عرض مشاركة واحدة
New Page 2
 
 

قديم 21-08-2005, 12:13 AM   #29
معلومات العضو
مسك الختام
اشراقة ادارة متجددة

افتراضي



سادسًا : من أسباب رحمة اللَّه لخلقه .

1- طاعة اللَّه ورسوله :

فكلما كان العبدُ أكثر طاعة لله تبارك وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم كلما كان أكثر استحقاقًا لرحمة اللَّه عز وجل . قال تعالى : ** وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ** [ آل عمران : 132 ] . وقال عز وجل : ** وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ** [ الأنعام : 155 ] .

2- الإحسان :

قال اللَّه تبارك وتعالى : ** إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ** [ الأعراف : 56 ] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن اللَّه كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ... )).

3- تقوى اللَّه تبارك وتعالى :

فإن كانت رحمة اللَّه قد وسعتْ كل شيء وشملت البر والفاجر ، والمسلم والكافر ، فما من أحد إلا وهو يتقلب في رحمة اللَّه آناء الليل وأطراف النهار وهذا في الدنيا وتلك هي الرحمة العامة ...

أما الرحمة الخاصة بدخول الجنة في الآخرة فهي للمؤمنين والمتقين وحدهم . قال تعالى : ** وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ** [ الأعراف : 156 ] .

4- صلة الرحم :

عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( قال اللَّه : أنا اللَّه ، وأنا الرحمن ، خلقتُ الرَّحِمَ وشققتُ لها اسمًا من اسمي ، فَمَنْ وصلها وَصلتُه ، ومن قطعها بتَتُّه )) . وبَتَتُّه : أي قطعتُه .

فانظر أخي الكريم إلى هذه الشكوى المرة من الرحم المقطوعة إلى اللَّه ، وانظر أتحب أن تكون من الواصلين للرحم أم من القاطعين .

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الرحم مشْجَنَةٌ من الرحمن ، تقول : يا ربِّ ، إني قُطِعْتُ ، يا ربِّ إني ظُلمتُ ، يا ربِّ إني أُسئَ إليَّ ، يا ربِّ ، يا ربِّ ، فيُجِيبُها ربُّها عز وجل ، فيقولُ : (( أما تَرْضَيْنَ أن أصِل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ )).

وفي رواية : (( ألا ترضين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى يا رب ، قال : فذاك )). قال أبو هريرة : اقرؤا إن شئتم : ** فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ** [ محمد : 22 ].

5- التماس مرضاة اللَّه :

عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن العبد ليلتمسُ مرضاةَ اللَّه ، ولا يزالُ بذلك ، فيقول اللَّهُ عزَّ وجلَّ لجبريل : إن فلانًا عبدي يلتمس أن يرضيني ، ألا وإن رحمتي عليه ، فيقول جبريل : رحمة اللَّه على فلان ، ويقولها حملة العرش ، ويقولها من حولهم حتى يقولها أهل السماواتِ السبعِ ، ثم تَهبِطُ له إلى الأرض )).

6- الصبر على الابتلاء :

قال تعالى : ** وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ** [ البقرة : 155- 157 ] .
قال ابن كثير : ** أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ** أي : ثناءً عليهم ، وقال سعيد بن جبير : أي أمَنَة من العذاب.

ومن رحمة اللَّه بمن استرجع عند المصيبة أنه يخلف له خيرًا منها . عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(( ما من عبدٍ تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتني واخلف لي خيرًا منها ، إلا أجره اللَّه في مصيبته وأخلف له خيرًا منها )) .
قالت : فلما تُوفِّيَ أبو سلمة قلتُ كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخلف اللَّهُ لي خيرًا منه ، رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .
فيا لسعادة أم سلمة ، فقد تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بصبرها .

7- رحمة الناس :

فعن عبد اللَّه بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وهو على المنبر : (( ارحموا تُرْحَمُوا ، واغفروا يَغْفِر اللَّهُ لكم )).

وعن أسامة بن زيد رضي الله عنها أن صبيًا قد رُفع في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ونفسه تقعقع ففاضت عينا النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له سعد : ما هذا يا رسول اللَّه ؟ قال : (( هذه رحمةٌ وضعها اللَّهُ في قلوب من شاء من عباده ولا يرحم اللَّه من عباده إلا الرحماء )) .
وفي رواية : (( إنما يرحمُ اللَّه من عباده الرحماء )).
(( من رحم رُحم ومن تجاوز تجاوز اللَّهُ عنه )) والجزاء من جنس العمل .

فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( حُوسِب رجلٌ ممن كان قبلكم ، فلم يوجد له من الخير شيءٌ إلا أنه كان يخالطُ الناس ، وكان موسرًا ، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر ، قال : قال اللَّه عز وجل : نحن أحق بذلك منه ، تجاوزوا عنه )) .

قد يعجب المرءُ من رحمة اللَّه بعبدٍ تجاوز عن فقير فيكافؤه بالنجاة من النار والخلود في الجنة ، ولكنه يكون أكثر عجبًا حين يرحم اللَّهُ امرأة من البغايا ويغفر لها من أجل شربة ماء سقتها لكلب ، فما أرحم اللَّه ، وما أكرمه ، وما أعظمه .

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( بينما كلب يُطَيِّفُ بَركِيَّةٍ قد كاد يقتله العطشُ إذ رأته بَغِيُّ من بغايا بني إسرائيل ، فنزعت موقها فاستقت له به فسقته ، فَغُفِر لها به )).

8- من جوائز الرحمن لمن رحم إخوانَه :

فمن رحم الناس رحمه الله ، ومن قضى حاجة إخوانه ، قضى اللَّه حاجته، ومن أحسن إلى الناس ، أحسن اللَّه إليه ، والجزاء من جنس العمل .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أحب الناس إلى اللَّه تعالى أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى اللَّه عزَّ وجلَّ سرور يدخله على المسلم أو يكشف عنه كربة أو يقضي عنه دينًا أو يطرد عنه جوعًا ، ولأن أمشي مع أخي في حاجة أحب إليَّ من أن اعتكف في هذا المسجد شهرًا ، ومن كفَّ غضبه ستر الله عورته ، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة ، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تُهيأ له أثبت اللَّه قدمه يوم تزول الأقدام ، وإن سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل )) .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يسلمه ، من كان في حاجة أخيه كان اللَّه في حاجته ، ومن فَرَّج عن مسلم كربة ، فرَّجَ اللَّه عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن ستر مسلمًا ستره اللَّه يوم القيامة )).

9- الجماعة رحمة :

قال تعالى : ** وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ** . قيل في هذه الآية المرحومون لا يختلفون .
وقد جاء في بعض الحديث : (( الجماعة رحمة والفرقة عذاب )) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( يد الله مع الجماعة )) .
ويقصد بالجماعة : أي جماعة المسلمين والرفقة الصالحة فإن لزومهم كله خير ، فإنهم يذكرونك إن غفلت ، ويعلمونك إن جَهلْتَ ، ويُواسُونَكَ إن أُصِبْتَ .

فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : عليك بإخوان الصدق تعش في أكنافهم فإنهم زينة في الرخاء ، وعُدَّةٌ في البلاء ، ولا تصاحب إلا الأمين ولا أمين إلا من خشي الله عز وجل ، ولا تصاحب الفاجر فتتعلم من فجوره . .


    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة