الحجــامة
الدواء العجيب " الجزء الثاني "
أثر الحجامة على الصداع والشقيقة (الألم النصفي):
للصداع أسباب كثيرة وأشكال سريرية متنوعة..
فالصداع يلم بالأنسجة خارج الجمجمة، والأكثر انتشاراً هو صداع (التوتر) أي: صداع العصبية والانفعال الناجم عن تقلصات تصيب فروة الرأس ومؤخر الرقبة، ويمتد الألم من مؤخر الرأس إلى ما فوق العينين، ويرافقه شعور بالضغط والتوتر. ويخف أو يزول متى توقفت التقلصات العضلية. وقد يصاحب الصداع أحياناً شلل مؤقت في الذراع أو الرجل أو العين، والصداع الذي يتزامن مع عرق الجبين، وتوهج الوجه، واحتقان العينين، ودفق الأنف، هو الصداع الشديد الذي يرى في بعض أشكال الشقيقة. إلاَّ أنَّ الطب في بعض ضروب الصداع وقف مشلول اليدين مكتوفهما.
والعجيب في الأمر أن الدواء الذي يُعطى للصداع أكثر من أي دواء آخر يعطى لمرض، وخير دليل على ذلك الاستهلاك اليومي الهائل لعقاقير وأدوية الصداع. فالطبيب الفاشل يقع في ارتباك أمام الشاكي، ولا يجد وسيلة إلاَّ المسكنات يصفها بسخاء، ويصرفها. ويصرف الشاكي معها والباكي ، إذن الصداع عرض وليس مرضاً.. الدليل على وجود خلل كامن يسبب الصداع، أما المسكنات والمهدئات فهي الممهدة لصعوبات جديدة.
أما الشقيقة فتبدأ باضطرابات إبصارية، فيرى المصاب لمعاً أو ومضاً خاطفاً من النور في جانب واحد ويغشى البصر نقاط مشعة. ولا يستبعد أن يفقد المرء حاسة الرؤية مؤقتاً. وربما يتبع هذه الأعراض خدر أو وخز الدبابيس والإبر في اليد والوجه، وربما يشعر بضعف في طرف من أطرافه، أو في نصف جسمه، بعد (20) أو (30) دقيقة تفسح هذه الأعراض المجال لألم مزعج في جانب من الرأس. ويزداد الألم شدة حتى يبلغ الذروة بعد ساعة أو أكثر، ويدوم أحياناً أياماً. ويصبح الصداع نابضاً، وكثيراً ما يترافق معه غثيان وقيء ، هذه هي الشقيقة التقليدية، بيد أن هناك أشكالاً كثيرة تختلف في أعراضها وأطوارها. فالشقيقة اللانمطية ـ وهي أكثر الأنواع شيوعاً ـ يحدث الصداع بغثيان وبلا غثيان، وفي غياب سائر الأعراض المعروفة. والشقيقة عموماً تحدث على شكل نوبات تفصل بينها فترات من الراحة، وتدوم بضع ساعات، أو تبقى بضعة أيام. وقد يقدح شرره أنواع من المأكولات، لأن المريض به يكون عرضة للحساسية، مستجيباً للالرجيا. ويقال أن للشوكولاته والجبن والسمك علاقة وثيقة بحلول النوبة، وشدتها وعنفها.
أثر الحجامة على الكليتين:
إن الحجامة عندما تنظِّم التروية الدموية للأعضاء تنشط التروية الدموية للكليتين، ونعلم أن الكلية تقوم بتجميع المواد السامة التي تصل إليها عن طريق الدوران الدموي وتخرجها مع البول (تصفية الدم). فعندما ينشط مرور الدم فيها وعندما يرويها تروية جيدة تقوم بوظيفتها على الوجه الأمثل فتخلِّص الدم من سمومه ونتقي بذلك مرض (البولينا) الذي ترتفع فيه مادة البولينا في الدم لعدم قدرة الكلية على التخلُّص منها وإخراجها فتؤثِّر هذه المادة السامة على المخ وتقتل خلاياه.
إذاً فنقص التروية الدموية للكلية يسبب عدم استطاعتها على القيام بوظائفها الإخراجية (التصفية) خير قيام ويسبب ذلك فشلاً كلوياً أو ذاك المرض الوارد الذكر (بولينا). وعندما ترتفع البولة بالدم يؤدي ذلك لهبوط مستوى جميع الأجهزة والأعضاء بالجسم ويكون الجسم عرضة لأمراضٍ شتى، والحجامة خير وقاية وعلاج لهذه الحالة.
فالكليتان هما ذاك العنصر المزدوج في جهاز الطرح عند الإنسان وتتلخص وظيفتهما الأساسية في تنظيف الجسم من المنتجات الآزوتية.
تقوم الكليتان بالوظائف التالية:
1) طرح المواد الغريبة ونتائج الاستقلاب غير الطيارة وبشكل أساسي المواد الآزوتية.
2) تنظيم تركيز الصوديوم.
3) تنظيم استقلاب سوائل الجسم.
4) تنظيم تركيز الشوارد بالدم.
5) تنظيم التوازن الحامضي القلوي في الجسم.
دراســــة مـخبـريــة
أثبتت الدراسة المخبرية التي أجراها فريق الحجامة على أن الحجامة تخفِّض نسبة الكرياتينين بالدم بنسبة (66.66%) من الحالات، ودم الحجامة يحوي دائماً على نسبة عالية من الكرياتينين مما يؤكد على مسألة تنشيط الكلية.
إن حاجة نسيج الكلية للأوكسجين عالٍ بالمقارنة مع حاجة النسج الأخرى، وتذهب الكمية الكبرى من الأوكسجين لتنفس القشرة.
يمكن جمع الأمراض الكلوية العديدة ضمن فئتين رئيسيتين:
1) فشل الكلية الحاد.
2) فشل الكلية المزمن.
ومن الأسباب المسبِّبة للفشل الكلوي الحاد تناقص التغذية الدموية للكليتين.. ومن هنا يتبيَّن لنا ضرورة التمسُّك بهذه السنة النبوية.
وإن إصابات الجملة الوعائية الكلوية تسبِّب الفشل الكلوي المزمن كالتصلُّب العصيدي للشرايين الكلوية الكبيرة والتضيق التصلبي التدريجي للأوعية. وكذلك يتبيَّن لنا ضرورة الوقاية من هذه التصلبات قدر الإمكان باللجوء للحجامة التي هي بمنزلة تنظيف للأوعية الدموية من ترسباتها والحؤول دون هذه الترسبات قدر المستطاع لإبقائها بوسعتها الطبيعية. إذاً إنَّ زيادة التروية الدموية للكليتين تؤدي لقيامها بجميع وظائفها على الوجه الأمثل وهذا ما له من شأن كبير في الجسم عامة، إذ يقوى تجاه الأمراض عامة، فقصور الكليتين يتحسَّن بالحجامة وحالات كثيرة حقَّقت مستويات عالية من التحسُّن بعد إجراء الحجامة.
أثر الحجامة على ارتفاع الضغط والجملة الوعائية:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتجموا... لا يتبيَّغ بكم الدم فيقتلكم».
والتبيُّغ: هو التهيُّج والزيادة والطغيان، من بغى يبغي ومنها يتبيَّغ، وفي لسان العرب: تبيَّغ به الدم، أي هاج به. وهذا يحدث أكثر ما يحدث في ارتفاع التوتر الشرياني ، كما أنه يحدث في فرط الكريات الحمر الحقيقي، ومن الأعراض المشاهدة في فرط التوتر الشرياني وفي فرط الحمر الحقيقي يُذْكَر الصداع وحس الامتلاء بالرأس والدوار وسرعة الانفعال واضطرابات بصرية.
فارتفاع التوتر الشرياني الذي ما تزال أسبابه العديدة غير معلومة، وإلى الآن تبقى علاجاته عامة غير سببية، لا يزال هذا المرض يلقى أهمية كبرى في الأوساط الطبية لانتشاره الواسع ومضاعفاته الخطيرة، فهو يسرِّع حدوث التصلب العصيدي، وهذا الأخير كما علمنا من قبل يؤهب لحدوث إصابات في الشرايين الإكليلية والحوادث الوعائية الدماغية والقصور الكلوي وأمراض الأوعية المحيطية ويحدث ثخناً وانسداداً في لمعة الشرايين الصغيرة وقد يحدث أمهات دم صغيرة في الأوعية الدماغية الثاقبة، ويؤهب لاسترخاء القلب وقد يتحول إلى ارتفاع ضغط خبيث مميت، وهذا الأخير يميت صاحبه على حدٍّ أقصى خلال سنتين.
ثم إن ارتفاع نسبة الكريات الحمراء في الدم (فرط حقيقي) يؤدي لخثار شرياني حاد، إذ تحصل أعراض القصور الشرياني للعضو المصاب.. فإن أصيب الشريان السباتي حصلت أعراض قصور التروية الدماغية وإن أصيبت الشرايين الإكليلية نتجت أعراض الذبحة الصدرية والاحتشاءات القلبية.
وعلى كل حال ومما لا يجب تناسيه أن ارتفاع التوتر الشرياني يقود لتصلب شرايين عصيدي Arteriosclerosis والثاني يقود للأول وكلاهما إضافة لاحمرار الدم الحقيقي يقود لتشكيل الجلطات الدموية، إذ يؤدي وجود تلك المسببات لارتصاص الكريات الحمراء وتراكمها مع عدد كبير من الصفيحات الدموية وغيرها مثل الألياف لتشكل الخثرة الدموية وخاصة عند تفرعات الأوعية الدموية (الشرايين) [شكل (44)]. وما حقيقة هذه الجلطة الدموية إلاَّ بوغة دموية Spore وتنطوي تحت حديثه : «لا يتبيَّغ الدم...». فرسول الله نظرته نافذة تطوي الأزمنة.. ليتكلَّم منذ أكثر من 1400 سنة عن مبدأ الجلطة الدموية بشكلها وآليتها ومسبباتها ويعطي الحل العظيم للوقاية والعلاج الذي لا بد للإنسانية من الرجوع إليه كي يجنوا ثماره الثمينة الفائدة، ويتجنبوا أخطاراً لا حصر لها، إذ كل داء سببه غلبة الدم تلك الموازية لتبيغه، فما نقص التروية الناتج عن تصلب الشرايين العصيدي إلاَّ المسؤول الأول عن قصور وظائف أعضاء الجسم وخصوصاً في مرحلة الشيخوخة.. زِد إن اقترن بتزايدٍ في عدد الكريات الحمراء الهرمة غير العاملة الذي يجعل جريان التيار الدموي بطيئاً ويرفع من مستوى خطورة التخثر داخل الأوعية .
أثر الحجامة على أمراض القلب:
إن أمراض القلب والشرايين أصبحت تشكل هاجساً كبيراً للإدارات الصحية في جميع بلدان العالم سواءً الدول المتقدمة أو الدول النامية، فلقد أثبتت الإحصاءات أن أمراض القلب والشرايين تمثل (50%) من أسباب الوفيات في هذه الدول. ويعتبر مرض شرايين القلب التاجية القاتل الأول في أمريكا، كما أن الإصابة بأمراض شرايين القلب يتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة جداً، حيث إن هذه الأمراض تصيب شرائح من المجتمع في قمة عطائها، كما أن تشخيص هذه الأمراض وعلاجها يكلِّف الدول البلايين. وهذه الأمراض تنتشر في المجتمعات المترفة أكثر من غيرها وترتفع نسب الإصابة بهذه الأمراض بانتشار عوامل الخطورة مثل ارتفاع نسبة السكر بالدم وارتفاع ضغط الدم وارتفاع كوليسترول الدم.
إن ما يجعلنا نقف باحترام لهذه الوصية النبوية القيِّمة أن العالم أجمع يبحث في هذا الوقت عن سبل الوقاية، فالبلاد المتقدمة ملَّت من مواضيع العلاج الباهظة التكاليف وبدأت دراساتها كلها تتركز في الجانب الوقائي، وهذا ما تقدمه الحجامة، فهي تمنع نشوء عوامل الخطورة تماماً فتحول دون ارتفاع نسبة السكر بالدم وتحافظ على ضغط دموي طبيعي بإزالة المسببات وتمنع أي ارتفاع للكوليسترول والشحوم الثلاثية. وهذا ما بيَّنه التقرير المخبري العام للدراسة المنهجية للحجامة.
أولاً: اضطراب النظم القلبي (اضطراب التلقائية الذاتية):
أحد الأسباب المسببة لهذا المرض هو نقص التروية، نقص الأكسجة. إذاً أليست الحجامة دواءً ووقاية لهذا المرض!.
ثم إن من مضاعفات ارتفاع التوتر الشرياني (الذي نخلص منه بالحجامة) هي خناق الصدر، قصور القلب، حوادث وعائية دماغية، عرج متقطع. إذاً أليست الحجامة وقاية وخلاصاً من كل ما ورد!.
ثانياً: في احتشاء العضلة القلبية:
السبب هو نقص التروية الناتج عن تضيُّق الأوعية (الشرايين الاكليلية) وتوضع الخثرة في هذه الشرايين، فلو كان الإنسان متَّبعاً هذه النصيحة الإلهية لعباده التي تُعتبر كصيانة وتنظيف لهذه الأوعية بشكل عام ووقاية من تشكُّل الخثرات لكان بعيداً عن هذه الأمراض الخطيرة. على كل حال فالمصابون بهذه الأمراض لو يعودون لهذه الوصية وينفِّذونها سنوياً فحتماً ستتحسن حالتهم شيئاً فشيئاً ويشفون.