هل أحست سارة بالغيرة من " هاجر " عندما ولدت إسماعيل ( عليه السلام ) ؟ 
إذا كان الجواب بنعم : فلماذا تشعر امرأة رفيعة المنزلة مثل " سارة " بالغيرة ؟ 
وهل كان شعورها بالغيرة هو السبب الذي من أجله أمِرَ إبراهيم ( عليه السلام ) 
بإرسال " هاجر " و " إسماعيل " ( عليه السلام ) إلى الصحراء ؟. 
الحمد لله 
غيرة المرأة من ضرائرها أمرٌ جُبلت عليه ، وهو غير مكتسب ، ولذا فإنها لا تؤاخذ عليه إلا أن تتعدى ، 
وتقع بسبب الغيرة فيما حرم الله عليها من ظلم أختها ، فتقع في غيبة أو نميمة أو تؤدي بها غيرتها 
إلى طلب طلاق ضرتها أو الكيد لها وما شابه ذلك . 
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : 
وأصل الغيرة غير مكتسب للنساء ، لكن إذا أفرطت في ذلك بقدر زائد عليه تلام ، وضابط ذلك ما ورد في الحديث 
عن جابر بن عتيك الأنصاري رفعه : 
( إِنَّ مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ ، وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ ) 
حسنه الشيخ الألباني في "الإرواء" (7/80) - ، 
فالغيرة منهما – أي : من الزوج والزوجة - إن كانت لما في الطباع البشرية التي لم يسلم منها أحد من النساء ، 
فتعذر فيها ، ما لم تتجاوز إلى ما يحرم عليها من قول أو فعل ، 
وعلى هذا يحمل ما جاء من السلف الصالح عن النساء في ذلك . " فتح الباري " ( 9 / 326 ) . 
وقال ابن مفلح رحمه الله : 
قال الطبري وغيره من العلماء : 
الغيرة مسامح للنساء فيها لا عقوبة عليهن فيها لما جُبِلن عليه من ذلك . " الآداب الشرعية " ( 1 / 248 ) . 
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله شرحاً لحديث كسر عائشة لإناء إحدى ضرائرها : 
وقالوا : أي جميع من شرحوا الحديث : فِيهِ إِشَارَة إِلَى عَدَم مُؤَاخَذَة الْغَيْرَاء بِمَا يَصْدُر مِنْهَا ، 
لأَنَّهَا فِي تِلْكَ الْحَالَة يَكُون عَقْلهَا مَحْجُوبًا بِشِدَّةِ الْغَضَب الَّذِي أَثَارَتْهُ الْغَيْرَة . 
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ لا بَأْس بِهِ عَنْ عَائِشَة مَرْفُوعًا : 
( أَنَّ الْغَيْرَاء لا تُبْصِر أَسْفَل الْوَادِي مِنْ أَعْلاهُ ) . " فتح الباري " ( 9 / 325 ) . 
وما وقع من فضليات النساء من الغيرة إنما هو مما لم يسلم منه أحد ، 
وهنَّ غير مؤاخذات عليه لأنه ليس في فعلهن تعدٍّ على شرع الله تعالى . 
وما حصل من غيرة " سارة " من هاجر هو من هذا الباب ، 
فطلب الزوجة من زوجها أن لا ترى ضرتها أو أن لا تجاورها أمرٌ غير مستنكر ، 
مع أن الذي ذكره أهل العلم أن إبراهيم عليه السلام هو الذي خرج بهاجر وابنه لا أن سارة زوجه طلبت منه ذلك . 
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : 
ويقال : إن سارة اشتدت بها الغيرة فخرج إبراهيم بإسماعيل وأمه إلى مكة لذلك . " فتح الباري " ( 6 / 401 ) . 
ويدل عليه قول هاجر : " يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟ 
فقالت له ذلك مراراً وجعل لا يلتفت إليها فقالت له : 
أالله الذي أمرك بهذا ؟ قال : نعم ، قالت : إذن لا يضيعنا " - رواه البخاري ( 3184 ) - . 
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : 
لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان : خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ومعهم شنة فيها ماء ... 
رواه البخاري ( 3185 ) . 
قال الحافظ : 
قوله – أي : ابن عباس - : " لما كان بين إبراهيم وبين أهله " يعني : سارة " ما كان "
 يعني : من غيرة سارة لما ولدت هاجر إسماعيل . " فتح الباري " ( 6 / 407 ) . 
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islam-qa.com/ar/ref/39686