل نوح، ولا موسى، ولا عيسى، ولا غيرهم من الأنبياء، بل خلق الله الخلق ليعبد وحده لا شريك له.
خلق الله الدنيا وسائر الخلق ليعبد ويعرف ويعظم، وليعلم أنه على كل شيء قدير، وأنه بكل شيء عليم، كما قال سبحانه وتعالى: ** وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ** (1) [الذاريات: 56] ، بين أنه خلقهم ليعبدوه، لا من أجل محمد عليه الصلاة والسلام.
ومحمد من جملتهم خلق ليعبد ربه، كما قال له سبحانه: ** واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ** (2) [الحجر: 99] ، وقال سبحانه وتعالى في سورة الطلاق: ** الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ** (3) [الطلاق: 12] ، وقال سبحانه وتعالى: ** وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ** (4) [ص: 27] . فالله جل وعلا خلق الخلق ليعبد، خلقه بالحق وللحق ليعبد ويطاع ويعظم، وليعلم أنه على كل شيء قدير، وأنه العالم بكل شيء سبحانه وتعالى.
__________
(1) سورة الذاريات الآية 56
(2) سورة الحجر الآية 99
(3) سورة الطلاق الآية 12
(4) سورة ص الآية 27

(1/99)

فأيها السائل، هذه الأشياء التي سمعتها باطلة لا أساس لها، لم يخلق الله الخلق، لا الجن، ولا الإنس، ولا السماء، ولا الأرض، ولا غير ذلك; لم يخلق ذلك من أجل محمد عليه الصلاة والسلام، ولا من أجل غيره من الرسل، وإنما خلق الخلق وخلق الدنيا ليعبد وحده لا شريك له، وليعرف بأسمائه وصفاته.
فهذا هو الحق، وهذا الذي قامت عليه الأدلة، وإن كان محمد صلى الله عليه وسلم هو أشرف الناس، وهو أفضل الناس عليه الصلاة والسلام وخاتم الأنبياء وسيد ولد آدم، لكن الله خلقه ليعبد ربه، وخلق الناس ليعبدوا ربهم سبحانه وتعالى، ما خلقهم من أجل محمد، وإن كان أفضل الناس، فاعرف هذا وبلغه لغيرك أيها السائل; لأن هذه مسألة مهمة، وقد وقع فيها بعض من ينتسب إلى العلم وهو من الجهلة ومن الغلاة، الذين ليس عندهم العلم الحقيقي الأصيل، وإنما هم في الحقيقة من الجهلة والعامة الذين ليس عندهم علم.
أما أهل العلم والبصائر فهم يعلمون أن هذا باطل، وأن الله خلق الخلق ليعبد وحده لا شريك له، وليعرف بأسمائه وصفاته وأنه الحكيم العليم، وأنه السميع المجيب، وأنه العليم القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، وأنه الكامل في صفاته وأسمائه وذاته وأفعاله سبحانه وتعالى كما سبق.

 

 

 

 


 

توقيع  أسامي عابرة
 

°°

سأزرعُ الحبَّ في بيداءَ قاحلةٍ
لربما جادَ بالسُقيا الذي عبَرا
مسافرٌ أنت و الآثارُ باقيةٌ
فاترك لعمرك ما تُحيي به الأثرَ .


اللهم أرزقني حسن الخاتمة و توفني وأنت راضٍ عني

°°
( )
°•°°•°
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة