عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 24-08-2005, 10:58 PM   #32
معلومات العضو
مسك الختام
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي


ثالثا : من آثار الإيمان بهذا الاسم الكريم :


1- لا ملك إلا الله :

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( لا ملك إلا الله )) .
وقال تعالى : ** قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ** [ آل عمران : 26 ] . ولا يمتلك أحدٌ شيئًا إلا من بعد إذنه .
قال تعالى : ** وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ** [ البقرة : 247 ] .


2- فعَّال لما يريد :

1- قال ابن القيم : الملك الحق هو الذي يكون له الأمر والنهي فيتصَّرف في خلقه بقوله وأمره.
قال تعالى : ** إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ** [ يس : 82 ].
فالملك الحق هو اللَّه جل جلاله ، فكل شيءٍ تحت قهره ويحدث بقَدَرِه ويتحرك بأمره كما جاء في الحديث القدسي أن أبا ذر رضي اللَّه عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول الله تعالى : (( أفعل ما أريد ، عطائي كلام ، وعذابي كلام ، إنما أمري بشيءٍ إذا أردته أن أقول له كن فيكون )) .
فقد ملك اللَّه كل شيءٍ بأمره ونهيه وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك :

1- في خلق السماوات والأرض :

عن ابن ..... رضي الله عنهما في قوله تعالى : ** فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ** [ فصلت : 11 ] . قال للسماء : (( أخرجي شمسك وقمرك ونجومك )) ، وقال للأرض : (( شقِّقي أنهارَك وأخرجي ثمارك )) . فقالتا : أتينا طائعين ) .

2- في خلق آدم وذريته :

قال تعالى : ** إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ** [ آل عمران ] .

3- في نجاة إبراهيم عليه السلام من النار :

فعندما كسَّر الأصنام التي تُعبد من دون الله أراد قومه أن يحرقوه ، فلما ألقوه في النار ما بعث الله ريحًا لتطفئها ولا ماءً ليخمدها ولا ملكًا ليُخرج إبراهيم ، إنما تكلم بكلمة إلى النار فخضعت لأمر الملك الجبار ، قال تعالى : ** قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلاَمًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ** [ الأنبياء : 69 ] .

4- في عقوبة أصحاب السبت :

لما اعتدى أصحاب السبت واحتالوا على أمر الله فاصطادوا يوم السبت عاقبهم الله ولكن بِمَ عاقبهم ؟ عاقبهم بكلمة منه ، كلمة غيرت حياتهم وصورتهم وآخرتهم إلى أبشع حال ، فأما صورتهم فتحولت إلى صورة القرود ونهايتهم في جنهم وبئس الورد المورود ، وذلك جزاء ناقض العهود ، إنهم اليهود ، قال تعالى : ** وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ** [ البقرة : 65، 66 ] .
وقال تعالى : ** فَلَمَّا عَتَوْا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ ** [ الأعراف : 166 ] .
سبحان الملك ، بكلمة منه أصبحوا قردة ، فإن الأجساد ملك لله فهو خالقها ومدبرها ورازقها وملكها وهي تدين له بالولاء والطاعة كبقية مخلوقات الله ، فعندما قال لهم : كونوا قردة استقبلت أجسامهم الأمر فأصبحت أجسام قردة واستقبلت أيديهم وأرجلهم الأمر فأصبحت أيدي وأرجل قردة ، بل وقلوبهم أصبحت قلوب قردة ، كما قال مجاهد .
سبحان الله ، أجسامهم بين أيديهم وقلوبهم في أجوافهم ولا يملكون منها مثقال ذرة ويملكها الله عز وجل من فوق سبع سموات بكلمة واحدة ، ** فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ** .

3- ذُلَّ الملوك بين يدي ملك الملوك جل جلاله وتقدست أسماؤه :
فإن ملوك الأرض قد أختصوا في الدنيا بالعزة والمنعة والسلطان والقوة وهذه نعمة من الله عليهم فمن شكرها فقد فاز ومن كفر تلك النعمة ولم يؤد شكر هذه الخصوصية اختصه الله بعذابٍ من عنده ، والجزاء من الجنس العمل ، فمن ذلك .

1- غَلْقُ أبواب السماء دون حاجتهم :

فإن اللَّه عز وجل قد جمع لهم أسباب الحكم والعطاء وجعل بيدهم خزائن الأرض فمن حجبها عن الضعفاء والمساكين حجب الله عنه ما ينفعه وعطل عليه حاجته .
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ما من إمام أو والٍ يغلقُ بابه دون ذوي الحاجة والخلة ، والمسكنة ، إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته ، وحاجته ومسكنته )) .

2- احتجاب الله عنهم يوم القيامة :

فمن ملك من أمر الناس شيئًا تَطَلَّعوا إليه ورجوا ما عنده فإن حجب نفسه عنهم وحرمهم مما يرجون احتجب اللهُ عنه يوم القيامة وحرمه مما يرجو من النجاة .
فقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : (( من ولي من أمور المسلمين شيئًا فاحتجب دون خلتهم ، وحاجتهم ، وفقرهم ، وفاقتهم ، احتجب الله عنه يوم القيامة دون خلته وحاجته ، وفاقته ، وفقره )).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولا ينظر إليهم ، ولهم عذاب أليم : شيخ زانٍ ، وملك كذَّاب ، وعائل مستكبر )).

3- يأتي الملوك إلى الله مغلولة أيديهم إلى أعناقهم :

فكما كانوا أحرارًا طلقاءً في الأرض لا يسئلهم أحدٌ من الخلق ولا يتقيدون في حركتهم كبقية الرعية فإنهم يأتون يوم القيامة مغلولين إلى الله عز وجل .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى اللَّهَ مغلولة يده إلى عنقه ، فكَّه بره أو أوثقه إثمه ، أولها ملامة ، وأوسطها ندامة ، وآخرها خزيٌ يوم القيامة )) .

4- ويُحْرمون من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم :

فكما أن الظلمة من ملوك الأرض ظلموا الناس حقوقهم ، ولم يعدلوا فيهم بشرع الله ولم يَشفع عندهم ضعف الرعية ومسكنتهم فإنهم يُحْرَمُون من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم .
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( صنفان من أُمتي لن تنالهما شفاعتي : إمام ظلوم غشوم ، وكل غالٍ مارق )) .

5- لا يدخلون الجنة :

فكما أن الأمن والعدل يكون نعيمًا للضعفاء والمساكين ، بل ولكل الرعية وقد حرمهم منهم الملك الظالم وغشهم وضيع مصالحهم فإنه يُحرم من دخول الجنة .
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ما من عبد يسترعيه الله رعية ، يموت يوم يموت ، وهو غاش لرعيته ، إلا حرَّم الله عليه الجنة )) .

6- وهم أشد الناس عذابًا :

فإن أشد الظلم ما كان من ولي الأمر وأعظم الألم من الجور هو ألم تعذيبه لما له من قوة وما عنده من سلطان ، فإن عذَّب الناس لا يجدون من بطشه مفرًا إلا إلى الله ، ولذلك فإن الظالم من الملوك لن يجد مفرًّا من النار . فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أيما راعٍ استرعى رَعِيَّة فَغَشَّها فهو في النار )) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أشد الناس يوم القيامة عذابًا إمام جائر )) .
وعن حذيفة رضي اللَّه عنه : (( يؤتى بالولاة يوم القيامة عادِلِهمْ وجائِرِهِمْ ، حتى يقفوا على جسر جهنم ، فيقول اللَّه عز وجل : فيكم طلبتي ، فلا يبقى جائرٌ في حكمه ، مُرتشٍ في قضائه ، مميلٌ سَمْعَه أحدَ الخصمين إلا هوى في النار سبعين خريفًا ، ويؤتى بالرجل الذي ضرب فوق الحد فيقول اللَّه : لم ضربت فوق ما أمرتك ؟ فيقول : يا رب ، غضبت لك . فيقول : أكان لغضبك أن يكون أشد من غضبي ؟! ويُؤْتى بالذي قصَّرَ فيقول : عبدي لِمَ قصرت ؟ فيقول : رحمته ، فيقول : أكان لرحمتك أن تكون أشدَّ من رحمتي ؟! )) .

4- لمن الملك اليوم ؟

قال تعالى : ** يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لاَ يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ** [ غافر : 16 ] ، وهو يوم القيامة الذي يزول فيه كل مالك ومملوك إلا ملك الملوك جلَّ جلاله . قال تعالى : ** الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ ** [ الفرقان : 26 ] .

وعن سهل بن سعد قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( يُحْشَرُ الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقىِّ ، ليس فيها عَلَمٌ لأحد )) ، ليس عليها مملكة لملك ، ولا سلطنة لذي سلطان ، ولا قوة لحاكم ، ولا حكم لقاضي ، ولا قدرة لوالي ، ليس على الأرض معلم لذي عرش ولا تاجٍ ولا صولجان ، و{ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ ** .

وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة ، ويطوي السماء بيمينه ثم يقول : أنا الملك ، أين ملوك الأرض )) .
فقد ذهب الملوك وما ملكوا ، وقد فني الحُكَّام ، وما حكموا ، فقد هلك كسرى وقيصر ، وذي يزنٍ ، وساسان ، و{ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ ** .
ولله درُّ القائل :
لكل شيءٍ إذا ما تم نقصان ... فلا يُغرَّ بطيب العيش إنسان

هي الأمور كما شاهدتها دولٌ ... من سرَّه زمن ساءته أزمان

وعالم الكون لا تبقى محاسنه ... ولا يدوم على حالٍ لها شان

أين الملوك ذوُو التيجان من يمنٍ ... وأين منهم أكاليل وتيجان

وأين ما شاده شدَّاد من إرمٍ ... وأين ما ساسه في الفرس ساسان

وأين ما حازه قارون من ذهب ... وأين عادٌ وشدادٌ وقحطان

أتى على الكل أمرٌ لا مَرَدَّ له ... قَضَوْا فكأن الكل ما كانوا

وصار ما كان من مُلكٍ ومِنْ مَلِكٍ ... كما حكى عن خيال الطيف وسنان

دار الزمان على (( دَارَا )) وقائله ... وأَمَّ كسرى فما آواه إيوان

كأن الصعب لم يسهل له سبب ... يومًا ولم يملك الدنيا سليمان...

** الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ **

5- النهي عن التسمية بملك الملوك :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أخنع اسمٍ عند اللَّه )) . وقال سفيان غير مرة : أخنع الأسماء عند الله (( رجل تسمى بملك الأملاك )) . وفي رواية : (( أخنى الأسماء يوم القيامة عند اللَّه رجل تسمى بملك الأملاك )) .
قال سفيان : مثل شاهان شاه : أي ملك الملوك باللغة الفارسية .

فنبه سفيان على أن الاسم الذي ورد الخبر بذمه لا ينحصر في ملك الأملاك بل كل ما أدَّى معناه بأي لسان كان فهو مراد بالذم .
ومعنى أخنع : أي أوضع اسم وأذله قال أبو عبيد : الخانع الذليل وخنع الرجل ذلَّ .

قال ابن بطال : وإذا كان الاسم أذل الأسماء كان من تسمى به أشد ذُلاً حتى أخنى : أي أفحش اسم من الخنا وهو الفحش في القول .
وجاء في رواية مسلم : (( أغيظ رجل على الله يوم القيامة وأخبثه )) .
قال ابن حجر : واستدل بهذا الحديث على تحريم التسمي بهذا الاسم لورود الوعيد الشديد ، ويلتحق به ما في معناه مثل خالق الخلق وأحكم الحاكمين وسلطان السلاطين وأمير الأمراء .
وأخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة أيضًا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( اشتد غضب الله على من زعم أنه ملك الأملاك لا ملك إلا الله )).

6- التواضع :

فإن من عرف أن اللَّه هو الملك الحق ، فلا بد له من أن يتواضع ولا يرفع نفسه فوق منزلة العبيد حتى لو كان من الملوك فإنه لا يعدو كونه عبدًا فقيرًا يقع تحت قهر الله وسلطانه .
عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ، ثم يقول : أنا الملك ، أين الجبارون ، أين المتكبرون ... )) .

فبماذا يجيب الجبارون والمتكبرون بعد هذا النداء ؟ وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الناس تواضعًا لربه ، ومن أجل ذلك اختار أن يكون عبدًا رسولاً وأبى أن يكون ملكًا نبيًا .
عن أبي هريرة قال : جلس جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنظر إلى السماء ، فإذا مَلَك ينزل ، فقال جبريل : (( إن هذا الملك ما نزل منذُ يوم خُلِقَ قبل الساعة ، فلما نزل ، قال : يا محمد ، أرسلني إليك ربك ، قال : أفَمَلِكًا نبيًا يجعلُك أو عبدًا رسولاً ؟ قال جبريل : تواضع لربك يا محمد ، قال : بل عبدًا رسولاً )) .

وقالت عائشة رضي الله عنها : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لا يأكل متكئًا يقول : (( آكل كما يأكل العبدُ ، وأجلس كما يجلس العبدُ )).

7- لكل ملك حِمَى :

فإياك ومعصية اللَّه عزَّ وجلَّ فإنها منطقة خَطيرة ، وبقعة وَعِرة ، فمن ارتكب شيئًا من محارم اللَّه فقد تعدى حدَّه وعرَّض نفسه لعقوبة الملك ، فمن أراد لنفسه النجاة فليتقى عقوبة الملك باجتناب محارمه .
فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال : معت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إن الحلال بَيِّـنٌ وإن الحرامَ بَيِّـنٌ ، وبينهما مشتبهات لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس ، فمن اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحِمَى يُوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن لكل ملكٍ حِمَى ، ألا وإن حِمَى اللَّه محارمه ... )).

وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتركون ثلاثة أرباع الحلال خشية الحرام ، وكان ابن ععمر يقول : (( أُحب أن أجعل بيني وبين الحرام حائلاً من الحلال )) ، وجاء في بعض الحديث : (( لن يبلغ العبد أن يكون تقيًا حتى يدع ما لا بأس به خشية مما به بأس )) .

8- ليس كمثله شيء في ملكه :

أولاً : ملك الخلق سببي وملك الله ذاتي :

فإن الخلق لا يكونوا ملوكًا إلا بأسباب الملك ، فلا بد له من مملكة يملكها أو ناس يحكمهم ، ولا بد له كذلك من أعوانٍ على ملكه ، فلا بد له من بطانة تحميه ، ووزراء يُشاورهم ، وجنود ينفِّذون أمره على الرعية ، فملوك الخلق يحتاجون إلى ملكهم .

أمَّا اللَّه عزَّ وجل ، فإن ملكه ذاتي لا يحتاج سماوات ولا أرض ولا عرض ولا شيءٍ أبدًا ، فهو الملك قبل الخلق ، وهو الملك بعد الخلق ، وهو الملك بدون الخلق ، وكذلك ليس لله وزير ولا نظير ولا بطانة ، حتى جنود الله فإنهم لا يحمونه ولا يملكون له نفعًا ولا ضرًا ، إنما هو الذي بيده النفع والضر وحده وبيده الملك وحده ، والخلق كلهم لله وبالله ويحتاجون إلى الله ولا يحتاج هو إلى أحدٍ منهم .

ملك الخلق فانٍ ، وملك الله باق :

فإن الفناء قد كُتب على المخلوقات ، فإما أن يفنى المُلك بضياعه من يد صاحبه فتُسلب المملكة من صاحبها أو يزول الملوك أنفسهم عن ممالكهم بالمرض ، أو يجور عليهم من هو أشد قوة من الملوك ، أو يموت ويترك ذلك .
أما الله عزَّ وجلَّ فإنه الحي القيوم ، ملكه ثابت ، لا يتغير ، باقٍ لا يفنى ، دائم لا يزول ، فلا يفارقه ملكه ، ولا يزول عنه بجور جائر ولا بظلم ظالم ، قال تعالى : ** وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ ** ، ** وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ ** ، فهو صاحب القوة والعظمة والكبرياء ، قال تعالى : ** وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ** [ البقرة : 165 ] .
وكذلك لا يفارق هو ملكه بالغياب أو الموت ؛ لذلك انظر إلى الحسرة والألم الذي يحدث للملوك عند تركهم المُلك بل والدنيا وما فيها .
فقد حُكي عن هارون الرشيد أنه انتقى أكفانه بيده عند الموت ، وكان ينظر إليها ويقول : ** مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ** [ الحاقة : 28، 29 ] .
ورُوي عن المأمون أنه افترش رمادًا واضجع عليه وقال : (( يا من لا يزول ملكه ، ارحم من زال ملكه ، ويا من لا يموت ارحم من يموت )) .

هذا ما يساويه الملك في الدنيا :

سأل هارون الرشيد بعض العلماء أن ينصحه فقال له : يا أمير المؤمنين ، إذا عطشت وحُبِس عنك الماءُ فكم تساوي شربة الماء عندك ؟ فقال هارون الرشيد : نصف ملكي ، فقال له : وإذا شربتها وحُبِسَت في جسدك فكم يساوي إخراجها ؟ قال : النصف الآخر من ملكي . قال : يا أمير المؤمنين ، اتقي اللَّه في ملك نصفه شربة ماء والنصف الآخر إخراجها . فبكى هارون الرشيد .

9- دعاء اللَّه بهذه الأسماء الكريمة :

1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من قال : لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على شيء كل شيءٍ قدير في يوم مائة مرة كانت له عِدلُ عشرِ رقاب وكُتِبَتْ له مائة حسنة ، ومُحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأت أحدٌ بأفضل مما جاء به إلا رَجُلٌ عمل أكثر منه )) .

2- وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من قال : لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات ، كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل )).

3- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( قال اللَّه تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : الحمد لله ربِّ العالمين . قال اللَّه تعالى : حمدني عبدي . وإذا قال : الرحمن الرحيم ، قال اللَّه تعالى : أثنى عليَّ عبدي. وإذا قال : مالك يوم الدين ، قال : مجدني عبدي )) . وقال مرة : (( فوض إليَّ عبدي )).


ترقبوا معنا الموضوع القادم !!!


    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة