ج)- لا بد من سد الذرائع التي سوف تفضي للكفر أو الشرك أو البدعة أو المعصية بحسب حالها 0
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات ، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع ، لا على الهوى والابتداع ؛ فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء ، وسالكها على سبيل أمان وسلامة ، والفوائد التي تحصل بها لا يُعبِّر عنها لسان ، ولا يحيط بها إنسان 00
وليس لأحد أن يسن للناس نوعاً من الأذكار والأدعية غير المسنون ، ويجعلها عبادة راتبة ، يواظب الناس عليها ، كما يواظبون على الصلوات الخمس ؛ بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به 00
وأما اتخاذ وردٍ غير شرعي ، واستنان ذكر غير شرعي : فهذا مما يُنهى عنه ، ومع هذا ، ففي الأدعية الشرعية ، والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة ، ونهاية المقاصد العلية ، ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المجدثة المبتدعة إلا جاهل ومفرط أو متعد )
2 - تخصيص قراءة سور أو آيات أو أدعية معينة في أوقات محددة : من الاعتقادات والأخطاء الشائعة تحديد قراءة سور وآيات من كتاب الله عز وجل في أوقات محدده ، كقراءة سورة ياسين صباحا ، وسورة الرحمن مساء ، مع أن النص لم يرد بذلك أصلا ، وبعض النصوص الواردة ضعيفة لا يعول عليها ولا يعتد بها ، خاصة ما يتعلق بقراءة سورة يس ، وقد ثبت النص بقراءة سور معينة في أوقات محددة ، كقراءة سورة تبارك قبل النوم وأنها منجية من عذاب القبر ، وكذلك قراءة ( سورة الكافرون ) والنوم على خاتمتها ، وفعل ذلك يقينا يفضي للبراءة من الشرك ، وقس على ذلك الكثير مما ثبت في السنة المطهرة
وأضرب مثلا على ذلك حيث يقول الأخ أبو الفداء محمد عزت : ( يشرب على الريق يوميا فنجان عسل ، وفي المساء تقرأ سورة الجن على كوب ماء ساخن محلى بعسل ويشرب وبعد ذلك ينام المريض ويستمر على ذلك لمدة أسبوع ، ولسوف ينتهي منه الصرع بقوة الله تماما )
قلت : ومثل هذا الكلام فيه تخصيص دون مخصص - والمخصص هو المشرع - ونقل ذلك وزرعه بين عامة الناس يورث اعتقادا لديهم في قراءة سورة الجن ، وأن لها تأثيرا ومزايا تفوق غيرها من سور القرآن العظيمة ، ومثل هذا الاعتقاد سوف يؤدي حتما إلى اعتقادات أخرى تؤدي بمجملها للوقوع في المحظور ، ومن هنا كان لا بد من الالتزام بالأسس والقواعد الشرعية المتعلقة في الرقية لنظهر هذا العلم وفق الأصول التي نصت عليها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة ، لننأى بالرقية الشرعية عن كافة الشوائب والرواسب التي الصقت بها نتيجة الممارسات الخاطئة من بعض الجهلة ومدعي الرقية وممن لا خلاق لهم 0
ولا بأس أن يشار لقراءة بعض السور المحددة دون تعيين زمان ومكان لذلك الفعل ، إما بسبب ثبوت الرقية بتلك السور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لما يحتويه البعض الآخر من ترغيب وترهيب وترقيق للقلوب ونحو ذلك من معاني القرآن العظيمة ، كما هو الحال بالنسبة لسور الفاتحة ، البقرة ، الإسراء ، طه ، يس ، الصافات ، الدخان ، الرحمن ، الواقعة ، الحديد ، الملك ، الجن ، الإخلاص ، والمعوذتين ، وغيرها من سور القرآن العظيمة 0
3 - تخصيص قراءة سور أو آيات معينة للشفاء من أمراض محددة :
يقول الأستاذ سعيد عبد العظيم
وبعض من يعالج أيضاً يذكر آيات وسور تقرأ بعدد محدد لأمراض معينة مثل : السرطان والروماتيزم والأمراض الجلدية فمن أين أتى بهذا التحديد ، وهل قرأ هذا التوصيف في كتاب الله أو سنة رسول الله r ؟
وخلاصة المسألة : أن الأولى القراءة دون تخصيص أعداد إلا ما جاء الشارع يؤكده ، أو أن تكون القراءة بنية الوتر .
10ـ إن بعض الرقاة يأخذ من المريض حياته أو صحته فيحرمه العلاج الطبي أو العلاج الشرعي بالرقية الشرعية عند إنسان آخر موهوب لأجل أن يأخذ بعض الدريهمات فتراه يعده وعوداً كاذبة حتى يداوم على المجيء إليه لأجل المال أو الشهرة .
11ـ إن ما يقع به بعض الأخوة الرقاة هو التشخيص والقطع به وإفهام المريض من أنه يعاني من سحر أو عين ويقطع به، فيصدقه هذا المريض المسكين لأنه قدم له وهو موقن أنه الراقي رجل يقرأ القرآن ولا يكذب، مع العلم أن المراجعين يعانون من ضغوط نفسية لها من يعالجها بالطب النفسي، فالواجب على هذا الراقي أن لا يقطع بمرض معين، ويوهم المراجع بهذا التشخيص الخاطئ .
12ـ من الرقاة من يوهم المريض بأن العين أو السحر أصابه من داخل بيته أو من قرابته أو من العاملات داخل البيت وهذا غير صحيح، ثم يدخل هذا المريض في دوامة هو بغنى عنها ومشاكل أسرية أكبر من المرض الذي يعاني منه، ولهذا ينخدع المريض بهذا الراقي ويتقبل كل ما يقوله ولا يدري هذا المريض أن هذا الراقي غير موفق بهذا التشخيص، ويقول ما لا يعلم، وهذا رجم بالغيب .
13ـ بعض الرقاة يجعل همه جمع المال من المرضى والنظر الى مافي جيوب المسلمين وإن أجاز العلماء أخذ الأجره على الرقية ولكن لا تزيد المريض المبتلى بمرضه فلا تزيده بلاء على بلاء ولا تستغل ضعفه وحاجته وإضطراره ولكن أحسن إليه وليكن أجرك على الله فإن الله لا يضيع أجر المحسنين أو لتكن أجرتك على قدر حالته ويسره وعسره فلا ترهقه ،أما إذا أعطيت شيئا من غير مسألة ولا إشراف نفس فلا بأس من أخذه .
14ـ عدم ربط المعالجين المرض بظروف الشخص وظروف الحياة وأحوالها :
15ـ جهل بعض من المعالجين بالرقية الشرعية بالواقع وبما يحصل للناس من معاناة وأمراض وأسقام وأوهام ووساوس وسهر بسبب المس والسحر والعين ، وهذه الأمور لا تعالج عند الأطباء ، وفى المقابل جهلهم ببعض الأمراض المعاصرة وأعراضها ومدى تشابهها مع أعراض الأمراض الروحية .
16ـ يستخدم بعض المعالجين بالقرآن الكهرباء لتعذيب الشياطين ، فمنهم من يستخدم كهرباء ذات تيار متردد 220/110 فولت والبعض يستخدم منظم للكهرباء فكلما تمرد الشيطان ورفض الخروج زاد المعالج من قوة التيار فيكون كسابقه من المعالجين، يستخدم صنف آخر من المعالجين بعض أجهزة الصعق الكهربائي ذات تيار مستمر تستخدم في الغالب للدفاع عن النفس وأخرى تستخدم من قبل رعاة البقر.
إن استخدام الكهرباء له سلبيات كثيرة ومن الخطأ استخدامها في العلاج ، فمن سلبياته:
* تعلق قلب المعالج بالكهرباء فيضعف يقينه بكتاب الله .
* الكهرباء ذات التيار المتردد تتلف خلايا المخ فيصاب الإنسان باختلاجات عصبية يصعب علاجها .
* تؤثر الكهرباء على المرأة الحامل وجنينها وربما أجهضت ما في بطنها.
* ربما رأى العوام المعالج وهو يستخدم الكهرباء فيطبقون ما يفعل فيهلكون المصاب.
* ربما تنصل الجني وقت الصعقة فيتأثر المصاب فلا يعود بعدها للعلاج.
* غالبية المرضى يأتون للقراء من أجل الاستشفاء بالرقية الشرعية فقط ، والكهرباء ليست من الرقية وليست من الأدوية النبوية ، وقد تصرف قلوب المرضى إلى التعلق بالكهرباء عندما يرون الشيطان يتعذب بالصعق .
* والذي ينبغي أن يعلم في هذا الباب أن الصعق بالكهرباء وغيرها من أساليب التعذيب مهما بلغت من القوة والإتقان فهي لا تصل إلى ما تصل إليه الرقية الشرعية بأي حال من الأحوال ، لأن تأثيرها على الشياطين وقتي لا يتجاوز وقت التعذيب أو بعده بيوم أو يومين وليس لها تأثيرٌ على السحر والعين بينما بركة الرقية إن كانت من أهل التقى والصلاح أعظم تأثيرا وأطول أمدا وتطمئن بها القلوب ، ( الّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ الْقُلُوبُ)
وهنا تكمن خطورة هذا الاستخدام في إحداث سريان للتيار الكهربائي في الدورة الدموية لجسم الإنسان ، وقد يؤدي سوء الاستخدام لمضاعفات خطيرة خاصة لمن يشكو من أعراض أمراض أو هبوط القلب أو يعاني من اضطرابات في الدورة الدموية ، وقد يترتب عن استخدام هذا الأسلوب بشكل خاطئ وفاة المريض 0
سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله -عن استخدام الكهرباء في علاج المس فقال
لا أعلم له أصلاً ) .
يقول الأستاذ علي بن محمد ياسين : ( الكهرباء خطرها عظيم ، فإن أثرها وضررها قد يعم البدن جميعه أو معظمه ، ولا تقاس على الضرب المحدود الأثر والأذى ، واستخدام الكهرباء ضرره متحقق الوقوع أكثر من ضرر وجود الجن ، ولو ثبت أن هناك جناً في جسد المريض ، فلا يدفع الضرر الأعظم المتحقق الوقوع ، بالضرر الأقل الذي في وقوعه نظر )
يقول الدكتور حلمي عبدالحافظ داود استشاري الأمراض العصبية في مجمع الرياض الطبي : ( التيار الكهربائي عند مروره في جسم الإنسان يمكن أن يؤدي إلى نوبات صرع متكررة ، وأيضاً إلى توقف عمل القلب وضخ الدم إلى الجسم ، وبعد انتهاء التيار قد يحدث موتٌ مفاجئ ناتج عن عدم انتظام ضربات القلب ، ويمكن حدوث شلل في الأعصاب الخارجية في الأطراف العلوية والسفلية ) ( مهلاً أيها الرقاة – ص 79 ) 0
مع أنه قد ثبت بالخبرة والتجربة والممارسة العملية بأن أسلوب استخدام الصعق الكهربائي يؤثر تأثيرا إيجابيا على الأرواح الخبيثة ، فيضعفها ويؤدي إلى إيذائها إيذاء شديدا ، ومن هنا كان لا بد من تكاتف جهود الأطباء النفسيين والمعالِجين بالكتاب والسنة ، بحيث يتم تحويل بعض الحالات المرضية التي تعاني من صرع الأرواح الخبيثة للطبيب النفسي المسلم الحاذق الذي يقوم بدوره بتعريضها لصدمات كهربائية تحت إشرافه ومسؤوليته وبحضور المعالِج المتمرس ، واستخدام هذا الأسلوب بالكيفية السابقة يضمن السلامة الطبية للحالة المرضية ، بسبب الإجراءات الوقائية المتبعة تحت الإشراف الطبي ومسؤولية الطبيب النفسي ، وبذلك نجمع ما بين اتخاذ الأسباب المباحة والنافعة بإذن الله تعالى وبين توفر القدر الكافي من إجراءات السلامة للمريض 0
يقول الدكتور عبدالرزاق نوفل : ( يرى بعض الأطباء كالدكتور : ( كارل ويكلاند ) : ( أن الجنون قد ينشأ من استحواذ روح خبيث على الشخص المريض ، فيحدث اضطرابا واختلالا في اهتزازاته ، وأنه بالكهربائية الاستاتيكية تنظم الاهتزازات وتطرد الشخصية المستحوذة ، ويعود العقل إلى حالته الطبيعية دون تأثير شخصية ماسة له ) ( عالم الجن والملائكة – ص 84
وهناك فئة من المعالِجين قد يستخدمون بعض الأجهزة الكهربائية الصغيرة التي تؤثر تأثيرا موضعيا دون إحداث تردد وسريان للتيار الكهربائي في جسد المريض ، وقد ثبت فاعلية في استخدام هذا الأسلوب لطرد الأرواح الخبيثة ، ولا يمنع استخدامه شريطة توفر إجراءات السلامة الكافية للحالة المرضية 0
17ـ أن بعض المعالجين يقرأ بنية الجذب والإحضار أو لمخاطبة الشيطان ، أو لجذب الجن الخارجي ، أو لجذب الشيطان في جسد المريض حتى لا يتعب المريض وتكون القراءة على الشيطان أشد ، وهذا فهم خاطىء بأن الجن يحضر بسبب نية الجذب والإحضار وهذا لا دليل عليه شرعى ولا حسى ولا عقلى بل هو من الترهات ومن تلبيس إبليس ، وليس الإنسان بوابة يخرج منها الجن ويدخل فى أى لحظة فخروج الجن صعب كما أن خروجه صعب .
18ـ إن البعض من المعالجين يظن أن الذي به جن لا بد وأن يتخبط به الجان حال حضوره ، ولا بد وأن يكون حضور الجان حضوراً كليا ، وهذا فهم خاطئ .
19ـ التكلم مع الجان ومخاطبتهم:
إن بعض المعالجين يقومون بالتكلم مع الجان في غير حاجة لمصلحة المريض بل تجدهم يخوضون في الحديث والقيل والقال وكثرة السؤال وكل ذلك إما جهلاً منهم أو عجباً بأنفسهم وحب الظهور أو استطابة الحديث معهم ولا يدرون أن فـي ذلك استدراجا لهم من قبل الجان إما بالتلاعب بعقيدة المعالج أو إيذاء المريض بطول المكوث فـي جسد ه وذلك يتعب المريض أو لإحداث الفتن بيـن المريض وأقاربه وما عرفه وغير ذلك... وكـان النبي صلى الله عليه وسلم لا يزيد على قول ( اخرج عدو الله أنا رسول الله ) وكان هذا شأن السلف كما ذكر أبن القيم عن شيخ الإسلام بن تيمية قال: شاهدت شيخنا يرسل إلى المصر وع من يخاطب الروح التي فيه ويقول: قال لك الشيخ: اخروجي فإن هذا لا يحل لك فيفيق المصر وع وربما خاطبها بنفسه وربما كانت الروح مارده فيخرجها بالضرب فيفيق المصر وع ولا يحس بألم ، و لا بأس من مخاطبة الجان على القدر التي تدعوا إليه الحاجة مثل سؤاله عن سبب دخوله وأين مكان السحر ، ولكن لا نصدقه ولا نجزم بما يقول في كل شي لأنهم معروفون بكثرة الكذب ،ولا نسألهم تلك الأسئلة المثيرة للفتن كسؤالهم من سحر المريض أو من أصابه بالعين أو من يكره المريض ومن لا يحبه أو عما يكرهونه ويؤذيهم من علاجات وإستطبابات فإنهم قد يكذبون عليه فيصفون له علاجاً يستحسنونه ولكن فيه أذى للمريض.
ولا بأس في مخاطبته بالنصيحة ودعوته للإسلام وترغيبه وتخويفه إن لزم الأمر ذلك، بشرط عدم الإطالة لأنها تجر إلى مالا يحمد عقباه لأن سلطان تأثير الجان في القلوب الضعيفة قويا وخطره عظيم
(1) مجموع الفتاوى - 22 / 510 ، 511 )
(2) معجزات الشقاء - ص 32 ) 0
(3) الرقية النافعة للأمراض الشائعة – ص 24 ) 0
(1) سورة الرعد : الآية 28 ) .
يتبع ،،،