(1/80)
قراءة الطالب للقرآن الكريمة في حصصه ، والطهارة لها
س 32: سائل يقول : هل يجب علي أن أتوضأ قبل كل حصة من حصص القرآن الكريم وأنا في المدرسة؟ أفيدونا أفادكم الله .
(1/80)
الجواب : ليس عليك الوضوء إذا كنت على طهارة، وكذلك إذا كانت القراءة عن ظهر قلب، أي من غير المصحف فليس عليك أن تتطهر .
أما إذا كانت القراءة من المصحف ، وقد أحدثت بعد الحصة الأولى، فعليك أن تتطهر للحصة الثانية، وهكذا الثالثة، فكلما أردت أن تقرأ من المصحف وأنت على غير وضوء، فعليك أن تتطهر; لما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « لا يمس القرآن إلا طاهر » (1) وهكذا أفتى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بأن المحدث لا يمس القرآن، وهو الذي عليه جمهور أهل العلم، من الأئمة الأربعة وغيرهم.
فالواجب عليك يا أخي إذا أردت القراءة من المصحف وأنت على غير طهارة أن تتوضأ الوضوء الشرعي، أما إذا كنت على جنابة فليس لك أن تقرأ، لا عن ظهر قلب ولا من المصحف حتى تغتسل، والله ولي التوفيق .
__________
(1) موطأ مالك النداء للصلاة (468).
(1/81)
حكم لمس الحائض والنفساء والجنب للكتب التي بها آيات قرآنية
س 33: سائلة تقول في رسالتها : هل يجوز لمس الكتاب الذي توجد فيه آيات قرآنية وأحاديث نبوية من قبل المرأة التي عليها عادة أو جنابة؟ أفيدونا أفادكم الله .
الجواب : نعم، لا بأس بذلك. لا بأس أن تلمس المرأة الكتاب الذي فيه آيات وأحاديث مثل صحيح البخاري ومثل زاد المعاد لابن القيم، وغيرها من الكتب الإسلامية التي بها آيات وأحاديث، مثل كتب
(1/81)
التفسير كذلك، ومثل تفسير ابن كثير وغيره، فلا حرج أن تلمس المرأة الجنب، والرجل الجنب كذلك، وهكذا الحائض والنفساء. لا حرج في ذلك عليها.
وإنما الممنوع القرآن نفسه، فليس للمرأة الجنب أو الحائض أو المحدث أن يمس القرآن- أي: المصحف- إلا على طهارة .
(1/82)
حول قراءة القرآن والطهارة
س 34: يقول السائل: أقرأ القرآن وخاصة بعض الآيات القصيرة غيبا ولكنني أكون في بعض الأحيان غير متوضئ أو غير طاهر. فهل يجوز لي أن أقرأ القرآن في هذه الحالة؟ أفيدوني أفادكم الله.
الجواب : يجوز للمسلم والمسلمة قراءة القرآن ولو كانا على غير طهارة إذا لم يكونا جنبين، فيجوز له أن يقرأ عن ظهر قلب سورا أو آيات، وأن يقرأ ما تيسر له من القرآن، مثل قصار المفصل، الزلزلة والعاديات والقارعة وغيرها، يقرأ ما تيسر له من القرآن عن ظهر قلب، أما من المصحف فلا يقرأ حتى يتوضأ، إذا كان يقرأ من المصحف فلا يمس المصحف حتى يتوضأ.
أما إذا كان عن ظهر قلب من غير مس المصحف فلا بأس أن يقرأ، إلا إذا كان جنبا، فالجنب لا يقرأ حتى يغتسل، قال علي رضي الله عنه: « كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجبه شيء عن القرآن إلا الجنابة » (1) ، وقال صلى الله عليه وسلم : « أما الجنب فلا ولا آية » (2) فالجنب لا يقرأ حتى يغتسل.
وأما الحائض والنفساء فلا تقرأا من المصحف لكن تقرأ عن ظهر
__________
(1) سنن الترمذي الطهارة (146),سنن النسائي الطهارة (265),سنن أبو داود الطهارة (229),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594),مسند أحمد بن حنبل (1/124).
(2) مسند أحمد بن حنبل (1/110).
(1/82)
قلب كالمحدث حدثا أصغر.
وقال بعض أهل العلم: إنهما كالجنب لا يقرآن ولو عن ظهر قلب؛ لأنهما كالجنب; لأن عليهم الغسل، والصحيح أنهما ليستا كالجنب لأن حدثهما يطول لأيام كثيرة، ويشق عليهما ترك القراءة، وربما ضيعتا حفظهما.
فالصحيح أنه يجوز لهما أن يقرآ عن ظهر قلب من الآيات كما يقرأ المحدث حدثا أصغر، وأما الجنب خاصة فهو الذي يمنع من القراءة حتى يغتسل، وأما من المصحف فيمنع الجميع، الجنب والحائض والنفساء والمحدث حدثا أصغر، كلهم يمنعون من المصحف حتى يتطهروا، لقول سبحانه: ** لا يمسه إلا المطهرون ** (1) في أحد قولي العلماء في تفسير الآية.
ولما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « لا يمس القرآن إلا طاهر » (2) وكتب بها إلى أهل اليمن ألا يمس القرآن إلا طاهر، وهو حديث له طرق يشد بعضها بعضا وجيد.
والخلاصة أن الجنب والحائض والنفساء ومن ليس على طهارة من ريح أو بول ليس لهم جميعا أن يقرؤوا من المصحف، وأما عن ظهر قلب فيجوز للمحدث حدثا أصغر أن يقرأ عن ظهر قلب، وللحائض والنفساء عن ظهر قلب على الصحيح، وأما الجنب فلا يقرأ القرآن عن ظهر قلب ولا من المصحف حتى يغتسل، هذا هو خلاصة البحث وهو مهم .
__________
(1) سورة الواقعة الآية 79
(2) موطأ مالك النداء للصلاة (468).
(1/83)
« خذ من القرآن ما شئت لما شئت »
هل هذا الأثر صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟
س 35: يقول السائل: ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم : « خذ من القرآن ما شئت لما شئت » ؟
الجواب : لا أعرف هذا الحديث، ولا أعتقد أنه صحيح، القرآن كلام الله عز وجل، وينبغي للمؤمن أن يكثر من تلاوته، وهكذا المؤمنة ينبغي أن تكثر من تلاوته مع التدبر والتعقل والعمل، لقول الله سبحانه: ** كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ** (1) [ص: 29] .
وقوله سبحانه : ** إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ** (2) [الإسراء : 9] . ولقوله عز وجل: ** قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ** (3) [فصلت: 44] . ولقوله سبحانه وتعالى: ** أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ** (4) [محمد: 24] .
فكتاب الله فيه الهدى والنور، فينبغي للمؤمنين جميعا والمؤمنات العناية بهذا الكتاب العظيم تلاوة وتدبرا وتعقلا وعملا في الليل والنهار وفي كل وقت .
__________
(1) سورة ص الآية 29
(2) سورة الإسراء الآية 9
(3) سورة فصلت الآية 44
(4) سورة محمد الآية 24
(1/84)
حكم من حرق القرآن الكريم سهوا أو عمدا
س 36: ما جزاء من قام بحرق القرآن الكريم سهوا ولم يعرف إلا بعد ما مضى هذا الفعل؟
(1/84)
الجواب : ليس عليه شيء ما دام سهوا مثل أن يحرقه وهو لا يدري أنه قرآن، وكذلك إذا حرقه عمدا لكونه متقطعا لا ينتفع به، حتى لا يمتهن، فلا بأس عليه; لأن القرآن إذا تقطع وتمزق ولم ينتفع به يحرق أو يدفن في محل طيب حتى لا يمتهن.
أما إذا حرقه كارها له، سابا له، مبغضا له، فهذا منكر عظيم وردة عن الإسلام. وهكذا لو قعد عليه، أو وطأ عليه برجله إهانة له، أو لطخه بالنجاسة، أو سبه وسب من تكلم به، فهذا كفر أكبر وردة عن الإسلام والعياذ بالله .
(1/85)
حكم الاستماع إلى تلاوة النساء للقرآن الكريم
س 37: ما حكم الاستماع إلى تلاوة النساء في مسابقات القرآن الكريم التي تقام سنويا في بعض البلاد الإسلامية؟ أفيدونا أفادكم الله.
الجواب : لا أعلم بأسا في هذا الشيء إذا كان النساء على حدة والرجال على حدة، من غير اختلاط في محل المسابقة، بل يكن على حدة، مع تسترهن وتحجبهن عن الرجال .
وأما المستمع فإذا استمع للفائدة والتدبر لكلام الله فلا بأس، أما مع التلذذ بأصواتهن فلا يجوز. أما إذا كان القصد الاستماع للفائدة، والتلذذ في استماع القرآن والاستفادة من القرآن فلا حرج إن شاء الله في ذلك .
(1/85)
حكم أخذ الأجر على التلاوة
س38: يقول السائل : إذا جاء الإنسان بشخص إلى بيته ليقرأ عنده القرآن، ويجزيه بعد ذلك بمبلغ من المال. فما حكم ذلك أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب : أخذ الأجرة على التلاوة أمر لا يجوز، وقد حكى بعض أهل العلم إجماع أهل العلم على ذلك، فلا يجوز أن يقرأ الإنسان بالأجرة، فلا يقوم بالتلاوة حتى يأخذ الأجرة في بيت فلان أو فلان، أو على ميت فلان، بل يقرأ احتسابا ولا يعطى أجرة .
أما إن أهدي هدية أو أعطي شيئا من دون مشارطة فنرجو ألا يكون عليه شيء في ذلك، من باب الإحسان إذا كان فقيرا، أما أن يكون مشارطة، يعني أن يكون اليوم بكذا، أو الجزء بكذا، أو السورة بكذا، فهذا منكر لا يجوز .
(1/86)
الاجتماع على قراءة يس عدة مرات ثم الدعاء
س 39: يوجد بالسجن بعض الأشخاص يجتمعون ويقرءون سورة يس، ثم يتقدم أحدهم ويدعو، والباقي يرفعون أيديهم ويؤمنون على دعائه، وتكون القراءة بعدد معين مرة أو أكثر. فهل جاء في القرآن أو السنة ما يؤيد هذا؟ أفيدونا أفادكم الله؟
الجواب : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه
(1/86)
ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين .
أما بعد: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتمع بأصحابه ويقرأ القرآن في مجالسه عليه الصلاة والسلام، ويذكر أصحابه ويعلمهم ويوجههم إلى الخير عليه الصلاة والسلام، وربما مر بالسجدة في القرآن فيسجد ويسجدون معه، وربما أمر بعض أصحابه أن يقرأ وهو يستمع كما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ذات يوم: « يا عبد الله اقرأ علي القرآن، فقال يا رسول الله كيف أقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إني أحب أن أسمعه من غيري -عليه الصلاة والسلام- قال عبد الله : فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت قوله تعالى: [النساء: 41] قال: حسبك. قال عبد الله : فنظرت إليه فإذا عيناه تذرفان » (2) عليه الصلاة والسلام، يعني يبكي لما تذكر هذا الموقف العظيم يوم القيامة عليه الصلاة والسلام.
فإذا اجتمع السجناء أو الإخوان في مجلس، أو في أي مكان، وقرءوا ما تيسر من القرآن وتدبروا وتعقلوا وتذكروا فهذا خير عظيم، وفيه فضل كبير ويستحب لمن يسمع القرآن أن ينصت، حتى يستفيد ويتدبر، وإذا دعوا بعد القراءة بما شاءوا من الدعاء فلا حرج في ذلك.
لكن كونهم يعتادون تكرار يس أو غيرها عددا معينا فهذا ما لا نعلم له أصلا ولكن يقرءون ما تيسر من يس أو من البقرة أو من غير ذلك، أو يتدارسون من أول القرآن إلى آخره، هذا يقرأ ثم يقرأ الآخر وهكذا، أو يقرأ هذا ثم يعيد القراءة هذا، حتى يستفيدوا جميعا ويتدبروا.
__________
(1) صحيح البخاري تفسير القرآن (4306),صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (800),سنن الترمذي تفسير القرآن (3025),سنن أبو داود العلم (3668),سنن ابن ماجه الزهد (4194),مسند أحمد بن حنبل (1/374).
(2) سورة النساء الآية 41 (1) ** فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا **
(1/87)
أما تخصيص عدد معين من السور وتكرار السورة فهذا ما لا أعلم له أصلا، وكذلك رفع الأيدي لا أعلم أنه وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في اجتماعاته مع الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فالأولى أن يكون الدعاء بما تيسر من غير رفع أيد، ومن غير دعاء جماعي، بل كل يدعو لنفسه بما تيسر بينه وبين نفسه، هذا هو الذي نعلمه من السنة، ولكن ينبغي على كل جالس التدبر والتعقل، وأن تكون القراءة مقصودة ليس لمجرد القراءة فقط.
ولكن يعتني المؤمن بما يقرأ وبما يسمع ويتدبر; لقوله عز وجل: ** كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ** (1) [ص: 29] فالمقصود من القراءة التدبر والتعقل والعمل والفائدة، نسأل الله التوفيق والهداية .
__________
(1) سورة ص الآية 29
(1/88)
دخول الخلاء بما فيه ذكر الله
س40: يقول السائل: إننا نتعامل بدنانير كتب عليها سورة الإخلاص، فهل يجوز أن أدخل بها الكنيف أم لا؟
وإن كان غير جائز فماذا أفعل وخاصة عندما أكون خارج المنزل في مكان لا آمن فيه؟
الجواب: هذا فيه تفصيل; إذا كنت في محل آمن فاتركها في خارج المرحاض أو الكنيف، كأن تكون عند أهلك، أو في مكان آخر مأمون حتى تخرج; تعظيما لكلام الله عز وجل، وهكذا إذا كان فيها ذكر الله فالأفضل إخراجها، كالخاتم الذي فيه ذكر الله، أو رسائل فيها ذكر الله،
(1/88)
تجعلها في الخارج إذا تيسر ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم « كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه » (1) خارجه، لأن فيه محمدا رسول الله.
أما إذا كنت في محل غير آمن فلا حرج عليك أن تدخل وهي معك; لأن الله يقول: ** فاتقوا الله ما استطعتم ** (2) [التغابن: 16] .
__________
(1) سنن الترمذي اللباس (1746),سنن النسائي الزينة (5213),سنن أبو داود الطهارة (19),سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (303).
(2) سورة التغابن الآية 16
(1/89)
إهداء قراءة القرآن الكريم للرسول صلى الله عليه وسلم أو لغيره
س41: ما حكم إهداء قراءة القرآن الكريم للرسول صلى الله عليه وسلم أو لغيره؟
الجواب: إهداء قراءة القرآن الكريم لروح الرسول صلى الله عليه وسلم والأموات لا أصل له، وليس بمشروع ولا فعله الصحابة رضي الله عنهم، والخير في اتباعهم.
ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم يعطى مثل أجورنا; عما فعلناه من الخير فله مثل أجورنا; لأنه الدال عليه عليه الصلاة والسلام، وقد قال عليه الصلاة والسلام: « من دل على خير فله مثل أجر فاعله » (1) ، فهو الذي دل أمته على الخير وأرشدهم إلى الخير; فإذا قرأ الإنسان أو صلى أو صام أو تصدق، فالرسول صلى الله عليه وسلم يعطى مثل أجور هؤلاء من أمته لأنه هو الذي دلهم على الخير وأرشدهم إليه عليه الصلاة والسلام، فلا حاجة به إلى أن يهدى له القراءة أو غيرها، لأن ذلك ليس له أصل كما تقدم.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: « من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد » (2) . وهكذا القراءة للأموات أيضا ليس لها أصل والواجب ترك ذلك.
أما الصدقة عن أموات المسلمين والدعاء لهم ، فكل ذلك مشروع،
__________
(1) صحيح مسلم الإمارة (1893),سنن الترمذي العلم (2671),سنن أبو داود الأدب (5129),مسند أحمد بن حنبل (4/120).
(2) صحيح البخاري الصلح (2550),صحيح مسلم الأقضية (1718),سنن أبو داود السنة (4606),سنن ابن ماجه المقدمة (14),مسند أحمد بن حنبل (6/256).
(1/89)
كما قال الله عز وجل في صفة عباده الصالحين التابعين للسلف الصالح: ** والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ** (1) الآية [الحشر: 10] .
وقد شرع الله صلاة الجنازة للدعاء والترحم عليهم، وهكذا الصدقة عن الميت تنفعه كما صحت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهكذا الحج عنهم، والعمرة، وقضاء الدين، كل ذلك ينفع الميت المسلم.
__________
(1) سورة الحشر الآية 10