عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 04-10-2005, 10:41 AM   #2
معلومات العضو
أبو البراء

لموقع ومنتدى الرقية الشرعية - مؤلف ( الموسوعة الشرعية في علم الرقى )
 
الصورة الرمزية أبو البراء
 

 

افتراضي

الأخ الحبيب ( المقنع ) حفظه الله ورعاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

كي تعلم حقيقة هذا الصحابي الجليل فإليك ملخص لسرة حياته - رضي الله عنه وأرضاه - وقيها الإجابة الكافية الشافية لما طرح :

أبو هريرة الدوسي رضي الله عنه :

وقد اختلف في اسمه في الجاهلية والإسلام واسم أبيه على أقوال متعددة قد بسطنا أكثرها في كتابنا " التكميل " ، وقد بسط ذلك الحافظ ابن عساكر في " تاريخه " ، والأشهر أن اسمه عبد الرحمن بن صخر ، وهو من الأزد ، ثم من دوس . ويقال : كان اسمه في الجاهلية عبد شمس . وقيل : عبد نهم . وقيل : عبد غنم . ويكنى بأبي الأسود ، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله . وقيل : عبد الرحمن . وكناه بأبي هريرة .

وروى عنه أنه قال : وجدت هريرة وحشية ، فأخذت أولادها ، فقال لي أبي : ما هذه في حجرك ؟ فأخبرته ، فقال : أنت أبو هريرة 0

وثبت في " الصحيح " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " يا أبا هر " . وثبت أنه قال له : " يا أبا هريرة 0

قال محمد بن سعد وابن الكلبي والطبراني : واسم أمه ميمونة بنت صبيح بن الحارث بن أبي صعب بن هنية بن سعد بن ثعلبة . أسلمت وماتت مسلمة .

وروى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير الطيب ، وكان من حفاظ الصحابة ، وروى عن أبى بكر ، وعمر ، وأبي بن كعب ، وأسامة بن زيد ، وبصرة بن أبي بصرة ، والفضل بن العباس ، وكعب الأحبار ، وعائشة أم المؤمنين . وحدث عنه خلائق من أهل العلم ، قد ذكرناهم مرتبين على حروف المعجم في " التكميل " ، كما ذكرهم شيخنا في " تهذيبه " .

قال البخاري : روى عنه نحو من ثمانمائة رجل أو اكثر من أهل العلم ، من الصحابة والتابعين وغيرهم . وقال عمرو بن علي الفلاس : كان ينزل المدينة وكان إسلامه سنة خيبر . قال الواقدي : وكان له بذي الحليفة دار . وقال غيره : كان آدم اللون ، بعيد ما بين المنكبين ، ذا طفيرتين ، أفرق الثنيتين .

وقال أبو داود الطيالسي وغير واحد ، عن أبي خلدة خالد بن دينار ، عن أبي العالية ، عن أبي هريرة قال : لما أسلمت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ممن أنت ؟ " فقلت : من دوس . فوضع يده على جبهته وقال : " ما كنت أرى أن في دوس رجلا فيه خير " .

وقال الزهري ، عن سعيد ، عن أبي هريرة قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر .
وروى عبد الرزاق ، عن سفيان بن عيينة ، عن إسماعيل ، عن قيس قال : قال أبو هريرة جئت يوم خيبر بعد ما فرغوا من القتال .

وقال يعقوب بن سفيان : حدثنا سعيد بن أبي مريم ، ثنا الدراوردي قال : حدثني خيثم عن عراك بن مالك ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستخلف على المدينة سباع بن عرفطة . قال أبو هريرة وقدمت المدينة مهاجرا فصليت الصبح وراء سباع ، فقرأ في السجدة الأولى سورة " مريم " ، وفي الثانية " ويل للمطففين " . قال أبو هريرة فقلت في نفسي : ويل لأبي فلان . لرجل كان بأرض الأزد ، كان له مكيالان ؛ مكيال يكتال به لنفسه ، ومكيال يبخس به الناس .

وقد ثبت في " صحيح البخاري " أنه ضل غلام له في الليلة التي اجتمع في صبيحتها برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه جعل ينشد :

يا ليلة من طولها وعنائها على أنها من دارة الكفر نجت

فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " هذا غلامك " . فقال : هو حر لوجه الله عز وجل 0

وقد لزم أبو هريرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إسلامه ، فلم يفارقه في حضر ولا سفر ، وكان أحرص شيء على سماع الحديث منه ، وتفقه عنه ، وكان يلزمه على شبع بطنه .

وقال أبو هريرة - وقد تمخط يوما في قميص له من كتان - : بخ بخ أبو هريرة يتمخط في الكتان ! لقد رأيتني أخر فيما بين المنبر والحجر من الجوع ، فيمر المار فيقول : به جنون . وما بي إلا الجوع ، والله الذي لا إله إلا هو لقد كنت أعتمد بكبدي على الأرض من الجوع ، وأشد الحجر على بطني من الجوع ، ولقد كنت أستقرئ أحدهم الآية وأنا أعلم بها منه ، وما بي إلا أن يستتبعني إلى منزله فيطعمني شيئا . وذكر حديث اللبن مع أهل الصفة ، كما قدمناه في ذكر دلائل النبوة .

وقال الإمام أحمد : ثنا عبد الرحمن ، ثنا عكرمة بن عامر ، حدثني أبو كثير ، وهو يزيد بن عبد الرحمن بن أذينة السحيمى الأعمى ، حدثني أبو هريرة وقال لنا والله ما خلق الله مؤمنا يسمع بي ولا يراني إلا أحبني . قلت : وما علمك بذلك يا أبا هريرة ؟ قال : إن أمي كانت امرأة مشركة ، وإني كنت أدعوها إلى الإسلام وكانت تأبى علي ، فدعوتها يوما ، فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي ، فقلت : يا رسول الله ، إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فكانت تأبى علي ، وإني دعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره ، فادع الله أن يهدى أم أبي هريرة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم اهد أم أبي هريرة " فخرجت أعدو أبشرها بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أتيت الباب إذا هو مجاف ، وسمعت خضخضة الماء ، وسمعت خشف رجل - يعني وقعها - فقالت : يا أبا هريرة ، كما أنت . ثم فتحت الباب ، وقد لبست درعها ، وعجلت عن خمارها ، فقالت : إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله . فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أبكي من الفرح كما بكيت من الحزن ، فقلت : يا رسول الله ، أبشر ، فقد استجاب الله دعاءك ، وقد هدى أم أبي هريرة . وقلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يحببني وأمي إلى عبادة المؤمنين ويحببهم إلينا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين ، وحببهم إليهما " . قال أبو هريرة فما خلق الله من مؤمن يسمع بي ولا يراني أو يرى أمي إلا وهو يحبني وقد رواه مسلم ، من حديث عكرمة بن عمار بإسناده نحوه .

وهذا الحديث من دلائل النبوة ، فإن أبا هريرة محبب إلى جميع الناس ، وقد شهر الله ذكره بما قدره من إيراد هذا الخبر عنه ، الذي رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإنصات يوم الجمعة عند الخطبة ، على رءوس الناس في المحافل الكثيرة المتعددة في سائر الأقاليم ، وهذا قدرة الله ويسره من شهر ذكره ، ومحبة الناس له ، رضي الله عنه .

وقال هشام بن عمار : ثنا سعيد ، ثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن المقبري ، عن سالم مولى النضريين ، أنه سمع أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما محمد بشر ، أغضب كما يغضب البشر ، وإني قد اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه ، فأيما رجل من المسلمين آذيته أو شتمته أو جلدته فاجعلها له قربة تقربه بها عندك يوم القيامة " قال أبو هريرة لقد رفع على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الدرة ليضربني بها ، لأن يكون ضربني بها أحب إلي من حمر النعم ؛ ذلك بأني أرجو أن أكون مؤمنا ، وأن يستجاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته 0

وقال ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال قلت : يا رسول الله ، إني أسمع منك حديثا كثيرا أنساه . فقال : " أبسط رداءك " . فبسطته ، ثم قال : " ضمه " . فضممته ، فما نسيت حديثا بعد رواه البخاري .

وقال الإمام أحمد : ثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن الأعرج قال : سمعت أبا هريرة يقول إنكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله الموعد ، إني كنت امرأ مسكينا ، أصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني ، وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق ، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم ، فحضرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا ، فقال : " فبسطت بردة علي حتى قضى حديثه ، ثم قبضتها إلي ، فوالذي نفسي بيده ما نسيت شيئا سمعته منه وقد رواه ابن وهب عن يونس ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ، وله طرق أخر عنه . وقد قيل : إن هذا كان خاصا بتلك المقالة المعينة لم ينس منها شيئا ، بدليل أنه نسي بعض الأحاديث كما هو مصرح به في " الصحيح " ، حيث نسي حديث لا عدوى ولا طيرة مع حديثه لا يورد ممرض على مصح وقيل : إن هذا كان عاما في تلك المقالة وغيرها . والله أعلم .

وقال الدراوردي ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة أنه قال يا رسول الله ، من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ فقال : " لقد ظننت يا أبا هريرة ألا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك ؛ لما رأيت من حرصك على الحديث ، إن أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال : لا إله إلا الله ، خالصا من قبل نفسه " ورواه البخاري من حديث عمرو ابن أبي عمرو به .

وقال ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة ، أنه قال : حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين ، فأما أحدهما فبثثته في الناس ، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم . ورواه البخاري من حديث ابن أبي ذئب ورواه غير واحد ، عن أبي هريرة .

وهذا الوعاء الذي كان لا يتظاهر به هو الفتن والملاحم ، وما وقع بين الناس من الحروب والقتال وما سيقع ، التي لو أخبر بها قبل كونها لبادر كثير من الناس إلى تكذيبه ، وردوا ما أخبر به من الحق ، كما قال : لو أخبرتكم أنكم تقتلون إمامكم وتقتتلون فيما بينكم بالسيوف لما صدقتموني . وقد يتمسك بهذا الحديث طوائف من أهل الأهواء والبدع الباطلة ، والأعمال الفاسدة ، ويسندون ذلك إلى هذا الجراب الذي لم يقله أبو هريرة ويعتقدون أن ما هم عليه كان في هذا الجراب الذي لم يخبر به أبو هريرة وما من مبطل - مع تضاد أقوالهم وأعمالهم - إلا ويدعي شيئا من هذا ، وكلهم يكذبون ، فإذا لم يكن أبو هريرة قد أخبر به فمن علمه بعده ؟ ! وإنما كان الذي فيه شيء من الفتن والملاحم قد أخبر بها هو وغيره من الصحابة ، مما ذكرناه ومما سنذكره في كتاب " الفتن والملاحم " .

وقال حماد بن زيد : ثنا عمرو بن عبيد الأنصاري ، ثنا أبو لزعيزعة كاتب مروان بن الحكم أن مروان دعا أبا هريرة - وأقعده خلف السرير - وجعل مروان يسأل وجعلت أكتب ، حتى إذا كان عند رأس الحول دعا به - وأقعده من وراء الحجاب - فجعل يسأله عن ذلك الكتاب ، فما زاد ولا نقص ، ولا قدم ولا أخر .

وروى أبو بكر بن عياش وغيره ، عن الأعمش عن أبي صالح قال : كان أبو هريرة من أحفظ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن بأفضلهم . وقال الربيع : قال الشافعي أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره .

وقال أبو القاسم البغوي ثنا أبو خيثمة ، ثنا الوليد بن مسلم ، ثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن مكحول قال : تواعد الناس ليلة من الليالي إلى قبة من قباب معاوية ، فاجتمعوا فيها ، فقام أبو هريرة فحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح .

وقال سفيان بن عيينة ، عن معمر ، عن وهب بن منبه عن أخيه همام بن منبه قال : سمعت أبا هريرة يقول : ما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني ، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ؛ فإنه كان يكتب ولا أكتب .

وقال أبو زرعة الدمشقي : حدثني محمد بن زرعة الرعيني ، ثنا مروان بن محمد ثنا سعيد بن عبد العزيز ، عن إسماعيل بن عبيد الله ، عن السائب بن يزيد قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبي هريرة : لتتركن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لألحقنك بأرض دوس . وقال لكعب الأحبار : لتتركن الحديث أو لألحقنك بأرض القردة . وقال أبو زرعة وقد سمعت أبا مسهر يذكره عن سعيد بن عبد العزيز نحوا منه ، ولم يسنده . وهذا محمول من عمر على أنه خشى من الأحاديث التي يضعها الناس على غير مواضعها ، وأنهم يتكلون على ما فيها من أحاديث الرخص ، أو أن الرجل إذا أكثر من الحديث ربما وقع في أحاديثه بعض الغلط أو الخطأ فيحملها الناس عنه ، أو نحو ذلك .

وقد جاء أن عمر أذن له بعد ذلك في الحديث ، فقال مسدد : ثنا خالد الطحان ، ثنا يحيى بن عبيد الله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال بلغ عمر حديثي ، فأرسل إلي فقال : كنت معنا يوم كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت فلان ؟ قال : قلت : نعم ، وقد علمت لم سألتني عن ذلك . قال : ولم سألتك ؟ قلت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ : " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار " . قال : إما لي فاذهب فحدث 0

وقال الإمام أحمد : ثنا عفان ، ثنا عبد الواحد - يعني ابن زياد - ثنا عاصم بن كليب ، حدثني أبي قال : سمعت أبا هريرة يقول - وكان يبتدئ حديثه بأن يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو القاسم الصادق المصدوق - من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وروى مثله من وجه آخر عنه .

وقال ابن وهب حدثني يحيى بن أيوب ، عن محمد بن عجلان ، أن أبا هريرة كان يقول : إني لأحدث أحاديث لو تكلمت بها في زمان عمر - أو عند عمر - لشج رأسي .

وقال صالح بن أبي الأخضر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، سمعت أبا هريرة يقول : ما كنا نستطيع أن نقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . حتى قبض عمر .

وقال محمد بن يحيى الذهلي : ثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري قال : قال عمر : أقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فيما يعمل به . قال : ثم يقول أبو هريرة أفكنت محدثكم بهذه الأحاديث وعمر حي ؟ ! أما والله إذا لأيقنت أن المخففة ستباشر ظهري .

فإن عمر كان يقول : اشتغلوا بالقرآن ، فإن القرآن كلام الله . ولهذا لما بعث أبا موسى إلى العراق قال له : إنك تأتي قوما لهم في مساجدهم دوي بالقرآن كدوي النحل ، فدعهم على ما هم عليه ، ولا تشغلهم بالأحاديث ، وأنا شريكك في ذلك . وهذا معروف عن عمر ، رضي الله عنه .

وقال الإمام أحمد : حدثنا هشيم ، عن يعلى بن عطاء ، عن الوليد بن عبد الرحمن ، عن ابن عمر ، أنه مر بأبي هريرة وهو يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط ، فإن شهد دفنها فله قيراطان ، القيراط أعظم من أحد فقال له ابن عمر : أبا هر ، انظر ما تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقام إليه أبو هريرة حتى انطلق به إلى عائشة ، فقال لها : يا أم المؤمنين ، أنشدك بالله أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط ، فإن شهد دفنها فله قيراطان ؟ فقالت : اللهم نعم . فقال أبو هريرة إنه لم يكن يشغلني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس بالودي ولا صفق بالأسواق ، إني إنما كنت أطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة يعلمنيها ، أو أكلة يطعمنيها . فقال له ابن عمر : أنت يا أبا هر كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلمنا بحديثه .

وقال الواقدي : حدثني عبد الله بن نافع ، عن أبيه قال : كنت مع ابن عمر في جنازة أبي هريرة وهو يمشي أمامها ويكثر الترحم عليه ، ويقول : كان ممن يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين .

وقد روى أن عائشة تأولت أحاديث كثيرة من أبي هريرة ، ووهمته في بعضها . وفي " الصحيح " أنها عابت عليه سرد الحديث . أي الإكثار منه في الساعة الواحدة .

وقال أبو القاسم البغوي ثنا بشر بن الوليد الكندي ، ثنا إسحاق بن سعيد ، عن سعيد ، أن عائشة قالت لأبي هريرة : أكثرت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة . قال : إني والله ما كانت تشغلني عنه المكحلة والخضاب ، ولكني أرى ذلك شغلك عما استكثرت من حديثي . قالت : لعله .

وقال أبو يعلى : ثنا إبراهيم الشامي ، ثنا حماد بن سلمة عن ثابت ، عن أبي رافع ، أن رجلا من قريش أتى أبا هريرة في حلة يتبختر فيها ، فقال : يا أبا هريرة ، إنك تكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهل سمعته يقول في حلتي هذه شيئا ؟ قال : والله إنكم لتؤذوننا ، ولولا ما أخذ الله على أهل الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه ما حدثتكم بشيء ، سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول إن رجلا ممن كان قبلكم بينما هو يتبختر في حلة إذ خسف الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها حتى تقوم الساعة فوالله ما أدري لعله كان من قومك . أو : من رهطك . شك أبو يعلى .

وقال محمد بن سعد : ثنا محمد بن عمر ، حدثني كثير بن زيد ، عن الوليد بن رباح قال : سمعت أبا هريرة يقول لمروان : والله ما أنت وال ، وإن الوالي لغيرك فدعه - يعني حين أرادوا أن يدفنوا الحسن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - ولكنك تدخل فيما لا يعنيك ، إنما تريد بهذا إرضاء من هو غائب عنك . يعني معاوية . قال : فأقبل عليه مروان مغضبا ، فقال : يا أبا هريرة ، إن الناس قد قالوا : إنك أكثرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث . وإنما قدمت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيسير . فقال أبو هريرة نعم ، قدمت والله ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر سنة سبع ، وأنا يومئذ قد زدت على الثلاثين سنة سنوات ، وأقمت معه حتى توفي ، أدور معه في بيوت نسائه وأخدمه ، وأنا والله يومئذ مقل ، وأصلي خلفه وأغزو وأحج معه ، فكنت والله أعلم الناس بحديثه ، قد والله سبقني قوم - بصحبته والهجرة - من قريش والأنصار ، فكانوا يعرفون لزومي له ، فيسألوني عن حديثه ، منهم عمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير ، فلا والله ما يخفى علي كل حدث كان بالمدينة ، وكل من أحب الله ورسوله ، وكل من كانت له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة ، وكل صاحب له ، فكان أبو بكر صاحبه في الغار ، وغيره قد أخرجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة أن يساكنه . يعرض بأبي مروان الحكم بن أبي العاص . ثم قال أبو هريرة ليسألني أبو عبد الملك عن هذا وأشباهه ، فإنه يجد عندي منه علما جما ومقالا . قال : فوالله ما زال مروان يقصر عن أبي هريرة ويتقيه بعد ذلك ويخافه ويخاف جوابه .

وفي رواية أن أبا هريرة قال لمروان : إني أسلمت وهاجرت اختيارا وطوعا ، وأحببت رسول الله صلى الله عليه وسلم حبا شديدا ، وأنتم أهل الدار وموضع الدعوة ، أخرجتم الداعي من أرضه ، وآذيتموه وأصحابه ، وتأخر إسلامكم عن إسلامي إلى الوقت المكروه إليكم . فندم مروان على كلامه له واتقاه .

وقال ابن أبي خيثمة : ثنا هارون بن معروف ، ثنا محمد بن سلمة ، ثنا محمد بن إسحاق ، عن عمر أو عثمان بن عروة ، عن أبيه - يعني عروة بن الزبير بن العوام - قال : قال لي أبي الزبير : أدنني من هذا اليماني - يعني أبا هريرة - فإنه يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فأدنيته منه ، فجعل أبو هريرة يحدث ، وجعل الزبير يقول : صدق ، كذب ، صدق ، كذب . قال : قلت : يا أبة ، ما قولك : صدق ، كذب ؟ قال : يا بني ، أما أن يكون سمع هذه الأحاديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أشك ، ولكن منها ما وضعه على مواضعه ، ومنها ما وضعه على غير مواضعه .

وقال علي بن المديني ، عن وهب بن جرير عن أبيه ، عن محمد بن إسحاق ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي أنس بن أبي عامر قال : كنت عند طلحة بن عبيد الله إذ دخل رجل فقال : يا أبا محمد ، والله ما ندري هذا اليماني أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم ، أم يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل ؟ فقال طلحة : والله ما نشك أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع ، وعلم ما لم نعلم ، إنا كنا قوما أغنياء ، لنا بيوتات وأهلون ، وكنا نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار ، ثم نرجع ، وكان مسكينا لا مال له ولا أهل ، وإنما كانت يده مع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يدور معه حيثما دار ، فما نشك أنه قد علم ما لم نعلم ، وسمع ما لم نسمع . وقد رواه الترمذي بنحوه .

وقال شعبة ، عن أشعث بن سليم ، عن أبيه قال : سمعت أبا أيوب يحدث عن أبي هريرة ، فقيل له : أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدث عن أبي هريرة ؟ ! فقال : إن أبا هريرة قد سمع ما لم نسمع ، وإني أن أحدث عنه أحب إلي من أن أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . يعني : ما لم أسمعه منه .

وقال مسلم بن الحجاج ثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، ثنا مروان الدمشقي ، عن الليث بن سعد حدثني بكير بن الأشج قال : قال لنا بسر بن سعيد : اتقوا الله وتحفظوا من الحديث ، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة ، فيحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحدثنا عن كعب الأحبار ثم يقوم فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كعب ، وحديث كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفي رواية : يجعل ما قاله كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كعب ، فاتقوا الله وتحفظوا في الحديث .

وقال يزيد بن هارون سمعت شعبة يقول أبو هريرة كان يدلس . رواه ابن عساكر . وكان شعبة يشير بهذا إلى حديثه من أصبح جنبا فلا صيام له فإنه لما حوقق عليه قال : أخبرنيه مخبر ، ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال شريك ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : كان أصحابنا يدعون من حديث أبي هريرة . وروى الأعمش عن إبراهيم قال : ما كانوا يأخذون بكل حديث أبي هريرة .

قال الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم قال : كانوا يرون في أحاديث أبي هريرة شيئا ، وما كانوا يأخذون من حديثه إلا ما كان من حديث جنة أو نار . وقد انتصر ابن عساكر لأبي هريرة ، ورد هذا الذي قاله إبراهيم النخعي وقد قال ما قاله إبراهيم طائفة من الكوفيين ، والجمهور على خلافهم .


وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه ، من الصدق والحفظ والديانة والعبادة والزهادة والعمل الصالح على جانب عظيم .

قال حماد بن زيد ، عن عباس الحريري ، عن أبي عثمان النهدي قال : كان أبو هريرة يقوم ثلث الليل ، وامرأته ثلثه ، وابنته ثلثه ، يقوم هذا ، ثم يوقظ هذا ، ثم يوقظ هذا وهذا .

وفي " الصحيحين " عنه أنه قال : أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر ، وركعتي الضحى ، وأن أوتر قبل أن أنام .

وقال ابن جريج عمن حدثه قال : قال أبو هريرة إني أجزئ الليل ثلاثة أجزاء ، فجزء لقراءة القرآن ، وجزء أنام فيه ، وجزء أتذكر فيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال محمد بن سعد : ثنا مسلم بن إبراهيم ، ثنا إسحاق بن عثمان القرشي ، ثنا أبو أيوب قال : كان لأبي هريرة مسجد في مخدعه ، ومسجد في بيته ، ومسجد في حجرته ، ومسجد على باب داره ، إذا خرج صلى فيها جميعها ، وإذا دخل صلى فيها جميعها .

وقال عكرمة : كان أبو هريرة يسبح كل يوم ثنتي عشرة ألف تسبيحة ، ويقول : أسبح على قدر ديتي .

وقال هشيم ، عن يعلى بن عطاء ، عن ميمون بن أبي ميسرة قال : كانت لأبي هريرة صيحتان في كل يوم ، أول النهار يقول : ذهب الليل وجاء النهار ، وعرض آل فرعون على النار . وإذا كان العشي يقول : ذهب النهار وجاء الليل ، وعرض آل فرعون على النار . فلا يسمع أحد صوته إلا استعاذ بالله من النار .

وقال عبد الله بن المبارك : ثنا موسى بن عبيدة ، عن زياد بن ثوبان ، عن أبي هريرة قال : لا تغبطن فاجرا بنعمة ، فإن من ورائه طالبا حثيثا طلبه ؛ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا

وقال ابن لهيعة عن أبي يونس ، عن أبي هريرة أنه صلى بالناس يوما ، فلما سلم رفع صوته فقال : الحمد لله الذي جعل الدين قواما ، وجعل أبا هريرة إماما ، بعدما كان أجيرا لابنة غزوان على شبع بطنه وحمولة رجله . ثم يقول : والله يا أهل الإسلام ، إن كانت إجارتي معهم إلا على كسرة يابسة وعقبة في ليلة غبراء مظلمة ، ثم زوجنيها الله ، فكنت أركب إذا ركبوا ، وأخدم إذا نزلوا .

وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي : ثنا عفان ، ثنا سليم بن حيان ، قال : سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة قال : نشأت يتيما ، وهاجرت مسكينا ، وكنت أجيرا لابنة غزوان بطعام بطني وعقبة رجلي ، أحدو بهم إذا ركبوا ، وأحتطب إذا نزلوا ، فالحمد لله الذي جعل الدين قواما وجعل أبا هريرة إماما .

وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني : ثنا الحجاج بن نصير ، ثنا هلال بن عبد الرحمن الحنفي ، عن عطاء بن أبي ميمونة ، عن أبي سلمة قال : قال أبو هريرة وأبو ذر : باب من العلم نتعلمه أحب إلينا من ألف ركعة تطوعا ، وباب نعلمه - عملنا به أو لم نعمل به - أحب إلينا من مائة ركعة تطوعا . وقالا : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا جاء طالب العلم الموت وهو على هذه الحال ، مات وهو شهيد " . وهذا حديث غريب من هذا الوجه .

وروى غير واحد عن أبي هريرة ، أنه كان يتعوذ في سجوده أن يزنى أو يسرق أو يكفر أو يعمل بكبيرة . فقيل له : أتخاف ذلك ؟ فقال : ما يؤمنني وإبليس حي ، ومصرف القلوب يصرفها كيف يشاء ؟

وقالت له ابنته : يا أبت ، إن البنات يعيرنني يقلن : لم لا يحليك أبوك بالذهب ؟ فقال : يا بنية ، قولي لهن : إن أبي يخشى علي حر اللهب .

وقال أبو هريرة أتيت عمر بن الخطاب فقمت له وهو يسبح بعد الصلاة ، فانتظرته ، فلما انصرف دنوت منه ، فقلت : أقرأني آيات من كتاب الله - قال : وما أريد إلا الطعام - قال : فأقرأني آيات من سورة " آل عمران " ، فلما بلغ أهله دخل وتركني على الباب فأبطأ ، فقلت : ينزع ثيابه ثم يأمر لي بطعام . فلم أر شيئا ، فلما طال علي قمت فمشيت ، فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلمني فقال يا أبا هريرة ، إن خلوف فمك الليلة لشديد . فقلت : أجل يا رسول الله ، لقد ظللت صائما وما أفطرت بعد ، وما أجد ما أفطر عليه . قال : " فانطلق " . فانطلقت معه حتى أتى بيته ، فدعا جارية له سوداء ، فقال : " ائتينا بتلك القصعة " . فأتتنا بقصعة فيها وضر من طعام ، أراه شعيرا قد أكل وبقي في جوانبها بعضه وهو يسير ، فسميت وجعلت أتتبعه ، فأكلت حتى شبعت 0

وقال الطبراني : ثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين ، أن أبا هريرة قال لابنته : لا تلبسي الذهب ، فإني أخشى عليك حر اللهب . وقد روى هذا عن أبي هريرة من طرق .

وقال الإمام أحمد : حدثنا حجاج ، ثنا شعبة ، عن سماك بن حرب ، عن أبي الربيع ، عن أبي هريرة ، أنه قال : إن هذه الكناسة مهلكة دنياكم وآخرتكم . يعني الشهوات وما يأكلونه .

وروى الطبراني ، عن ابن سيرين عن أبي هريرة ، أن عمر بن الخطاب دعاه ليستعمله ، فأبى أن يعمل له ، فقال : أتكره العمل ، وقد عمل من هو خير منك - أو قال : قد طلبه من هو خير منك ؟ - قال : من ؟ قال : يوسف عليه السلام . فقال أبو هريرة يوسف نبي ابن نبي ، وأنا أبو هريرة بن أميمة ، فأخشى ثلاثا و اثنتين . فقال عمر : أفلا قلت خمسا ؟ قال : أخشى أن أقول بغير علم ، وأقضي بغير حكم ، وأن يضرب ظهري ، وينتزع ما لي ، ويشتم عرضي .

وقال سعيد بن أبي هند ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : " ألا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني أصحابك ؟ " فقلت : أسألك أن تعلمني مما علمك الله . قال : فنزعت نمرة على ظهري ، فبسطها بيني وبينه حتى كأني أنظر إلى القمل يدب عليها ، فحدثني حتى إذا استوعب حديثه قال : " اجمعها إليك فصرها " . فأصبحت لا أسقط حرفا مما حدثني .

وقال أبو عثمان النهدي : قلت لأبي هريرة : كيف تصوم ؟ قال : أصوم أول الشهر ثلاثا ، فإن حدث بي حدث كان لي أجر شهري .

وقال حماد بن سلمة عن ثابت ، عن أبي عثمان النهدي ، أن أبا هريرة كان في سفر ومعه قوم ، فلما نزلوا وضعوا السفرة وبعثوا إليه ليأكل معهم فقال : إني صائم . فلما كادوا أن يفرغوا من أكلهم جاء فجعل يأكل ، فجعل القوم ينظرون إلى رسولهم الذي أرسلوه إليه ، فقال لهم : أراكم تنظرون إلي ، قد والله أخبرني أنه صائم . فقال أبو هريرة صدق ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " صوم شهر الصبر وصوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر " . وقد صمت ثلاثة أيام من أول الشهر ، فأنا مفطر في تخفيف الله ، صائم في تضعيف الله عز وجل .

وروى الإمام أحمد ، حدثنا عبد الملك بن عمرو ، ثنا إسماعيل ، عن أبي المتوكل ، عن أبي هريرة ، أنه كان هو وأصحاب له إذا صاموا يجلسون في المسجد ، وقالوا : نظهر صيامنا .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو عبيدة الحداد ، حدثنا عثمان الشحام أبو سلمة ، ثنا فرقد السبخي قال : كان أبو هريرة يطوف بالبيت ، وهو يقول : ويل لي من بطني ، إن أشبعته كظني ، وإن أجعته أضعفني .
وروى الإمام أحمد عن عكرمة قال : قال أبو هريرة إني لأستغفر الله عز وجل وأتوب إليه كل يوم اثنتي عشرة ألف مرة ، وذلك على قدر ديتي .

وروى عبد الله بن أحمد ، عن أبي هريرة ، أنه كان له خيط فيه اثنا عشر ألف عقدة يسبح به قبل أن ينام . وفي رواية : ألفا عقدة ، فلا ينام حتى يسبح به . وهو أصح من الذي قبله .

ولما حضره الموت بكى فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : ما أبكى على دنياكم هذه ، ولكن أبكي على بعد سفري وقلة زادي ، وإني أصبحت في صعود مهبط على جنة ونار ، لا أدري إلى أيهما يؤخذ بي .

وروى قتيبة بن سعيد ، ثنا الفرج بن فضالة ، عن أبي سعيد ، عن أبي هريرة قال : إذا زوقتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم .

وروى الطبراني عن معمر قال : بلغني عن أبي هريرة ، أنه كان إذا مر بجنازة قال : روحوا فإنا غادون ، أو اغدوا فإنا رائحون ، موعظة بليغة ، وغفلة سريعة ، يذهب الأول ويبقى الآخر لا عقل له .

وقال الحافظ أبو بكر بن مالك : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبو بكر ليث بن خالد البلخي ، ثنا عبد المؤمن بن عبد الله السدوسي قال : سمعت أبا يزيد المديني يقول : قام أبو هريرة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم دون مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعتبة ، فقال : ويل للعرب من شر قد اقترب ، ويل لهم من إمارة الصبيان ؛ يحكمون فيهم بالهوى ويقتلون بالغضب .

وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن ثابت ، عن أسامة بن زيد عن أبي زياد مولى ابن عباس ، عن أبي هريرة قال : كانت لي خمس عشرة ثمرة ، فأفطرت على خمس ، وتسحرت بخمس ، وأبقيت خمسا لفطرى .

وقال أحمد : حدثنا عبد الملك بن عمرو ، ثنا إسماعيل - يعني العبدي - عن أبي المتوكل ، أن أبا هريرة كانت لهم زنجية قد غمتهم بعملها ، فرفع عليها يوما السوط ، ثم قال : لولا القصاص يوم القيامة لأغشيتك به ، ولكن سأبيعك ممن يوفيني ثمنك أحوج ما أكون إليه ، اذهبي فأنت حرة لله عز وجل .

وروى حماد بن سلمة عن أيوب ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، أن أبا هريرة مرض ، فدخلت عليه أعوده ، فقلت : اللهم اشف أبا هريرة . فقال : اللهم لا ترجعها . ثم قال : يا أبا سلمة ، يوشك أن يأتى على الناس زمان يكون الموت أحب إلى أحدهم من الذهب الأحمر .

وروى عطاء عن أبي هريرة قال : إذا رأيتم ستا ، فإن كانت نفس أحدكم في يده فليرسلها ، فلذلك أتمنى الموت أخاف أن تدركني ؛ إذا أمرت السفهاء ، وبيع الحكم ، وتهون بالدم ، وقطعت الأرحام ، وكثرت الجلاوزة ، ونشأ نشئ يتخذون القرآن مزامير .

وقال ابن وهب حدثنا عمرو بن الحارث ، عن يزيد بن زياد القرظي ، أن ثعلبة بن أبي مالك القرظي ، حدثه أن أبا هريرة أقبل في السوق يحمل حزمة حطب - وهو يومئذ أمير لمروان بن الحكم - فقال : أوسع الطريق للأمير يا ابن أبي مالك . فقلت : يرحمك الله يكفى هذا . فقال : أوسع الطريق للأمير والحزمة عليه .

وله فضائل ومناقب ومآثر وكلام حسن ومواعظ جمة ، أسلم كما قدمنا عام خيبر فلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يفارقه إلا حين بعثه مع العلاء بن الحضرمي إلى البحرين ووصاه به ، فجعله العلاء مؤذنا بين يديه ، وقال له أبو هريرة لا تسبقني بآمين أيها الأمير . وقد استعمله عمر بن الخطاب عليها في أيام إمارته ، وقاسمه مع جملة العمال .

قال عبد الرزاق : حدثنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين أن عمر استعمل أبا هريرة على البحرين فقدم بعشرة آلاف ، فقال له عمر : استأثرت بهذه الأموال أي عدو الله وعدو كتابه ؟ فقال أبو هريرة لست بعدو الله ولا عدو كتابه ، ولكني عدو من عاداهما . فقال : فمن أين هي لك ؟ قال : خيل نتجت ، وغلة ورقيق لي ، وأعطية تتابعت علي . فنظروا فوجدوه كما قال . فلما كان بعد ذلك دعاه عمر ليستعمله ، فأبى أن يعمل له ، فقال له : تكره العمل ، وقد طلبه من كان خيرا منك ؟ طلبه يوسف عليه السلام . فقال : إن يوسف نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي ، وأنا أبو هريرة بن أميمة وأخشى ثلاثا واثنتين . قال عمر : فهلا قلت خمسة ؟ قال : أخشى أن أقول بغير علم ، وأقضى بغير حكم ، أو يضرب ظهري ، وينزع ما لي ، ويشتم عرضي .

وذكر غيره أن عمر أغرمه في العمالة الأولى اثنى عشر ألفا ، فلهذا امتنع في الثانية .

وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن محمد بن زياد قال : كان معاوية يبعث أبا هريرة على المدينة فإذا غضب عليه عزله وولى مروان بن الحكم فإذا جاء أبو هريرة إلى مروان حجبه عنه ، فعزل مروان ورجع أبو هريرة فقال لمولاه : من جاءك فلا ترده ، واحجب مروان . فلما جاء مروان دفع الغلام في صدره ، فما دخل إلا بعد جهد ، فلما دخل قال : إن الغلام حجبنا عنك . فقال له أبو هريرة إنك أحق الناس أن لا تغضب من ذلك . والمعروف أن مروان هو الذي كان يستنيب أبا هريرة في إمرة المدينة ولكن كان يكون عن إذن معاوية في ذلك . والله أعلم .

وقال حماد بن سلمة عن ثابت ، عن أبي رافع : كان مروان ربما استخلف أبا هريرة على المدينة فيركب الحمار ويلقى الرجل فيقول : الطريق ، قد جاء الأمير . يعني نفسه ، وكان يمر بالصبيان وهم يلعبون بالليل لعبة الأعراب ، فلا يشعرون به حتى يلقى نفسه بينهم ويضرب برجليه كأنه مجنون ، فيفزع الصبيان منه ويفرون . قال أبو رافع : وربما دعاني أبو هريرة إلى عشائه بالليل ، فيقول : دع العراق للأمير - يعني قطع اللحم - قال : فأنظر فإذا هو ثريد بزيت .

وقال أبو الزعيزعة كاتب مروان : بعث مروان إلى أبي هريرة بمائة دينار ، فلما كان الغد بعث إليه : إني غلطت ولم أردك بها ، وإني إنما أردت غيرك . فقال أبو هريرة قد أخرجتها ، فإذا خرج عطائي فخذها منه . وكان قد تصدق بها . وإنما أراد مروان اختباره .

وقال الإمام أحمد : حدثنا العلاء بن عبد الجبار ، ثنا حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب قال : كان معاوية إذا أعطى أبا هريرة سكت ، وإذا أمسك عنه تكلم .

وروى غير واحد عن أبي هريرة ، أنه جاءه شاب فقال : يا أبا هريرة ، إني أصبحت صائما ، فدخلت على أبي ، فجاءني بخبز ولحم ، فأكلت ناسيا . فقال : طعمة أطعمكها الله ، لا عليك . قال : ثم دخلت دارا لأهلي فجيء بلبن لقحة ، فشربته ناسيا . قال : لا عليك . قال : ثم نمت ، فاستيقظت ، فشربت ماء - وفي رواية : وجامعت ناسيا - فقال أبو هريرة إنك يا ابن أخي لم تعود الصيام .

وروى غير واحد ، أنه لما حضرته الوفاة بكى ، فقيل له : ما يبكيك ؟ قال : على قلة الزاد وشدة المفازة ، وأنا على عقبة هبوط ؛ إما إلى الجنة أو إلى نار ، فما أدري إلى أيهما أصير .

وقال مالك ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال : دخل مروان على أبي هريرة في شكواه الذي مات فيه فقال : شفاك الله يا أبا هريرة . فقال أبو هريرة اللهم إني أحب لقاءك فأحب لقائي . قال : فما بلغ مروان أصحاب القطا حتى مات أبو هريرة

وقال يعقوب بن سفيان ، عن دحيم ، عن الوليد ، عن ابن جابر ، عن عمير بن هانئ قال : قال أبو هريرة اللهم لا تدركني سنة ستين . قال : فتوفي فيها أو قبلها بسنة . وهكذا قال الواقدي أنه توفي سنة تسع وخمسين عن ثمان وسبعين سنة .

قال الواقدي : وهو الذي صلى على عائشة في رمضان ، وعلى أم سلمة في شوال سنة تسع وخمسين ، ثم توفي أبو هريرة بعدهما فيها . كذا قال ، والصواب أن أم سلمة تأخرت بعد أبي هريرة . وقد قال غير واحد : إنه توفي سنة تسع وخمسين . وقيل : ثمان - وقيل : سبع - وخمسين . والمشهور تسع وخمسين . قالوا : وصلى عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان نائب المدينة وفي القوم ابن عمر وأبو سعيد وخلق ، وكان ذلك عند صلاة العصر ، وكانت وفاته في داره بالعقيق ، فحمل إلى المدينة فصلى عليه ، ثم دفن بالبقيع ، رحمه الله ورضي عنه . وكتب الوليد بن عتبة إلى معاوية بوفاة أبي هريرة ، فكتب إليه معاوية أن انظر ورثته فأحسن إليهم ، واصرف إليهم عشرة آلاف درهم ، وأحسن جوارهم ، واعمل إليهم معروفا ؛ فإنه كان ممن نصر عثمان ، وكان معه في الدار ، رحمه الله تعالى .

هذه إجابة شافية كافية لمثل ترهات ابناء العلقمي ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :

أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة