بارك الله فيكم....
لطالما اُعْتبرت ظاهرة إخفاء العمر ظاهرة خاصة منذ الأزل بحواء محاولة منها لإخفاء سنها الحقيقية ،وربما لهذا السبب الوجيه لجأت السيدات إلى ما يحفظ شبابهن ولهذا السبب أيضاً اخترعت المساحيق، التي تطورت فيما بعد إلى (ماكياج) تخفي به المرأة آثار الزمن، ثم كان من حسن حظ حواء أن تطور الماكياج نفسه مع الزمن فأصبحت هناك مراكز تجميل وعمليات لشد الوجه وإزالة التجاعيد، وفي (غضون) ساعات تزيل المرأة (غضون) الزمن ! ومن المعروف أن حواء تضيف سنة إلى عمرها كل عام حتى تبلغ الخامسة والعشرين،ومن ثم تبدأ كل عام بإنقاص سنة من عمرها، وربما (تتكرم) على الزمن فيتوقف نموها عند الثلاثين على أقصى تقدير.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لماذا تريد حواء أن تظل صغيرة وجميلة إلى الأبد، ألم تصبح المرأة كما تزعم على قدم (المساواة) مع الرجل؟ أليس في رغبتها الاحتفاظ بشبابها الدائم اعتراف منها بأنها ستظل (الأنثى) رغم كل شيء؟!
إن ما اثبتته التقارير الطبية اليوم حول ميل الرجال الى عمليات التجميل واخفاء تجاعيد الزمن
تجعل الرأي الذي يقول ( أن هذه الظاهرة ، ظاهرة رجولية اصلا شأنها شأن المغالطات التي يفعلها الرجال ويسقطونها على النساء لالصاق كل السلبيات بالمرأة.) رأيا يلقى القبول !
في الوقت الذي لا زالت المرأة تتهم الرجال بأنهم جزء من المنظومة الاجتماعية من الضغوط النفسية والاجتماعية التي تمارس ضد المرأة وخاصة تسمية سنها المتقدمة (بسن اليأس).والتي تدفعها الى صنع الجمال والشباب بأية طريقة ، نتيجة تهافت الرجال على النساء الجميلات وعدم احترام مشاعرهن عند الكلام او التعبير عن جمال احداهن ، مما يجعل المرأة تهرع الى أسواق تشتري بها الجمال الزائف لإرضاء عيني زوجها على حد اعتقادها، وإرضاء ذاتها النفسية من مشاعر النقص.
وإن كان هناك أسباباً وراء اخفاء المرأة لسنها أهمها الصورة التي رسمتها الثقافات عن المرأة وهي صورة المرأة المرتبطة بالخصوبة والمرأة الشابة وما يسمونه (حواء الخالدة) التي تستطيع أن تبقى دائماً جميلة سواء في عيون زوجها أو عيون المجتمع ككل، ولكن صورة المرأة كإنسان وكائن طبيعي له طفولته وصباه وشبابه وكهولته هي صورة غير متداولة وغير معترف بها ، فما هي الأسباب الخفية التي تدفع الرجال الى ذلك يا ترى ؟
وان كان الأمر لا زال موضع حيرة ، ولا زالت الحقيقة ضائعة حول الصاحب الحقيقي لهذه الظاهرة ان كان الذكر أم الأنثى. إلا أنني أجزم أنه وان كان الجمال والشباب حلم جميع النساء ، إلا ان ذلك لا يمكن أن يطبق على جميع الرجال ، رغم أن الإحصائيات الطبية التجميلية تقول أنه ستتساوى نسبة الرجال الذين يقومون بهذه العمليات مع نسبة النساء في المستقبل القريب !
بشكل خاص فإن لكل مرحلة جمالياتها وخصائصها ، ولا بد للإنسان أن يقتنع أنه سيكبر وسيهرم ، وأن يكون هذا مقبولا لديه دون أن يعرض حياته وصحته التي يكون بأمس الحاجة اليها في مرحلة الكهولة والهرم، حيث يقل بناء الجسم ومقاومته ويبدأ في اختزان الأمراض والمتاعب.
على العموم ...
لم يعد التجميل مقتصرا على اخفاء غضون الزمن ، بل أن تغيير الملامح لمن لا يعجبها شكلها أو تشعر بالرغبة في منافسة الأخريات ، أو الرغبة في التقليد .أصبح متاحا جدا لكل النساء !
والطريف في الأمر ، أن عمليات التجميل على اختلاف انواعها منتشرة بكثرة في بلادنا العربية، ولم يعد الأمر يقتصر على الفنانات ونجوم السينما ، بل انتقل الى العوام ايضا ، والمضحك أكثر - أن جميع النساء أصبحن متشابهات . - يكفي أن تحمل المرأة صورة لإحداهن وتذهب الى عيادة التجميل ، ليصنع لها الجمال المطلوب.